"هزار".. حكاية فتاة سورية واجهت الموت والدمار بالأمل
رواية تؤكد أن الأدب هو انعكاس للواقع وتفاعل معه.
الاثنين 2024/07/01
فتاة تحدت واقعها (لوحة للفنان أحمد الوعري)
عمّان - يقدم الكاتب والباحث عوض أحمد الشنفري من سلطنة عُمان رؤية جديدة للأحداث في سوريا من خلال رواية “هزار”، ومن خلال هزار ابنة الثامنة عشرة من عمرها، والتي صاغ الشنفري الأحداث على لسانها مقدما رؤية فنية وإبداعية جديدة.
تتناول الرواية، الصادرة حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، قصة هازار والأحداث التي مرت بها هذه الفتاة السورية التي واجهت الموت مرات عدة، لكنها استطاعت بشجاعتها الانتصار على الأهوال والمصاعب.
تعكس “هزار” قوة الإرادة والصمود، وتذكرنا بأهمية التمسك بالأمل والتحلي بالشجاعة في مواجهة التحديات. قصة تستحق القراءة والإنصات لها، ومنها نستلهم القوة والإرادة الصلبة، ونستخلص الجوانب الإيجابية في الحياة.
تؤكد لنا “هزار” أن الأمل موجود حتى في أصعب الظروف، وأن القوة الإنسانية قادرة على تحمل الكوارث والمحن والتغلب عليها.
ويخرج الكاتب عن دائرة ربط مفهوم الأدب النسائي بمواضيع نوعية خاصة بالمرأة أو بالتعاطف مع قضاياها وطموحاتها فحسب، مؤكدا من خلال عمله الجديد أنه يمكن لما يكتبه الرجال أن يغوص عميقا في قضايا المرأة ومحيطها والاحداث التي تطرأ لتتحكم في مصيرها شأنها شأن الرجل.
"هزار" رواية واقعية تؤكد أن الأمل ما يزال موجودا حتى في أصعب الظروف وأن القوة الإنسانية قادرة على تحمل الكوارث
وتأتي هذه الرواية المهمة في سياق الصراعات التي تنعكس دائما على حياة الناس وآمالهم وطموحاتهم، وتؤكد أن الأدب هو انعكاس للواقع وتفاعل معه وانسياق وراء أحداثه وتشابك معه، ويصور مآسيه، وأحزانه، وأفراحه وأحداثه.
ومنذ اندلاع الأحداث في سوريا كان للأدب دور مهم في التعبير عنها، وتوثيق أحداثها، فجاءت الكتابات الأدبية عن سوريا موجوعة، تحمل ألم الناس البسطاء الذين كانوا حطب المعارك، فكانت هزار شاهدا على العديد من الأحداث الإنسانية المأساوية وتقدم مقاربات مختلفة وكثيرة للعوالم والفضاءات السورية الحالية، واشتبكت معها بصورة مباشرة وجريئة، وقدمت تصورات كثيرة عن هذا العالم اللعين الذي ينشب مخالبه في جسد الإنسانية بشكل بغيض، مما دفع الروائي إلى خلق فضاءات وتقديم مشاهد وصناعة لحظة روائية مليئة بالمفاجآت والحوارات الفنية التي أسهمت في تكوين صورة جلية عمّا يحدث.
تعرف هزار بنفسها “اسمي هزار، وأنا أبلغ ثمانية عشر ربيعاً، لم يكن يهمني في ظل الوضع القاتم المُشبع برائحة البارود إلا أن أنهي دراستي الجامعية في التخصص الذي أحبه وهو هندسة التصميم الداخلي. فالجمال هو كل ما أبحث عنه في هذه الحياة”.
ومن هنا تبدأ الحكاية، كما كل حكايات الأمل بالمستقبل، والبحث عن الجمال، ليمتزج الواقع بالخيال والأمل بغيابه وتتقاطع الأحداث لتصنع حياة بائسة، وتأخذنا في رحلة سرد ورقية عن أحداث حقيقية من خلال بطلة الرواية، لتتابع سردها الدرامي والدامي للأحداث في وطنها الأم سوريا منحازة بكل جسارة للإنسان السوري. هاربة من الموت الذي يلاحقها ويلاحق كل سوري في زمن عصف بالبلاد وخلف دمارا لا يوصف يبدو من خلال الرواية أن آثاره ستبقى راسخة في وجدان كل سوري.
ويسرد الكاتب ببراعة كيف يهاجر السوري من بلده وسط أجواء من الضبابية وبحثا عن الأمل والنجاة تاركا خلفه الأحلام والعائلة والذكريات، وهذا هو مصير بطلة الرواية، حيث تهاجر هزار مع والدها عن طريق مصر إلى إحدى الدول الأوروبية لتعيش مأساة التشرد والبحر والخوف ومن المجهول الذي في انتظارهم.
تؤكد لنا قصة “هزار” أن الأمل ما يزال موجوداً حتى في أصعب الظروف، وأن القوة الإنسانية قادرة على تحمل الكوارث والمحن والتغلب عليها. إذ نعيش مع هزار قصة هجرتها إلى أوروبا التي نجت فيها من الموت بحثا عن حياة أخرى أجدر دون أن تنسى وطنها الذي سيبقى حنينا أبديا معها.
يشار إلى أن أحمد الشنفري قد صدر له كتاب آخر عن نفس الدار بعنوان “من الكآبة إلى السعادة”، يستعرض من خلاله أساليب وأفكارا جديدة، وخبرات أدباء وعلماء وفلاسفة ومشاهير، لتحويل الأوقات الصعبة إلى فرص للنمو والتطور الشخصي، بهدف المساعدة على التغلب على الحزن والكآبة، واستعادة الفرح والسرور والتوازن في الحياة.