تويت
الفن المسرحي
المسرح من الفنون الدرامية المهمة والقديمة التي تهتم بالأداء والعروض الحية على خشبة المسرح، وكلمة مسرح Theater مشتقة من الكلمة اليونانية theaomai التي تعني الرؤية، وهذا دليل على أهمية الأداء في الفنون المسرحية، ولكن هذا ليس كل شيء فالمسرح فن أدبي يهتم بالمضمون والعنصر الفكري الذي يقدمه للجمهور، ولكن لا يكتفي فن المسرح بأحد العنصرين؛ الأداء والفكرة بل يجب أن يجتمعا معًا ليشكلا عملًا فنيًا مهمًا، ومع أن المسرح يُدرس على أنه فن أدبي إلا أنه يجب أن يولي اهتمامًا كبيرًا بالحركة والغناء والرقص ليترك الأثر المطلوب لدى المشاهد،[١] والفن المسرحي قديم جدًا وكان وسيلة تعبيرية للبشر منذ آلاف السنين، وجمع بين الترفيه والتعليم ليقدم قيمة كبيرة للمجتمع.[٢]
تاريخ الفن المسرحي
وُجدَ المسرح منذ القدم ويمكن القول إن تاريخه يعود إلى آلاف السنين، وعلى الرغم من أن الجذور التاريخية للمسرح الذي نعرفه اليوم تعود إلى العصر اليوناني إلا أنه أقدم من ذلك، ويمكن أن يتجلى بالطقوس القبلية والدينية التي كانت موجود قبل ذلك بكثير، وعلى هذا فإن أصل المسرح يعود إلى 8500 سنة قبل الميلاد، في حين أن أول مسرح حقيقي بالمفهوم الذي نعرفه اليوم وُجدَ في أوروبا ويعود تاريخه إلى 600 سنة قبل الميلاد وهي فترة العصر الروماني المشهور بمدرجاته الواسعة التي كانت تُقام فيها المسرحيات والعروض الحية والاحتفالات.[٣]
لم يقتصر وجود المسرح على اليونانيين فحسب بل وُجدَت دلائل لوجوده عند المصريين القدماء، وحتى الإغريق كان لهم دورًا أساسيًا في تشكيل مفهوم المسرح، أما من الناحية العلمية فتشير التسجيلات إلى أن المسرح بدأ بمهرجان ديني أُقيمَ لتكريم الإله ديونيسوس واتخذَ حينها شكل الرقص والغناء، ومع هذا ما زال اليونانيون هم الأكثر تأثيرًا في المسرح وما زالت أقنعتهم تُستخدم إلى اليوم وهي رمز للمسرح، وكانت تستخدم هذه الأقنعة لنقل المشاعر للمشاهدين التي كانت غالبًا حزينة لأنهم فضلوا الدراما التراجيدية (المأساة)، وحتى الرومان استوحوا مسرحياتهم من اليونانيين ولكنهم فضلوا الكوميديا (الملهاة) على التراجيديا، ويعود عمر المسرح الروماني إلى 300 سنة قبل الميلاد، وشيّدوا حوالي 125 مسرحًا.[٣]
تراجع الفن المسرحي مع قدوم الدين المسيحي بسبب محاربته له، ولكن بعد حوالي 1000 عام استعاد المسرح مساره الصحيح وعاد إلى المجتمع، وعاد الممثلون المحترفون للعمل وفُتحت المسارح، وتشكّل المسرح بالمفهوم المعروف والمشاهَد اليوم في القرن الخامس عشر في إنجلترا، وهنا لا بدّ من ذكر فضل بعض الأدباء والشعراء أمثال شكسبير، الذي شكلت كتاباته المسرحية وأشعاره مادة دسمة ومهمة للأعمال المسرحية حينها وما زالت إلى اليوم، ومع هذا مرّ المسرح بانتكاسات وعقبات عدة، لحين سُمح للنساء بالتمثيل على المسرح، وشكّلت الطبقة المتوسطة حينها السواد الأعظم من الجمهور والمشاهدين، وبهذه الأثناء دخلت أساليب جديدة على المسرح طوّرت منه ونوّعت من موضوعاته وأثرت بأزيائه وتفاصيله وطورتها.[٣]
عناصر الفن المسرحي
يتألف الفن المسرحي من عدة عناصر تميّزه عن غيره من الفنون، وهذه العناصر كالآتي:[٤]
الممثلون: عنصر أساسي في العمل المسرحي لا غنى عنه، فهم الذين يؤدون الأدوار من خلال النص المسرحي والأزياء والأفعال التي تتصف بها الشخصيات، ويمكن أن تتألف المسرحية من عدة ممثلين ويمكن أن يقوم بها ممثل واحد، وذلك بناءً على نوع العمل المسرحي والهدف منه، ويمكن أن تُروى القصة من خلال الدمى كما هو الحال في مسرح العرائس، ولكن يجب أن تكون نبرة صوت الممثلين وردود أفعالهم نشطة أكثر وفيها بعض المبالغة لإيصال الصوت والإيحاءات للجمهور.
النص المسرحي: هو السيناريو الذي يحوّل الفكرة إلى حوار يُلقيه الممثلون على خشبة المسرح، ويجب أن يحتوي السيناريو على مقدمة القصة، والحبكة، والذروة، والخاتمة.
الأزياء: هي عنصر أساسي في العمل المسرحي لأنها هوية الشخصيات التي يقدمها الممثلون، وتشتمل على الملابس والإكسسوارات، ويمكن من خلالها تحديد ملامح الشخصيات والحقبة التاريخية التي ينتمون إليها.
المكياج: من خلال المكياج يتم توصيف الممثل أو الممثلة، ويختلف المكياج المسرحي بمفهومه عن المكياج العادي الذي تضعه النساء للتجمّل، فالمكياج المسرحي يوضع للممثلين والممثلات على حدّ سواء لإبراز ملامحهم وزيادة شبههم بالشخصيات التي يؤدونها، ويُستخدم أيضًا لإخفاء بعض التفاصيل التي لا تخدم الشخصية، بالإضافة إلى أهميته في تصحيح التشوهات التي تنتج عن الإضاءة المُستخدمة في المسرح والتي تؤدي لزيادة السطوع وإخفاء بعض الملامح.
الإضاءة: تُستخدم الإضاءة في المسرح لتسليط الضوء على مشهد أو ممثل ما على خشبة المسرح، ليس هذا فحسب بل تسمح الإضاءة بنقل المشاعر إلى المشاهدين.
الصوت: تشتمل الأصوات الموجودة في العمل المسرحي على أصوات الممثلين وحواراتهم، والمؤثرات الصوتية، والموسيقى، وكل هذه العناصر يجب أن تخدم المشهد المسرحي.
المخرج: هو عنصر أساسي في العمل المسرحي فهو المسؤول عن تنسيق العمل وتحويله من سيناريو مكتوب إلى مشاهد حية، بالإضافة إلى أنه مسؤول عن تنسيق حركة الممثلين ومكياجهم وملابسهم وكافة التفاصيل الأخرى.
سينوغرافيا: هو العنصر المختص بكافة الزخارف والعناصر الموجود على خشبة المسرح، مثل الديكورات التي تعبّر عن مكان العمل المسرحي والحقبة الزمنية التي يعود لها.
الجمهور: عنصر أساسي في المسرح، فهم المتلقون الذين تُنقل لهم الحكاية أو القصة، والهدف هو التأثير فيهم وترفيههم ونقل القيم والأفكار لهم.
العناصر المادية: هي الأشياء التي يستخدمها الممثلون أثناء أدائهم للعمل المسرحي، وتكون جزءًا من الديكور أو من شخصياتهم.
الكوريغرافيا: يشتمل هذا العنصر على الرقصات أو المعارك التي تخدم النص المسرحي وفكرته، وتعتمد الكوريغرافيا على الموسيقا أساسًا؛ فعندما يحتوي العمل المسرحي على معركة أو رقصة أو حركة من أي نوع يجب أن ترافقها موسيقى ومؤثرات صوتية، ويجب أن تكون حركات الممثلين متوافقة ومنسجمة مع الموسيقى.
التعليق الصوتي: يمكن إدخال صوت على العمل المسرحي للتعليق على ما يحدث على خشبة المسرح، ويلجأ الفنانون لهذا النوع من العناصر عند الحاجة لشرح شيء ما لا يمكن للشخصيات سرده بنفسها داخل العمل المسرحي، والشخص الذي يقوم بدور المعلق الصوتي لا يمكن رؤيته على خشبة المسرح ويمكن سماعه فقط.
أنواع الفن المسرحي
يمكن تقسيم الفن المسرحي لنوعين أساسين، ولكن تندرج تحت كل منهما عدة أنواع أخرى، وفيما يلي توضيح لهما:[٥]
المسرح الموسيقي: يشتمل هذا النوع من الفن المسرحي على عروض وأغانٍ، ويحكي الممثلون قصة العمل فيه من خلال الرقص والأغاني، وهذا النوع يؤثر جدًا على المشاهدين ويمكنه توصيل الأفكار والمشاعر بطريقة مرحة ومسلية.
الدراما: هو النوع الذي يعتمد على الحوار بين الممثلين أو حتى على حوار ممثل واحد مع نفسه فحسب، ويختلف هذا باختلاف نوع الدراما المُستخدمة في العمل المسرحي.