بيدرو ألمودوفار ومدريد قصة عشق سينمائية يرويها معرض إسباني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بيدرو ألمودوفار ومدريد قصة عشق سينمائية يرويها معرض إسباني


    بيدرو ألمودوفار ومدريد قصة عشق سينمائية يرويها معرض إسباني


    يمكن لزائر المعرض رؤية الخلفيات المستخدمة لإعادة إنتاج شرفة بيبا بأكملها في "نساء على وشك الانهيار العصبي" عام 1988 لأنها لم تكن لتتحمل وزن معدات التصوير.
    الاثنين 2024/07/01

    صور تظهر مدريد كما صورها المخرج ألمودوفار في أفلامه

    مدريد – يُعدّ الإسباني بيدرو ألمودوفار مُخرج النساء، إذ يُعرَف عنه وفاؤه للممثلات اللواتي تولّين بطولة أفلامه، لكنّ ملهمته الأولى والأخيرة كانت وستبقى مدريد، وحتى العشرين من أكتوبر المقبل، تحتضن العاصمة الإسبانية معرضا بعنوان “مدريد، تشيكا ألمودوفار” يشكّل تحية لعلاقة الحب بينها وبين الرجل.

    ولاحظ أمين المعرض بيدرو سانشيز، مؤلف كتاب “كل شيء عن مدريدي” والذي جاء على وزن عنوان فيلم ألمودوفار “كل شيء عن أمي”، أن “قصة بيدرو ألمودوفار ومدريد هي قصة حب متبادل. بيدرو ألمودوفار هو بيدرو ألمودوفار بفضل مدريد، إنهما لا ينفصلان”.

    وأضاف “لقد أعاد إلى مدريد كل ما قدمته له، وأكثر، بصفتها ملهمته”. وذكّر بأنّ “مدريد تظهر في كل أفلام ألمودوفار. إنها تشيكا (فتاة) ألمودوفار الحقيقية، أكثر بكثير مما هي بينيلوبي كروز أو كارمن ماورا أو ماريسا بيريز”.

    ورأى سانشيز في مركز كونديه دوكيه الثقافي المكان الأنسب لإقامة المعرض. فأمام واجهته تطلب كارمن ماورا في فيلم “قانون الرغبة” (لا لاي دل ديسيو) عام 1987 من موظف بلدية ينظف الشارع أن يرشها بالماء. وهذا المشهد الليلي الذي لا يُنسى، خلّد الممثلة التي كانت ترتدي فستانا برتقاليا فيما كانت حرارة الصيف خانقة.
    200


    صورة من أفلام ألمودوفار ومن أرشيفه الشخصي تكشف العلاقة بين العاصمة والفنان

    ولاحظ سانشيز أن “أجانب كثرا يعرفون مدريد أو الثقافة الإسبانية من خلال أفلامها. فكما يقصد كثر نافورة تريفي في روما أو حانة أميلي في باريس، يكون أول احتكاك بمدريد من خلال ما ورد سينمائيا عنها”.

    من خلال 200 صورة مأخوذة من أفلام ألمودوفار الثلاثة والعشرين أو من أرشيفه الشخصي، يكتشف زائر المعرض العلاقة بين العاصمة والفنان المتحدر من قشتالة لا مانشا (وسط إسبانيا).

    وبين المعروضات نتائج دراسة توضح بالتفصيل نسبة المشاهد التي تدور في مدريد في كل أعمال ألمودوفار السينمائية، وتتراوح بين 6 في المئة (فيلم لا بيال كي أبيوتو) عام 2011 إلى 100 في المئة في سبعة أفلام.

    ورأى سانشيز أن ألمودوفار الذي درج على القول “لم أشعر يوما بأنني أجنبي هنا”، تجمعه مع مدينته المفضلة “شخصية مشاكسة وانتقائية وناقدة ومنفتحة ومبهجة وعالمية وودودة”.

    واللافت أن ابن مدريد بالتبني، وهو اليوم المخرج الإسباني الأكثر شهرة، ليس سليل عائلة ميسورة، على عكس معظم الفنانين الإسبان الآخرين في حقبة التحرر الاجتماعي والثقافي المعروفة بـ”موفيدا” التي أعقبت وفاة الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو عام 1975 وحلول الديموقراطية.

    وأضاف أمين المعرض أن ألمودوفار “يقول أصلا إن العمل مخرجا سينمائيا في إسبانيا يشبه كون المرء مصارع ثيران في اليابان”.

    وتجنّب ألمودوفار في أفلامه إظهار مدريد كما تبدو في البطاقات البريدية، فلم يتردد في إدخال كاميرته إلى الأحياء الأكثر شعبية ذات الجمال الأقل وضوحا، كفاييكا أو كونثيبثيون.



    وتُبيِّن خارطة لمدريد المواقع الـ272 التي ظهرت في أفلامه، ويتناول المعرض أيضا الأماكن التي يعشقها الفنان وترد باستمرار في أفلامه، كسيارات الأجرة ومتاجر المعدّات والمقابر والصيدليات.

    ولجأ ألمودوفار أحيانا إلى تجميل صورة مدريد في أفلامه. ولاحظ سانشيز أن “الألوان مهمة جدا وهي خيالية تماما. وهذا يأتي من ذاكرته لإسبانيا في عهد فرانكو، بالأبيض والأسود. طريقته في الانتقام، بحسب رأيه، تتمثل في إغراق أفلامه بالألوان”.

    ويمكن لزائر المعرض رؤية الخلفيات المستخدمة لإعادة إنتاج شرفة بيبا ذات المناظر البانورامية لمدريد بأكملها في “نساء على وشك الانهيار العصبي” عام 1988 لأنها لم تكن لتتحمل وزن معدات التصوير. وأضاف سانشيز أن مدريد الحاضرة في “أمهات متوازيات” (مادرس براليلاس) عام 2021 و”خولييتا” (2016) هي “مدريد مثالية”، حيث تمتلك البطلات شققا ضخمة رغم مستوى المعيشة المتوسط.

    وتصل الجمالية الألمودوفارية إلى حد إعادة إنشاء روائع ماغريت وروثكو وفيلاسكيز ودالي وتيتيان وهوبر في مشاهد أفلامه، كما يظهره شريط فيديو عن هذا الجانب.

    ووضع المخرج الكثير من نفسه في ديكورات أفلامه، فـ”منازل ألمودوفار، لم نرها في المجلات مثل بعض المخرجين، ولكن في أفلامه”، بحسب سانشيز، الذي أشار إلى أن فيلمه “ألم ومجد” (2019) استنسخ شقته الحالية في مدريد، وتضمّن بعض كراسيه الخاصة. وعندما زار ألمودوفار المعرض قبل فتحه للجمهور وبعيدا من الكاميرات، علّق قائلا “هذه هي حياتي”.



    وألمودوفار المولود عام 1949، أرسله والداه إلى مدرسة داخلية ليتعلم ويصبح قسا في النهاية، لكن الفتى الذي عشق السينما منذ صغره، رسم لنفسه حلما آخر، ولأنه كان فقيرا لم يستطع دراسة السينما، لكنه بعد أن أنهى تعليمه وحصل على وظيفة بشركة هواتف إسبانية، استطاع من راتبه شراء أول كاميرا له، ومن خلالها بدأ ممارسة هوايته حتى صار اليوم رمزا للسينما الإسبانية وعدسة التقطت الجمال الوحشي في مدريد.

    قدم ألمودوفار بعدها العديد من اﻷفلام التي اتسمت فى الغالب بالميلودراما ودارت في معظمها حول المرأة، حيث تناولت جوانبها النفسية ومشاكلها وإحباطاتها.

    واستطاع هذا المخرج المميز أن يفوز بجائزة أوسكار عام 1999 عن فيلم “كل شيء عن أمي”، وبعدها بثلاث سنوات حصل على اﻷوسكار الثانية عن فيلمه الدرامي “تكلم معها”، وقد رشح للسعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي الدولي أربع مرات لكنه لم يحصل عليها أبدا.
يعمل...
X