الروبوتات قادمة لا محالة ونحن لا نعي أهميتها وخطورتها
الروبوتات نضجت بما يكفي للمواجهة والخروج إلى الواقع بأعداد كبيرة وفي شتى المجالات وهذا هو مكمن التحول.
الأحد 2024/07/14
ShareWhatsAppTwitterFacebook
روبوت ينقذ المسنين من الوحدة
طرح عالم الرياضيات ومحلل الشفرات الإنجليزي آلان تورينغ (Alan Turing) في عام 1950 سؤاله الشهير “هل يمكن للآلات أن تفكر؟” انخرط عالم الحوسبة طيلة سبعة عقود منذ أن طرح هذا السؤال، في سعي لا هوادة فيه لجعل الآلات تفكر وتحاكي الذكاء الإنساني.
تطور الذكاء الاصطناعي (AI) معتمدا على “الشبكات العصبية العميقة”، والتي تم تصميمها على غرار هياكل العقل البشري للإنسان والذي يتمتع بالمليارات من الخلايا العصبية، على غرار الذكاء الاصطناعي الذي صمم على هيئة خلايا شبكية كل شبكة عصبية منفصلة عن الأخرى سميت بالشبكة العصبونية، وهي تتفاعل مع كميات هائلة من بيانات التدريب الضخمة على طبقات الشبكة وبمرور الوقت، تتعلم الشبكة كيفية التدقيق في مخرجاتها وتحديد البيانات بشكل صحيح.
مستقبل البشرية سيكون بيد الروبوتات وتقنية الذكاء الأصطناعي، هكذا يتصور الكثير من العلماء المستقبل، لكن هل هذا صحيح؟
◄ لا يمكن لأي دولة اليوم تبحث عن الاستقرار والسلام لتحقيق أعلى معدلات التطور والتقدم والأزدهار والتنمية، أن تتجاهل وجود شبكة واسعة من تطورات التكنولوجيا التحويلية
البروفيسور جيفري هينتون (Geoffrey Hinton) أستاذ الذكاء الاصطناعي في كلية الكمبيوتر والعلوم بجامعة تورنتو الكندية، هو من أحد الرائدين في هذا المجال، واشترت شركة Google بعض مشاريعه، خاصة في مجال التعرف على المجسمات والأصوات لتطويرها في أجهزتها مستقبلا، وكان البروفيسور هينتون من المتنبئين بقدرة الروبوتات والذكاء الاصطناعي على قيادة المستقبل، وكانت إحدى نظرياته تقول إن في المستقبل يمكن صناعة روبوت ذكي يمكنه التعلم والتفكير وحتى الفهم.
يقول هينتون “اعتبرنا البعض آنذاك علماء مجانين”. أما في الوقت الحاضر، فيحتفل بهينتون وزملائه في هذا المجال ويوصفون بأنهم طليعة العلم.
أما الباحث الألماني يورغ شميدهوبر (JörgSchmidhuber)، الذي يدير المركز السويسري لأبحاث الذكاء الاصطناعي، فيعتقد من جانبه أن استعمالات الروبوتات ستتوسع في المستقبل القريب، وقال شميدهوبر في مقابلة مع موقع “شبيغل أونلاين” الألماني إن “الروبوتات يمكنها القيام بعمل العلماء في المستقبل وإجراء تجارب وصنع نظام جديد، وتوقع ماذا يحدث فيه والقيام بتجاربهم عليه، والاستفادة من المعلومات المتوفرة لديهم للتوصل إلى نظريات جديدة، كما فعل أينشتاين ونيوتن وكيبلر باستخدام العلوم الطبيعية البسيطة من قبل”.
ويرى شميدهوبر أن سيناريو غزو الفضاء، مثلا، غير ممكن إلا بواسطة الروبوتات الحديثة، التي يمكنها التأقلم مع الأجواء والحياة هناك بكل سهولة، مضيفا “الروبوتات الذكية يمكنها احتلال الفضاء وبناء مستعمرات وقواعد فيه من خلال تطبيق نظريات الفيزياء الموجودة حاليا، ويمكن مثلا عبر السفر والانتقال باستخدام واحد في المئة فقط من سرعة الضوء الذهاب إلى مناطق بعيدة جدا قد تقع في المجرات الأخرى ومن ثم بناء روبوتات ذكية يمكنها التعلم والتفكير هناك، ومن ثم بناء مستوطنات”.
◄ الروبوتات والتقنيات الروبوتية هي الآن ناضجة بما يكفى للمواجهة، وللخروج إلى الواقع بأعداد كبيرة وفي شتى المجالات وهذا هو مكمن التحول
الروبوتات هي من المجالات التي تشهد تطورا سريعا ومذهلا ومتلاحقا على مستوى الدول المتقدمة والرائدة في هذا المجال مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية، بحيث أصبحت تكنولوجيا صناعة الروبوتات صناعة رائدة وستتحول غالبية الشركات الكبرى والعملاقة والرائدة في صناعة الهواتف الذكية مثل أبل (Apple company) وسامسونغ (Samsung) وهواوي (Huawei) إلى شركات متخصصة في صناعة الروبوتات، وكذلك شركات السفت وير والبرمجة مثل Google and Microsoft إلى شركات متخصصة في صناعة وتطوير برامج وتطبيقات تقنية الذكاء الاصطناعي.
كما يمكن إنشاء وكالة للروبوتات والذكاء الاصطناعي التي يمكن أن توفر الخبرة الفنية والأخلاقية والتنظيمية، ويمكن بعد ذلك استخدامها كهيئة للأخلاق لتقديم المشورة وإعطاء الضوء الأخضر لمصممي الروبوتات والتطورات الجديدة، وإذا تم تحقيق ذلك، فستحتاج شركات مصنعي الروبوتات إلى البدء في إجراء المزيد من المناقشات والتعديلات على الروبوتات قبل أن يصبح الروبوت واقعا قابلا للتنفيذ وقابلا للتفاعل مع أخيه الإنسان.
هذا ما فعلته شركة Intuition Robotics بأنها صممت روبوت Elli.Q لكبار السن يخرجهم من وحدتهم ويقضي على التوتر النفسي الذي يعانى منه هؤلاء في سنهم المتقدمة، والمصمم خصيصا للعمل على استخدام الكلام والأضواء وغيرهما من المؤثرات لكي لا يشعر كبار السن بأنهم وحيدون، حيث يقترح بعض الأنشطة التي يمكن القيام بها مثل قراءة كتاب، أو الذهاب للنزهة، أو لعب مباريات معا، أو دعوة الأهل والأصدقاء للزيارة، وفقا للوقت والحالة المزاجية للمستخدم.
◄ مستقبل البشرية سيكون بيد الروبوتات وتقنية الذكاء الأصطناعي، هكذا يتصور الكثير من العلماء المستقبل، لكن هل هذا صحيح؟
ووفقا لموقع “مترو” البريطاني فالروبوت Elli.Q الجديد يمكنه إخطار المستخدم بنشاط أصدقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتذكير بالمواعيد الهامة وأوقات تناول الأدوية.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة المطورة للروبوت إن الهدف هو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتحويلها إلى شيء مميز يساعد الأشخاص الذين يعانون من الشيخوخة وكبار السن في العيش بشكل أفضل دون الشعور بالوحدة.
ويذكر أن هذا الروبوت سيكون له سوق كبير للغاية في بعض البلدان، حيث كشف تقرير حديث من Age UK أن ما يقرب من نصف الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 75 فما فوق يعيشون لوحدهم، وحوالي 36 في المئة من بينهم يتحدثون لشخص واحد في اليوم، ويقول 11 في المئة منهم إنهم سبق وأمضوا خمسة أيام أو أكثر في الشهر دون أن يروا أي شخص على الإطلاق، وهو الأمر الذي يجعل للروبوت الجديد أهمية كبيرة ورواجا كبيرا في السوق.
وبالتالي لا يمكن لأي دولة اليوم تبحث عن الاستقرار والسلام لتحقيق أعلى معدلات التطور والتقدم والأزدهار والتنمية، أن تتجاهل وجود شبكة واسعة من تطورات التكنولوجيا التحويلية والتي تنشأ عنها ثورة واسعة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، بل يجب أن تسعى لمواكبة هذا التحول المفاجئ والتطور السريع بخلق عمل قانوني يؤطر وينظم كل ذلك.
الروبوتات قادمة لا محالة، ونحن لا نعي وندرك أهميتها وخطورتها، فالروبوتات والتقنيات الروبوتية هي الآن ناضجة بما يكفى للمواجهة، وللخروج إلى الواقع بأعداد كبيرة وفي شتى المجالات وهذا هو مكمن التحول؟
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عادل خليفة المهدوي
باحث ليبي
الروبوتات نضجت بما يكفي للمواجهة والخروج إلى الواقع بأعداد كبيرة وفي شتى المجالات وهذا هو مكمن التحول.
الأحد 2024/07/14
ShareWhatsAppTwitterFacebook
روبوت ينقذ المسنين من الوحدة
طرح عالم الرياضيات ومحلل الشفرات الإنجليزي آلان تورينغ (Alan Turing) في عام 1950 سؤاله الشهير “هل يمكن للآلات أن تفكر؟” انخرط عالم الحوسبة طيلة سبعة عقود منذ أن طرح هذا السؤال، في سعي لا هوادة فيه لجعل الآلات تفكر وتحاكي الذكاء الإنساني.
تطور الذكاء الاصطناعي (AI) معتمدا على “الشبكات العصبية العميقة”، والتي تم تصميمها على غرار هياكل العقل البشري للإنسان والذي يتمتع بالمليارات من الخلايا العصبية، على غرار الذكاء الاصطناعي الذي صمم على هيئة خلايا شبكية كل شبكة عصبية منفصلة عن الأخرى سميت بالشبكة العصبونية، وهي تتفاعل مع كميات هائلة من بيانات التدريب الضخمة على طبقات الشبكة وبمرور الوقت، تتعلم الشبكة كيفية التدقيق في مخرجاتها وتحديد البيانات بشكل صحيح.
مستقبل البشرية سيكون بيد الروبوتات وتقنية الذكاء الأصطناعي، هكذا يتصور الكثير من العلماء المستقبل، لكن هل هذا صحيح؟
◄ لا يمكن لأي دولة اليوم تبحث عن الاستقرار والسلام لتحقيق أعلى معدلات التطور والتقدم والأزدهار والتنمية، أن تتجاهل وجود شبكة واسعة من تطورات التكنولوجيا التحويلية
البروفيسور جيفري هينتون (Geoffrey Hinton) أستاذ الذكاء الاصطناعي في كلية الكمبيوتر والعلوم بجامعة تورنتو الكندية، هو من أحد الرائدين في هذا المجال، واشترت شركة Google بعض مشاريعه، خاصة في مجال التعرف على المجسمات والأصوات لتطويرها في أجهزتها مستقبلا، وكان البروفيسور هينتون من المتنبئين بقدرة الروبوتات والذكاء الاصطناعي على قيادة المستقبل، وكانت إحدى نظرياته تقول إن في المستقبل يمكن صناعة روبوت ذكي يمكنه التعلم والتفكير وحتى الفهم.
يقول هينتون “اعتبرنا البعض آنذاك علماء مجانين”. أما في الوقت الحاضر، فيحتفل بهينتون وزملائه في هذا المجال ويوصفون بأنهم طليعة العلم.
أما الباحث الألماني يورغ شميدهوبر (JörgSchmidhuber)، الذي يدير المركز السويسري لأبحاث الذكاء الاصطناعي، فيعتقد من جانبه أن استعمالات الروبوتات ستتوسع في المستقبل القريب، وقال شميدهوبر في مقابلة مع موقع “شبيغل أونلاين” الألماني إن “الروبوتات يمكنها القيام بعمل العلماء في المستقبل وإجراء تجارب وصنع نظام جديد، وتوقع ماذا يحدث فيه والقيام بتجاربهم عليه، والاستفادة من المعلومات المتوفرة لديهم للتوصل إلى نظريات جديدة، كما فعل أينشتاين ونيوتن وكيبلر باستخدام العلوم الطبيعية البسيطة من قبل”.
ويرى شميدهوبر أن سيناريو غزو الفضاء، مثلا، غير ممكن إلا بواسطة الروبوتات الحديثة، التي يمكنها التأقلم مع الأجواء والحياة هناك بكل سهولة، مضيفا “الروبوتات الذكية يمكنها احتلال الفضاء وبناء مستعمرات وقواعد فيه من خلال تطبيق نظريات الفيزياء الموجودة حاليا، ويمكن مثلا عبر السفر والانتقال باستخدام واحد في المئة فقط من سرعة الضوء الذهاب إلى مناطق بعيدة جدا قد تقع في المجرات الأخرى ومن ثم بناء روبوتات ذكية يمكنها التعلم والتفكير هناك، ومن ثم بناء مستوطنات”.
◄ الروبوتات والتقنيات الروبوتية هي الآن ناضجة بما يكفى للمواجهة، وللخروج إلى الواقع بأعداد كبيرة وفي شتى المجالات وهذا هو مكمن التحول
الروبوتات هي من المجالات التي تشهد تطورا سريعا ومذهلا ومتلاحقا على مستوى الدول المتقدمة والرائدة في هذا المجال مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية، بحيث أصبحت تكنولوجيا صناعة الروبوتات صناعة رائدة وستتحول غالبية الشركات الكبرى والعملاقة والرائدة في صناعة الهواتف الذكية مثل أبل (Apple company) وسامسونغ (Samsung) وهواوي (Huawei) إلى شركات متخصصة في صناعة الروبوتات، وكذلك شركات السفت وير والبرمجة مثل Google and Microsoft إلى شركات متخصصة في صناعة وتطوير برامج وتطبيقات تقنية الذكاء الاصطناعي.
كما يمكن إنشاء وكالة للروبوتات والذكاء الاصطناعي التي يمكن أن توفر الخبرة الفنية والأخلاقية والتنظيمية، ويمكن بعد ذلك استخدامها كهيئة للأخلاق لتقديم المشورة وإعطاء الضوء الأخضر لمصممي الروبوتات والتطورات الجديدة، وإذا تم تحقيق ذلك، فستحتاج شركات مصنعي الروبوتات إلى البدء في إجراء المزيد من المناقشات والتعديلات على الروبوتات قبل أن يصبح الروبوت واقعا قابلا للتنفيذ وقابلا للتفاعل مع أخيه الإنسان.
هذا ما فعلته شركة Intuition Robotics بأنها صممت روبوت Elli.Q لكبار السن يخرجهم من وحدتهم ويقضي على التوتر النفسي الذي يعانى منه هؤلاء في سنهم المتقدمة، والمصمم خصيصا للعمل على استخدام الكلام والأضواء وغيرهما من المؤثرات لكي لا يشعر كبار السن بأنهم وحيدون، حيث يقترح بعض الأنشطة التي يمكن القيام بها مثل قراءة كتاب، أو الذهاب للنزهة، أو لعب مباريات معا، أو دعوة الأهل والأصدقاء للزيارة، وفقا للوقت والحالة المزاجية للمستخدم.
◄ مستقبل البشرية سيكون بيد الروبوتات وتقنية الذكاء الأصطناعي، هكذا يتصور الكثير من العلماء المستقبل، لكن هل هذا صحيح؟
ووفقا لموقع “مترو” البريطاني فالروبوت Elli.Q الجديد يمكنه إخطار المستخدم بنشاط أصدقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتذكير بالمواعيد الهامة وأوقات تناول الأدوية.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة المطورة للروبوت إن الهدف هو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتحويلها إلى شيء مميز يساعد الأشخاص الذين يعانون من الشيخوخة وكبار السن في العيش بشكل أفضل دون الشعور بالوحدة.
ويذكر أن هذا الروبوت سيكون له سوق كبير للغاية في بعض البلدان، حيث كشف تقرير حديث من Age UK أن ما يقرب من نصف الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 75 فما فوق يعيشون لوحدهم، وحوالي 36 في المئة من بينهم يتحدثون لشخص واحد في اليوم، ويقول 11 في المئة منهم إنهم سبق وأمضوا خمسة أيام أو أكثر في الشهر دون أن يروا أي شخص على الإطلاق، وهو الأمر الذي يجعل للروبوت الجديد أهمية كبيرة ورواجا كبيرا في السوق.
وبالتالي لا يمكن لأي دولة اليوم تبحث عن الاستقرار والسلام لتحقيق أعلى معدلات التطور والتقدم والأزدهار والتنمية، أن تتجاهل وجود شبكة واسعة من تطورات التكنولوجيا التحويلية والتي تنشأ عنها ثورة واسعة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، بل يجب أن تسعى لمواكبة هذا التحول المفاجئ والتطور السريع بخلق عمل قانوني يؤطر وينظم كل ذلك.
الروبوتات قادمة لا محالة، ونحن لا نعي وندرك أهميتها وخطورتها، فالروبوتات والتقنيات الروبوتية هي الآن ناضجة بما يكفى للمواجهة، وللخروج إلى الواقع بأعداد كبيرة وفي شتى المجالات وهذا هو مكمن التحول؟
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عادل خليفة المهدوي
باحث ليبي