"انطباع شروق الشمس" لوحة أسست مدرسة فنية جديدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "انطباع شروق الشمس" لوحة أسست مدرسة فنية جديدة

    "انطباع شروق الشمس" لوحة أسست مدرسة فنية جديدة


    150 عاما على ولادة الحركة الانطباعية مع كلود مونيه.
    الجمعة 2024/04/19
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    لوحة "انطباع شروق الشمس"

    بينما كان أغلب الفنانين التشكيليين يرسمون الطبيعة والحياة من حولهم كما هي، اختار كلود مونيه أن يتمرد ليرسم انطباعاته من الطبيعة والتغيرات المتسارعة الحاصلة في الأشياء من حوله، فكان تمرده ذلك سببا في نشأة إحدى أهم مدارس الفن التي نحيي هذا العام الذكرى 150 لبدايتها، وهي الحركة الانطباعية.

    يحتفل العالم هذا العام بمرور قرن ونصف القرن على ولادة الحركة الانطباعية في الفن التشكيلي، والتي سميت كذلك نسبة إلى لوحة الرسام الفرنسي كلود مونيه (1840 – 1926) التي تحمل عنوان “انطباع شروق الشمس”.
    لوحة صادمة


    رسم كلود مونيه لوحته الشهيرة عام 1872 وعرضت للمرة الأولى في المعرض الذي أقامته جمعية النحاتين والرسامين غير الرسمية في أستوديو المصور نادار بباريس عام 1874.

    شارك في ذلك المعرض أكثر من واحد وثلاثين رساما وعرضت فيه حوالي أربعمئة لوحة. وكان من أبرز الرسامين المشاركين في المعرض، بالإضافة إلى مونيه، إدغار ديغا وكاميل بيسارو وأوغست رينوار وبول سيزان، وقد تعرضت أعمال الأخير للنقد اللاذع من قبَل النقاد الفنيين آنذاك هي وأعمال كلود مونيه على وجه الخصوص، حيث اعتبروا أن الأعمال المعروضة لهؤلاء الفنانين مريبة وتعاملوا معها باستسهال وعدم دقة وكان على رأس النقاد المهاجمين لهم الناقد الساخر لويس ليروي الذي عنون مقاله في جريدة لوشارفاري اليومية بـ”انطباعات كلود مونيه ورفاقه”، نسبة إلى لوحة “انطباع شروق الشمس”.


    من أشهر لوحات مونيه "النزهة"، و"حديقة في سانت إدريس"، و"زهور الخشخاش"


    بعد هذا المقال أطلق على الحركة التي يمثلها هؤلاء الفنانون اسم الحركة الانطباعية، وعبر ليروي عن صدمته مما قدمه الرسامون الهواة منتقدا منظورهم الخيالي القديم!

    وكتب الناقد الفني جولز كاستيازي بعدما شاهد لوحة مونيه الضبابية غير واضحة المعالم في جريدة “القرن” ما يلي: “إنهم قدموا (يقصد الرسامين) الإحساس الذي تثيره هذه المناظر الطبيعية بدلا من المناظر الطبيعية نفسها!”.

    وكان مونيه ورفاقه السبعة قد تمردوا على كل أسس الرسم المتعارف عليها قبلهم من أكاديمية الفنون الفرنسية التي رفضت أعمالهم والاعتراف بهم، حيث أنهم خرجوا من الأستوديو إلى الهواء الطلق واستعاضوا عن رسم الموديلات والأشخاص برسم المناظر الطبيعية وما تتركه من انطباع أثناء مشاهدتها.

    الصحافي الوحيد الذي لاقت أعمال مونيه ورفاقه الاستحسان عنده في ذلك المعرض الذي زاره حوالي أربعة آلاف شخص هو ثيودور دوريت، فقد رأى الأخير أن كلود مونيه قد ابتكر أسلوبا جديدا في الرسم حيث قال “لم يعد مونيه يرسم الجانب الثابت والدائم للمناظر الطبيعية وإنما المظاهر والانطباعات العابرة، فينقل بذلك إحساسا فريدا بحيوية المشهد المرصود”.

    ولوحة “انطباع شروق الشمس” هي منظر عام لميناء مدينة هانوفر الصغير، المدينة التي ولد فيها كلود مونيه، يظهر فيها زورقان صغيران وانعكاس للشمس البرتقالية على الماء وفي العمق عدة سفن ذات السواري الطويلة، ويغلب على اللوحة اللون البرتقالي والأزرق والأخضر وتتميز بضبابيتها الشديدة.
    الولادة والنشأة



    لوحة "بركة زنابق الماء"


    ولد أوسكار كلود مونيه في جيفرني بمدينة باريس عام 1840 لأب يعمل في مجال الشحن التجاري وأم تعمل ربة منزل لكنها تحب الشعر والغناء، ثم انتقل مع عائلته في عمر الخمس سنوات إلى العيش في مدينة هانوفر الواقعة على سواحل النورمادي وكان متفوقا في دراسته هناك.

    كان يحب البقاء في الطبيعة خارج الصفوف، وفي سن الثامنة بدأ يظهر ميله إلى الرسم فكان يرسم على دفاتره المدرسية، وسرعان ما اكتشفت والدته هذا الشيء وأخذت تشد على يده وتدعمه عكس والده الذي كان يرغب في أن يعمل ابنه في تجارة العائلة، لذلك لاقى مونيه بعض الصعوبات بعد وفاة والدته عام 1857 أهم داعميه.

    كان في صغره يرسم الصور الكاريكاتيرية لأساتذته ورفاقه مقابل عدة فرنكات فرنسية ثم التقى بالرسام يوجين أودين وأصبحا صديقين وراح يتعلم منه فن الرسم في الهواء الطلق.

    في عام 1961 التحق بالقوات الفرنسية المتواجدة في الجزائر وسرح بعد عامين بسبب مرضه وعاد إلى باريس، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة ليكمل دراسته. وفي فترة الحرب الفرنسية – الروسية غادر إلى لندن ثم عاد سنة 1872، وتزوج كلود مونيه مرتين لأن زوجته الأولى ماتت بعد وفاة ابنه الثاني وعانى من الفقر كثيرا في حياته الأمر الذي جعله يفكر في الانتحار أكثر من مرة.

    كانت لوحاته تباع بأبخس الأثمان لأن لوحات المناظر الطبيعية لم تكن تلقى تقديرا وقد أهدى فرنسا اثنتي عشرة لوحة من لوحاته بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.

    توفي مونيه في باريس عام 1926، ومن أشهر أقواله “عزائي الوحيد في هذه الدنيا هو وقوفي مباشرة أمام الطبيعة أثناء الرسم، وقد سعيت من وراء ذلك إلى تصوير انطباعاتي عن تلك اللحظات سريعة الزوال فيها”. ومن أشهر لوحاته “النزهة” 1875، و”حديقة في سانت إدريس” 1867، و”زهور الخشخاش” 1873، و”بركة زنابق الماء” 1899.

    وبمناسبة ولادة الحركة الانطباعية يحتفل هذا العام متحف دورسيه، الخاص بالفن الانطباعي، في باريس بذكرى أشهر فناني هذه المدرسة التشكيلية، حيث يرسل حوالي 138 لوحة من اللوحات الـ400 الموجودة لديه لعرضها في ثلاثة عشر إقليما فرنسيا وفي متحف ناشيونال غاليري أوف آرت في واشنطن حتى يتسنى للجمهور العالمي الإطلاع على لوحات أشهر فناني المدرسة الانطباعية مثل كلود مونيه وبيسارو وسيزان والاستمتاع بمشاهدتها، ويبقى لهؤلاء الرسامين رواد الحركة الانطباعية في فرنسا الفضل في ولادة مدارس فنية أخرى منبثقة عن مدرستهم كالتعبيرية والتكعيبية.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    إلياس حموي
    كاتب سوري
يعمل...
X