تيتريس لعبة إلكترونية سوفييتية لا تزال تسحر الناس بعد 40 عاما من مولدها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تيتريس لعبة إلكترونية سوفييتية لا تزال تسحر الناس بعد 40 عاما من مولدها

    تيتريس لعبة إلكترونية سوفييتية لا تزال تسحر الناس بعد 40 عاما من مولدها


    لعبة تيتريس تحوز على شهرة مدوية في جميع أنحاء العالم.
    الجمعة 2024/06/28
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    واحدة من أفضل الألعاب الإلكترونية مبيعا في التاريخ

    موسكو - تتسع عينا ويليس جيبسون (13 عاما) من الدهشة، ويفركهما وهو غير مصدق لما حدث، ثم يغطي وجهه بيديه من الذهول، ويميل صوب الأمام وهو يلهث محاولا التقاط أنفاسه، ويكرر عدة مرات بصوت مرتعش “يا إلهي”.

    والسر في هذا الموقف الذي يغمره الذهول، أن الفتى الصغير جيبسون، أصبح أول شخص في العالم يهزم تيتريس، وهي لعبة ألغاز إلكترونية ابتكرها مهندس البرمجيات السوفييتي أليكسي باجيتنوف عام 1985.

    اللعبة حازت على شهرة مدوية في جميع أنحاء العالم، وكانت في وقت من الأوقات اللعبة الأولى مبيعا على المنصات الإلكترونية، وهي تتطلب تركيب مكعبات تنزل من أعلى في صفوف، ويحصل اللاعب على نقاط مقابل كل صف يكمله، ويصعد إلى المستوى التالي، إلى أن تصل اللعبة إلى نقطة النهاية التي لا يمكن عندها مواصلة اللعب وتسمى “شاشة القتل”، وبفضل تقنية جديدة تمكن جيبسون من الوصول إلى هذه النقطة عند مستوى 157، وهي اللحظة التي تتجمد فيها الحركة على الشاشة، لأن جهاز الكمبيوتر والبرنامج الإلكتروني وصلا في النهاية إلى الحد الأقصى لهما.

    وعادة يكون إيقاع اللعب سريعا جدا ابتداء من المستوى 29 لما بعد ذلك، لدرجة أنه لا يستطيع أي لاعب المضي قدما بعد ذلك.


    مبتكر اللعبة باجيتنوف الذي كان يعمل في الأكاديمية السوفييتية للعلوم لم يكن يحلم أن تيتريس سيصادفها هذا النجاح الواسع


    وبمناسبة مرور 40 عاما على ابتكار اللعبة، كان هينك روجرز رئيس شركة تيتريس ومقرها الولايات المتحدة، من أوائل الأشخاص الذين اتصلوا بويليس جيبسون في وقت سابق من العام الحالي، وأشاد خلال مكالمة معه عن طريق الفيديو “بالإنجاز المذهل” الذي حققه جيبسون.

    وقال روجرز إنه ومخترع لعبة تيتريس باجيتنوف – الذي يقيم حاليا في الولايات المتحدة – ناقشا أثناء تناولهما العشاء الرقم القياسي الجديد الذي سجله جيبسون، وإنهما شعرا بالانبهار إزاء الأسلوب الفني الذي مارسه جيبسون في اللعب وبسرعته في أداء اللعبة.

    ويكمن هذا الانبهار في أن لعبة تتريس، لم تكن مصممة في الأصل لكي يمارسها اللاعبون حتى النهاية.

    ولم يكن مبتكر اللعبة باجيتنوف يحلم منذ أربعة عقود، بأن هذه اللعبة سيصادفها في المستقبل هذا النجاح الواسع، ففي ذلك الحين كان باجيتنوف يعمل كعالم رياضيات في مركز للكمبيوتر تابع للأكاديمية السوفييتية للعلوم، خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين، وهو الوقت الذي بدأت تظهر فيه أولى الأجهزة التي تشبه الكمبيوتر الشخصي.

    وفي ذلك الوقت كان يتعين على العلماء الروس أن يبرمجوا مجموعة من الألعاب الإلكترونية، بهدف اختبار قوة نظام البرمجة الجديد، ولكنه أتخذ هذا الاختيار كذريعة لابتكار لعبة تتريس حيث أنه يهوى تصميم تلك الألعاب.

    وحققت اللعبة نجاحا فوريا، وأخذ زملاؤه في العمل يتشاركون في نسخ منها.

    غير أن اللعبة بدأت تعرف طريق الشهرة على المستوى العالمي بعد بضع سنوات، عندما أثارت انتباه شركات تصميم الألعاب الإلكترونية الغربية.

    أما أكثر المراحل إثارة بالنسبة إلى تتريس، فكانت عندما بدأت المعركة للحصول على ترخيص بتوزيع اللعبة في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وهي قصة درامية حكاها فيلم سينمائي عرض عام 2023.

    وفي البداية حصلت شركة مايكروسوفت التي يمتلكها قطب الإعلام البريطاني روبرت ماكسويل، على حقوق توزيع اللعبة من خلال الوسيط روبرت شتاين، غير أن الشركة البريطانية توسعت في تفسيرها للاتفاقية، وبدأت في بيع تراخيص فرعية في أوروبا وآسيا دون علم الاتحاد السوفييتي.

    ولم يحصل مخترع اللعبة باجيتنوف على أية أموال طوال السنوات العشر الأولى، حيث أنه كان يتعين عليه أن يتنازل عن حقوق الاختراع للدولة السوفييتية، في شكل شركة إيلورج.

    وأجرت إيلورج مفاوضات وصلت إلى ذروتها، عندما ظهر في المشهد روجرز مطور الألعاب الإلكترونية الهولندي الذي كان يعيش حينذاك في اليابان، وأيضا مجموعة نينتندو التي تسانده.

    وتعرف روجرز على تيتريس لأول مرة أثناء معرض للكمبيوتر، وأثارت إعجابه على الفور، ومن أجل الحصول على ترخيص توزيعها على الأجهزة المحمولة، سافر إلى موسكو ووصل في نفس التوقيت مع شتاين وممثلين عن مايكروسوفت.

    وفي النهاية لم يحصل روجرز فقط على حقوق توزيع تيتريس، على أجهزة نينتيندو لوحدات التحكم المحمولة باليد، بل أيضا لوحدات التحكم الثابتة.

    وأدى ذلك إلى أن يحتج ماكسويل لدى الزعيم السوفييتي آنذاك ميخائيل جورباتشوف، الذي كانت تربطه به علاقة جيدة ولكن دون جدوى، ويرجع السبب في ذلك جزئيا إلى أن الروس لم يحصلوا على أية أموال مقابل هذه اللعبة لسنوات.
    500


    مليون مبيعات تيتريس التي أصبحت أول لعبة إلكترونية تلعب في الفضاء عام 1993

    وانتهى الحال بلعبة تيتريس إلى الاندماج مع لعبة “جيم بوي” التي دشنتها نينتندو عام 1989، وكان ذلك أحد الأسباب لنجاح اللعبة الهائل حيث وصلت مبيعاتها إلى 70 مليونا.

    وعلى المستوى العالمي أصبحت تيتريس، واحدة من أفضل الألعاب الإلكترونية مبيعا في التاريخ، حيث سجلت مبيعاتها رقما قياسيا بلغ 500 مليون، وتعد اليوم لعبة شائعة بالنسبة لكل لاعب مارسها على جهاز كمبيوتر.

    وجابت شهرة تيتريس الآفاق وأصبحت أول لعبة إلكترونية تلعب في الفضاء، حيث توجهت إلى محطة مير الفضائية عام 1993، عندما اصطحب رائد الفضاء الروسي ألكسندر سيربروف لعبة “جيم بوي” معه على متن المحطة، وقال في وقت لاحق إنه استمتع بلعبة تيتريس خلال الساعات القليلة من وقت فراغه، الأمر الذي جعل تيتريس تدرج في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، كأول لعبة إلكترونية تلعب في الفضاء.

    أما مخترع اللعبة باجيتنوف فقد حقق طفرة في نجاحه الخاص عام 1993، بعد مرور عامين على مغادرته الاتحاد السوفييتي، الذي وصفه بأنه “دولة فظيعة” يتم معاملة الناس فيها كمجرد وسائل لتحقيق أهداف الإمبراطورية. وأسس في الولايات المتحدة شركة تيتريس مع صديقه روجرز، كما عمل في شركة مايكروسوفت لعدة سنوات.

    ولم يشعر باجيتنوف بالمرارة مطلقا، على الرغم من أنه حصل على عائد قليل من ابتكار تيتريس، بينما حصل آخرون على أموالا طائلة منه.

    والآن وقد بلغ 69 عاما من العمر، يقول عن نفسه إن النجاح هو إخراج اللعبة في أفضل شكل ممكن.

    ومن الواضح أنه حقق ذلك، لأن تيتريس لاتزال تسحر الكثير من الناس بعد مرور 40 عاما على مولدها.
يعمل...
X