عدنان الأحمد يفتتح غاليري "مرسمي" في الرياض برؤية تشكيلية سعودية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عدنان الأحمد يفتتح غاليري "مرسمي" في الرياض برؤية تشكيلية سعودية

    عدنان الأحمد يفتتح غاليري "مرسمي" في الرياض برؤية تشكيلية سعودية


    خطوة جديدة تبدأ بمعرض لفنانين شباب تجمعهم رؤية جديدة للحياة.
    الاثنين 2024/06/03
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    كلمات وألوان عدنان الأحمد لا حدود لها

    بعد تجاربه المتعددة والناجحة يواصل الفنان السوري عدنان الأحمد نثر ورود مشروعه الفني هذه المرة في العاصمة السعودية، أين يقود "مرسمي" الغاليري الجديد الذي يعد باستقبال المواهب المختلفة والمبتكرة والباحثة عن كل فرص التجريب والتمرد على الضوابط الكلاسيكية، والذي ظهرت أول ملامحه مع معرض "رؤية تشكيلية سعودية شابة".

    “الفن علمني أن أكون إنسانا قبل كل شيء، علمني كيف أحب، وكيف أنام، وكيف أكبر، وكيف أواجه القدر كلما اقترب من بابي، الفن هو امتداد لهذا الخلق الكبير”. تذكرت مقولة عمر حمدي (1951-2015) وأنا أتابع مجريات الإنجاز الجديد الذي يخطه عدنان الأحمد، هذا الرجل الذي أقول عنه دائما إنه مؤسسة ثقافية متنقلة ضمن رجل وأقولها أيضا عن بختيار سعيد مدير وصاحب غاليري “7 رنك” في السليمانية بكردستان العراق فما يجمعهما الكثير، وما بينهما من مفردات متقاطعة لا تحصى.

    عدنان الأحمد، هذا الرجل الذي لا يتعب مهما كانت الطرق التي يمضي فيها وعرة، ولا ينكسر مهما كانت هذه الطرق مفروشة بالصعاب، يرسم لنفسه آفاقا كثيرة ويحدد أحدها ليشتغل عليه ويمضي إليه. فمن لا يتذكر دار وغاليري “الكلمات” بحلب، الذي أطلقه عدنان الأحمد عام 2002، المكان الذي كان له أثره في تنشيط الدورة الدموية للحركة التشكيلية وللفنانين التشكيليين لا بحلب فحسب بل في عموم البلاد، وعلى نحو أخص إطلاق مشروعه الأجمل “رؤية تشكيلية شابة” والذي بموجبه مهد الطريق لأسماء كانت مغمورة.

    حين اهتزت البلاد في النصف الأول من عام 2011، حين هز الثور رأسه معلنا انتقال البلاد من فوق أحد قرنيه إلى الآخر، وأصبحت في مهب السواد، وغاب الأمن والأمان، كان من البديهي أن يحمل نفسه وحلمه ويمضي نحو الشتات، حاله كحال معظم السوريين وهم يخطون تغريبتهم، فحط به الترحال في اسطنبول وبدأ في ترجمة الحلم وإحياء الكلمات كدار نشر وصالة عرض من جديد، رغم صعوبة الحال وما يحيطه من أوجاع. ورغم اللغة الغريبة والمختلفة، إلا أنه استطاع أن يمضي في إحياء مشروعه الأهم “رؤية تشكيلية شابة” ونجح في تقديم أسماء استطاعت أن يكون لكل منها حيزها من الوسط الجميل، لكل منها عطرها ولونها الذي يميزها عن الآخر.

    رغم الاختلاف في اللغة، ورغم المكان الذي قد يكون أشبه بمثلث برمودا يبلع كل من يقترب منه، وأقصد هنا اسطنبول، رغم كل ذلك فعدنان الأحمد لم يبلع ولم ينحن، ولم تجرفه رياح اليأس، فهو يدرك تماما أن امتلاكه للغة الفن وحدها يكفيه، وهي لغة الخلاص، فكيف إذا كان مدججا بحلم كبير وبإرادة الرجل العاشق؟ فهو حتما سيقهر الظروف كلها مهما كانت درجة قسوتها ومهما كانت أنيابها بارزة.
    كلمات تجوب العالم



    ◙ فنان يتكئ على غابة من الفن والتاريخ


    هو يتكئ على غابة من الفن والتاريخ، والتجربة لا تنسج إلا بمكونات فاعلة، وفي سنوات قليلة قد تقترب من عقد من الزمان استطاع أن يضع غاليري “الكلمات” في مصاف الغاليريهات على امتداد اسطنبول، والتي يتمنى كل فنان أن يعرض فيها لأنه يعلم بأن ذلك سيضيف لرصيده.

    عدنان الأحمد، الإنسان الذي قلت عنه سابقا، أنه إنسان عملي، إنسان فعل لا إنسان خواء، إنسان الإنجازات الجميلة والكثيرة، فإنجازاته وفعله تسبقه في الحديث عنه، وهي دعاماته في هذا الطريق، في هذه الحياة. لهذا ما إن أحس بأن اسطنبول لم تعد تكفيه ولم تعد تستوعب حلمه الكبير حتى أسرع إلى مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، لينثر فيها رذاذا من ذلك الحلم ويجمع ثماره فيما بعد.

    أسرع الأحمد إلى الرياض لتكون جناحه الثاني بعد “الكلمات” في اسطنبول، وليبدأ بالتحليق بجناحيه، وبالشكل الذي يليق بطير حر وهو يجوب الأجواء، ملونا ومجملا إياها بطموحه الكبير. ومن هنا ولد مشروعه الجديد الذي عنونه باسم “مرسمي” وهو اسم موفق جدا يوحي بالكثير وإن كنت أرغب بأن يكون الاسم "كلمات 2"، كلمات التي باتت عنوانه، تلازم اسمه أينما حل وأينما ذكر.


    ◙ الفنان أطلق مرسمه تحت عنوان جميل وبمفردات تكاد تلخص فكرته بمؤشراتها الكثيرة والدالة على معنى الفن والحياة


    أطلق الفنان مرسمه الجديد تحت عنوان جميل وبمفردات تكاد تلخص فكرته بمؤشراتها الكثيرة والدالة على معنى الفن والحياة في دواخله، وبرؤية جديدة تكشف له الطريق إلى الحب والحياة: “مرسمي مكان واحد يجمعنا، مرسمي غاليري للفنون، دعوة للحياة وللفن، رؤية جديدة للحياة.. وعلى مساحة سبعمائة متر مربع ينطلق غاليري مرسمي".

    أولى مشاريع هذا المرسم الفنية والتشكيلية معرض “رؤية تشكيلية سعودية شابة” لخمسة فنانين شباب جمعتهم رؤية جديدة للحياة والفن، فنان واحد وأربع فنانات، ولهذا رفده بعنوان فرعي أسماه "1+4"، الفنان هو عبدالله البقمي والفنانات الأربع هن: عيدة الزهراني، مشاعل العطاوي، حنان الحازمي، ندى العلي.

    فنانون تجمعهم روح المواجهة، وروح التجريب والمغامرة والمغايرة، فمقولات اللوحة التقليدية وإظهارها بمظهر الجدة لم تعد تجديهم. يحلو لهم أن يطرحوا أنفسهم بصياغات إبداعية تثير الانتباه ويمكن إدراجها في سياق ما بعد الحداثة، وهذا قد يعيدنا لبعض الوقت إلى إشكالية العلاقة بين الاتجاهات التجريبية المختلفة بوصفها رهانا فنيا خالصا، ولكن ما يبذله هؤلاء الفنانون الشباب هو قدوم ذاتية جديدة تشترك جميعها بتكثيف الإدراك والعمل فيما بعد على تغييره بصياغات أسلوبية تبحث بدورها عن نهجها الخاص، رافضين لجمالية الأنموذج، مؤسسين لقوانين ذاتية، السلطة فيها للخيال وتبني قوانين التجاوز. وقد تكون هذه ردود فعل على مقولات استهلكت واستنفذت مسوغاتها الإبداعية.

    هنا قد تكمن أهمية الحركة الناشئة التي تبهر بنصوصها البصرية والتي تستقطب متلقين ومتابعين عجزت عن استقطابهم الكثير من الحركات الفنية الأخرى.

    أعود إلى عدنان الأحمد ومشروعه الجديد، الجميل، فزراعة القمح والورود في الصحراء ليست سهلة أبدا. ولهذا فالعبء الذي سيحمله سيكون مضاعفا بمرات ومرات، وقالوا له إن المهمة ستكون ثقيلة، فهو أشبه بمن يحرث في الصخر، ولكن هاهو هنا ينجح في الحرث وفي الزرع أيضا، وسينجح بكل تأكيد في القطف، والصعوبات كلها ستقهر أمام تحديه الكبير، وهاهو يبدأ بأولى نشاطاته، معلنا عنها وعن خطه الذي يسير عليه ف”رؤية تشكيلية سعودية شابة” التي يبدأ بها في الرياض هي امتداد لمشروعه في كلمات حلب حين بدأ برؤية تشكيلية سورية شابة، كما فعلها في اسطنبول. فخطه يخدم مشروعه الذي يشتغل عليه منذ عقود طويلة، فكما نجح في حلب واسطنبول كذلك سينجح في الرياض، فـ”مرسمي” الذي أعلن عنه مؤخرا والذي سيديره بنفسه، هو لصديقيه المعماريين عبدالله الغفيلي وخالد الحسينان، وسيكون بمقدوره أن يقود الدفة إلى منحى التأكيد وما يسعى إليه عن كيفية بناء عالم الجمال الذي سيروي كخطاب حكايته التي تحمل كل عناصر التشويق والتميز والنجاح.
    شخصية فاعلة



    ◙ شخصية تنجز الكلام والفعل معا


    سيكون عدنان الأحمد قبطانا ناجحا فهو صاحب الخطط الإستراتيجية، وبعيدا عن خلط الصكوك، هو الشخصية التي تنجز الكلام والفعل معا، الشخصية التي لا تخضع للتعيين، البعيدة عن التقلبات، والتي تكتفي بتقديم نفسها للمتلقي كشخصية متواجدة في قلب كل حكاية فنية يكشفها ويقدمها لنا. هو إنجاز فعل وتجسيد كلام وسيبقى شخصية فاعلة في الحدث بهوية نهضوية، دينامية لا ترفض الصياغات الجديدة، بل تبحث عنها لتضعها في المكان المناسب الذي سيليق بها حتما.

    ما بين 30 مايو الماضي و20 يونيو الجاري، يتجمل غاليري "مرسمي" بمعرض فني، هو إعلان عن ولادته الجديدة، معرض لخمسة فنانين يضم خمسة وعشرين عملا، خمسة أعمال لكل فنان أو فنانة، تحت يافطة عريضة "رؤية تشكيلية سعودية جديدة"، والتي تكاد تكشف لنا خطة الأحمد في تبنيه وتقديمه لأصوات لا تخفي هسيسها الضمني، ولا بعدها عن الرتابة ووطأتها، لأصوات لا تجنح نحو إشكاليات كلاسيكية ذات طابع عقلاني بل نحو خلق إشكالياتها الخاصة، والتي تحمل كل ذرائعها في تكوين صياغات تشغل بدورها من زمن الخطاب الخاص بها ومن مساحته حتى يكاد يشكل بحثا جماليا له المقاييس الداخلية الخاصة، بما تمارسه من وظيفة معرفية وفكرية، أو من وظيفة فنية محدثة لها منظورها الجمالي وما يربطها بنشأتها.

    ◙ خمس تجارب فنية سعودية شبابية قد تكون كافية وكفيلة برسم بانوراما المشهد البصري الشبابي في السعودية

    افتتاحية "مرسمي" بخمسة أصوات تجتمع على مائدة واحدة، تقوم بتمثيل المستحيل والمتخيل، وتمنح اللامتناهي أشكالا دون أن تفقد صفتها، ذلك أنها ترتاد العتبات في رحابها، وتحتمي بالصمت الصارخ حتى تنتشل الأبعاد جميعا من عقالها، فتستدعي النصوص في شكل شظايا، وتبعثر الألوان الطافحة باللامعنى، لا لتتلاقى الأبعاد وتقتل الشيء الذي بات يطال الواقع برمته، بل لانتشال المفردات من يقظتها، والكائنات من تفسخها وانحلالها، هكذا ينتشل الفن بين أصابعها وريشاتها الموجودات التي تبني عوالمها وتبدو وكأنها خاوية وخالية من كل ما تطفح بالحياة، الموجودات الغارقة في الفوضى والعبث واللامعنى.

    خمسة أصوات تحلق في سماء واحدة، تتلقف الجديد من أبعادها المحجبة، لتستعيد ما يجب أن يحتفى به وبفاعليته، فلا يمكن في قراءتنا هذه أن نكشف عن طرائق كل منها، وما يخصها، عن الذرى التي طالما حلمت ببلوغها، وعن الرحاب التي طالما تمضي للارتقاء إليها، فكل شيء يعنينا هنا، بدءا من الإيقاعات التي تهب من أعمالها وصولا إلى الممارسة الفنية في حضرة مآزق يجب الحذر منها وإلا قادتها إلى يتمها.

    خمس تجارب سعودية شبابية قد تكون كافية وكفيلة برسم بانوراما المشهد البصري الشبابي في السعودية، بعيدة عن صخب الحياة العادية وبعيدة عن قضايا المجتمع وقد تكون تلك الطريق المؤدية إلى جمالية المشهد وإبداعه. تجارب تبني حشودا من الدلالات لتكون في أوج كثافتها، والحال أنها تتوسل المقاصد بالتلميح والإشارة وبكل ما يحقق تجلياتها، إن كان على المستوى الأسلوبي أو ما يفتح قريحة خيالاتها نحو تضمين الدفق الدلالي.





    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    غريب ملا زلال
    كاتب سوري
يعمل...
X