"لي وقع في مراكش يبقى في مراكش" فيلم بإنتاج خاص يضمن نجاحا جماهيريا
الإنتاج الخاص في السينما المغربية شجاعة لا يخوضها إلا محب لصناعة السينما.
الاثنين 2024/07/01
تجربة جدية مستقلة حققت نجاحا مستحقا
بإنتاج خاص ودون الحصول على أي دعم رسمي، تمكن المخرج المغربي سعيد خلاف من تحقيق نجاح يحسب له عبر فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” الذي استمر عرضه شهرين متتالين في قاعات السينما المغربية، لكنه رغم نجاحه في شد انتباه الجمهور، لم يحقق رضا نسبة كبيرة من النقاد.
الرباط – تدور أحداث فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” للمخرج سعيد خلاف حول شخصيتين مختلفتين تماما: رضوان الشاب الخجول الذي يعمل في إحدى الشركات، وجيلالي المعروف بلقب بطيبيطة الذي يعاني من البطالة ويقضي وقته في الجلوس برأس الدرب والتجسس على سكان الحي. يقرر رضوان قضاء عطلته في مدينة مراكش، بحثا عن قصة حب تغير حياته. من هنا، تتوالى الأحداث المثيرة والمفارقات الكوميدية ويتعرض لمواقف مشبوهة في إطار مشاهد تصنف ضمن كوميديا الموقف.
الفيلم من سيناريو سعيد خلاف وبطولة كل من رفيق بوبكر، وعزيز الحطاب، وفاتي جمالي، وأحلام حاجي، وضيوف شرف مثل منصور بدري، وشاكيري عبدالله، ونفيسة الدكالي.
صناعة الأفلام تتطلب شجاعة خاصة عندما يقرر المخرج أن يخوض هذا الغمار بدون دعم من المركز السينمائي المغربي
أين كانت رغبات نقاد فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” حتى انجروا إلى معضلات شخصية؟ النقاد الذين وقفوا في صف الفيلم دافعوا عنه كفيلم مغربي خفيف ذي إنتاج خاص يعبر عن اجتهاد المخرج ورغبته في صناعة فيلم ترفيهي دون الحصول على دعم من المركز السينمائي المغربي (حكومي)، والذين وصفوه بأنه فيلم فاشل حين ظهوره أول مرة هم أنفسهم من وصفوا أول أفلام المخرج خلاف بالفاشل وهو فيلم “مسافة ميل بحدائي” الذي تم ترشيحه لتمثيل المغرب في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في الدورة الـ89، كما حاز السعفة الذهبية لمهرجان الفيلم العربي والأوروبي في الأقصر والجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة وجائزة الحصان البرونزي في فيسباكو سنة 2017، وبما أنه أول فيلم للمخرج حقق جوائز مهمة لم تدخل فيها علاقات مصالح، بل العديد من النقاد تجاهلوا المخرج منذ ذلك الحين، وقد زاد من تعقيد المسألة الهجوم الشخصي على المخرج وعدم مراجعة أفلامه وتحليلها كما يفعل كل ناقد جاد.
هذه ليست خلفية مساعدة لأي نقد جدي لأي عمل، بل تساعد بنسبة أقل على الاستكشاف المفتوح الذي يستدعيه عمل سينمائي جديد غير مدروس، و أنا أعتقد أن “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” هو واحد من الأفلام الكوميدية التي اعترف المخرج نفسه بأنه فيلم ترفيهي للشعب وهو من إنتاج تعاوني خاص ولم يحظ بالدعم الرسمي. ورغم ذلك حقق الفيلم إقبالا جماهيريا كبيرا في قاعات السينما واستمر عرضه لمدة شهرين تقريبا في القاعات، ونجد في المقابل العديد من الأفلام المغربية التي حصلت على الدعم لم تستمر طويلا في قاعات السينما ولم يكتب عنها أحد أنها فشلت رغم فشلها الحقيقي.
ليس لدي اهتمام هنا بالحديث عن الحجج التي تساق ضده، على أي حال، أفترض أن مشاهدة الفيلم ودراسته لتبيان نقاط الضعف ونقاط القوة فيه، هي جوهر النقد السينمائي، لا نقول مخرج فاشل بل نقول إن الفيلم مثلا فشل في تحقيق كذا وكذا أو نجح في كذا وكذا بناء على معايير معينة لكن عموما لا يوجد مخرج فاشل بل توجد أعمال فشلت في نقاط ونجحت في أخرى.
الذي أحاول القيام به هنا هو انطباع أولي عن فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” وأنا أنطلق من نقطة واضحة: سرد الفيلم من خلال شخصية رضوان التي جسدها الممثل عزيز الحطاب وشخصية بطيبيطة التي جسدها الممثل رفيق بوبكر، أي أنني أنطلق من الجزء المهم في الفيلم وهو الرحلة إلى مراكش، وأشدد على أن هذا مجرد واحد من المداخل إلى الفيلم لا يتمتع بأي تميز عن غيره، فالنظر في شخصية رضوان يفتح مواضيع أخرى ويقود إلى تحليلات أخرى، لكن هذا صحيح عن أي مدخل.
لا يمكن إنكار أن رحلة فيلم “لي وقع فمراكش يبقى في مراكش” هي مدخل مألوف، رضوان وبطيبيطة ينتميان إلى عوالم مختلفة ويتفقان على قضاء عطلة نهاية الأسبوع في مدينة مراكش الرائعة. تتوالى المواقف الكوميدية خلال العطلة، ويتفق الاثنان قبل نهاية العطلة على الاحتفاظ بأسرارهما وعدم الكشف عن المغامرات التي عاشوها في مراكش، تماشيا مع مقولة شهيرة تقول “ما وقع في مراكش يبقى في مراكش”. هذا يضفي على الفيلم جوا من الطرائف الهزلية.
التحديات التي واجهها سعيد خلاف كانت كثيرة بدءا من تأمين التمويل إلى الحصول على فريق عمل مؤهل والتسويق للفيلم
شخصيتا رضوان وبطيبيطة تختلفان من ناحية الأسلوب، فلا أحد يشبه الآخر، ولكن في نفس الوقت هما منسجمان فيما بينهما رغم أن أحدهما متهور والآخر متحفظ. رضوان شخصية خجولة، يقع دائما في المتاعب، بينما بطيبيطة لديه سلوك متهور. عادة ما يختار المخرج الممثلين الذين يتفاهم معهم بشكل سلس، ويلاحظ الثقافات المتقاربة بينهم، مما يساهم بشكل كبير في إعداد الممثلين.
كل صيغة سينمائية كوميدية لها صيغة درامية تتميز بها وأسلوب متميز أو الأداء يتطابق معها، ويتطلب فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” الذي من الممكن أن يمثل بحد ذاته صيغة سينمائية كوميدية خاصة به، نوعا خاصا من التمثيل فيه نوع من الجرأة تلمح للمثلية الجنسية التي وظفها المخرج ضمن كوميديا الموقف بين رضوان وبطيبيطة وخاصة مشاهد رضوان في السجن وهو يكشف عن ملابس داخلية تحمل شعار سكوبيدو وهذا يحتل توازنا دقيقا من ترتيب المشاهد والصوت المرافق والموسيقى، ولا بد أن نكون قادرين على النظر إلى الثنائي رفيق بوبكر وعزيز الحطاب وحضورهما معا وأن ننظر بداخلهما أيضا بشكل متناوب في بعض الأحيان وبشكل متزامن في أحيان أخرى، أي مرة هما في انسجام وتناغم ومرة نجدهما في صراع حام.
وهذا يتطلب أسلوبا في التمثيل يكون في الوقت نفسه واقعيا ومسرحيا، فلا بد أن تبقى عيوننا على الشخصيتين حتى ونحن نوجه انتباهنا إلى أشياء أخرى. يدرك رضوان وبطيبيطة هذا المطلب بشكل سلس فيملآن الفيلم بعفويتهما وحركاتهما، حيث إنهما في الرحلة والمغامرات لا يتحولان إلى أي شيء ولا يتخذان على الإطلاق شكلا جوهريا، خاصة بعد تعرضهما لمواقف حرجة أبعد مما أنهما شخصان غريبا الأطوار.
وكما هو الحال في السينما العالمية لا يوجد فيلم فاشل جملة وتفصيلا، لأن هناك سيناريو وهناك تمثيل وهناك مونتاج وهناك تقنيات إخراج وهناك موسيقى تصويرية ومكياج وديكور والعديد من العناصر المكونة للفيلم التي لا يمكن أن تكون سيئة بأكملها. لهذا فقد حدد النقاد والأكاديميون أن هناك العديد من المداخل لدراسة الفيلم سواء على مستوى السياق التاريخي أو الجنس الفيلمي أو مكانة الفيلم المحلية أو الإبداع أو الأديولوجيا أو النظريات الكبرى للفيلم.
إنّ صناعة الأفلام تتطلب شجاعة وتحديا كبيرين، وخاصة عندما يقرر المخرج أن يخوض هذا الغمار بدون دعم من المركز السينمائي المغربي، وهذا بالضبط ما فعله المخرج سعيد خلاف في صناعة فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” الذي تم إنتاجه بجهود شخصية، فقد استطاع أن يصل إلى القاعات السينمائية ويحقق نسب مشاهدة استمرت لمدة شهرين متتاليين، وهذا يعكس شجاعةَ المخرج وإصراره على تقديم عمل فني يلامس قلوب الجمهور ويجلب البهجة والضحك في وقت قد يكون فيه الدعم المالي هو الفيصل بين النجاح والفشل. والتحديات التي واجهها المخرج كانت كثيرة بدءا من تأمين التمويل الكافي إلى الحصول على فريق عمل مؤهل والتسويق للفيلم، ولكن الإصرار والعزيمة تغلبا على كل الصعوبات، ما جعل الفيلم يحسب للمخرج في مساره المهني السينمائي المغربي.
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي
الإنتاج الخاص في السينما المغربية شجاعة لا يخوضها إلا محب لصناعة السينما.
الاثنين 2024/07/01
تجربة جدية مستقلة حققت نجاحا مستحقا
بإنتاج خاص ودون الحصول على أي دعم رسمي، تمكن المخرج المغربي سعيد خلاف من تحقيق نجاح يحسب له عبر فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” الذي استمر عرضه شهرين متتالين في قاعات السينما المغربية، لكنه رغم نجاحه في شد انتباه الجمهور، لم يحقق رضا نسبة كبيرة من النقاد.
الرباط – تدور أحداث فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” للمخرج سعيد خلاف حول شخصيتين مختلفتين تماما: رضوان الشاب الخجول الذي يعمل في إحدى الشركات، وجيلالي المعروف بلقب بطيبيطة الذي يعاني من البطالة ويقضي وقته في الجلوس برأس الدرب والتجسس على سكان الحي. يقرر رضوان قضاء عطلته في مدينة مراكش، بحثا عن قصة حب تغير حياته. من هنا، تتوالى الأحداث المثيرة والمفارقات الكوميدية ويتعرض لمواقف مشبوهة في إطار مشاهد تصنف ضمن كوميديا الموقف.
الفيلم من سيناريو سعيد خلاف وبطولة كل من رفيق بوبكر، وعزيز الحطاب، وفاتي جمالي، وأحلام حاجي، وضيوف شرف مثل منصور بدري، وشاكيري عبدالله، ونفيسة الدكالي.
صناعة الأفلام تتطلب شجاعة خاصة عندما يقرر المخرج أن يخوض هذا الغمار بدون دعم من المركز السينمائي المغربي
أين كانت رغبات نقاد فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” حتى انجروا إلى معضلات شخصية؟ النقاد الذين وقفوا في صف الفيلم دافعوا عنه كفيلم مغربي خفيف ذي إنتاج خاص يعبر عن اجتهاد المخرج ورغبته في صناعة فيلم ترفيهي دون الحصول على دعم من المركز السينمائي المغربي (حكومي)، والذين وصفوه بأنه فيلم فاشل حين ظهوره أول مرة هم أنفسهم من وصفوا أول أفلام المخرج خلاف بالفاشل وهو فيلم “مسافة ميل بحدائي” الذي تم ترشيحه لتمثيل المغرب في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في الدورة الـ89، كما حاز السعفة الذهبية لمهرجان الفيلم العربي والأوروبي في الأقصر والجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة وجائزة الحصان البرونزي في فيسباكو سنة 2017، وبما أنه أول فيلم للمخرج حقق جوائز مهمة لم تدخل فيها علاقات مصالح، بل العديد من النقاد تجاهلوا المخرج منذ ذلك الحين، وقد زاد من تعقيد المسألة الهجوم الشخصي على المخرج وعدم مراجعة أفلامه وتحليلها كما يفعل كل ناقد جاد.
هذه ليست خلفية مساعدة لأي نقد جدي لأي عمل، بل تساعد بنسبة أقل على الاستكشاف المفتوح الذي يستدعيه عمل سينمائي جديد غير مدروس، و أنا أعتقد أن “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” هو واحد من الأفلام الكوميدية التي اعترف المخرج نفسه بأنه فيلم ترفيهي للشعب وهو من إنتاج تعاوني خاص ولم يحظ بالدعم الرسمي. ورغم ذلك حقق الفيلم إقبالا جماهيريا كبيرا في قاعات السينما واستمر عرضه لمدة شهرين تقريبا في القاعات، ونجد في المقابل العديد من الأفلام المغربية التي حصلت على الدعم لم تستمر طويلا في قاعات السينما ولم يكتب عنها أحد أنها فشلت رغم فشلها الحقيقي.
ليس لدي اهتمام هنا بالحديث عن الحجج التي تساق ضده، على أي حال، أفترض أن مشاهدة الفيلم ودراسته لتبيان نقاط الضعف ونقاط القوة فيه، هي جوهر النقد السينمائي، لا نقول مخرج فاشل بل نقول إن الفيلم مثلا فشل في تحقيق كذا وكذا أو نجح في كذا وكذا بناء على معايير معينة لكن عموما لا يوجد مخرج فاشل بل توجد أعمال فشلت في نقاط ونجحت في أخرى.
الذي أحاول القيام به هنا هو انطباع أولي عن فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” وأنا أنطلق من نقطة واضحة: سرد الفيلم من خلال شخصية رضوان التي جسدها الممثل عزيز الحطاب وشخصية بطيبيطة التي جسدها الممثل رفيق بوبكر، أي أنني أنطلق من الجزء المهم في الفيلم وهو الرحلة إلى مراكش، وأشدد على أن هذا مجرد واحد من المداخل إلى الفيلم لا يتمتع بأي تميز عن غيره، فالنظر في شخصية رضوان يفتح مواضيع أخرى ويقود إلى تحليلات أخرى، لكن هذا صحيح عن أي مدخل.
لا يمكن إنكار أن رحلة فيلم “لي وقع فمراكش يبقى في مراكش” هي مدخل مألوف، رضوان وبطيبيطة ينتميان إلى عوالم مختلفة ويتفقان على قضاء عطلة نهاية الأسبوع في مدينة مراكش الرائعة. تتوالى المواقف الكوميدية خلال العطلة، ويتفق الاثنان قبل نهاية العطلة على الاحتفاظ بأسرارهما وعدم الكشف عن المغامرات التي عاشوها في مراكش، تماشيا مع مقولة شهيرة تقول “ما وقع في مراكش يبقى في مراكش”. هذا يضفي على الفيلم جوا من الطرائف الهزلية.
التحديات التي واجهها سعيد خلاف كانت كثيرة بدءا من تأمين التمويل إلى الحصول على فريق عمل مؤهل والتسويق للفيلم
شخصيتا رضوان وبطيبيطة تختلفان من ناحية الأسلوب، فلا أحد يشبه الآخر، ولكن في نفس الوقت هما منسجمان فيما بينهما رغم أن أحدهما متهور والآخر متحفظ. رضوان شخصية خجولة، يقع دائما في المتاعب، بينما بطيبيطة لديه سلوك متهور. عادة ما يختار المخرج الممثلين الذين يتفاهم معهم بشكل سلس، ويلاحظ الثقافات المتقاربة بينهم، مما يساهم بشكل كبير في إعداد الممثلين.
كل صيغة سينمائية كوميدية لها صيغة درامية تتميز بها وأسلوب متميز أو الأداء يتطابق معها، ويتطلب فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” الذي من الممكن أن يمثل بحد ذاته صيغة سينمائية كوميدية خاصة به، نوعا خاصا من التمثيل فيه نوع من الجرأة تلمح للمثلية الجنسية التي وظفها المخرج ضمن كوميديا الموقف بين رضوان وبطيبيطة وخاصة مشاهد رضوان في السجن وهو يكشف عن ملابس داخلية تحمل شعار سكوبيدو وهذا يحتل توازنا دقيقا من ترتيب المشاهد والصوت المرافق والموسيقى، ولا بد أن نكون قادرين على النظر إلى الثنائي رفيق بوبكر وعزيز الحطاب وحضورهما معا وأن ننظر بداخلهما أيضا بشكل متناوب في بعض الأحيان وبشكل متزامن في أحيان أخرى، أي مرة هما في انسجام وتناغم ومرة نجدهما في صراع حام.
وهذا يتطلب أسلوبا في التمثيل يكون في الوقت نفسه واقعيا ومسرحيا، فلا بد أن تبقى عيوننا على الشخصيتين حتى ونحن نوجه انتباهنا إلى أشياء أخرى. يدرك رضوان وبطيبيطة هذا المطلب بشكل سلس فيملآن الفيلم بعفويتهما وحركاتهما، حيث إنهما في الرحلة والمغامرات لا يتحولان إلى أي شيء ولا يتخذان على الإطلاق شكلا جوهريا، خاصة بعد تعرضهما لمواقف حرجة أبعد مما أنهما شخصان غريبا الأطوار.
وكما هو الحال في السينما العالمية لا يوجد فيلم فاشل جملة وتفصيلا، لأن هناك سيناريو وهناك تمثيل وهناك مونتاج وهناك تقنيات إخراج وهناك موسيقى تصويرية ومكياج وديكور والعديد من العناصر المكونة للفيلم التي لا يمكن أن تكون سيئة بأكملها. لهذا فقد حدد النقاد والأكاديميون أن هناك العديد من المداخل لدراسة الفيلم سواء على مستوى السياق التاريخي أو الجنس الفيلمي أو مكانة الفيلم المحلية أو الإبداع أو الأديولوجيا أو النظريات الكبرى للفيلم.
إنّ صناعة الأفلام تتطلب شجاعة وتحديا كبيرين، وخاصة عندما يقرر المخرج أن يخوض هذا الغمار بدون دعم من المركز السينمائي المغربي، وهذا بالضبط ما فعله المخرج سعيد خلاف في صناعة فيلم “لي وقع في مراكش يبقى في مراكش” الذي تم إنتاجه بجهود شخصية، فقد استطاع أن يصل إلى القاعات السينمائية ويحقق نسب مشاهدة استمرت لمدة شهرين متتاليين، وهذا يعكس شجاعةَ المخرج وإصراره على تقديم عمل فني يلامس قلوب الجمهور ويجلب البهجة والضحك في وقت قد يكون فيه الدعم المالي هو الفيصل بين النجاح والفشل. والتحديات التي واجهها المخرج كانت كثيرة بدءا من تأمين التمويل الكافي إلى الحصول على فريق عمل مؤهل والتسويق للفيلم، ولكن الإصرار والعزيمة تغلبا على كل الصعوبات، ما جعل الفيلم يحسب للمخرج في مساره المهني السينمائي المغربي.
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي