مقاربة نفسية ـــ أنثربولوجية لظاهرة الأرواحية «عبادة الأجداد»:

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقاربة نفسية ـــ أنثربولوجية لظاهرة الأرواحية «عبادة الأجداد»:

    مقاربة نفسية ـــ أنثربولوجية لظاهرة الأرواحية «عبادة الأجداد»: تدل الأبحاث العلمية، والميدانية الأنثربولوجية، إلى وجود جماعات بدئية إلى الآن تعيش منعزلة في أماكن عدة من المعمورة، ولاسيما في أفريقيا وأستراليا والأسكيمو، مازالت تمارس الأرواحية التي مرت بها المجتمعات الإنسانية في أطوارها السالفة. وقد بينت هذه الدراسات الميدانية أن سكان هذه الأماكن يعتقدون أن الأجداد يستمرون بالتدخل في حياة الجماعة لا بل ويظهرون موافقتهم أو عدمها عبر مدلولات طبيعية /كون أنهم مازالوا جزءاً من الطبيعة وخاصية من خواصها/ ولعل الأحلام عند هؤلاء تلعب دوراً مهماً في ربط عالم الأموات مع عالم الأحياء (14). ويبدو أن عبادة الأجداد تنزع فيما تنزع إليه، إلى تمتين أواصر اللحمة بين الجماعة واستمرارية تقاليدها وأخلاقها التي صاغها الأجداد وبذا تتوضح ظاهرة المعتقد هنا بأنها ظاهرة اجتماعية بحتة أوجبتها ظروف الصراع في الحياة من أجل البقاء.
    فحسب تلك الجماعات إن الجد المدفون يجعل الأرض خصبة إذا عرفوا كيف يكسبون عطفه. لهذا فإذا أرادت جماعة ما أن تهاجر فينبغي أن تحمل جماجم أجدادها معها. فالأجداد إذاً هم جزء من المجتمع الإنساني الحي وعلى حد قول فرويليش فإن عبادة الأجداد هي عقدة من سلسلة طويلة اسمها الزمن. (15) لهذا فإن معرفة الأنساب والحفاظ عليها لها فائدة كبرى في المجال الاجتماعي، حيث تمتّن الأواصر الاجتماعية بقيادة الأجداد، إذاً هي ظاهرة قبلية بامتياز. فالأجداد هم ضامنو النسب للقبيلة وعبادتهم تضمن استمرارية التقاليد والأخلاق الاجتماعية بين أفراد الجماعة، كما أن هذه العادة تؤدي إلى توازن في المستوى النفسي الجمعي بين عالم الأحياء وعالم الأموات بما يضمن استمرارية دورة الحياة للأجداد واستمرارية حياة الأموات في وجود الجماعة. وهذا ما يطلق عليه تعبير الأخلاق النفعية. ويختصر أحد شيوخ القبائل التي درست عبادة الأجداد بقوله: «إن الأموات يعيشون بقدر ما نفكر بهم وعلينا أن نطيعهم». (16)
    ويشار أيضاً في هذا المجال إلى وجود ظاهرة أخرى هي ظاهرة الأقنعة والتي عثر عليها في موقع وادي حمار حيث أن هذه الأقنعة توحي بتظاهرات ذات طابع جمعي شعبي حيث كان القناع يصمم لكي يضعه أحد الأشخاص /كرمز إرواحي/، وتقام طقوس وشعائر ربما في عيد الأموات. ويشير جاك كوفان أنه ربما يحمل دلائل خصبية (17).
    كانت الأقنعة تثقب بثقوب دائرية، أما الأنف فعبارة عن نتوء قليل البروز والفم نصف مفتوح، وثمة تلاوين بالأحمر والأخضر تشكل خطوطاً مشّعة من المركز باتجاه محيط الوجه، وتحمل هذه الأقنعة على طرفها صفاً من الثقوب من أجل تثبيتها مع وجود آثار حمر تدل على استخدام مادة لاصقة لشعر مستعار. ويشير كوفان إلى أن هذا الطقس إنما يعبر عن أصل المسرح المقدس في المشرق ويعتقد أنه ربما يعود لعصور أقدم بكثير من زمنه. (18)
    بشار خليف
يعمل...
X