رحيل شيلي دوفال صاحبة الصرخة المدوّية في فيلم كوبريك
عذّبها المخرج بطلباته وأعاد التصوير عشرات المرّات بلا وِدّ
شيلي دوفال في «ذي شاينينغ» (وورنر)
نُشر: 14:39-12 يوليو 2024 م ـ 06 مُحرَّم 1446 هـ
TT
20لكلمة «ذي شاينينغ» (اللمعان) معانٍ عدّة. تعني ما هو ساطع وتدلّ على الإشراق؛ وفي استخدامات موازية هي اللمعة الذهنية. في فيلم ستانلي كوبريك، هي كل هذه المعاني.
هذا ما أراد المخرج الأميركي نقله بتصرّف كبير عن رواية للمؤلّف ستيفن كينغ عام 1980، من بطولة اثنين من نجوم المرحلة، هما جاك نيكلسون والممثلة الأميركية شيلي دوفال الراحلة، الخميس، عن 75 عاماً في منزلها بولاية تكساس.
تتسلّم جائزة عن فيلم «3 نساء» لروبرت ألتمان (أ.ف.ب)
هي المرأة التي تكتشف أنّ زوجها فقد عقله عندما تقلب الأوراق التي انكبَّ على طباعتها فوق آلته، معتقدة أنها نصّ روايته المقبلة، لتجد مئات الصفحات تحمل عبارة واحدة، هي مثال إنجليزي قديم: «عمل دائم ولا راحة يجعلان جاك ولداً ملولاً». تُصاب بهلع. تحمل عصا غليظة وتصعد سلالم المكان بحذر. وها هو جاك يلحق بها حاملاً فأساً يريد قتلها. تدخل غرفتها وتقفل بابها. يُحطم الزوج الباب وينظر إليها قائلاً: «عزيزتي، أنا في المنزل».
الصرخة التي أطلقتها شيلي دوفال لا تزال تتردّد إلى اليوم. الأداء الصارم الذي يعكس منتهى الخوف، ممتزجاً بأمل باهت في النجاة، يسيطران على المشهد. نموذج نادر في كيف يمكن لممثلة أن تخاف وتُخيف. عذّبها كوبريك بطلباته. أعاد التصوير عشرات المرّات ولم يكن ودوداً. كان قاسياً وكانت موهوبة، وصورتها من ذلك الفيلم طغت على صورها الأخرى في أفلام عدّة.
في «بوباي» أدّت شخصية «أوليف أويل» الكرتونية (أ.ف.ب)
لكن «اللمعان» ليس الفيلم الوحيد الذي أثار انتباه النقاد والجمهور لموهبة دوفال المولودة في 7 يوليو (تموز) 1949. ثمة 7 أفلام مثَّلت فيها تحت إدارة روبرت ألتمان الذي احتلَّ مكانة مهمّة في السينما، ولو أنّ شهرته في عالم العرب لم تتجاوز تلك التي حقّقها كوبريك.
اكتشفها ألتمان عام 1969 وأسند إليها دوراً متقدّماً في فيلمه «بروستر مكلاود» (1970)، ثم استعان بها في «ماكاب ومسز ميلر» (1972)، و«لصوص مثلنا» (1974). ولمعت خصوصاً في «ناشفيل» الذي أنجزه عام 1975. في العام التالي، قدّمها مجدداً في «بافالو بل والهنود»، وقبل «اللمعان» بـ3 سنوات قادت بطولة فيلمه «3 نساء» مع سيسي سبايسك وجانيس رول. الفيلم الأخير لها مع ألتمان كان «بوباي»، مؤدّية شخصية «أوليف أويل» الكرتونية.
ظهرت في فيلم وودي ألن «آني هول» (1977)، وفي «عصابات الزمن» لتيري غيليام (1981)، ثم «روكسان» لفرد شيبيسي (1987)، و«بورتريه لسيدة» لجين كامبيون (1996).
هؤلاء المخرجون هم الأهم في دائرة الحياة الفنية لمَن واصلت العمل حتى العام الماضي عندما ظهرت في فيلم رعب مرَّ بلا انتباه أحد، عنوانه «هضاب الغابة».
شيلي دوفال كانت موهوبة بلا جدال، ولو أنّ الشهرة تجسَّدت في فيلم واحد أكثر من سواه (اللمعان). عن مشهد الرعب الذي أدّته بإجادة تامة، قالت: «لا أدري كيف مثّلته. جاك (نيكلسون) أيضاً قال لي: (لا أعرف كيف قمتِ بأداء هذا الدور)». لكننا نعلم أنّ موهبتها هي التي أنجزته على أفضل وجه.
عذّبها المخرج بطلباته وأعاد التصوير عشرات المرّات بلا وِدّ
شيلي دوفال في «ذي شاينينغ» (وورنر)
- لندن: محمد رُضا
نُشر: 14:39-12 يوليو 2024 م ـ 06 مُحرَّم 1446 هـ
TT
20لكلمة «ذي شاينينغ» (اللمعان) معانٍ عدّة. تعني ما هو ساطع وتدلّ على الإشراق؛ وفي استخدامات موازية هي اللمعة الذهنية. في فيلم ستانلي كوبريك، هي كل هذه المعاني.
هذا ما أراد المخرج الأميركي نقله بتصرّف كبير عن رواية للمؤلّف ستيفن كينغ عام 1980، من بطولة اثنين من نجوم المرحلة، هما جاك نيكلسون والممثلة الأميركية شيلي دوفال الراحلة، الخميس، عن 75 عاماً في منزلها بولاية تكساس.
تتسلّم جائزة عن فيلم «3 نساء» لروبرت ألتمان (أ.ف.ب)
هي المرأة التي تكتشف أنّ زوجها فقد عقله عندما تقلب الأوراق التي انكبَّ على طباعتها فوق آلته، معتقدة أنها نصّ روايته المقبلة، لتجد مئات الصفحات تحمل عبارة واحدة، هي مثال إنجليزي قديم: «عمل دائم ولا راحة يجعلان جاك ولداً ملولاً». تُصاب بهلع. تحمل عصا غليظة وتصعد سلالم المكان بحذر. وها هو جاك يلحق بها حاملاً فأساً يريد قتلها. تدخل غرفتها وتقفل بابها. يُحطم الزوج الباب وينظر إليها قائلاً: «عزيزتي، أنا في المنزل».
الصرخة التي أطلقتها شيلي دوفال لا تزال تتردّد إلى اليوم. الأداء الصارم الذي يعكس منتهى الخوف، ممتزجاً بأمل باهت في النجاة، يسيطران على المشهد. نموذج نادر في كيف يمكن لممثلة أن تخاف وتُخيف. عذّبها كوبريك بطلباته. أعاد التصوير عشرات المرّات ولم يكن ودوداً. كان قاسياً وكانت موهوبة، وصورتها من ذلك الفيلم طغت على صورها الأخرى في أفلام عدّة.
في «بوباي» أدّت شخصية «أوليف أويل» الكرتونية (أ.ف.ب)
لكن «اللمعان» ليس الفيلم الوحيد الذي أثار انتباه النقاد والجمهور لموهبة دوفال المولودة في 7 يوليو (تموز) 1949. ثمة 7 أفلام مثَّلت فيها تحت إدارة روبرت ألتمان الذي احتلَّ مكانة مهمّة في السينما، ولو أنّ شهرته في عالم العرب لم تتجاوز تلك التي حقّقها كوبريك.
اكتشفها ألتمان عام 1969 وأسند إليها دوراً متقدّماً في فيلمه «بروستر مكلاود» (1970)، ثم استعان بها في «ماكاب ومسز ميلر» (1972)، و«لصوص مثلنا» (1974). ولمعت خصوصاً في «ناشفيل» الذي أنجزه عام 1975. في العام التالي، قدّمها مجدداً في «بافالو بل والهنود»، وقبل «اللمعان» بـ3 سنوات قادت بطولة فيلمه «3 نساء» مع سيسي سبايسك وجانيس رول. الفيلم الأخير لها مع ألتمان كان «بوباي»، مؤدّية شخصية «أوليف أويل» الكرتونية.
ظهرت في فيلم وودي ألن «آني هول» (1977)، وفي «عصابات الزمن» لتيري غيليام (1981)، ثم «روكسان» لفرد شيبيسي (1987)، و«بورتريه لسيدة» لجين كامبيون (1996).
هؤلاء المخرجون هم الأهم في دائرة الحياة الفنية لمَن واصلت العمل حتى العام الماضي عندما ظهرت في فيلم رعب مرَّ بلا انتباه أحد، عنوانه «هضاب الغابة».
شيلي دوفال كانت موهوبة بلا جدال، ولو أنّ الشهرة تجسَّدت في فيلم واحد أكثر من سواه (اللمعان). عن مشهد الرعب الذي أدّته بإجادة تامة، قالت: «لا أدري كيف مثّلته. جاك (نيكلسون) أيضاً قال لي: (لا أعرف كيف قمتِ بأداء هذا الدور)». لكننا نعلم أنّ موهبتها هي التي أنجزته على أفضل وجه.