كاتبات عربيات في حفل توقيع - الشرقالقاهرة -شريف صالح
خمس كاتبات عربيات.. البدايات والرواية الأولى
عبر أجيال مُختلفة، تشتهر كاتبة وتتفرّد، مثل مي زيادة في النصف الأول من القرن العشرين. ومن الأجيال التالية، تميّزت أسماء قليلة مثل لطيفة الزيات، ورضوى عاشور، ونوال السعداوي.
عربياً برزت روائيات مثل علوية صبح، وهدى بركات، ورجاء عالم وليلى العثمان.. فهل تغيّر الوضع وأصبح المجتمع العربي الآن يتقبّل الكاتبات، وما الصعوبات التي تواجههن في بداياتهن؟ وماذا عن القضايا التي تلحّ عليهن في الرواية الأولى وحظوظها من التوزيع والنجاح؟
لو نظرنا إلى المرشّحين العرب لجائزة "نوبل" لن نجد بينهم كاتبة، ولو راجعنا قائمة الفائزين بجائزة "البوكر" العربية، سنجد حصّة المرأة ضعيفة، ولا تقارن بحظوظ الرجال. فهل هذا يعني أن التحيّز ضد المرأة الكاتبة مازال قائماً؟
التحيّز مع أم ضدّ
سأل أحدهم كونديرا ذات يوم: لماذا أثناء الحديث عن الروايات المهمّة، لا نذكر النساء الكاتبات، فكان ردّه: "كل الروايات العظيمة ثنائية الجنس. وهذا يعني أنها تعبّر عن رؤية أنثوية وذكورية للعالم".
هل ينطوي ردّه على تحيّز حاول الالتفاف حوله؟ فإذا كان الجنس الحقيقي للمؤلف غير مهمّ، وكل رواية تسرد عبر رؤية ثنائية، فإن السؤال يبقى قائماً: لماذا لا نذكر أسماء كاتبات عند التدليل؟
وإذا طرحنا مفهوم التحيّز نفسه للنقاش، فهو أيضاً حمّال أوجه، لأنه قد يكون بالسلب والحجب، والعكس صحيح. قد يكون إيجابياً للكاتبة بمنحها الجوائز والفرص لمجرد أنها امرأة.
تقول الكاتبة المصرية الشابّة دعاء البادي: "لا أدري هل ثمّة تحيّز بشكل عام للكاتبات أم لا، ربما يكون هناك نوع من التشجيع للكتابة النسائية، يأخذ في بعض الحالات شكل التحيّز، أما بالنسبة لي فخطواتي البسيطة في عالم الكتابة لا تجعلني قادرة على الجزم".
الكاتبة المصرية دعاء البادي - الشرق
تتفق معها الكاتبة الإماراتية، مريم مسعود الشحّي، قائلة: "لا يقين واضح لدي بشأن التمييز حسب النوع، ربما لأني كاتبة تعيش عالمها الخاص، منقسمة أحلامي بين وظيفة بعيدة عن الكتابة، وأكثر من زاوية للإبداع بين الرسم والألوان والكتابة".
بدورها، لا تستشعر الكاتبة المصرية مريم العجمي وجود هذا التحيّز، موضحة: "لا أحب أن أُنصف أو يهدر حقي لأنني كاتبة، فقط الكتابة أبقى، ومن تناولوا نصّي (سيدات ورجال) فعلوا ذلك بشكل موضوعي، وأرجو أن تنصفني الكتابة ليس لأني امرأة، وإن كنت أنشغل بقضايا المرأة لأنها الأقرب إليّ".
وعلى الرغم من تحفّظها على التعميم، تقرّ الكاتبة والشاعرة التونسية ريم قمري، بوجود تحيّز سلبي ضدها في مجموعتها القصصية الأولى "حياة أخرى لعمر مضى".
وتقول: "هذا الكتاب لم يتجرأ على الكتابة عنه أكثر من ناقد أو اثنين فقط، الجميع تجنّب الخوض فيه لما به من جرأة، ووصف صادم في بعض الأحيان، ربما لأني تحدثت عن الجسد باعتباره جزءاً من حياتنا كبشر".
غلاف رواية الكاتبة التونسية ريم القمري "حياة أخرى لعمر مضى" - الشرق
تضيف: "أعتقد أن العمل ظُلِم، ولو كان الكاتب رجلاً لحظي باهتمام لافت، لأن العقلية مع الأسف تضع المرأة الكاتبة في حيّز ضيق، وعليها أن تكتب بلغة معيّنة، وألا تتجاوز الخطوط الحمراء، والفصل بين كتابة نسائية وكتابة رجالية هو في ذاته خطأ كبير، ومن حقي كامرأة أن أكتب في الموضوعات التي يكتب فيها الكاتب الرجل، وبكل حرية".
مقعد في عالم واسع
يأخذنا سؤال التحيّز إلى طبيعة الصراعات والصعوبات التي تواجهها كاتبة شابّة في بداياتها.. فماذا عنها؟
لا تذكر الروائية المصرية نورا ناجي صعوبات محددة، ربما لأنها لم يكن لديها سقف توقّعات، تقول: "عند صدور روايتي الأولى "بانا"، قبل 10 سنوات، لم أهتم بشيء، لا الرواج ولا الجوائز ولا المراجعات ولا التفات النقّاد، أفتقد هذا الشعور، أفتقد عدم اهتمامي، وانعدام خوفي".
وتبرّر ذلك بأنها لم تتخيل أنها ستكتب رواية أخرى، ثم ثالثة ورابعة، قائلة: "لم أتخيلني أبداً كاتبة حقيقية، تحمل مسؤولية النشر المُستمر، وتنتظر إطراءات لن تضف إليها شيئاً، ولا إشارة ناقد، ولا جائزة ستفرحها لمدة ساعتين، قبل أن يعاودها الخوف المستمر مما ستكتبه بعد ذلك. أعتقد أني لم أكن حقيقية تماماًـ سوى حين نشرت تلك الرواية الأولى".
تعليق