مصطفى الشهابي عاشق أم اللغات
"للبلاد التي يتكلم سكانها العربية اليوم ماض أغر ومدنية موطودة الأسس، قامت في وجه الطهر، فعاركته آلافاً من السنين يوم لم يكن إلا هي كوكب يسطع في حلك الجاهلية والوحشية". بهذه الكلمات يستهل الأمير مصطفى الشهابي محاضرته التي ألقاها في ردهة المجمع العلمي بدمشق في آذار سنة 1927.[1]
في الأول من تشرين الثاني من عام 1893م، ولد مصطفى الشهابي في حاصبيا في لبنان، وتلقى علومه الأولية فيها ثم في بعلبك. وهو من أمراء الأسرة الشهابية
وفي سنة 1905م انتقل إلى دمشق ودخل المدرسة البطريركية الكاثوليكية، ثم سافر سنة 1907م إلى الآستانة، ودَرَسَ في مدرسة فرنسية هناك مدة سنتين، ثم عاد إلى دمشق وانتسب إلى مكتب عنبر وحصل على شهادته. ثم أوفد إلى فرنسا عام 1911 وكان معه في هذه البعثة عز الدين التنوخي وعبد الغني الشهبندر. حصل على شهادة مهندس زراعي عام 1914. وفي العام نفسه عاد إلى الآستانة، وعادل شهادته الفرنسية، ثم دخل المدرسة الحربية فيها، وبعدها انتقل إلى مدرسة البرق والهاتف وتخرج منها برتبة وكيل ضابط.[2]
عين قائد فصيل في سرية البرق في مدينة القدس، ثم نُقل إلى دمشق ترجمانًا في رهط الإشارة اللاسلكية برتبة ملازم. وفي سنة 1916م عُين قائدًا لسريتين زراعيتين في مرج ابن عامر ثم في بيسان ومجدل طبرية، ثم عُين في سنة 1918م مديرًا لزراعة الجيش في دمشق، ثم مديرًا للزراعة في الحكومة العربية.
أهم المناصب
كان منصب مدير الزراعة والحراج هو أول المناصب التي تقلدها الأمير الشهابي، وكان ذلك في أواخر عام 1918. وبعدها تسلم منصب مدير أملاك الدولة، ومدير الاقتصاد الوطني، ووزير المعارف، ومحافظ حلب، وزير مالية، ثم وزير دولة للمالية والاقتصاد الوطني، محافظ اللاذقية، الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء، وزير سورية المفوض في مصر.
ولكن هذه المناصب الإدارية والسياسية رافقت تسلمه لمناصب علمية، منها: عضو في المجتمع العلمي العربي سنة 1926، وما بين عامي 1959 و1968 أصبح رئيساً لمجمع اللغة العربية بدمشق، وإضافة إلى كل ذلك فقد مثّل جامعة الدول العربية ثلاث مرات في حلقات دراسية.
كرّم الأمير مصطفى الشهابي بالوسام الأكبر مع الرصيعة من وسام النيل عام 1953، عندما كان سفيراً لسورية في مصر، ونال جائزة الدولة التقديرية في الجمهورية العربية السورية لعام 1965 وكان أول من يتم منحه إياها.
منجزاته
يعزى الفضل للأمير الشهابي في عدة أعمال قام بها، ومنها: توزيع أملاك الدولة على مئات الفلاحين تشجيعًا للملكيات الصغيرة، تشييد دار الكتب الوطنية في حلب ودار الكتب الوطنية في اللاذقية، دراسة نباتات بلاد الشام وحشراتها وحيواناتها الأهلية وجويَّاتها واقتصادياتها ومياهها، تطبيق العلوم الزراعية الحديثة في بلاد الشام، نقل العلوم الزراعية الحديثة إلى العربية، وضع أسماء عربية (أو معرَّبة) للنباتات الزراعية.
توفي الأمير الشهابي في الثالث عشر من أيار 1968، ووري الثرى في بقعة من جبل قاسيون، وعلى قبره كتب بيت من نظمه حسب وصيته:
أم اللغات قضيت العمر أخدمها/ فهي الشفيعة في غفران زلاتي.
مؤلفاته
في عام 1922 نشر الشهابي كتاب "الزراعة العلمية الحديثة"، وهو كتاب يبحث في الأتربة وتركيبها وعلم حياة النبات والري والتجفيف والأسمدة والدورة الزراعية وغيرها. وكان كتابه الثاني بعنوان "مسك الدفاتر الزراعية بالطريقة البسيطة" عام 1933، وهو رسالة تحتوي على الدروس التي وضعها طبق برنامج التدريس في مدرسة سلمية الزراعية. والكتاب الثالث "الأشجار والأنجم المثمرة" يبحث في فن زراعة الأشجار والأنجم المثمرة، مع تطبيقه على أقاليم بلاد الشام.
وله كتب في البقول وزراعة الخضر في بلاد الشام، وفي الدواجن والخيل. إضافة إلى كتاب بعنوان "طرائف في التاريخ" ويتضمن مجموعة من الطرائف والقصص التاريخية تتسم بالغرابة، وهي أشبه ما تكون بالخواطر. وله أيضاً كتاب "المصطلحات العلمية في اللغة العربية في القديم والحديث" وهو بحوث في نشوء اللغة ووسائل نمو اللغة العربية بالاشتقاق والمجاز والتعريب والمصطلحات العلمية في العصر الحديث وطرق وضعها، وعيوب المعاجم العربية.
وفي كتابه "محاضرات في الاستعمار، الذي طبع في القاهرة 1956، يتحدث عن الاستعمار عامة، باحثاً في صنوف الدول والتسلط والاستعمار وأساليبه، والثورات التي قامت ضد الاستعمار لا سيما في سورية.
وله كتاب في القومية العربية، وآخر في الألعاب الأولمبية، وثالث في المصطلحات الحراجية باللغات الإنكليزية والفرنسية والعربية.[3]
وقد اشتهر الشهابي أيضاً برقة شعره، ونُشرت قصائده في بعض مصادر ترجمته، وفي مجلات وصحف عصره كمجلة الهلال، وله قصائد ورباعيات مخطوطة.
----
المراجع:
[1]مجلة المجمع العلمي العربي، الجزء 3، المجلد 7، دمشق، 1927، ص97.
[2]الأمير المجمعي مصطفى الشهابي، الدكتور ممدوح محمد خسارة، مجموع اللغة العربية بدمشق، 2015، ص14.
[3]الأمير المجمعي مصطفى الشهابي، الدكتور ممدوح محمد خسارة، مجموع اللغة العربية بدمشق، 2015، 20-26.
- عقبة زيدان
- 27 نيسان 2024
"للبلاد التي يتكلم سكانها العربية اليوم ماض أغر ومدنية موطودة الأسس، قامت في وجه الطهر، فعاركته آلافاً من السنين يوم لم يكن إلا هي كوكب يسطع في حلك الجاهلية والوحشية". بهذه الكلمات يستهل الأمير مصطفى الشهابي محاضرته التي ألقاها في ردهة المجمع العلمي بدمشق في آذار سنة 1927.[1]
في الأول من تشرين الثاني من عام 1893م، ولد مصطفى الشهابي في حاصبيا في لبنان، وتلقى علومه الأولية فيها ثم في بعلبك. وهو من أمراء الأسرة الشهابية
وفي سنة 1905م انتقل إلى دمشق ودخل المدرسة البطريركية الكاثوليكية، ثم سافر سنة 1907م إلى الآستانة، ودَرَسَ في مدرسة فرنسية هناك مدة سنتين، ثم عاد إلى دمشق وانتسب إلى مكتب عنبر وحصل على شهادته. ثم أوفد إلى فرنسا عام 1911 وكان معه في هذه البعثة عز الدين التنوخي وعبد الغني الشهبندر. حصل على شهادة مهندس زراعي عام 1914. وفي العام نفسه عاد إلى الآستانة، وعادل شهادته الفرنسية، ثم دخل المدرسة الحربية فيها، وبعدها انتقل إلى مدرسة البرق والهاتف وتخرج منها برتبة وكيل ضابط.[2]
عين قائد فصيل في سرية البرق في مدينة القدس، ثم نُقل إلى دمشق ترجمانًا في رهط الإشارة اللاسلكية برتبة ملازم. وفي سنة 1916م عُين قائدًا لسريتين زراعيتين في مرج ابن عامر ثم في بيسان ومجدل طبرية، ثم عُين في سنة 1918م مديرًا لزراعة الجيش في دمشق، ثم مديرًا للزراعة في الحكومة العربية.
أهم المناصب
كان منصب مدير الزراعة والحراج هو أول المناصب التي تقلدها الأمير الشهابي، وكان ذلك في أواخر عام 1918. وبعدها تسلم منصب مدير أملاك الدولة، ومدير الاقتصاد الوطني، ووزير المعارف، ومحافظ حلب، وزير مالية، ثم وزير دولة للمالية والاقتصاد الوطني، محافظ اللاذقية، الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء، وزير سورية المفوض في مصر.
ولكن هذه المناصب الإدارية والسياسية رافقت تسلمه لمناصب علمية، منها: عضو في المجتمع العلمي العربي سنة 1926، وما بين عامي 1959 و1968 أصبح رئيساً لمجمع اللغة العربية بدمشق، وإضافة إلى كل ذلك فقد مثّل جامعة الدول العربية ثلاث مرات في حلقات دراسية.
كرّم الأمير مصطفى الشهابي بالوسام الأكبر مع الرصيعة من وسام النيل عام 1953، عندما كان سفيراً لسورية في مصر، ونال جائزة الدولة التقديرية في الجمهورية العربية السورية لعام 1965 وكان أول من يتم منحه إياها.
منجزاته
يعزى الفضل للأمير الشهابي في عدة أعمال قام بها، ومنها: توزيع أملاك الدولة على مئات الفلاحين تشجيعًا للملكيات الصغيرة، تشييد دار الكتب الوطنية في حلب ودار الكتب الوطنية في اللاذقية، دراسة نباتات بلاد الشام وحشراتها وحيواناتها الأهلية وجويَّاتها واقتصادياتها ومياهها، تطبيق العلوم الزراعية الحديثة في بلاد الشام، نقل العلوم الزراعية الحديثة إلى العربية، وضع أسماء عربية (أو معرَّبة) للنباتات الزراعية.
توفي الأمير الشهابي في الثالث عشر من أيار 1968، ووري الثرى في بقعة من جبل قاسيون، وعلى قبره كتب بيت من نظمه حسب وصيته:
أم اللغات قضيت العمر أخدمها/ فهي الشفيعة في غفران زلاتي.
مؤلفاته
في عام 1922 نشر الشهابي كتاب "الزراعة العلمية الحديثة"، وهو كتاب يبحث في الأتربة وتركيبها وعلم حياة النبات والري والتجفيف والأسمدة والدورة الزراعية وغيرها. وكان كتابه الثاني بعنوان "مسك الدفاتر الزراعية بالطريقة البسيطة" عام 1933، وهو رسالة تحتوي على الدروس التي وضعها طبق برنامج التدريس في مدرسة سلمية الزراعية. والكتاب الثالث "الأشجار والأنجم المثمرة" يبحث في فن زراعة الأشجار والأنجم المثمرة، مع تطبيقه على أقاليم بلاد الشام.
وله كتب في البقول وزراعة الخضر في بلاد الشام، وفي الدواجن والخيل. إضافة إلى كتاب بعنوان "طرائف في التاريخ" ويتضمن مجموعة من الطرائف والقصص التاريخية تتسم بالغرابة، وهي أشبه ما تكون بالخواطر. وله أيضاً كتاب "المصطلحات العلمية في اللغة العربية في القديم والحديث" وهو بحوث في نشوء اللغة ووسائل نمو اللغة العربية بالاشتقاق والمجاز والتعريب والمصطلحات العلمية في العصر الحديث وطرق وضعها، وعيوب المعاجم العربية.
وفي كتابه "محاضرات في الاستعمار، الذي طبع في القاهرة 1956، يتحدث عن الاستعمار عامة، باحثاً في صنوف الدول والتسلط والاستعمار وأساليبه، والثورات التي قامت ضد الاستعمار لا سيما في سورية.
وله كتاب في القومية العربية، وآخر في الألعاب الأولمبية، وثالث في المصطلحات الحراجية باللغات الإنكليزية والفرنسية والعربية.[3]
وقد اشتهر الشهابي أيضاً برقة شعره، ونُشرت قصائده في بعض مصادر ترجمته، وفي مجلات وصحف عصره كمجلة الهلال، وله قصائد ورباعيات مخطوطة.
----
المراجع:
[1]مجلة المجمع العلمي العربي، الجزء 3، المجلد 7، دمشق، 1927، ص97.
[2]الأمير المجمعي مصطفى الشهابي، الدكتور ممدوح محمد خسارة، مجموع اللغة العربية بدمشق، 2015، ص14.
[3]الأمير المجمعي مصطفى الشهابي، الدكتور ممدوح محمد خسارة، مجموع اللغة العربية بدمشق، 2015، 20-26.