الفوتوغرافيا صوت النساء الصامدات في العالم العربي وإيران
مشاهد "أعلى من القلوب" تعرضها مصورات جريئات.
الاثنين 2024/07/01
صامدة رغم الخراب (صورة رانيا مطر)
أي تحديات تواجهها المرأة في الدول العربية وإيران؟ ذلك ما تحاول الإجابة عليه مجموعة من المصورات الفوتوغرافيات اللواتي كانت عدسات كاميراتهن جريئة في التقاط مشاعر أنثوية ضمن ظرفية زمانية ومكانية، تروي لنا صبر النساء في مواجهة الظلم الذكوري والحروب والتمييز والتشدد الديني.
في حين اختارت الشاعرة اللبنانية زينة هاشم بك الشعر لتنظم قصائد تحكي للعالم بلغة إنجليزية متمكنة عن الجمال العربي الخفي، الجمال الذي لا ولن يعرفه ويدرك مدى عمقه وجاذبيته إلا أبناء المنطقة العربية، فإن المصورة الفوتوغرافية رانيا مطر اختارت التصوير الفوتوغرافي لتنقل للغرب صورا عن “الجمال البشع” إن صح التعبير، أي ذلك الجمال الذي تختص به المرأة العربية المقاومة لأشكال متعددة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية وغيرها.
ومن ديوان “أشد صخبا من القلوب” للشاعرة زينة هاشم بك، الذي ترجمه البعض أيضا إلى “أعلى من صخب القلوب”، استوحت الفنانة الفلسطينية – اللبنانية رانيا مطر عنوان معرض “أعلى من القلوب” وهو معرض جماعي لمصورات فوتوغرافيات من العالم العربي وإيران.
يضم المعرض الذي يحمل عنوانا إنجليزيا هو “لودر ذان هارت” – كما يوضح البيان المصاحب له – أعمال فنانات من العالم العربي وإيران يلتقطن بعدساتهن لحظات المرونة والقوة والجمال والإبداع لدى النساء في المنطقة، وهي لحظات غالبًا ما تبديها النساء العربيات والإيرانيات في مواجهة الشدائد.
المعرض يستضيفه مركز الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن من التاسع من مايو الماضي حتى الرابع من أكتوبر المُقبل.
ويوضح البيان أن “الفنانات المشاركات تستكشفن من خلال هذه التجارب محيطهن الشخصي والتحديات التي يواجهنها في أماكن مليئة بالصراعات والأزمات. يجمع بين الفنانات المُشاركات في هذا المعرض اعتمادهن على الفوتوغرافيا أداةً رئيسية للتعبير عن أنفسهن وقضاياهن الملحة المرتبطة إلى حد كبير بمحيطهن الاجتماعي والجغرافي”.
ويشرح أن “المصورات الرائدات من مصر وإيران والأردن ولبنان وفلسطين والسعودية واليمن يكشفن تنوع التجارب والسرديات الشخصية التي ترويها النساء عبر منطقة جغرافية شاسعة. كل مشروع معروض هو شخصي للغاية، وكل قصة هي حكاية مميزة. ومع ذلك، تؤكد هذه الأعمال مجتمعة على الإنسانية المشتركة للنساء، وتنسج معًا خيوط تجارب الحياة الشخصية والجماعية بينما تقدم رؤى حول وجهات نظر الفنانات وواقعهن، بالإضافة إلى التركيز على نقاط قوتهن ونقاط ضعفهن”.
من خلال أعمالهن، تنسج الفنانات خيوط تجارب الحياة الجماعية لأبطالهن، مما يعزز دور المرأة كصوت للقوة والشجاعة والأمل.
يصف المعرض النساء الإيرانيات بأنهن يصبغن شعرهن بدرجات اللون الأرجواني والأزرق في تحدٍ للدولة؛ في حين تقف النساء اللبنانيات شامخات في خضم الفوضى السياسية والدمار في بلادهن؛ وتكافح النساء المصريات تحديات الأمومة وتحديدا كيف يكن أمهات عازبات، بالإضافة إلى صورة الجسد والضغوط والتوقعات المجتمعية التي لا تعد ولا تحصى. وفي بقية الصور تطلعنا كل مصورة عن خصوصية النساء وواقعهن في بلادها وأهم القضايا التي تؤرقهن.
وإلى جانب تنسيقها هذا المعرض، وإشرافها قيمة عليه، تُشارك رانيا مطر أيضا ببعض النماذج من أعمالها. وهي في هذه الأعمال تسلّط الضوء على التحديات التي واجهتها النساء اللبنانيات خلال السنوات الأخيرة.
والنساء والفتيات اللاتي يظهرن في صور الفنانة المعروضة، هاجر معظمهن خارج لبنان خلال السنوات القليلة الماضية على إثر الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
تقول مطر إن هؤلاء الفتيات يذكّرنها بما حدث لها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990)، حين اضطرت إلى السفر إلى الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي ومواجهة الحياة وحدها.
وكما كانت مطر هادئة وقوية في وجه التغيرات التي طرأت على حياتها آنذاك، تبدو النساء في صورها هادئات ومطمئنات، بل متحديات، رغم الفوضى المحيطة بهن.
مطر تعرف بشغفها بتصوير السيدات والفتيات المحجبات في لبنان، لاسيما نساء المخيمات الفلسطينية؛ نظرا لما يمثله الحجاب من قوة للنساء يحمين أنفسهن به من الاستهداف الذكوري.
الفوتوغرافية ثناء فاروق هي الأخرى ولدت وترعرعت في اليمن لكنها اضطرت لمغادرته في سن 16 للدراسة في مدرسة ثانوية دولية في كندا؛ ثم لاحقا أكملت تعليمها في الولايات المتحدة، ولندن. ثم استقرت في هولندا. وهي في المعرض الجماعي، صوت المرأة اليمنية المهاجرة، وحجم التحديات التي يواجهها النساء للحفاظ على هويتهن مع ضمان سهولة الاندماج داخل مجتمعهن الجديد.
الفنانات تنسجن خيوط تجارب الحياة الجماعية لأبطالهن، مما يعزز دور المرأة كصوت للقوة والشجاعة والأمل
خمس صور منتقاة من مشروعها الممتد “كيف نستقبل الشمس”، تتبع فيها فاروق مشاعر نساء يمنيات شاركنها التغييرات التي طرأت على اليمن الذي جعلها تشعر فيه بأنها غريبة وتائهة في وطن لم تعد تعرفه فاختارت التصوير كطريقة للرد على التغييرات التي شكلت حياتها، وللتعبير عن شعورها بالانتماء في كل من اليمن وهولندا.
وتشارك في المعرض الفنانة المصرية هبة خليفة، التي تحمل مشروعا فوتوغرافيا مميزا تهتم فيه منذ سنوات بتصوير النساء وحكاياتهن حتى أن صورها أصبحت نماذج عن علاقة المرأة المصرية بجسدها ومنزلها وطفولتها ورؤيتها لذاتها ورؤية المجتمع لها. أما في هذا المعرض فهي تروي حكاياتها، بصفتها امرأة مصرية أجبرتها الحياة على أن تلعب دور الأب والأم لطفلتها، وهي تنقل لنا صورا عن المشاعر العميقة والمكبوتة والمتناقضة التي تنتابها خلال مواجهتها اليومية للحياة في القاهرة، ومدى ارتباكها وخوفها من المجهول، بعد أن أصبحت أما عزباء وتخلى زوجها عن مهامه تجاه عائلته بإرادته.
ومن فلسطين، تشارك الفنانتان تانيا حبجوقة وصفاء الخطيب. تحمل حبجوقة أيضا الجنسية الأردنية، وهي في هذا المعرض المشترك تعرض بعضا من أعمال مجموعتها “ملذات محتلة” التي اهتمت فيها بمعالجة قصص حسّاسة تتعلّق بالنوع الاجتماعيّ وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
تانيا التي عملت على توثيق تغيرات النسيج الاجتماعيّ والماديّ في 50 بلدة قديمة في الضفّة الغربيّة، تظهر صورها فتيات فلسطينيات يضحكن رغم الأزمات ما يعكس رغبة النساء الفلسطينيات عامة في الحياة والاستمرار رغم الحروب والتحديات اليومية. أما صفاء الخطيب فتصور مواضيع أكثر خصوصية، حيث اختارت تتبع نساء فلسطينيات قصصن ضفائرهن مع مريضات السرطان في قطاع غزة انطلاقا من حادثة واقعية حصلت في العام 2018 حين قررت الأسيرات الفلسطينيات قص شعورهن والتبرع بها لمريضات السرطان.
وتشارك في المعرض المصورة السعودية – الأميركية تسنيم السلطان، التي اختارت هذه المرة أن تأخذنا في رحلة معها – وهي التي تمتلك شركة تصوير شخصية حيث تقوم بتصوير حفلات الزفاف في السعودية منذ العام 2016 – لنكتشف التنوع الاجتماعي من خلال صور التقطتها لأعراس سعودية. هذه الصور تأتي ضمن مشروع فوتوغرافي متكامل أطلقت عليه السلطان عنوان “حكايات حب سعودية”، تسلط فيه الضوء على تقاليد الأعراس داخل السعودية.
أما الفنانة الإيرانية – الكردية نيوشا تافاكوليان، فتعرض لنا صورا صادمة عن النساء المقاومات اللواتي تخلين عن أنوثتهن ورفعن السلاح وانخرطن في وحدة حماية المرأة التي أسّسها الأكراد لمحاربة التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق.
وهي تلتقط أيضا صورا لمقتنيات خاصة بنساء فقدن حياتهن في سبيل الدفاع عن مجتمعهن، وهي تركز في صورها على تعابير الوجوه وحركات الأجساد لتقتنص لحظات شعورية لا تتكرر، وتعلق على هذه الصور بالقول إن “أيديولوجية القائد عبدالله أوجلان موجودة دائمًا في قلوبنا وعقولنا، وبفضل فكره أصبحنا قادرين على أن نصبح جنودًا أفضل من الرجال”.
الإيرانية شيفا الخادمي تصور هي الأخرى تحديات كبيرة تواجهها النساء داخل إيران، ومواجهتهن للقوانين الدينية المتشددة التي تجبرهن على ارتداء الحجاب وتمارس ضد النساء أنواعا شتى من الاضطهاد. وتركز المصورة الفوتوغرافية على أحد الأساليب التي تتبعها الإيرانيات لإعلان تمردهن على السلطة الدينية المتشددة، عبر صبغ شعورهن بألوان قوية كالأزرق والأرجواني والأخضر، وجميع الصور التي التقطتها الفنانة تعود إلى عام 2010 وهو ما يؤكد أن التحديات التي تواجهها النساء في إيران لا تزال كما هي.
هي تجارب متنوعة، تأخذنا لدول عديدة وتكشف دور المصورات وبطلاتهن باعتبارهن محفزات للتغيير في مجتمعاتهن، مما يوفر صورة للمرأة في الشرق الأوسط كصوت للسلام والشجاعة والأمل، وهي الرسالة التي وجهتها أيضا الشاعرة زينة هاشم بيك حيث أصبحت أشعارها رمزا للحب والخسارة في العالم العربي لكنها رمز أيضا لأصالة المنطقة ولدور المرأة فيها.
حنان مبروك
صحافية تونسية
مشاهد "أعلى من القلوب" تعرضها مصورات جريئات.
الاثنين 2024/07/01
صامدة رغم الخراب (صورة رانيا مطر)
أي تحديات تواجهها المرأة في الدول العربية وإيران؟ ذلك ما تحاول الإجابة عليه مجموعة من المصورات الفوتوغرافيات اللواتي كانت عدسات كاميراتهن جريئة في التقاط مشاعر أنثوية ضمن ظرفية زمانية ومكانية، تروي لنا صبر النساء في مواجهة الظلم الذكوري والحروب والتمييز والتشدد الديني.
في حين اختارت الشاعرة اللبنانية زينة هاشم بك الشعر لتنظم قصائد تحكي للعالم بلغة إنجليزية متمكنة عن الجمال العربي الخفي، الجمال الذي لا ولن يعرفه ويدرك مدى عمقه وجاذبيته إلا أبناء المنطقة العربية، فإن المصورة الفوتوغرافية رانيا مطر اختارت التصوير الفوتوغرافي لتنقل للغرب صورا عن “الجمال البشع” إن صح التعبير، أي ذلك الجمال الذي تختص به المرأة العربية المقاومة لأشكال متعددة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية وغيرها.
ومن ديوان “أشد صخبا من القلوب” للشاعرة زينة هاشم بك، الذي ترجمه البعض أيضا إلى “أعلى من صخب القلوب”، استوحت الفنانة الفلسطينية – اللبنانية رانيا مطر عنوان معرض “أعلى من القلوب” وهو معرض جماعي لمصورات فوتوغرافيات من العالم العربي وإيران.
يضم المعرض الذي يحمل عنوانا إنجليزيا هو “لودر ذان هارت” – كما يوضح البيان المصاحب له – أعمال فنانات من العالم العربي وإيران يلتقطن بعدساتهن لحظات المرونة والقوة والجمال والإبداع لدى النساء في المنطقة، وهي لحظات غالبًا ما تبديها النساء العربيات والإيرانيات في مواجهة الشدائد.
المعرض يستضيفه مركز الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن من التاسع من مايو الماضي حتى الرابع من أكتوبر المُقبل.
ويوضح البيان أن “الفنانات المشاركات تستكشفن من خلال هذه التجارب محيطهن الشخصي والتحديات التي يواجهنها في أماكن مليئة بالصراعات والأزمات. يجمع بين الفنانات المُشاركات في هذا المعرض اعتمادهن على الفوتوغرافيا أداةً رئيسية للتعبير عن أنفسهن وقضاياهن الملحة المرتبطة إلى حد كبير بمحيطهن الاجتماعي والجغرافي”.
ويشرح أن “المصورات الرائدات من مصر وإيران والأردن ولبنان وفلسطين والسعودية واليمن يكشفن تنوع التجارب والسرديات الشخصية التي ترويها النساء عبر منطقة جغرافية شاسعة. كل مشروع معروض هو شخصي للغاية، وكل قصة هي حكاية مميزة. ومع ذلك، تؤكد هذه الأعمال مجتمعة على الإنسانية المشتركة للنساء، وتنسج معًا خيوط تجارب الحياة الشخصية والجماعية بينما تقدم رؤى حول وجهات نظر الفنانات وواقعهن، بالإضافة إلى التركيز على نقاط قوتهن ونقاط ضعفهن”.
من خلال أعمالهن، تنسج الفنانات خيوط تجارب الحياة الجماعية لأبطالهن، مما يعزز دور المرأة كصوت للقوة والشجاعة والأمل.
يصف المعرض النساء الإيرانيات بأنهن يصبغن شعرهن بدرجات اللون الأرجواني والأزرق في تحدٍ للدولة؛ في حين تقف النساء اللبنانيات شامخات في خضم الفوضى السياسية والدمار في بلادهن؛ وتكافح النساء المصريات تحديات الأمومة وتحديدا كيف يكن أمهات عازبات، بالإضافة إلى صورة الجسد والضغوط والتوقعات المجتمعية التي لا تعد ولا تحصى. وفي بقية الصور تطلعنا كل مصورة عن خصوصية النساء وواقعهن في بلادها وأهم القضايا التي تؤرقهن.
وإلى جانب تنسيقها هذا المعرض، وإشرافها قيمة عليه، تُشارك رانيا مطر أيضا ببعض النماذج من أعمالها. وهي في هذه الأعمال تسلّط الضوء على التحديات التي واجهتها النساء اللبنانيات خلال السنوات الأخيرة.
والنساء والفتيات اللاتي يظهرن في صور الفنانة المعروضة، هاجر معظمهن خارج لبنان خلال السنوات القليلة الماضية على إثر الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
تقول مطر إن هؤلاء الفتيات يذكّرنها بما حدث لها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990)، حين اضطرت إلى السفر إلى الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي ومواجهة الحياة وحدها.
وكما كانت مطر هادئة وقوية في وجه التغيرات التي طرأت على حياتها آنذاك، تبدو النساء في صورها هادئات ومطمئنات، بل متحديات، رغم الفوضى المحيطة بهن.
مطر تعرف بشغفها بتصوير السيدات والفتيات المحجبات في لبنان، لاسيما نساء المخيمات الفلسطينية؛ نظرا لما يمثله الحجاب من قوة للنساء يحمين أنفسهن به من الاستهداف الذكوري.
الفوتوغرافية ثناء فاروق هي الأخرى ولدت وترعرعت في اليمن لكنها اضطرت لمغادرته في سن 16 للدراسة في مدرسة ثانوية دولية في كندا؛ ثم لاحقا أكملت تعليمها في الولايات المتحدة، ولندن. ثم استقرت في هولندا. وهي في المعرض الجماعي، صوت المرأة اليمنية المهاجرة، وحجم التحديات التي يواجهها النساء للحفاظ على هويتهن مع ضمان سهولة الاندماج داخل مجتمعهن الجديد.
الفنانات تنسجن خيوط تجارب الحياة الجماعية لأبطالهن، مما يعزز دور المرأة كصوت للقوة والشجاعة والأمل
خمس صور منتقاة من مشروعها الممتد “كيف نستقبل الشمس”، تتبع فيها فاروق مشاعر نساء يمنيات شاركنها التغييرات التي طرأت على اليمن الذي جعلها تشعر فيه بأنها غريبة وتائهة في وطن لم تعد تعرفه فاختارت التصوير كطريقة للرد على التغييرات التي شكلت حياتها، وللتعبير عن شعورها بالانتماء في كل من اليمن وهولندا.
وتشارك في المعرض الفنانة المصرية هبة خليفة، التي تحمل مشروعا فوتوغرافيا مميزا تهتم فيه منذ سنوات بتصوير النساء وحكاياتهن حتى أن صورها أصبحت نماذج عن علاقة المرأة المصرية بجسدها ومنزلها وطفولتها ورؤيتها لذاتها ورؤية المجتمع لها. أما في هذا المعرض فهي تروي حكاياتها، بصفتها امرأة مصرية أجبرتها الحياة على أن تلعب دور الأب والأم لطفلتها، وهي تنقل لنا صورا عن المشاعر العميقة والمكبوتة والمتناقضة التي تنتابها خلال مواجهتها اليومية للحياة في القاهرة، ومدى ارتباكها وخوفها من المجهول، بعد أن أصبحت أما عزباء وتخلى زوجها عن مهامه تجاه عائلته بإرادته.
ومن فلسطين، تشارك الفنانتان تانيا حبجوقة وصفاء الخطيب. تحمل حبجوقة أيضا الجنسية الأردنية، وهي في هذا المعرض المشترك تعرض بعضا من أعمال مجموعتها “ملذات محتلة” التي اهتمت فيها بمعالجة قصص حسّاسة تتعلّق بالنوع الاجتماعيّ وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
تانيا التي عملت على توثيق تغيرات النسيج الاجتماعيّ والماديّ في 50 بلدة قديمة في الضفّة الغربيّة، تظهر صورها فتيات فلسطينيات يضحكن رغم الأزمات ما يعكس رغبة النساء الفلسطينيات عامة في الحياة والاستمرار رغم الحروب والتحديات اليومية. أما صفاء الخطيب فتصور مواضيع أكثر خصوصية، حيث اختارت تتبع نساء فلسطينيات قصصن ضفائرهن مع مريضات السرطان في قطاع غزة انطلاقا من حادثة واقعية حصلت في العام 2018 حين قررت الأسيرات الفلسطينيات قص شعورهن والتبرع بها لمريضات السرطان.
وتشارك في المعرض المصورة السعودية – الأميركية تسنيم السلطان، التي اختارت هذه المرة أن تأخذنا في رحلة معها – وهي التي تمتلك شركة تصوير شخصية حيث تقوم بتصوير حفلات الزفاف في السعودية منذ العام 2016 – لنكتشف التنوع الاجتماعي من خلال صور التقطتها لأعراس سعودية. هذه الصور تأتي ضمن مشروع فوتوغرافي متكامل أطلقت عليه السلطان عنوان “حكايات حب سعودية”، تسلط فيه الضوء على تقاليد الأعراس داخل السعودية.
أما الفنانة الإيرانية – الكردية نيوشا تافاكوليان، فتعرض لنا صورا صادمة عن النساء المقاومات اللواتي تخلين عن أنوثتهن ورفعن السلاح وانخرطن في وحدة حماية المرأة التي أسّسها الأكراد لمحاربة التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق.
وهي تلتقط أيضا صورا لمقتنيات خاصة بنساء فقدن حياتهن في سبيل الدفاع عن مجتمعهن، وهي تركز في صورها على تعابير الوجوه وحركات الأجساد لتقتنص لحظات شعورية لا تتكرر، وتعلق على هذه الصور بالقول إن “أيديولوجية القائد عبدالله أوجلان موجودة دائمًا في قلوبنا وعقولنا، وبفضل فكره أصبحنا قادرين على أن نصبح جنودًا أفضل من الرجال”.
الإيرانية شيفا الخادمي تصور هي الأخرى تحديات كبيرة تواجهها النساء داخل إيران، ومواجهتهن للقوانين الدينية المتشددة التي تجبرهن على ارتداء الحجاب وتمارس ضد النساء أنواعا شتى من الاضطهاد. وتركز المصورة الفوتوغرافية على أحد الأساليب التي تتبعها الإيرانيات لإعلان تمردهن على السلطة الدينية المتشددة، عبر صبغ شعورهن بألوان قوية كالأزرق والأرجواني والأخضر، وجميع الصور التي التقطتها الفنانة تعود إلى عام 2010 وهو ما يؤكد أن التحديات التي تواجهها النساء في إيران لا تزال كما هي.
هي تجارب متنوعة، تأخذنا لدول عديدة وتكشف دور المصورات وبطلاتهن باعتبارهن محفزات للتغيير في مجتمعاتهن، مما يوفر صورة للمرأة في الشرق الأوسط كصوت للسلام والشجاعة والأمل، وهي الرسالة التي وجهتها أيضا الشاعرة زينة هاشم بيك حيث أصبحت أشعارها رمزا للحب والخسارة في العالم العربي لكنها رمز أيضا لأصالة المنطقة ولدور المرأة فيها.
حنان مبروك
صحافية تونسية