"هويات مهاجرة" فهرس مصور لمراحل من تجربة الرسام خضر عبدالكريم
الكتاب يشتمل على أعمال تعكس خلاصة تجربة التشكيلي الكردي السوري الفنية وتشير إلى أهم المراحل التي مر بها خلالها.
الأربعاء 2024/05/29
انشرWhatsAppTwitterFacebook
العالم الفني ليس مجرد عرض مبهج
لندن - كتاب “هويات مهاجرة” للفنان التشكيلي الكردي السوري خضر عبدالكريم عبارة عن كتالوغ يتضمن مئة وستين صورة عن أعماله ولوحاته من مختلف مراحل تجربته الفنية التي تمتد لحوالي أربعة عقود حتى الآن.
ويصف عبدالكريم الكتاب بأنه متحفه الصغير، وذلك في إشارة إلى أنه يشتمل على أعمال تعكس خلاصة تجربته الفنية وتشير إلى أهم المراحل التي مر بها خلالها.
يتضمن الكتالوغ قراءة نقدية للكاتب والناقد الايطالي إنريكو ماسيلوني في لوحات عبدالكريم، يلفت فيها إلى جوانب من تميز أعماله.
يقول ماسيلوني “تظهر الوجوه والأقدام في العديد من أعمال الفنان خضر عبدالكريم. تقف هذه الأعضاء من الجسم في مركز تصويره وعوالم لوحاته. ويتم تقديمها في عدد لا يحصى من التغييرات”.
ويضيف “كيف يمكن للمرء أن يفكر في هشاشة الأقدام والوجوه، التي تتعرض لتشويه بواسطة عواصف الألوان، من دون أن يدرك أنه يجب أن يتم النظر إليها دائما في سياق مأساة سوريا…! وهذا الارتباط يتم إنشاؤه بدون تكلف أو تصنع”.
ويبين أن الرسم المتقن يمكن أن يتعامل مع العالم من دون أن يحوله إلى عرض مبهج. وإذا لم تكن لوجوه خضر عبدالكريم وجوه بالصيغة التقليدية، فإن الأقدام التي يرسمها تتحول إلى هويات وتتحدث كما تفعل الوجوه.
يقدم للكتالوغ الناقد والروائي السوري هيثم حسين بدراسة مطولة في تجربة خضر عبدالكريم الفنية، ويشير إلى عدد من القضايا الفكرية التي يطرحها في لوحاته، ولاسيما أن تجربته بدأت في حين كان معتقلا سياسيا في السجن الذي بقي فيه لسنوات في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي.
وعشية دخول عبدالكريم إلى معهد الفنون ألقي عليه القبض ودخل إلى السجن، وكان آنذاك في سن الثامنة عشرة، وأفرج عنه بعد سبع سنوات، بعدما ثبتت براءته من تهمة المعارضة للحكم. أقام بعد ذلك عدة معارض رسم، قبل أن يغادر إلى ألمانيا، حاملا معه آلامه وآلام بلاده.
سنوات شبابه التي قضاها معتقلا سياسيا في السجون السورية، ومن بينها سجن صيدنايا سيء السمعة، تركت أثرها الطاغي في لوحاته. لذلك يقول إنه لم يغادر السجن رغم خروجه منه. ومنذ عام 2016 يعيش عبدالكريم وأسرته في مدينة بوتسدام القريبة من برلين، وقد وجدت أعماله طريقها سريعا إلى الجمهور في ألمانيا.
يقول هيثم حسين في تقديمه إن “الهوية الفنية جزء من الهويات التي يحملها خضر عبدالكريم في داخله، ويمزجها بطريقته الفنية ليرسم لوحته المأمولة، فلا يتنكر جزء لآخر، ولا يطغى عليه، أو يقصيه، وهو الذي عانى مرارة السجن وقسوة الفقد والحرمان، ويدرك معنى الإقصاء والتهميش جيدا”.
الكتاب عبارة عن كتالوغ خاص بلوحات وأعمال الفنان الذي يرى أن الفن اقتراب من الناس والتزام بهمومهم
ويضيف “عمل الفنان عبدالكريم على أن تكون لوحاته محملة بالرسائل الإنسانية، وهو الذي التزم بقضايا شعبه، وكان جزءا من النضال، بالريشة والفكر والممارسة معا، ودفع ضريبة ذلك سنوات من حياته في السجن، ناهيك عن سنوات في الغربة واللجوء”.
الفن عند خضر عبدالكريم لا يكون لذاته، بل يكون ملتزما بهموم الناس وقضاياهم، يكون قريبا منهم، معبرا عنهم، ويجعل ذلك في سياق الفن بتجلياته الأسمى، البعيد عن العنصرية والشعبوية والكراهية، الممهد للتقارب والداعي إليه.
ويقر الفنان بتأثير بيئته في فنه، إذ يقول “البيئة التي كنت أعيش فيها كانت بمنزلة المعلم الأول والأب الروحي بالنسبة إليّ. في الفن كنت أعشق كل شيء من حولي، المساحات الشاسعة والبراري والبيادر والبيوت الطينية وأكداس القش والطرق الترابية، وزوابع الصيف وحركة الغيوم التي كان يتكون منها أشخاص في الليالي المقمرة، والجدران الكلسية المقشرة التي كانت توحي لي بأشكال حيوانات خرافية وشخوص تشبه شخصيات أسطورية”.
ويذكر أن كتاب “هويات مهاجرة” صدر حديثا عن منشورات رامينا في لندن وذلك ضمن”سلسلة الفنون “التي تعمل الدار على نشرها.
يشار إلى أن خضر عبدالكريم من مواليد عامودا – كندور 1967. مقيم في ألمانيا منذ سنة 2014. وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، أقام العديد من المعارض الفنية داخل سوريا وخارجها، في سنوات التسعينات في صيدنايا والحسكة والقامشلي. وبعد سنة 2000 أقام معارض في دمشق وكوالالامبور وبرلين. واقتنيت أعماله في الكثير من الدول، منها فرنسا وهولندا ومصر والسويد وتركيا ولبنان وبريطانيا والولايات المتحدة وبلجيكا والأردن وألمانيا وماليزيا وسوريا.
الكتاب يشتمل على أعمال تعكس خلاصة تجربة التشكيلي الكردي السوري الفنية وتشير إلى أهم المراحل التي مر بها خلالها.
الأربعاء 2024/05/29
انشرWhatsAppTwitterFacebook
العالم الفني ليس مجرد عرض مبهج
لندن - كتاب “هويات مهاجرة” للفنان التشكيلي الكردي السوري خضر عبدالكريم عبارة عن كتالوغ يتضمن مئة وستين صورة عن أعماله ولوحاته من مختلف مراحل تجربته الفنية التي تمتد لحوالي أربعة عقود حتى الآن.
ويصف عبدالكريم الكتاب بأنه متحفه الصغير، وذلك في إشارة إلى أنه يشتمل على أعمال تعكس خلاصة تجربته الفنية وتشير إلى أهم المراحل التي مر بها خلالها.
يتضمن الكتالوغ قراءة نقدية للكاتب والناقد الايطالي إنريكو ماسيلوني في لوحات عبدالكريم، يلفت فيها إلى جوانب من تميز أعماله.
يقول ماسيلوني “تظهر الوجوه والأقدام في العديد من أعمال الفنان خضر عبدالكريم. تقف هذه الأعضاء من الجسم في مركز تصويره وعوالم لوحاته. ويتم تقديمها في عدد لا يحصى من التغييرات”.
ويضيف “كيف يمكن للمرء أن يفكر في هشاشة الأقدام والوجوه، التي تتعرض لتشويه بواسطة عواصف الألوان، من دون أن يدرك أنه يجب أن يتم النظر إليها دائما في سياق مأساة سوريا…! وهذا الارتباط يتم إنشاؤه بدون تكلف أو تصنع”.
ويبين أن الرسم المتقن يمكن أن يتعامل مع العالم من دون أن يحوله إلى عرض مبهج. وإذا لم تكن لوجوه خضر عبدالكريم وجوه بالصيغة التقليدية، فإن الأقدام التي يرسمها تتحول إلى هويات وتتحدث كما تفعل الوجوه.
يقدم للكتالوغ الناقد والروائي السوري هيثم حسين بدراسة مطولة في تجربة خضر عبدالكريم الفنية، ويشير إلى عدد من القضايا الفكرية التي يطرحها في لوحاته، ولاسيما أن تجربته بدأت في حين كان معتقلا سياسيا في السجن الذي بقي فيه لسنوات في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي.
وعشية دخول عبدالكريم إلى معهد الفنون ألقي عليه القبض ودخل إلى السجن، وكان آنذاك في سن الثامنة عشرة، وأفرج عنه بعد سبع سنوات، بعدما ثبتت براءته من تهمة المعارضة للحكم. أقام بعد ذلك عدة معارض رسم، قبل أن يغادر إلى ألمانيا، حاملا معه آلامه وآلام بلاده.
سنوات شبابه التي قضاها معتقلا سياسيا في السجون السورية، ومن بينها سجن صيدنايا سيء السمعة، تركت أثرها الطاغي في لوحاته. لذلك يقول إنه لم يغادر السجن رغم خروجه منه. ومنذ عام 2016 يعيش عبدالكريم وأسرته في مدينة بوتسدام القريبة من برلين، وقد وجدت أعماله طريقها سريعا إلى الجمهور في ألمانيا.
يقول هيثم حسين في تقديمه إن “الهوية الفنية جزء من الهويات التي يحملها خضر عبدالكريم في داخله، ويمزجها بطريقته الفنية ليرسم لوحته المأمولة، فلا يتنكر جزء لآخر، ولا يطغى عليه، أو يقصيه، وهو الذي عانى مرارة السجن وقسوة الفقد والحرمان، ويدرك معنى الإقصاء والتهميش جيدا”.
الكتاب عبارة عن كتالوغ خاص بلوحات وأعمال الفنان الذي يرى أن الفن اقتراب من الناس والتزام بهمومهم
ويضيف “عمل الفنان عبدالكريم على أن تكون لوحاته محملة بالرسائل الإنسانية، وهو الذي التزم بقضايا شعبه، وكان جزءا من النضال، بالريشة والفكر والممارسة معا، ودفع ضريبة ذلك سنوات من حياته في السجن، ناهيك عن سنوات في الغربة واللجوء”.
الفن عند خضر عبدالكريم لا يكون لذاته، بل يكون ملتزما بهموم الناس وقضاياهم، يكون قريبا منهم، معبرا عنهم، ويجعل ذلك في سياق الفن بتجلياته الأسمى، البعيد عن العنصرية والشعبوية والكراهية، الممهد للتقارب والداعي إليه.
ويقر الفنان بتأثير بيئته في فنه، إذ يقول “البيئة التي كنت أعيش فيها كانت بمنزلة المعلم الأول والأب الروحي بالنسبة إليّ. في الفن كنت أعشق كل شيء من حولي، المساحات الشاسعة والبراري والبيادر والبيوت الطينية وأكداس القش والطرق الترابية، وزوابع الصيف وحركة الغيوم التي كان يتكون منها أشخاص في الليالي المقمرة، والجدران الكلسية المقشرة التي كانت توحي لي بأشكال حيوانات خرافية وشخوص تشبه شخصيات أسطورية”.
ويذكر أن كتاب “هويات مهاجرة” صدر حديثا عن منشورات رامينا في لندن وذلك ضمن”سلسلة الفنون “التي تعمل الدار على نشرها.
يشار إلى أن خضر عبدالكريم من مواليد عامودا – كندور 1967. مقيم في ألمانيا منذ سنة 2014. وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، أقام العديد من المعارض الفنية داخل سوريا وخارجها، في سنوات التسعينات في صيدنايا والحسكة والقامشلي. وبعد سنة 2000 أقام معارض في دمشق وكوالالامبور وبرلين. واقتنيت أعماله في الكثير من الدول، منها فرنسا وهولندا ومصر والسويد وتركيا ولبنان وبريطانيا والولايات المتحدة وبلجيكا والأردن وألمانيا وماليزيا وسوريا.