شاشة الناقد: جزء رابع من مغامرات إيدي مورفي في بيڤرلي هيلز
«شرطي بيڤرلي هيلز: أكسل ف.» (نتفليكس)
نُشر: 17:10-11 يوليو 2024 م ـ 05 مُحرَّم 1446 هـ
TT
20BEVERLY HILLS COP: AXEL F ★★
جزء رابع من مغامرات إيدي مورفي في بيڤرلي هيلز
«الفورميلا» التي يعتمدها الجزء الرابع من «شرطي بيڤرلي هيلز» لا تختلف عن تلك التي اعتمدتها الأجزاء السابقة (1984 و1987 و1994) من هذا المسلسل. لا يمكن أن تختلف، لأن السائد في الأفلام الجماهيرية هو أنه إذا ما كان العمل السابق ناجحاً بشروطه ومزاياه فلا داعي لتغييره.
هذا يفوّت على صانعي الفيلم فرصة الابتكار ويحدّد للكتّاب وللمخرج ما يستطيعون وما لا يستطيعون فعله في إطار أي جزء لاحق. يدفعهم للبقاء في الفكرة نفسها حتى لو تكرّرت وجاءت مستهلكة.
«شرطي بيڤرلي هيلز: أكسل ف» ينقاد لمثل هذه المعاملة. في الأساس هو تكرار لفكرة الشرطي الأسود أكسل فولي (إيدي مورفي) الذي يعمل في مدينة ديترويت، لكن تعرّض ابنته جين (تايلور بايج) للخطر يدفعه للسفر إلى لوس أنجليس وشوارع بيڤرلي هيلز المرفهة واستئجار غرفة في فندق بسعر يقارب الألف دولار في اليوم. من قال إن رجال القانون يتقاضون بالكاد ما يكفي لتدبير شؤون معيشتهم؟
الحاصل أن ابنته تتولّى الدفاع عن شاب متهم بالقتل وتجارة الممنوعات، لكنها متأكدة من براءته لذلك تنوي «العصابة» أن تردعها ومن ثَمّ تحاول قتلها لأنها تختار ألّا تستجيب لتهديداتهم. إذ يهب والدها للمساعدة (من دون علمها) تتسع الدائرة صوب المعهود: هناك فساد في بوليس المدينة يتقدّمه كابتن غرانت (كَڤن باكون) الذي يرأس تلك العصابة والذي يتحدّث كذلك بلغة واقعية عندما يشكو من أن ما يتقاضاه من سنوات خدمته الطويلة لا يوازي ما يجنيه من عملية كوكايين واحدة. كان عليه أن يسأل كيف يستطيع غريمه فولي دفع فواتير فندق من خمس نجوم من دون أن يضطر للتجارة بالممنوعات.
تطالعنا النهاية منذ البداية لأن هذا الخط الرئيسي لا بد أن يمر عبر تلك الانحناءات والالتواءات المعهودة. إنه كما لو كنت تقود سيارتك للبيت الكامن في تعرّجات هضاب لوس أنجليس وتعرف طريقك جيداً.
يختلق الفيلم علاقة مضطربة بين الأب وابنته، لكن لا شيء جديداً في ذلك أيضاً، كون الدارج هذه الأيام هو عرض مثل هذه العلاقات بهدف تعميق الحبكة وصرف بعض الوقت في الحديث عن كيف أهمل أب ابنته (أو ابنه) وكيف يواجَه بالصّد عندما يحاول التقرّب وطي صفحة الماضي. عبارات مثل «لم أركَ منذ سنوات بعيدة والآن تتذكرني»، تَرِد في تلك الأفلام وترد هنا. في الواقع استهلاك هذا الوضع هو كل البطانة التي لدى هذا الفيلم، وهو يشتغل عليها رغم أن المُشاهد يعرفها ككفّ يدٍ ويعرف كيف ستؤول إلى تقارب متجدّد.
نجم الفيلم طبعاً هو بطله إيدي مورفي. لا تزال لديه تلك الطريقة الجذّابة في الأداء الخفيف، لكن الكتابة لا تؤازره على عكس ما كان الحال عليه فيما سبق.
* عروض: حالياً على «نتفليكس»
PIERCE ★★★
تشويق نفسي عن أم وولديها وأعباء عاطفية
خرج هذا الفيلم التايواني - السنغافوري المشترك بجائزة أفضل مخرج مُنحت لنيلسيا لاو في فيلمها الأول، وذلك في أعقاب دورة ناجحة أخرى لمهرجان «كارلوڤي ڤاري»، الذي ختم أعماله في السادس من هذا الشهر.
من فيلم «بيرس» (بوتوكول)
يتناول الفيلم، الذي شوهد بإذن خاص من شركة توزيعه، حكاية عائلية القوام تتألف، أساساً، من أم لولدين شابّين. الأم آي لينغ (تؤديها دينغ نينغ) التي تهوى أغاني مطلع الستينات وتقوم بأدائها من حين لآخر. ابنها جاي (ليو سيو-فو) هو أصغر ولديها. الثاني هان (تساو يو-نينغ) أمضى عقوبة سجن لتسببه في قتل مبارز بالسيف. دافع عن نفسه بأن الحادث وقع خلال التدريبات ولم يكن مقصوداً، لكن ذلك الدفاع لم ينفعه. يفاجأ جاي بعودة شقيقه بعدما أُفرج عنه قبل سنوات من انتهاء فترة العقوبة. اللقاء الأول بينهما لا يمكن وصفه بالفتور بل بالجمود. هذا رغم أن هان يحب شقيقه وجاي كان يراه نموذجاً يقتضى به وهو أمَّ مدرسة تدريب على رياضة السيف تيمّناً به.
من هنا وصاعداً، بلورة علاقة حذرة وذات وصل نفسي بين الاثنين. من بين تبعات هذه العودة المفاجئة أن الأم كانت عانت من شعورها بالخجل كون ابنها دخل السجن بصرف النظر عما إذا كان يستحق أم لا. تغني في بعض المرابع وهناك رجل يحاول التقرّب منها والوقت الآن ليس وقت تبرير وتعريف لغريب لا تريد التخلي عنه في مثل سنّها المتقدّمة.
تحكي المخرجة فيلمها بتأنٍ غير عفوي. تريد أن تدفع بعناصر حكايتها الدرامية عميقاً في داخل المشاهد، وفي هذا النطاق تنجح في إثارة الاهتمام على الرغم من أن الموضوع الداكن الذي تتطرق إليه لا يؤسس تفاعلاً بالقدر نفسه الذي نراه في أفلام زملاء تايوانيين لها مثل هاو سياو-سيين، ويو شان تشن من بين آخرين.
منحى المخرجة في التنفيذ كلاسيكي يقترب من الروتينية، مثل تلك المشاهد التي تجمع بين الشقيقين يتبادلان فيها نظرات تريد التعبير عن المكنونات، لكنها لا تنجح دائماً. ومثل بعض المشاهد التي تعتقد المخرجة بأنها لافتة (كمشهد دوران الكاميرا ببطء حول طاولة طعام مستديرة ملتقطة من عليها)، لكن المدلولات المفترضة لا تلتقي والتقنيات المستخدمة دوماً.
* عروض: مهرجان كارلوڤي ڤاري
«شرطي بيڤرلي هيلز: أكسل ف.» (نتفليكس)
- لندن: محمد رُضا
نُشر: 17:10-11 يوليو 2024 م ـ 05 مُحرَّم 1446 هـ
TT
20BEVERLY HILLS COP: AXEL F ★★
جزء رابع من مغامرات إيدي مورفي في بيڤرلي هيلز
«الفورميلا» التي يعتمدها الجزء الرابع من «شرطي بيڤرلي هيلز» لا تختلف عن تلك التي اعتمدتها الأجزاء السابقة (1984 و1987 و1994) من هذا المسلسل. لا يمكن أن تختلف، لأن السائد في الأفلام الجماهيرية هو أنه إذا ما كان العمل السابق ناجحاً بشروطه ومزاياه فلا داعي لتغييره.
هذا يفوّت على صانعي الفيلم فرصة الابتكار ويحدّد للكتّاب وللمخرج ما يستطيعون وما لا يستطيعون فعله في إطار أي جزء لاحق. يدفعهم للبقاء في الفكرة نفسها حتى لو تكرّرت وجاءت مستهلكة.
«شرطي بيڤرلي هيلز: أكسل ف» ينقاد لمثل هذه المعاملة. في الأساس هو تكرار لفكرة الشرطي الأسود أكسل فولي (إيدي مورفي) الذي يعمل في مدينة ديترويت، لكن تعرّض ابنته جين (تايلور بايج) للخطر يدفعه للسفر إلى لوس أنجليس وشوارع بيڤرلي هيلز المرفهة واستئجار غرفة في فندق بسعر يقارب الألف دولار في اليوم. من قال إن رجال القانون يتقاضون بالكاد ما يكفي لتدبير شؤون معيشتهم؟
الحاصل أن ابنته تتولّى الدفاع عن شاب متهم بالقتل وتجارة الممنوعات، لكنها متأكدة من براءته لذلك تنوي «العصابة» أن تردعها ومن ثَمّ تحاول قتلها لأنها تختار ألّا تستجيب لتهديداتهم. إذ يهب والدها للمساعدة (من دون علمها) تتسع الدائرة صوب المعهود: هناك فساد في بوليس المدينة يتقدّمه كابتن غرانت (كَڤن باكون) الذي يرأس تلك العصابة والذي يتحدّث كذلك بلغة واقعية عندما يشكو من أن ما يتقاضاه من سنوات خدمته الطويلة لا يوازي ما يجنيه من عملية كوكايين واحدة. كان عليه أن يسأل كيف يستطيع غريمه فولي دفع فواتير فندق من خمس نجوم من دون أن يضطر للتجارة بالممنوعات.
تطالعنا النهاية منذ البداية لأن هذا الخط الرئيسي لا بد أن يمر عبر تلك الانحناءات والالتواءات المعهودة. إنه كما لو كنت تقود سيارتك للبيت الكامن في تعرّجات هضاب لوس أنجليس وتعرف طريقك جيداً.
يختلق الفيلم علاقة مضطربة بين الأب وابنته، لكن لا شيء جديداً في ذلك أيضاً، كون الدارج هذه الأيام هو عرض مثل هذه العلاقات بهدف تعميق الحبكة وصرف بعض الوقت في الحديث عن كيف أهمل أب ابنته (أو ابنه) وكيف يواجَه بالصّد عندما يحاول التقرّب وطي صفحة الماضي. عبارات مثل «لم أركَ منذ سنوات بعيدة والآن تتذكرني»، تَرِد في تلك الأفلام وترد هنا. في الواقع استهلاك هذا الوضع هو كل البطانة التي لدى هذا الفيلم، وهو يشتغل عليها رغم أن المُشاهد يعرفها ككفّ يدٍ ويعرف كيف ستؤول إلى تقارب متجدّد.
نجم الفيلم طبعاً هو بطله إيدي مورفي. لا تزال لديه تلك الطريقة الجذّابة في الأداء الخفيف، لكن الكتابة لا تؤازره على عكس ما كان الحال عليه فيما سبق.
* عروض: حالياً على «نتفليكس»
PIERCE ★★★
تشويق نفسي عن أم وولديها وأعباء عاطفية
خرج هذا الفيلم التايواني - السنغافوري المشترك بجائزة أفضل مخرج مُنحت لنيلسيا لاو في فيلمها الأول، وذلك في أعقاب دورة ناجحة أخرى لمهرجان «كارلوڤي ڤاري»، الذي ختم أعماله في السادس من هذا الشهر.
من فيلم «بيرس» (بوتوكول)
يتناول الفيلم، الذي شوهد بإذن خاص من شركة توزيعه، حكاية عائلية القوام تتألف، أساساً، من أم لولدين شابّين. الأم آي لينغ (تؤديها دينغ نينغ) التي تهوى أغاني مطلع الستينات وتقوم بأدائها من حين لآخر. ابنها جاي (ليو سيو-فو) هو أصغر ولديها. الثاني هان (تساو يو-نينغ) أمضى عقوبة سجن لتسببه في قتل مبارز بالسيف. دافع عن نفسه بأن الحادث وقع خلال التدريبات ولم يكن مقصوداً، لكن ذلك الدفاع لم ينفعه. يفاجأ جاي بعودة شقيقه بعدما أُفرج عنه قبل سنوات من انتهاء فترة العقوبة. اللقاء الأول بينهما لا يمكن وصفه بالفتور بل بالجمود. هذا رغم أن هان يحب شقيقه وجاي كان يراه نموذجاً يقتضى به وهو أمَّ مدرسة تدريب على رياضة السيف تيمّناً به.
من هنا وصاعداً، بلورة علاقة حذرة وذات وصل نفسي بين الاثنين. من بين تبعات هذه العودة المفاجئة أن الأم كانت عانت من شعورها بالخجل كون ابنها دخل السجن بصرف النظر عما إذا كان يستحق أم لا. تغني في بعض المرابع وهناك رجل يحاول التقرّب منها والوقت الآن ليس وقت تبرير وتعريف لغريب لا تريد التخلي عنه في مثل سنّها المتقدّمة.
تحكي المخرجة فيلمها بتأنٍ غير عفوي. تريد أن تدفع بعناصر حكايتها الدرامية عميقاً في داخل المشاهد، وفي هذا النطاق تنجح في إثارة الاهتمام على الرغم من أن الموضوع الداكن الذي تتطرق إليه لا يؤسس تفاعلاً بالقدر نفسه الذي نراه في أفلام زملاء تايوانيين لها مثل هاو سياو-سيين، ويو شان تشن من بين آخرين.
منحى المخرجة في التنفيذ كلاسيكي يقترب من الروتينية، مثل تلك المشاهد التي تجمع بين الشقيقين يتبادلان فيها نظرات تريد التعبير عن المكنونات، لكنها لا تنجح دائماً. ومثل بعض المشاهد التي تعتقد المخرجة بأنها لافتة (كمشهد دوران الكاميرا ببطء حول طاولة طعام مستديرة ملتقطة من عليها)، لكن المدلولات المفترضة لا تلتقي والتقنيات المستخدمة دوماً.
* عروض: مهرجان كارلوڤي ڤاري