تقليص عدد السهرات يضاعف تحديات مهرجان قرطاج الدولي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تقليص عدد السهرات يضاعف تحديات مهرجان قرطاج الدولي

    تقليص عدد السهرات يضاعف تحديات مهرجان قرطاج الدولي


    الدورة الـ58 تهتم بالنوع لا الكم متجاهلة نجوم الموسيقى التونسية من الشباب.
    الأربعاء 2024/07/10
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    سهرات لا ترضي كل الأذواق رغم الإقبال الجماهيري

    بمجرد الحديث عن مهرجان قرطاج الدولي تتضارب المواقف وتكثر الانتقادات من الفنانين والصحافيين وحتى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فبالرغم من أنه مهرجان عريق إلا أنه لا يرضي أغلب الأذواق الفنية، ما يجعله في مرمى هجوم سنوي شرس من الفنانين التونسيين إلى جانب الجمهور الذي لم يعد راضيا عن نوع الحفلات المبرمجة رغم أن أغلبها يقام أمام شبابيك مغلقة.

    كشف مهرجان قرطاج الدولي في تونس مساء الاثنين عن برنامج دورته الثامنة والخمسين التي تنطلق في الثامن عشر من شهر يوليو الجاري، وتشهد هذا العام تقليصا في عدد السهرات رضوخا لطلب وزارة الشؤون الثقافية ولسياسة الدولة المتجهة للتقشف في مصاريف المهرجانات التونسية الكبرى، حيث قلص المهرجان عدد سهراته من 25 سهرة في العام الماضي إلى 18 سهرة خلال الدورة المرتقبة.

    ويبدو أن التقشف طال أيضا الحضور الفني المواكب للمؤتمر الصحفي الخاص بالمهرجان، ففي حين دأب الفنانون التونسيون على الحضور في المؤتمر ومناقشة اختيارات الهيئة المديرة وتوجيه مطالبهم لسلطة الإشراف، غاب أغلبهم هذا العام، ولم يحضر سوى البعض ممن يقدمون عروضا ضمن الدورة المرتقبة. وكانت سهرات المهرجان طوال الدورات السابقة تتراوح بين 25 و32 سهرة، منفتحة على كل الأنماط الفنية من موسيقى ومسرح وكوريغرافيا. وتشمل السهرات الـ18 لهذه الدورة مجموعة متنوعة من الأسماء الفنية التونسية والعربية إلى جانب مشاركات من إسبانيا وجامايكا والسنغال.

    وقال مدير المهرجان كمال الفرجاني إن تقليل عدد العروض يأتي ضمن توجه وزارة الشؤون الثقافية التونسية التي اختارت أن يتم التركيز على نوعية العروض أكثر من عددها. وأشار الفرجاني إلى أن ميزانية المهرجان انخفضت بنحو خمسة في المئة مقارنة بالدورة السابقة لتصبح الأقل كلفة خلال الدورات الأربع الأخيرة.

    لكنه شدد على أن “تقليص عدد السهرات قلص التعبيرات الفنية المشاركة ضمن الدورة الـ58 للمهرجان”، حيث إن 18 عرضا لا تكفي وفق رأيه للمرور على أغلب الاتجاهات الفنية السائدة بين مختلف الشرائح العمرية للجمهور التونسي. وفي هذا السياق، وجه الفرجاني نداءه لسلطة الإشراف ممثلة بوزارة الشؤون الثقافية لتخصيص المهرجانات، والقصد هنا أن يتم توضيح هوية المهرجانات التونسية، كأن يكون هذا المهرجان مختصا بالموسيقى الشعبية والآخر بموسيقى الراب أو البوب العربي أو موسيقى الأندرغراوند وغيره ذلك من الأنماط الموسيقية.


    كمال الفرجاني: على سلطة الإشراف توضيح اختصاصات المهرجان التونسية


    وقال الفرجاني “لو سئلت بصفة شخصية عن أحب المهرجانات التونسية لي، سأقول إنه مهرجان الجم الدولي للموسيقى السيمفونية، لأنه مهرجان متخصص في الموسيقى الكلاسيكية ولا أحد يحمله فوق طاقته وخارج توجهه أو يوجه له اتهامات بالتقصير في حق أنماط موسيقية أخرى”. ووفق إحصائيات إدارة المهرجان، تتوزع حفلات هذا العام بمعدل 7 سهرات تونسية، و6 سهرات عربية، و5 سهرات من سائر دول العالم، ومن بين هذه السهرات 6 عروض مسرحية وفرجوية.

    ويفتتح المهرجان الفنان التونسي لطفي بوشناق في سهرة عرفتها إدارة المهرجان بأنها سهرة “تاريخية” ستحتفي بمسيرة بوشناق الفنية التي ناهزت 50 عاما والتي سيشاركه فيها ابناه حمزة وعبدالحميد، أحدهما في الإخراج والآخر في الجانب الموسيقي.

    ويشمل البرنامج مشاركة الفنانين العراقي كاظم الساهر واللبناني وائل كفوري والمصري حمزة نمرة والمايسترو المغربي أمين بودشار كما تقدم التونسية نجاة عطية سهرة خاصة مواكبة للعيد الوطني للمرأة التونسية. وتشارك في المهرجان أيضا فرق موسيقية من إسبانيا وجامايكا والسنغال، وعرض أوبرا كارمن لأوبرا تونس، وعرض مسرحي للفنانة التونسية وجيهة الجندوبي، إلى جانب عرض الكوميديا الموسيقية “نوبة غرام” للفنان التونسي محمد علي كمون.

    كما يستكمل المهرجان عرض “أنغام في الذاكرة” في جزئه الثالث والذي يحتفي بأشهر الأغاني التونسية لألمع نجوم الفن الذين صنعوا هوية الفن التونسي في العقود الماضية، بمشاركة مواهب شابة يأمل المهرجان في دعمها، فيما تخصص سهرتا السادس والسابع من أغسطس المقبل لعرض سيرك على الجليد من فرنسا، على أن تكون النسبة الأكبر من الجمهور من متساكني الأحياء الشعبية التونسية (5 آلاف متفرج) الذين سيتابعون العرضين مجانا. ويختتم المهرجان بعرض للفنانة السورية أصالة نصري.

    وتظهر البرمجة غيابا للسهرات الشبابية، مع تجاهل واضح لموسيقى الراب التي لها جمهور واسع وخاصة من الشباب، إلى جانب اختيار أسماء تونسية جديدة لم تبرمج في الدورات السابقة التي قادتها الهيئة الإدارية نفسها، كما غابت عروض التعاون الفني، وهو ما برره مدير المهرجان بأنه عائد لسياسة التقليص في عدد السهرات إلى جانب سعي المهرجان للانفتاح على تجارب مختلفة وأن لا يكون نسخة شبيهة ببقية المهرجانات التونسية.

    وبرر الفرجاني اختيارات الهيئة المديرة بالقول إن “المهرجان يسعى لتنظيم سهرات بشبابيك مغلقة”. رغم ذلك تغيب أسماء مهمة لطالما أثثت سهرات بجماهير فاق عددها طاقة استيعاب الجمهور ومنها صابر الرباعي وناصيف زيتون، إلى جانب رؤوف ماهر ومرتضى الفتيتي.

    وفي سياق آخر، شدد الفرجاني على أنه لا تجدر مقارنة المهرجانات التونسية ببعضها البعض، معتبرا أن “المهرجانات التونسية تحولت إلى جولات فنية، فالفنان الذي يشارك في مهرجان الحمامات مثلا يقدم العرض ذاته في مهرجانات تونسية أخرى، وبالتالي أصبحت برمجة المهرجانات مكررة ومتشابهة جدا”.

    وأوضح مدير مهرجان قرطاج أن “المهرجان يسعى للاختلاف، وهو يقدم هذا العام 11 عرضا حصريا لن تعرض في تونس خلال الموسم الفني ذاته خارج أسوار قرطاج”.

    وفي ما يتعلق باللغط الحاصل حول أجور الفنانين العرب الذين اختار المهرجان التعاقد معهم، رأى المدير أن المبالغ التي تدفع لهم تتماشى وقيمتهم الفنية والإقبال الجماهيري على حفلاتهم، مقارنا بين الميزانيات المرصودة لقرطاج بصفته مهرجانا دوليا كبيرا ومهما في المنطقة العربية وبين ما يمكن أن يتقاضاه الفنانون في حفلات أخرى، حيث رأى أن أجور الفنانين منطقية وغير مبالغ فيها.

    ◙ الفن الفلسطيني يغيب عن مهرجان قرطاج حيث تحضر فلسطين فقط في المعلقة التي ترفع العلمين التونسي والفلسطيني

    هذه الدورة التي تحتفل بستينية المهرجان وتقترح على الجمهور والصحافيين إلى جانب سهراتها الليلية، معرضا فوتوغرافيا يستعيد تاريخ المهرجان وأهم مراحله وحفلاته، إلى جانب كتاب ورقي بعنوان “ستون عاما من السعادة على الخشبة”، لم تنج كسابقاتها من الاتهامات بالتقصير في حق الفنان التونسي، رغم أن المهرجان بالأساس مهرجان دولي وهو أكبر المهرجانات التونسية وواجهتها للخارج.

    وأوضحت الهيئة المديرة أن المهرجان الذي يتهم سنويا بسوء تصرفه في المال العام واستئثاره بالنسبة الأكبر من الدعم الحكومي، من المتوقع أوليا أن يغطي هذا العام مصاريفه كاملة من مداخيل التذاكر والدعاية والإعلان. في حين يذهب دعم الدولة لخلاص أجور العاملين في تنظيم المهرجان من تقنيين وشركات طيران وإضاءة وصوت، وهو ما يحسب لقرطاج بكونه يخلق حركية اقتصادية عبر تشغيل عشرات العاملين وخلق حركية في مدينة قرطاج والجهات المجاورة لها.

    وفي فترة تبدي فيها تونس دعما مستميتا للقضية الفلسطينية وتتعالى الأصوات المطالبة بضرورة الانتصار لأهالي قطاع غزة عبر كل السبل المتاحة ومنها الفن، يغيب الفن الفلسطيني هذا العام عن مهرجان قرطاج، حيث تحضر فلسطين فقط في المعلقة الرسمية للمهرجان التي ترفع العلمين التونسي والفلسطيني وهو ما قال الفرجاني إنه تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته الحالية، في حين فسره البعض باستعراض ظاهري للتضامن.

    وأوضح الفرجاني أن المهرجان سعى لبرمجة عروض فلسطينية جادة لكنه اصطدم بصعوبات كثيرة من بينها رفض فنانين ملتزمين تنظيم حفلات منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، في حين عرض آخرون تنظيم سهرات لا تختلف كثيرا عن جولاتهم الفنية الصيفية، ومنهم الفنان مارسيل خليفة.

    وفي حين اتهم مارسيل خليفة إدارة المهرجان بأنها تسعى لجذب "فناني الفضائيات والأرضيات" عبر تصريحاته لصحافيين تونسيين، قال مدير مهرجان قرطاج إن المفاوضات لا تزال جارية مع الفنان، حيث ترفض إدارة المهرجان أن تنظم عرضا مكررا لمجرد ادعاء دعم القضية الفلسطينية بل هي تحاول برمجة عرض خاص مع الفنان وفي حال تم الاتفاق عليه واستيفاء الشروط اللازمة سيتم الإعلان عنه خلال فترة انعقاد الدورة الـ58.

    لا تنعقد دورات مهرجان قرطاج الدولي دون انتقاد لاذع وهجوم، فإدارته مهما تغيرت وحاولت تقديم برامج متنوعة ترضي الذائقة الفنية، تجد من يقف لها بالمرصاد مسلطا سهامه الحادة نحو الأخطاء، ومحاولا فرض تصوراته الخاصة ورافضا كل ما يخالفها. ورغم ذلك هذا المهرجان الذي انعقدت أول دوراته في العام 1964 وكان في البداية أسبوعا ثقافيا فنيا هو اليوم لا يزال يؤكد أنه قبلة مهمة لنجوم الفن في العالم، لكنه يحتاج إلى سياسة واضحة من سلطة الإشراف، وبروتوكول يوضح منهجيته ولا يدعه رهين الأمزجة السياسية واختلافات السياسات الثقافية من حكومة إلى أخرى، بروتوكول عليه إدراك أهمية الاتصال والصورة الاتصالية التي تروج لتونس من خلال المهرجان وعليه التعلم من أخطاء الهيئات الإدارية السابقة.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    حنان مبروك
    صحافية تونسية
يعمل...
X