دمشق تستضيف أسبوع السينما التونسية
تظاهرة تعرض ثلاثة أفلام تونسية مع وعد المشرفين بتكرارها.
الخميس 2024/06/13
ShareWhatsAppTwitterFacebook
السينما تجمع الشعبين
للسينما التونسية تاريخ خاص لدى الجمهور السوري. والتظاهرة التي انطلقت في دمشق تؤكد هذا الوجود بشكل قوي وتجذره. وجاءت هذه التظاهرة في إطار التعاون وتعزيز العلاقات بين سوريا وتونس، وتأكيداً لدور السينما في تقديم صورة إنسانية مشتركة وتعزيز أواصر التفاهم والتقارب بين الشعوب.
بدأت في دار الأسد للثقافة والفنون مساء الثلاثاء فعالية أسبوع السينما التونسية، برعاية وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوح وحضورها. التظاهرة نظمتها سفارة جمهورية تونس بدمشق بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما وتقام في دار الأسد للثقافة والفنون، وتعتبر ترسيخا للعلاقة السينمائية التي تربط بين تونس وسوريا منذ عقود.
ومن المعروف أن علاقات سينمائية قديمة وجدت بين مهرجان دمشق السينمائي وأيام قرطاج السينمائية، كما أن العديد من القامات الإبداعية التونسية عملت سابقا في سوريا، منهم مدراء تصوير ومخرجون وممثلون أهمهم المخرج الراحل شوقي الماجري، الذي شكل حضوره الفني قيمة كبرى في المشهد الدرامي السوري التلفزيوني.
تقدم خلال التظاهرة ثلاثة أفلام تونسية هي "في عينيا" للمخرج نجيب بلقاضي و"دشرة" للمخرج عبدالحميد بوشناق و"قبل ما يفوت الفوت" للمخرج مجدي لخضر. وفي كلمة له في حفل الافتتاح قال سفير تونس بدمشق محمد المهذبي “عرفت تونس فن السينما قديما جدا، بعد أشهر فقط من عرض الأخوين لوميير الأول في باريس، الذي يمثل ولادة فن السينما عالميا، حيث حضرا معا ليقوما بتصوير بعض المشاهد في تونس”.
وعن العروض التونسية في دمشق قال “هذه المناسبة تمثل عودة للنشاط الثقافي بين البلدين على المستوى الرسمي، ذلك أنها لم تنقطع على المستوى الفني، وهي ضرورة يجب العمل عليها دائما، وهي مناسبة لعرض العديد من الأفلام التونسية التي لا تخضع لمنطق السوق بل تمثل قيما عليا".
تعاون ثقافي
◙ “في عينيا” فيلم يتناول موضوعا عميقا ويحمل حساسية كبرى
في الجانب السوري، لفت مدير عام المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين أن العلاقة بين السينما السورية والتونسية تمتد إلى عقود سابقة، حيث وجدت بينهما علاقة توأمة بين مهرجان دمشق السينمائي وأيام قرطاج السينمائية. كما لفت أن تعاون السينما السورية والتونسية أمر يفيدهما معا كونهما يعانيان معا من ضيق السوق ومساحات الإنتاج المحدودة”.
وشهد حفل الافتتاح تكريم السفارة التونسية بدمشق للفنانين دريد لحام ومنى واصف والمخرج السينمائي الراحل عبداللطيف عبدالحميد. عن هذا التكريم قال السفير المهذبي “تترافق هذه المناسبة مع تكريم عدد من كبار الفنانين السوريين وهي بداية لسلسلة تكريمات لفنانين سوريين آخرين يستحقون التكريم وعددهم أكبر من أن يحصى كون سوريا بلد نجوم الفن بامتياز".
وقدم فيلم “في عينيا” للمخرج نجيب بلقاضي في الافتتاح، وهو فيلم يتناول موضوعا عميقا ويحمل حساسية كبرى، يتجه نحو الأطفال المصابين بطيف التوحد، مبينا العوالم الخاصة التي يعيشونها وما يمكن أن يحيط بهم في حيواتهم مع أسرهم ومجتمعهم الأسري والمصاعب التي تعترض حياتهم الطبيعية.
لطفي (الممثل نضال السعدي) أب لطفل يعاني من اضطراب التوحد، يعيش في تونس مع والدته وخالته بعيدا عن والده المقيم في فرنسا. يعود الأب لحضانة ابنه الوحيد ليتعرف على حالة ابنه الصعبة ويبدأ رحلة ومشاق تأهيله والعودة به إلى الوضع الطبيعي، ويحقق في ذلك تقدما كبيرا ناقلا الطفل من منطقة الصدام مع المحيط إلى الاندماج فيه ولو نسبيا.
قدم الفيلم من خلال شكل سردي تصاعدي شكلا معقدا لسير الأحداث التي وزعها على أكثر من بيئة مكانية وشخصية، وأوجد فيها تناقضات بيئية وحضارية بين أجواء عربية إسلامية وأوروبية علمانية متحررة حتى النهاية. وما يعانيه شخص واحد في الانتماء للعالمين.
حمل الفيلم معالجة حارة وجدية لحالة إنسانية حرجة وعميقة وغلف قسوة الظرف الذي يعيشه الطفل بحالة من الشعرية البصرية خاصة في تعامل الطفل مع الأضواء التي استطاع الوالد من خلالها اكتشاف ثيمة التواصل مع ابنه وبالتالي البدء بفك عزلته واكتشاف مساحات خلاقة فيه. عرض الفيلم سابقا في افتتاح مهرجان مالمو السينمائي في السويد كما حاز بطله نضال السعدي على جائزة أفضل ممثل في الدورة 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
أفلام تونسية
◙ فيلم "دشرة" هو أول فيلم رعب تقدمه السينما التونسية
فيلم "دشرة" هو أول فيلم رعب تقدمه السينما التونسية، طرح فيه المخرج عبدالحميد بوشناق رؤية بصرية تعتمد لغة التشويق والإثارة من خلال حكاية تتضمن ملابسات جريمة قتل وجهود فريق متخصص في الكشف عنها وسط حالة من التركيز على بث روح التشويق والإثارة والغموض في مسار الأحداث. وقد شارك الفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي حديثا.
أما الفيلم الثالث الذي سيقدم فهو “قبل ما يفوت الفوت” للمخرج مجدي لخضر والذي شارك في مهرجان القاهرة السينمائي في مسابقة أسبوع النقاد، ويقدم برمزية خاصة واقع أسرة تحاصرها ظروف الفقر وقسوة الحياة وحلم الأب الذي يبحث عن كنز مدفون في قعر البيت والمفاجآت التي تواجهه في مستقبله.
وقد شهد المشهد السينمائي السوري عرض أفلام تونسية في سوريا في الكثير من المناسبات، ويحمل الجمهور السوري ذكريات كثيرة عن العديد من الأفلام التونسية التي شكلت وجودا خاصا في وجدانه. من هذه الأفلام "شمس الضباع" للمخرج التونسي الشهير رضا الباهي الذي حاز على الجائزة الكبرى في أول دورة من مهرجان دمشق السينمائي مناصفة مع الفيلم العراقي "الأسوار" للمخرج العراقي محمد شكري جميل.
كما حقق فيلم "صمت القصور" للمخرجة مفيدة التلاتلي حالة متوهجة في مهرجان دمشق السينمائي لاحقا وكذلك فيلم "بزناس". وقدمت على مدار سنوات فعاليات سينمائية تونسية مختلفة كان آخرها عام 2007 عندما قدمت تظاهرة سينمائية عرضت فيها أفلام من خيرة نتاجات السينما التونسية حينها: "هي وهو" للمخرج إلياس بكار، و”تصاور” للمخرج نجيب بلقاضي و"عزيزة" للمخرج عبداللطيف بن عمار، و"عرائس الطين" للمخرج نوري بوزيد و"صابة فلوس" للمخرج أنيس لسود و"شمس الضباع" للمخرج رضا الباهي و"خرمة" للمخرج جيلاني السعدي.
◙ السعدي وبن عمر من أبرز نجوم السينما التونسية
ShareWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري
تظاهرة تعرض ثلاثة أفلام تونسية مع وعد المشرفين بتكرارها.
الخميس 2024/06/13
ShareWhatsAppTwitterFacebook
السينما تجمع الشعبين
للسينما التونسية تاريخ خاص لدى الجمهور السوري. والتظاهرة التي انطلقت في دمشق تؤكد هذا الوجود بشكل قوي وتجذره. وجاءت هذه التظاهرة في إطار التعاون وتعزيز العلاقات بين سوريا وتونس، وتأكيداً لدور السينما في تقديم صورة إنسانية مشتركة وتعزيز أواصر التفاهم والتقارب بين الشعوب.
بدأت في دار الأسد للثقافة والفنون مساء الثلاثاء فعالية أسبوع السينما التونسية، برعاية وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوح وحضورها. التظاهرة نظمتها سفارة جمهورية تونس بدمشق بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما وتقام في دار الأسد للثقافة والفنون، وتعتبر ترسيخا للعلاقة السينمائية التي تربط بين تونس وسوريا منذ عقود.
ومن المعروف أن علاقات سينمائية قديمة وجدت بين مهرجان دمشق السينمائي وأيام قرطاج السينمائية، كما أن العديد من القامات الإبداعية التونسية عملت سابقا في سوريا، منهم مدراء تصوير ومخرجون وممثلون أهمهم المخرج الراحل شوقي الماجري، الذي شكل حضوره الفني قيمة كبرى في المشهد الدرامي السوري التلفزيوني.
تقدم خلال التظاهرة ثلاثة أفلام تونسية هي "في عينيا" للمخرج نجيب بلقاضي و"دشرة" للمخرج عبدالحميد بوشناق و"قبل ما يفوت الفوت" للمخرج مجدي لخضر. وفي كلمة له في حفل الافتتاح قال سفير تونس بدمشق محمد المهذبي “عرفت تونس فن السينما قديما جدا، بعد أشهر فقط من عرض الأخوين لوميير الأول في باريس، الذي يمثل ولادة فن السينما عالميا، حيث حضرا معا ليقوما بتصوير بعض المشاهد في تونس”.
وعن العروض التونسية في دمشق قال “هذه المناسبة تمثل عودة للنشاط الثقافي بين البلدين على المستوى الرسمي، ذلك أنها لم تنقطع على المستوى الفني، وهي ضرورة يجب العمل عليها دائما، وهي مناسبة لعرض العديد من الأفلام التونسية التي لا تخضع لمنطق السوق بل تمثل قيما عليا".
تعاون ثقافي
◙ “في عينيا” فيلم يتناول موضوعا عميقا ويحمل حساسية كبرى
في الجانب السوري، لفت مدير عام المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين أن العلاقة بين السينما السورية والتونسية تمتد إلى عقود سابقة، حيث وجدت بينهما علاقة توأمة بين مهرجان دمشق السينمائي وأيام قرطاج السينمائية. كما لفت أن تعاون السينما السورية والتونسية أمر يفيدهما معا كونهما يعانيان معا من ضيق السوق ومساحات الإنتاج المحدودة”.
وشهد حفل الافتتاح تكريم السفارة التونسية بدمشق للفنانين دريد لحام ومنى واصف والمخرج السينمائي الراحل عبداللطيف عبدالحميد. عن هذا التكريم قال السفير المهذبي “تترافق هذه المناسبة مع تكريم عدد من كبار الفنانين السوريين وهي بداية لسلسلة تكريمات لفنانين سوريين آخرين يستحقون التكريم وعددهم أكبر من أن يحصى كون سوريا بلد نجوم الفن بامتياز".
وقدم فيلم “في عينيا” للمخرج نجيب بلقاضي في الافتتاح، وهو فيلم يتناول موضوعا عميقا ويحمل حساسية كبرى، يتجه نحو الأطفال المصابين بطيف التوحد، مبينا العوالم الخاصة التي يعيشونها وما يمكن أن يحيط بهم في حيواتهم مع أسرهم ومجتمعهم الأسري والمصاعب التي تعترض حياتهم الطبيعية.
لطفي (الممثل نضال السعدي) أب لطفل يعاني من اضطراب التوحد، يعيش في تونس مع والدته وخالته بعيدا عن والده المقيم في فرنسا. يعود الأب لحضانة ابنه الوحيد ليتعرف على حالة ابنه الصعبة ويبدأ رحلة ومشاق تأهيله والعودة به إلى الوضع الطبيعي، ويحقق في ذلك تقدما كبيرا ناقلا الطفل من منطقة الصدام مع المحيط إلى الاندماج فيه ولو نسبيا.
قدم الفيلم من خلال شكل سردي تصاعدي شكلا معقدا لسير الأحداث التي وزعها على أكثر من بيئة مكانية وشخصية، وأوجد فيها تناقضات بيئية وحضارية بين أجواء عربية إسلامية وأوروبية علمانية متحررة حتى النهاية. وما يعانيه شخص واحد في الانتماء للعالمين.
حمل الفيلم معالجة حارة وجدية لحالة إنسانية حرجة وعميقة وغلف قسوة الظرف الذي يعيشه الطفل بحالة من الشعرية البصرية خاصة في تعامل الطفل مع الأضواء التي استطاع الوالد من خلالها اكتشاف ثيمة التواصل مع ابنه وبالتالي البدء بفك عزلته واكتشاف مساحات خلاقة فيه. عرض الفيلم سابقا في افتتاح مهرجان مالمو السينمائي في السويد كما حاز بطله نضال السعدي على جائزة أفضل ممثل في الدورة 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
أفلام تونسية
◙ فيلم "دشرة" هو أول فيلم رعب تقدمه السينما التونسية
فيلم "دشرة" هو أول فيلم رعب تقدمه السينما التونسية، طرح فيه المخرج عبدالحميد بوشناق رؤية بصرية تعتمد لغة التشويق والإثارة من خلال حكاية تتضمن ملابسات جريمة قتل وجهود فريق متخصص في الكشف عنها وسط حالة من التركيز على بث روح التشويق والإثارة والغموض في مسار الأحداث. وقد شارك الفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي حديثا.
أما الفيلم الثالث الذي سيقدم فهو “قبل ما يفوت الفوت” للمخرج مجدي لخضر والذي شارك في مهرجان القاهرة السينمائي في مسابقة أسبوع النقاد، ويقدم برمزية خاصة واقع أسرة تحاصرها ظروف الفقر وقسوة الحياة وحلم الأب الذي يبحث عن كنز مدفون في قعر البيت والمفاجآت التي تواجهه في مستقبله.
وقد شهد المشهد السينمائي السوري عرض أفلام تونسية في سوريا في الكثير من المناسبات، ويحمل الجمهور السوري ذكريات كثيرة عن العديد من الأفلام التونسية التي شكلت وجودا خاصا في وجدانه. من هذه الأفلام "شمس الضباع" للمخرج التونسي الشهير رضا الباهي الذي حاز على الجائزة الكبرى في أول دورة من مهرجان دمشق السينمائي مناصفة مع الفيلم العراقي "الأسوار" للمخرج العراقي محمد شكري جميل.
كما حقق فيلم "صمت القصور" للمخرجة مفيدة التلاتلي حالة متوهجة في مهرجان دمشق السينمائي لاحقا وكذلك فيلم "بزناس". وقدمت على مدار سنوات فعاليات سينمائية تونسية مختلفة كان آخرها عام 2007 عندما قدمت تظاهرة سينمائية عرضت فيها أفلام من خيرة نتاجات السينما التونسية حينها: "هي وهو" للمخرج إلياس بكار، و”تصاور” للمخرج نجيب بلقاضي و"عزيزة" للمخرج عبداللطيف بن عمار، و"عرائس الطين" للمخرج نوري بوزيد و"صابة فلوس" للمخرج أنيس لسود و"شمس الضباع" للمخرج رضا الباهي و"خرمة" للمخرج جيلاني السعدي.
◙ السعدي وبن عمر من أبرز نجوم السينما التونسية
ShareWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري