الكلمات The Words
الكاتب :هادي ياسين
هل علينا أن نُـلغي وعيَنا و حساسيتنا و فـَهمنا للسينما بتصديق ما تقوله مواقع تقييم الإفلام ، بناءً على آراء نقادٍ يقبضون مقابل رفع شأن هذا الفيلم و إسقاط ذاك في سوق المنافسة بين شركات الإنتاج ؟
إن الأخذ الدائم بتقييمات هذه المواقع هو استلابٌ ذاتي ، و إتباعٌ أعمى . فلطالما ظلم العاملون في هذه المواقع أفلاماً عظيمة و رفعوا من شأن أفلام تافهة لا تستحق المشاهدة ، أضفوا عليها سماتٍ تاريخية و أدبية و جمالية و نسبوها الى مرجعيات تاريخية و دينية ، بناءً على تأويلات سطحية لطروحات الكتب ( المقدسة ) و أساطيرية كاذبة لا يصدقها إلا متلقٍ ساذج .
نحنُ أمام فيلمٍ رائعٍ ، ميدانه الأدب ، تحديداً الرواية و القصص ، وفقاً لسيناريو محبوك على يد " بريان كلوجمان " و " لي ستيرنثال " ، تتداخل فيه روايتان ، إحداهما تتولى السرد على الجمهور عنوانها ( الكلمات The Words ) و الثانية تمثل متن هذه الرواية و عنوانها ( دموع النافذةThe Window Tears ) ، و هو ما يذكّرنا بالرواية الداخلية في رواية ( الساعة الخامسة و العشرون ) الشهيرة للكاتب الروماني " كونستانتان جورجيو " ، و هذا ليس عيباً على سيناريو الفيلم مادام ابتكاراً روائياً أخذ حيزاً في فن الرواية .
لنبدأ قراءتنا للفيلم من الدقيقة 40 تحديداً ، اللحظة التي يتلقى فيها الروائي " رورو جانسن " ( برادلي كوبر ) الصدمة على يد الرجل العجوز " جيرمي آيرونز" . في هذه الدقيقة يصور الفيلم اللحظة التي يواجه ( الروائيُ ) الفاشلُ نفسَه أمام النجاح الساحق الذي حققه نتيجة نشره كتاباً قصصياً عثر على مخطوطته صدفةً في حقيبة من محلٍ لبيع الأدوات المستعملة أثناء قضائه شهر العسل في باريس ، اشترتها له زوجته " دورا " ( زو سايدناد) .
حسب الجزء الثاني من القراءة التي قدّمها الروائي " كلاي هاموند " ( دانيس كويد ) لروايته ( الكلمات ) ، التي تتناول حكاية الكاتب المزيف ، فإن الكاتب الأصلي لرواية ( دموع النافذة ) ـ الذي مثل دوره في شبابه " بن بارنس " ـ يواجه الكاتب المزيف في أحد المتنزهات بحقيقة قصة فقدانه لكتابه ( دموع النافذة ) من قبل زوجته في أحد قطارات باريس . و هذا جزءٌ من ثيمة الرواية التي كتبها " كلاي هاموند " بعنوان ( الكلمات ) و التي حمل الفيلمُ عنوانها .
كيف على الكاتب المزيف أن يواجه الحقيقة التي قدمها له الكاتب الحقيقي ؟ هذه هي النقطة التي تمثل عمق فكرة الفيلم التي علينا أن نتعامل معها بعيداً عن تقييمات مواقع تقييم الأفلام التي لم تنصف هذا الفيلم .. بل قَسَت عليه.
في تقديري ، الفيلم يستحق أكثر من مشاهدة متروية ، إنه فيلم عميق ، و يكاد يكون موجعاً بقدر ما هو جميل . قدّم فيه " برادلي كوبر " أجمل و أروع أدواره ، تحت إدارة المخرج " براين كيوغمان" .
فيلم يستحق مشاهدة خاصة من كتاب الرواية و محبيها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليكم رابط الفيلم :
https://w.ifushaar.com/video/watch-t...ie-translated/