"خيوط المعازيب" دراما سعودية واقعية تنبض بالذكريات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "خيوط المعازيب" دراما سعودية واقعية تنبض بالذكريات

    "خيوط المعازيب" دراما سعودية واقعية تنبض بالذكريات


    مسلسل ينجح في تسليط الضوء على الأحساء وخصوصية الثقافة السعودية.
    الخميس 2024/07/11
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    دراما شعبية

    من الأحساء وقراها وعادات وتقاليد أهلها وأهم ما يميزهم، انطلق مسلسل “خيوط المعازيب” لينقل لنا صورة مصغرة عن المجتمع السعودي والخليجي أهلته لأن يكون حاصدا للجوائز عن جدارة؛ حيث فاز بالعديد من الجوائز وحظي بإشادة العديد من النقاد والمتابعين للدراما الخليجية.

    سامر سالم أحمد

    لقد استطاع المسلسل السعودي “خيوط المعازيب” أن يتجاوز حدود الأحساء حيث جرت أحداث العمل ليحط في كل بيت من البيوت الخليجية، مشكّلا حالة استثنائية يصعب تكرارها في ظل الابتذال المتعمد أو غير المتعمد والذي بات يحكم الكثير من الأعمال الدرامية العربية.

    حصد “خيوط المعازيب” أربع جوائز في حفل توزيع جائزة “الدانة للدراما”، الذي أُقيم في العاصمة البحرينية المنامة، وهو ما يمثل خير دليل على استحقاقه الإشادات الواسعة التي حظي بها، سواء من قبل الجمهور أو من طرف النقاد.

    ويعتبر هذا العمل امتدادا للدراما الشعبية الخليجية بعد “بن عاقول” و”درب الزلق” وكذلك “العاصوف”، وهو يحاكي قصة من واقع أحد المجتمعات الأحسائية الأصيلة، حيث تتميز منطقة الأحساء بتنوع أطيافها ومجتمعاتها ولهجاتها المدنية والقروية والبدوية، والتي تسطر أرقى تعايش وتواصل وتلاحم الأسر ببساطتها وطيبة أهلها. وكذلك توضح شأن الأحساء الاقتصادي بنخيلها ومائها وزراعتها ومينائها “العقير” وخصوصا تميز المنطقة بـ”البشت الحساوي” ومؤخرا دور شركة أرامكو في التغير النوعي في حضارتها.


    المسلسل ساهم في تشكيل الذاكرة الجمعية والمكانية للأجيال، وقد أظهر الدراما السعودية في صورة مشرفة


    العمل من بطولة عبدالمحسن النمر وإبراهيم الحساوي وريم أرحمة وفيصل الدوخي وعبدالله الجريان، وتأليف هناء العمير، وإخراج عبدالعزيز الشلاحي.

    تدور أحداث “خيوط المعازيب” في مجتمع الأحساء خلال ستينات القرن العشرين داخل حارة “معازيب البشوت”، حيث كانت تشتهر السعودية في تلك الفترة بصناعة البشوت.

    ويحكي المسلسل “حاصد الجوائز” قصة الصبي المتمرد (فرحان) الذي يجد نفسه مرغما على العمل لحساب الرجل القاسي أبوعيسى، لكنه يصر على الوقوف ضده والدفاع عن نفسه.

    وبعيدا عن النقد الذي تعرض له هذا العمل يظل إلى يومنا هذا متربعا على صدارة الدراما الخليجية يحصد الجائزة تلو الأخرى وسط ترحيب كبير من الجمهور العربي. ولو رحنا نبحث عن الأسباب الكامنة وراء ذلك لوجدنا أن هذا العمل كان بالنسبة إلى الخليجيين انعكاسا لهويتهم وثقافتهم التي يشعرون بالحنين إليها في ظل سطوة العولمة والتكنولوجيا في الزمن الحالي.

    لقد استطاع هذا العمل رسم صورة بانورامية للحياة في قرية صغيرة بالأحساء، تسمى المعازيب في عصر البراءة قبل أن تهب رياح التغيير، لتعمل على إثارة العواطف داخل وجدان المشاهد السعودي أولا يليه الجمهور الخليجي. فمهنة صناعة البشت تشكل إرثا عريقا وجزءا من الهوية يبعث على الفخر والاعتزاز.

    هذا الثوب التقليدي (البشت) رافق مسيرة النهضة الخليجية وظل حاضرا إلى يومنا الحالي، فالرجال لا يزالون يرتدونه في الأعراس وحفلات التخرج والمناسبات الرسمية في العديد من دول الخليج. كما أنه عندما تُلبسه لأي شخص فهذا يعني تكريمه وتقديره. ولعل ارتداء لاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي البشت في كأس العالم بقطر هو في حد ذاته دليل على الحفاوة والتقدير في نظر أهل الخليج.

    لقد تفاعل المشاهدون مع هذا العمل لحظة بلحظة في شغف كبير للعودة إلى الماضي ومعايشة أحداثه.



    وإن تناول البيئة الحساوية التي يندر تناولها في مجال الدراما هو في حد ذاته نوع من الجدة تحسب لهذا العمل. وبهذا يسجل “خيوط المعازيب” سبقا له في هذا المنحى والاتجاه؛ فقد أعاد الحياة إلى اللهجة الحساوية، وقد شكل هذا الأمر تحديا كبيرا في سبيل إضفاء اللمسة الواقعية على العمل، لذلك عمد معدوا العمل إلى مدققي اللهجة واستقطاب نجوم حسَاوية كبار خصوصا لبنى عبدالحميد (أم أحمد) ابنة الأحساء التي أمتعتنا بلهجتها الحساوية القحة وأدائها الجديد.

    ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل عمد صناع العمل إلى افتتاح ورشات للشباب تدرّبهم على إتقان اللهجة الحساوية، وهنا رأينا صفحات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تشتعل بحثا عن اللهجة الحساوية. إن القدرة على اقتحام القلوب وإثارة الحنين والذكريات ساهمت في الإقبال الكبير على مشاهدة “خيوط المعازيب”، كما شكلت الواقعية التي تمتع بها العمل سببا آخر للانجذاب إليه.

    وقد تطلبت الواقعية من صناع العمل بناء قرية كاملة كون البيوت القديمة التراثية المتبقية في الأحساء قليلة جدًا وأغلبيتها غير صالحة للاستخدام والتصوير بسبب أنها تقع في منطقةٍ سكنية حديثة وتجاورها بعض المحلات التجارية والأسواق، وقد جاء تصميم المواقع دقيقا إلى درجة جعلت أبناء الأجيال السابقة يشعرون بأنهم داخل مدينة الأحساء في الستينات، وقد عمل على ذلك مهندس الديكور المصري كريم عبدالنعيم مدة ستة أشهر، حيث تم بناؤها بالكامل باستخدام الطوب والإسمنت.

    ولعل الإكسسوارات لم تكن بالأمر الهين، فالمنطقة لا تحوي أرشيفا توثيقيا للعودة إليه لذلك تم الاعتماد على ذاكرة الحساويين في توصيف الملابس. لقد ساهم المسلسل في تشكيل الذاكرة الجمعية والمكانية للأجيال، وقد استطاع إظهار الدراما السعودية بمظهر مشرف بعيدا عن الرداءة التي باتت السمة الغالبة على الكثير من الأعمال الفنية العربية في سبيل السعي للترند.


    ShareWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X