أيهم عرسان: لا جهات إنتاج مهتمة بسينما الطفل والمسؤولية تقع على كاهل القطاع العام
7-يونيو-2024
أمينة عباس
لم يكن توجّهه ككاتب ومخرج إلى سينما الطفل مجرد رغبة في طرق باب جديد له في عالم السينما، بل كان خياراً واعياً.. يحدّثنا المخرج السينمائي أيهم عرسان قائلاً: “تلمستُ أن لدينا فقراً في الأعمال الموجّهة إلى الطفل سينمائياً وتلفزيونياً، مع وجود التباس واضح بين الأعمال التي يكون أحد عناصرها البنيوية الدرامية قضية تتعلق بالطفولة ومحاولة تسليط الضوء عليها وبين الأعمال التي تكون موجهة إلى الطفل بشكل خالص، وأرى أن مسألة التمييز بين النوعين مهمة جداً للوصول إلى الطفل بأعمال تخاطبه وتعالج مخاوفه ومشكلاته وقضاياه ليتماهى معها ومع البنية الدرامية، لا أن يرى نفسه في عمل يوجد فيه كجزء من الحكاية أو مكمل لها، أو يكون مجرد وسيلة يستخدمها صنّاع العمل لتحقيق التعاطف والشحن الدرامي لاجتذاب المُشاهد الكبير، ومن المؤسف أن الفقر في سينما الطفل لدينا سيجعله على تماس كبير مع الأعمال القادمة إليه من ثقافات أخرى، سواء أكانت أميركية أم أوربية أم آسيوية، وهي بعيدة عن ثقافته الخاصة وظروفه وتفاصيل حياته، وتالياً يصبح لديه ثقافة هجينة تجعله حائراً بين حياته المباشرة التي يعيشها وما يراه من عوالم تقدّمها هذه الأعمال، لذلك كانت هذه الهواجس والأفكار هي التي دعتني إلى التفكير في التوجه إلى عالم الطفل سينمائياً والولوج إلى عالمه الغنيّ”.
بدأ عرسان الكتابة لسينما الطفل من خلال المسابقة التي تنظمها المؤسسة العامة للسينما منذ سنوات عدة، والتي يفوز فيها نص واحد لفيلم روائي قصير كل عام، ويبقى السؤال “هل أثمرت هذه المسابقة عن كتّاب حقيقيين في هذا المجال؟” يجيب عرسان: “كانت المسابقة بارقة أمل وإشارة تلقّفها بعض الكتّاب الراغبين في الكتابة للطفل وأسهموا فيها، وقد شاركت فيها وفازت سيناريوهات لي في دورات عدة، وكانت في البداية حافزاً للكتّاب في ظل وجود دائرة سينما الطفل في المؤسسة، لكن الأمر توقف عند إنجاز الأفلام الفائزة ولم تشكل -كما كان مأمولاً- خطوة إضافية، ومع أنها أظهرت عدداً من الكتّاب المهتمين بالكتابة للطفل، لكن هناك كتّاباً كثر غيرهم ينبغي استقطابهم ودعوتهم إلى العمل ضمن أطر مسابقات أو تقديم سيناريوهات، لتأخذ العملية مساراً واضحاً وجدياً”.
يؤمن عرسان بأن ارتداد الكاتب إلى طفولته خلال عمله آلية أساسية لا يمكن الابتعاد عنها، مع تأييده أن طفل اليوم مختلف إلى حدّ كبير عن الطفل الذي كنّاه يوماً على صعيد وعيه ونظرته للحياة وطريقة تعاطيه مع المحيط، وقضاياه مختلفة: “نحن ككتّاب نعيش بين طيف واسع من الأطفال الذين يمكن محاورتهم ومحاولة فهمهم من خلال البحث وبشكل معمّق في الفئة من الأطفال الذين نسعى إلى الكتابة عنهم والقضية التي سنتناولها عبر الحوار مع القريبين من الأنموذج المراد الحديث عنه درامياً، والذي يجب أن يشبع من قبل الكاتب عبر البحث النفسي والاجتماعي له ولما يحيط به، مع الإبقاء على الطفل الصغير الموجود في عقل الكاتب والوصول إلى عقل طفل اليوم وطريقة تفكيره ومحاكماته العقلية، وكل هذه الأمور يمكن أن تشكّل مفتاحاً لعمل ناجح وقريب من عقل الطفل”.. لكن هل تحتاج سينما الطفل إلى كاتب ومخرج متخصّص بهذا المجال؟ يجيب عرسان: “أعدّ الشغف معياراً أكثر من مسألة التخصص، فالشغف هو الذي يولد التخصّص، والكاتب المحترف يستطيع كتابة سيناريو، والمخرج المحترف يستطيع إخراج فيلم للطفل، لكن الشغف هو ما يجعل العمل مميزاً أو محتوياً على عناصر العمل الموجّه إلى الطفل بنجاح”.
أنجز أيهم عرسان أفلاماً عدة في سينما الطفل، “حلم”، “الزاوية الصعبة”، و”جواد”، وكان التوجّه فيها كما يقول: “للطفل بشكل رئيسي، مع مراعاة الفئة العمرية، وتالياً إلى العائلة حتى تكون رسالة الفيلم قابلة للترجمة والقراءة من قبلهما بهدف التأثير، وهي أفلام تحاول الدخول إلى عوالم الطفولة من خلال تناول أزمات ومفترقات وتحديات ومحاولة التعاطي معها على الرغم من قسوتها بأسلوب لا يخلو من الأمل والتحفيز، وكان القاسم المشترك فيها جدلية الضعف وتلمس مكامن القوة والتوجّه إليها واستخدامها، وكنتُ أتمنى أن تحظى هذه الأفلام بتقييم نقدي من قبل نقاد متخصّصين لأستفيد من أفكارهم، لكن عدم عرضها على الجمهور حال دون ذلك”.
وكمخرج للنصوص التي يكتبها لسينما الطفل لدى أيهم عرسان أولويات يضعها لنفسه حين يبدأ العمل، وأهمها: “الجمهور المستهدف بشكل رئيسي هو الطفل، وتالياً العائلة، لذلك وكمخرج للنصوص التي يكتبها لسينما الطفل لدى أيهم عرسان أولويات يضعها لنفسه حين يبدأ العمل، وأهمها: “الجمهور المستهدف بشكل رئيسي هو الطفل، وتالياً العائلة، لذلك أحاول ضبط عملي كمخرج في جعل الأحداث تسير بشكل جذاب يغري الطفل للاستمرار في متابعة الفيلم حتى النهاية بعيداً عن المباشرة والوعظ والتلقين”.
وردّاً على سؤال حول سبب إقبال الهواة والمبتدئين على إنجاز أعمال سينمائية للطفل، مع أنها الأصعب مقارنة بالسينما الموجّهة للكبار، يحدّثنا عرسان قائلاً: “قبل التعمّق في العمل الفني يجد الهاوي -كاتباً ومخرجاً- أن العمل ضمن هذه السينما أسهل، مراهناً على قدرتها على التأثير من خلال كسب تعاطف الجمهور مع الطفل الموجود في العمل، ولاحقاً يتمّ اكتشاف صعوبة الخوض والنجاح في هذا المجال، لكن هذا لا يمنع التشجيع على صنع أفلام للأطفال نظراً للحاجة الكبيرة لها”.
أنجز المخرج أيهم عرسان منذ أكثر من عام سيناريو فيلم طويل موجّه للطفل، لكنه لم يجد طريقه للتنفيذ حتى الآن، وحالياً يعمل على كتابة مشروع مسلسل تلفزيوني للأطفال يأمل أن يجد طريقه إلى الإنتاج على الرغم من صعوبة ذلك، يقول: “العوائق والصعوبات كثيرة وتحولُ دون تحوّل الكثير من الأفكار والنصوص إلى أفلام، وأولها الصعوبات الإنتاجية، حيث لا توجد جهات إنتاج مهتمة بهذا النوع من الأعمال، فشركات الإنتاج الخاصة الموجودة في سورية بعيدة عن الإنتاج السينمائي عموماً، وعن الأعمال الموجّهة إلى الطفل لعدم وجود مشروع ثقافي أو فني واضح لديها، مع تفكيرها الدائم بالربح، لذلك تتوجّه إلى تنفيذ الأعمال الرائجة مضمونة التسويق وما تطلبه القنوات أو الشركات العربية.. من هنا فإن المسؤولية في إنتاج هذا النوع من الأعمال تقع على كاهل القطاع العام متمثلاً بالمؤسسة العامة للسينما سينمائياً أو المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني تلفزيونياً، وبالنسبة للمؤسسة العامة للسينما تبقى إنتاجاتها الموجّهة للطفل قليلة جداً وخجولة، فبعد انقطاع طويل عن إنتاج هذا النوع من الأعمال أنتجت في السنوات الأخيرة عدداً قليلاً من الأفلام القصيرة الموجّهة إلى الطفل، لكن نتيجة الافتقار إلى استراتيجية واضحة للعمل لم تُعرض في الصالات أو كعروض خاصة في المدارس أو المراكز الثقافية، ولم تصل إلى الأطفال الذين يشكلون جمهورها، على الرغم من أن الفيلم يُصنع كي يشاهده الجمهور، في حين تقتصر عروضها الخاصة بالطفل على أفلام هوليوودية يُعاد عرضها في كل عام في ظل عدم وجود رغبة لديها في إنتاج أفلام روائية طويلة موجّهة للطفل، على الرغم من وجود كتّاب أو مخرجين يرغبون في العمل على هذا النوع، أما بالنسبة للمشاركات في المهرجانات العربية والدولية فلا تشارك أفلام الأطفال التي أنجزتها المؤسسة في المهرجانات على الرغم من أهمية وجودها وحضورها عربياً ودولياً، وهكذا فإن كل العوامل السابقة تدعو إلى الإحباط والخيبة والشعور باللاجدوى، لكن الرغبة والطموح هما من يجعلاني أنا وزملائي المهتمّين بهذا النوع من الأعمال مستمرين بالحلم ومتشبثين بالأمل في أن تتجه الأمور إلى واقع أفضل”.
يتفقُ الجميع على عدم وجود سينما طفل، وما هو موجود تجارب فردية ومحاولات يرتكب أصحابها بعض الأخطاء التي يرفض عرسان ذكرها، مفسّراً: “بما أنه لا توجد لدينا سينما فبدلاً من ذكر الأخطاء ينبغي أن نوجّه التحية إلى كلّ كاتب أو مخرج يتوجّه بأعماله إلى الطفل في ظل الظروف الصعبة، والأمر الوحيد الذي أتمناه هو أن تكون الأفلام موجّهة إلى الطفل بشكل خاص تمييزاً لها عن الأعمال التي تكون الطفولة فيها جزءاً ضمن إطار درامي أوسع”.
7-يونيو-2024
أمينة عباس
لم يكن توجّهه ككاتب ومخرج إلى سينما الطفل مجرد رغبة في طرق باب جديد له في عالم السينما، بل كان خياراً واعياً.. يحدّثنا المخرج السينمائي أيهم عرسان قائلاً: “تلمستُ أن لدينا فقراً في الأعمال الموجّهة إلى الطفل سينمائياً وتلفزيونياً، مع وجود التباس واضح بين الأعمال التي يكون أحد عناصرها البنيوية الدرامية قضية تتعلق بالطفولة ومحاولة تسليط الضوء عليها وبين الأعمال التي تكون موجهة إلى الطفل بشكل خالص، وأرى أن مسألة التمييز بين النوعين مهمة جداً للوصول إلى الطفل بأعمال تخاطبه وتعالج مخاوفه ومشكلاته وقضاياه ليتماهى معها ومع البنية الدرامية، لا أن يرى نفسه في عمل يوجد فيه كجزء من الحكاية أو مكمل لها، أو يكون مجرد وسيلة يستخدمها صنّاع العمل لتحقيق التعاطف والشحن الدرامي لاجتذاب المُشاهد الكبير، ومن المؤسف أن الفقر في سينما الطفل لدينا سيجعله على تماس كبير مع الأعمال القادمة إليه من ثقافات أخرى، سواء أكانت أميركية أم أوربية أم آسيوية، وهي بعيدة عن ثقافته الخاصة وظروفه وتفاصيل حياته، وتالياً يصبح لديه ثقافة هجينة تجعله حائراً بين حياته المباشرة التي يعيشها وما يراه من عوالم تقدّمها هذه الأعمال، لذلك كانت هذه الهواجس والأفكار هي التي دعتني إلى التفكير في التوجه إلى عالم الطفل سينمائياً والولوج إلى عالمه الغنيّ”.
بدأ عرسان الكتابة لسينما الطفل من خلال المسابقة التي تنظمها المؤسسة العامة للسينما منذ سنوات عدة، والتي يفوز فيها نص واحد لفيلم روائي قصير كل عام، ويبقى السؤال “هل أثمرت هذه المسابقة عن كتّاب حقيقيين في هذا المجال؟” يجيب عرسان: “كانت المسابقة بارقة أمل وإشارة تلقّفها بعض الكتّاب الراغبين في الكتابة للطفل وأسهموا فيها، وقد شاركت فيها وفازت سيناريوهات لي في دورات عدة، وكانت في البداية حافزاً للكتّاب في ظل وجود دائرة سينما الطفل في المؤسسة، لكن الأمر توقف عند إنجاز الأفلام الفائزة ولم تشكل -كما كان مأمولاً- خطوة إضافية، ومع أنها أظهرت عدداً من الكتّاب المهتمين بالكتابة للطفل، لكن هناك كتّاباً كثر غيرهم ينبغي استقطابهم ودعوتهم إلى العمل ضمن أطر مسابقات أو تقديم سيناريوهات، لتأخذ العملية مساراً واضحاً وجدياً”.
يؤمن عرسان بأن ارتداد الكاتب إلى طفولته خلال عمله آلية أساسية لا يمكن الابتعاد عنها، مع تأييده أن طفل اليوم مختلف إلى حدّ كبير عن الطفل الذي كنّاه يوماً على صعيد وعيه ونظرته للحياة وطريقة تعاطيه مع المحيط، وقضاياه مختلفة: “نحن ككتّاب نعيش بين طيف واسع من الأطفال الذين يمكن محاورتهم ومحاولة فهمهم من خلال البحث وبشكل معمّق في الفئة من الأطفال الذين نسعى إلى الكتابة عنهم والقضية التي سنتناولها عبر الحوار مع القريبين من الأنموذج المراد الحديث عنه درامياً، والذي يجب أن يشبع من قبل الكاتب عبر البحث النفسي والاجتماعي له ولما يحيط به، مع الإبقاء على الطفل الصغير الموجود في عقل الكاتب والوصول إلى عقل طفل اليوم وطريقة تفكيره ومحاكماته العقلية، وكل هذه الأمور يمكن أن تشكّل مفتاحاً لعمل ناجح وقريب من عقل الطفل”.. لكن هل تحتاج سينما الطفل إلى كاتب ومخرج متخصّص بهذا المجال؟ يجيب عرسان: “أعدّ الشغف معياراً أكثر من مسألة التخصص، فالشغف هو الذي يولد التخصّص، والكاتب المحترف يستطيع كتابة سيناريو، والمخرج المحترف يستطيع إخراج فيلم للطفل، لكن الشغف هو ما يجعل العمل مميزاً أو محتوياً على عناصر العمل الموجّه إلى الطفل بنجاح”.
أنجز أيهم عرسان أفلاماً عدة في سينما الطفل، “حلم”، “الزاوية الصعبة”، و”جواد”، وكان التوجّه فيها كما يقول: “للطفل بشكل رئيسي، مع مراعاة الفئة العمرية، وتالياً إلى العائلة حتى تكون رسالة الفيلم قابلة للترجمة والقراءة من قبلهما بهدف التأثير، وهي أفلام تحاول الدخول إلى عوالم الطفولة من خلال تناول أزمات ومفترقات وتحديات ومحاولة التعاطي معها على الرغم من قسوتها بأسلوب لا يخلو من الأمل والتحفيز، وكان القاسم المشترك فيها جدلية الضعف وتلمس مكامن القوة والتوجّه إليها واستخدامها، وكنتُ أتمنى أن تحظى هذه الأفلام بتقييم نقدي من قبل نقاد متخصّصين لأستفيد من أفكارهم، لكن عدم عرضها على الجمهور حال دون ذلك”.
وكمخرج للنصوص التي يكتبها لسينما الطفل لدى أيهم عرسان أولويات يضعها لنفسه حين يبدأ العمل، وأهمها: “الجمهور المستهدف بشكل رئيسي هو الطفل، وتالياً العائلة، لذلك وكمخرج للنصوص التي يكتبها لسينما الطفل لدى أيهم عرسان أولويات يضعها لنفسه حين يبدأ العمل، وأهمها: “الجمهور المستهدف بشكل رئيسي هو الطفل، وتالياً العائلة، لذلك أحاول ضبط عملي كمخرج في جعل الأحداث تسير بشكل جذاب يغري الطفل للاستمرار في متابعة الفيلم حتى النهاية بعيداً عن المباشرة والوعظ والتلقين”.
وردّاً على سؤال حول سبب إقبال الهواة والمبتدئين على إنجاز أعمال سينمائية للطفل، مع أنها الأصعب مقارنة بالسينما الموجّهة للكبار، يحدّثنا عرسان قائلاً: “قبل التعمّق في العمل الفني يجد الهاوي -كاتباً ومخرجاً- أن العمل ضمن هذه السينما أسهل، مراهناً على قدرتها على التأثير من خلال كسب تعاطف الجمهور مع الطفل الموجود في العمل، ولاحقاً يتمّ اكتشاف صعوبة الخوض والنجاح في هذا المجال، لكن هذا لا يمنع التشجيع على صنع أفلام للأطفال نظراً للحاجة الكبيرة لها”.
أنجز المخرج أيهم عرسان منذ أكثر من عام سيناريو فيلم طويل موجّه للطفل، لكنه لم يجد طريقه للتنفيذ حتى الآن، وحالياً يعمل على كتابة مشروع مسلسل تلفزيوني للأطفال يأمل أن يجد طريقه إلى الإنتاج على الرغم من صعوبة ذلك، يقول: “العوائق والصعوبات كثيرة وتحولُ دون تحوّل الكثير من الأفكار والنصوص إلى أفلام، وأولها الصعوبات الإنتاجية، حيث لا توجد جهات إنتاج مهتمة بهذا النوع من الأعمال، فشركات الإنتاج الخاصة الموجودة في سورية بعيدة عن الإنتاج السينمائي عموماً، وعن الأعمال الموجّهة إلى الطفل لعدم وجود مشروع ثقافي أو فني واضح لديها، مع تفكيرها الدائم بالربح، لذلك تتوجّه إلى تنفيذ الأعمال الرائجة مضمونة التسويق وما تطلبه القنوات أو الشركات العربية.. من هنا فإن المسؤولية في إنتاج هذا النوع من الأعمال تقع على كاهل القطاع العام متمثلاً بالمؤسسة العامة للسينما سينمائياً أو المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني تلفزيونياً، وبالنسبة للمؤسسة العامة للسينما تبقى إنتاجاتها الموجّهة للطفل قليلة جداً وخجولة، فبعد انقطاع طويل عن إنتاج هذا النوع من الأعمال أنتجت في السنوات الأخيرة عدداً قليلاً من الأفلام القصيرة الموجّهة إلى الطفل، لكن نتيجة الافتقار إلى استراتيجية واضحة للعمل لم تُعرض في الصالات أو كعروض خاصة في المدارس أو المراكز الثقافية، ولم تصل إلى الأطفال الذين يشكلون جمهورها، على الرغم من أن الفيلم يُصنع كي يشاهده الجمهور، في حين تقتصر عروضها الخاصة بالطفل على أفلام هوليوودية يُعاد عرضها في كل عام في ظل عدم وجود رغبة لديها في إنتاج أفلام روائية طويلة موجّهة للطفل، على الرغم من وجود كتّاب أو مخرجين يرغبون في العمل على هذا النوع، أما بالنسبة للمشاركات في المهرجانات العربية والدولية فلا تشارك أفلام الأطفال التي أنجزتها المؤسسة في المهرجانات على الرغم من أهمية وجودها وحضورها عربياً ودولياً، وهكذا فإن كل العوامل السابقة تدعو إلى الإحباط والخيبة والشعور باللاجدوى، لكن الرغبة والطموح هما من يجعلاني أنا وزملائي المهتمّين بهذا النوع من الأعمال مستمرين بالحلم ومتشبثين بالأمل في أن تتجه الأمور إلى واقع أفضل”.
يتفقُ الجميع على عدم وجود سينما طفل، وما هو موجود تجارب فردية ومحاولات يرتكب أصحابها بعض الأخطاء التي يرفض عرسان ذكرها، مفسّراً: “بما أنه لا توجد لدينا سينما فبدلاً من ذكر الأخطاء ينبغي أن نوجّه التحية إلى كلّ كاتب أو مخرج يتوجّه بأعماله إلى الطفل في ظل الظروف الصعبة، والأمر الوحيد الذي أتمناه هو أن تكون الأفلام موجّهة إلى الطفل بشكل خاص تمييزاً لها عن الأعمال التي تكون الطفولة فيها جزءاً ضمن إطار درامي أوسع”.