ماذا تعرفون عن تقاليد العرس الإماراتي؟
باميلا كسرواني
الأحد 29 مايو 2016 ص
قبل بضعة أشهر، ضجّت الإمارات بخبر زفاف هو الأول من نوعه، على دراجات نارية. فقد كسرت العروس الإماراتية نادية الحوسني وعريسها سالم المريخي التقاليد والعادات. وقررا الزواج على دراجات نارية، بعد دعوة عدد من الأصدقاء من الإمارات والسعودية والأردن والكويت وعمان، لمشاركتهما في مسيرة دراجات، كأنها زفة العروس. انهالت الانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، ما دفع العروس إلى رفع دعاوى قذف وذم معتبرة أنها لم تخرق أي قانون.
ما زال العرس في الإمارات يتميّز بالعديد من الطقوس المتوارثة عبر الأجيال، حتى لو أن شيئاً من العصرنة" و"الحداثة" دخل على بعض تفاصيل الزفاف. التقينا أم خليفة (63 عاماً) في منزلها في دبي، لتسرد تفاصيل الأعراس، بدءاً بزفافها، وصولاً إلى أعراس أولادها، هي الأم لثلاث بنات و10 شباب. تقول أم خليفة إن عائلتها محافظة، والأعراس، حتى لو اختلفت اليوم، ما زالت تحافظ على تقاليدها. وتضيف: "زوّجوني وأنا في الـ13 من عمري، وكان زوجي متزوجاً ولديه أولاد. حينها لم يكن الأهل يفكّرون، أما اليوم، فالإنسان لا يرضى بتزويج بناته في هذه السن". وتؤكد: "أقسمت أنني لن أزوّج بناتي لرجل لديه زوجة أخرى، أو في سن مبكرة جداً، حتى لو أنني كنت محظوظة وزوجي كان رجلاً طيباً".
البداية مع الخطبة والنظرة الشرعية
غالباً ما يختار الأهل الزوجة أو الزوج من دون أن يعرف الزوجان أحدهما الآخر، لتتمّ الخطبة التي تقع على عاتق أهل العروس، الذين ينظّمون عشاء منفصلاً، للنساء والرجال على حدة، من دون العروس عادةً. وتقول أم خليفة: "قبل عام، زوّجت أختي ابنها وكانت العروس حاضرة، لأن العادات باتت منفتحة الآن بسبب كثرة الطلاق".
وتضيف: "أنا لم أرَ زوجي وهو لم يرَني أيضاً. كان الناس يتحدثون عن ابنة فلان بحسب أخلاقها وأهلها وكانت تحضر الوالدة أو الشقيقة أحياناً لرؤية العروس المستقبلية أو يرسلون طرفاً ثالثاً لتجنب الإحراج. ولكن، في معظم الأحيان، تكون من القبيلة نفسها أو من قبيلة متكافئة لقبيلة العريس".
وتؤكد أنها زوجت 8 من أبنائها من دون أن يروا زوجاتهم، باستثناء الذين تزوجوا من أولاد أو بنات عمهم. وهم لا يعارضون ذلك". وتتدخل ابنتها شماء، لتقول: "أصعب ما في الزواج هو أن لا نعرف الزوج. حين سألت عن شكل زوجي المستقبلي، أجابني أخي الكبير: لم أعرف من هو إلا أنهم جميعهم وسيمون". فتردّ أم خليفة: "اليوم باتوا يبحثون على الإنترنت عن صورته". وتشير الى إمكانية اعتماد النظرة الشرعية، إذ يسمح لعروسين أن يرى أحدهما الآخر بحضور الوالدين.المهر
تذكر أم خليفة: "المهر ليس محدداً، ونادراً ما يحدد أهل العروس مبلغاً ما. إلا أن العريس يكرم العروس وأهلها بحسب قدرته". وتضيف: "بعض الناس لا يخجلون ويحددون ما يريدون لابنتهم، لكن ذلك نادر في محيطنا، فنحن نكّرم البنت ونفعل ما نتمناه لبناتنا".الزهبة أو جهاز العروس
تعني شراء كل ما يلزم العروس من ملابس وذهب وعطور، وتقع كلفتها على العريس، على غرار كل ما يرتبط بالعرس باستثناء الخطبة. ويسمى يوم عرض زهبة العروس على المدعوات بـ"يوم المكسار". لا تشارك العروس عادةً في هذا اليوم، لأنها تكون محتجبة عن الناس لتطل بأبهى حلتها يوم العرس.
وعددت أم خليفة ما تتضمنه الزهبة من مرتعشي (عقد)، وستني (ما يزين الرقبة)، والشنف (على الرأس)، والكواشي (أي أقراط الأذنين)، والختوم والسراويل المخورة، والكندورة المزريّة. كما لا تخلو الزهبة من العطور، وأهمها دهن العود والصندل الوردي، ودهن الزعفران، والفل والنرجس والياسمين، بالإضافة إلى "المخمرية"، وهي خلطة من العطور ممزوجة ببعض الأعشاب العطرية تصنع خصيصاً للعروس، والعود والبخور.
ليلة الحناء
بحسب أم خليفة، كانوا في السابق يعتمدون "الخبي"، أي أن الفتاة كانت تُحنى وهي مختبئة. فتُجبل بالورس والنيل باللون الأزرق، ويلبسونها ثوباً غامق اللون، ويضعونها في مكان بعيد عن العيون، لتقوم امرأة بتحنيتها. وتضيف: "لا مدة محددة لخبي العروس". فنحن في السابق لم نكن نخرج من منزل والدنا. وبعد أيام من الاهتمام المتواصل بنا، لا شك أننا سنتمتع بطلة جميلة". أما اليوم، فتضيف أن الأمور تغيرت، يقيمون حفلة ويجلسون العروس على كرسي، وتراها المدعوات من عائلتها وجيرانها، اللواتي يقمن بالحناء، ويحضّرن العشاء، ويضعن الموسيقى، ويلتقطن الصور، التي تزين بها صالة العرس لعرض كل ما قمن به خلال ليلة الحنة".
يوم العرس
"الملجه"، أو عقد القران، يتم قبل العرس أو ليلة العرس. واليوم، تقول أم خليفة: "بات من الضروري التوجه إلى المحاكم التي تفرض على العروسين إجراء تحاليل الدم للتأكد من إمكانية الزواج، ثم يكتب المأذون الشرعي كتابهما". ليلة العرس، ينفصل الرجال والنساء لبدء الاحتفالات، التي تُعقد أحياناً في خيم، أو غالباً في صالات الأعراس. و"مكسار الحريم" هي خيمة كبيرة من شراع السفينة تنصب على أعمدة من حطب الكندل.
وتشدد أم خليفة على أن التصوير ممنوع خلال سهرة العرس، حتى أن الصالات تمنع ذلك وتأخذ الموبايل عند المدخل. والسبب أن "البنات الموجودات يصورن ويضعن الفيديو على سناب شات مثلاً، وهذه أسرار البيوت ولا يحق لهنّ ذلك. نحن نأتي بمصوّر ولدينا ألبوم لنطلع على الصور لاحقاً".
أما طريقة الاحتفالات، فتوضح أم خليفة أنّها تبدلت كثيراً: "في السابق، كان الرجال يرقصون ويدبكون في الأعراس. فنحن كإماراتيات لم نرقص في حياتنا وأمهاتنا لم يرقصن. ولكن، اليوم، الوضع تبدلّ وترقص فتيات كثيرات في الأعراس. حتى أنهنّ يأتين بدي جي". وتشير إلى أن عائلتها اعتادت تنظيم مأدبة عشاء فقط، فينتهي العرس عند منتصف الليل، لكن الأمر مختلف في عائلات أخرى.
ويبقى القاسم المشترك الأكيد هو المأكولات، التي تقدّم خلال حفلة الزفاف. فتعدد أم خليفة الأصناف: البرياني المشبوس، والهريس ولحم الحيران (ابن الجمل)، انعكاساً لكرم الناس. إضافة الى الأطباق الأخرى المعتادة. أما الحلوى، فتتضمن الحلوى العمانية والعصيد والخبيص واللقمات، من دون أن ننسى شاي الصعتر وشاي حليب الزعفران، وحبة الحمرة والقهوة والشاي الأخضر. وتضيف أم خليفة: "اليوم لا يوجد الكثير من الفقراء. في السابق، كانوا يطبخون أمام المنزل خلال عرس فلان ويوزّعون الطعام على الجميع".
إلا أن الأكيد هو أن أعراساً كثيرة اليوم باتت مكلفة، لجهة صالات العرس أو أسعار المأكولات أو متطلبات العروس، أو الرغبة في التباهي والتظاهر. أما بالنسبة إلى غير الميسورين من الإماراتيين، فاستحدثت الدولة "صندوق الزواج" قبل سنوات، لتساعد من لا قدرة له على دفع نفقات الزواج، أو حتى تنظّم الأعراس الجماعية. ودامت دياركم عامرة بالأفراح!
تعليق