أفلام من السينما الپولندية _كاتين Katyn

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أفلام من السينما الپولندية _كاتين Katyn

    أفلام من السينما الپولندية
    كاتين Katyn

    هادي ياسين
    في العاشر من شهر إبريل / نيسان عام 2010 ، سقطت طائرة پولندية قرب مدينة سمولينسك ، غرب روسيا ، بسبب انعدام الرؤية وسط ضباب كثيف ، فقُتل جميعُ مَن عليها . و حَمّل التقريرُ النهائي الطيارَ مسؤولية الحادث .. معزياً ذلك الى تلكؤ خبرته .
    كانت الطائرة تقل 96 من المسؤولين الپولنديين الكبار ، و على رأسهم الرئيس الپولندي " ليخ كاچينسكي " و برفقته زوجته " ماريا كاچينسكا " . و كان هذا الوفد الكبير ذاهباً الى روسيا لإحياء الذكرى السبعين لمجزرة ( كاتين ) التي راح ضحيتها ــ أثناء الحرب العالمية الثانية ــ أكثر من 22 ألفاً من الضباط الپولنديين و أساتذة الجامعات و الكتاب و الفنانين و نُخب المجتمع الپولندي .
    سقوط الطائرة بعث الشك لدى الپولنديين و رُبط الحادث بالمجزرة ذاتها في سياق نظرية المؤامرة ، بمعنى أن الحادث كان مُدبّراً للقضاء على آخر أمل في ملف ( كاتين ) . و كانت تلك المجزرة قد سُميت بهذا الإسم لأنها وقعت في غابة ( كاتين ) الپولندية التي لا تبعد عن قرى مدينة سمولينسك الروسية سوى 19 كيلومتراً ، و لأن أول آثار المجزرة قد تم اكتشافها في تلك الغابة ، ولكن تبين لاحقاً أن العديد من المدن و البلدات البولندية ، و حتى في موسكو ، و في بيلاروسيا أيضاً ، قد شهدت إعدامات لأسرى پولنديين وفق قوائم أعدتها ما تُسمى بالمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية ( الشرطة السرية السوڤييتية ) NKVD التي كان يرأسها ــ في ذلك الوقت ــ " لاڤرينتي بيريا " الدموي ، الذي كان الذراع اليُمنى لـ " ستالين " .
    فقبل دخولها الأراضي الپولندية ، كانت القوات السوڤييتية الروسية قد أوعزت الى القوات الپولندية بعدم إعتراضها ، إذ أن غايتها طرد الجيش النازي الذي إحتل الجانب الغربي من پولندا . و هكذا احتلت هذه القوات الروسية الجانب الشرقي من البلاد ، و إذ تبينت للپولنديين خيوط المؤامرة الروسية الآلمانية على بلادهم فقد بدأوا بالتذمر و من ثم التحرك ، فأقدم الروس على خطوة إستباقية فأسروا كل من كانت تشك في نواياه التمردية ، فبدأوا بضباط الجيش الپولندي من مختلف الرتب ثم توجهوا نحو الطبقة المثقفة ، خشية صياغتها الرأيَ العام الوطني المضاد ، من أساتذة جامعات و كتاب و صحفيين و معلمين و موظفين حكوميين . و قد تجاوزت أعدادهم المئة و خمسين ألفاً ولكن تم إطلاق سراح بعضهم ، غير أن أعداد الذين كانوا ضحايا المجازر المتفرقة إقتربت من الثلاثين ألفاً ، أبرزهم ضباط مجزرة غابة ( كاتين) .
    و كان على المخرج الپولندي الشهير " أندريه ڤايدا " أن ينتظر خمسين عاماً كي يتمكن من إخراج فيلم روائي يوثق تلك المجزرة سينمائياً ، لأن پولندا كانت خاضعة لسلطة موسكو ضمن منظومة ما كان يُسمى بالإتحاد السوڤييتي الذي سقط في النهاية عام 1989 ، و كانت شرارة الثورة ضد الشيوعية و منظومتها قد إنطلقت من پولندا نفسها ، على يد حركة ( التضامن ) التي أسسها " ليخ ڤاليسا " عام 1980 ، و قبلها كانت حركات الإنشقاق قد ظهرت في پولندا منذ العام 1970.
    و قد صفق الپولنديون لهذا الفيلم بحماس ، لأنه ثأر لأهلهم و أجدادهم و أقاربهم و مواطنيهم .. ضحايا تلك المجزرة البشعة .
    و هذه المجزرة لا تمثل بشاعة الإنسان حين يسحق إنسانية أخيه الإنسان حسب ، بل واحدة من فضائح الحروب ، و تحديداً فضائح الجنود الروس خلال الحرب العالمية الثانية ، و التي تناولتها الكثير من أدبيات ما بعد الحرب . و إذ كانت روسياً طرفاً رئيساً في جبهة الحلفاء في هذه الحرب فهي فضيحة من فضائح هذه الجبهة ضمناً ، أقـَـبـِلَ الحلفاء الغربيون لروسيا بهذه الحقيقة أم رفضوا ، و إن كان الإتفاق الروسي ــ الآلماني ، قبل أسبوع من إندلاع تلك الحرب ، يمثل خيانة روسية للحلفاء .
    في الأول من سبتمبر / أيلول عام 1939 ، غزت آلمانيا النصف الغربي من الأراضي الپولندية ، و بعد ستة عشر يوماً ، أي في السابع عشر من الشهر ذاته ، غزا الإتحاد السوڤييتي النصف الشرقي من البلاد . و سرعان ما تبين أن ذلك قد تم وفق إتفاق سري بين " هتلر " و " ستالين " وثـقته إتفاقيةٌ سريةٌ وقـّعها كلٌ من وزير خارجية آلمانيا " يواخيم ڤون ريبنتروب " و وزير خارجية الإتحاد السوڤييتي " ڤاچيلاف ميخائيلوڤيچ مولوتوڤ " ، وذلك في موسكو ، بتاريخ 23 أغسطس 1939 ، أي قبل سبعة أيام فقط من الغزو الآلماني لپولندا . و كان مبرر الطرفين ــ الآلماني و السوڤييتي ــ لهذا الإتفاق السري هو أن پولندا كانت جزءاً من أراضي الإمبراطورية القيصرية الروسية و من أراضي الإمبراطورية القيصرية الآلمانية قبل الحرب العالمية الأولى ، أي قبل فصلها عن سلطتي هاتين الإمبراطوريتين ، و من ثم إستقلالها . و قد حملت تلك الإتفاقية تسمية تمويهية ملتبسة هي ( إتفاق عدم الإعتداء الآلماني الروسي ) في حين أن الطرفين كانا على حافة إبادة كل منهما الآخر ، حتى تبين أن الهدف من تلك الإتفاقية هو تقاسم پولندا و ليس (عدم الإعتداء الآلماني الروسي ) . فتقاسم الطرفان إبادة الشعب الپولندي ، إذ أباد الآلمان أكثر من 5 ملايين پولندي بين يهود و أثنيين و غجر ، إذ قضوا على نحو 90% من يهود پولندا في ما إصطُلح عليه بـ ( الهولوكوست ) .. أي نحو 3 ملايين يهودي پولندي . و الروس أنفسهم لم يكونوا مقصرين في مسلسل التنكيل و قتل الپولنديين ، و مجزرة ( كاتين ) و ملحقاتها دليلٌ ساطعٌ على ذلك ، و قد جرت على مدى شهري أبريل / نيسان و مايو / آيار من عام 1940 .
    و الواقع أن خطة " هتلر " كانت تنظر الى پولندا بإعتبارها المنطقة الرخوة التي يمكن من خلالها غزو أوروبا ، ولكنه كان يطمح أيضاً في إلتهام روسيا ، لذلك ما أن ثبت جيشُهُ أقدامَه في پولندا حتى بدأ زحفه نحو الأراضي الروسية في 22 يونيو / حزيران من عام 1941 ، في عملية أُطلِق عليها إسم ( بارباروسا ) ، تيمناً بإسم الإمبراطور الآلماني " فريدريك الأول بارباروسا " الذي تقول الأسطورة الآلمانية إنه هو الذي سينقذ آلمانيا بعد أن يستيقظ من سباته ، و قد جنّد الجيش الآلماني لهذه العملية 4 ملايين و نصف المليون جندي ، من ضمنهم جنود دول المحور الذين كان جنود إيطاليون في مقدمتهم .. على إمتداد جبهة عرضها نحو 3 آلاف كيلو متر .
    و إحتلال روسيا لم يكن حلم " هتلر " حسب " ، فقد سبقه الى ذلك " ناپوليون پوناپرت " عام 1812 ، الذي سبقه ملك السويد " شارل الثاني عشر " عام 1700 ، و جميعهم هُزموا وَفقَ الخطة الروسية ذاتها : تراجعُ الروس أمام زحف العدو وهم يحرقون مدنهم و مزارعهم و محاصيلهم كي لا يتركوا شيئاً للعدو ، حتى يحل البرد و الثلج الثقيل ، ليقضي عليهم الشتاء الروسي المارد ، الذي كان بطل الروس التاريخي و قد هُزمت في ثلوجه و في طيات برده تلك الجيوش الكبيرة الزاحفة نحو روسيا من الغرب الأوروپي .
    كيف تم اكتشاف مجزرة غابة كاتين ؟
    أول الأمر عثر سكانُ المناطق القريبة من غابة كاتين على بقايا جثث بشرية ، و تحديداً في مدينة كوزلسك ، فأوصلوا الخبر الى عمال السكك الحديد ثم وصل الى القوات الآلمانية التي كانت المنطقة قد وقعت في قبضتها أثناء زحفها الذي بدأ في 22 حزيران / يونيو 1941 .
    على أثر ذلك إكتشف الجنود الآلمان و هم يعبرون غابة كاتين التي عند الحدود الپولندية الروسية بقايا أجساد بشرية تبرز من قشرة الأرض ، ليكتشوا مقابر جماعية لضباط پولنديين بحللهم و رتبهم العسكرية و قد قتلوا بطلقات في الرأس من الخلف . فكانت تلك غنيمة إعلامية للنازيين ضد أعدائهم السوڤييت ، و إذ نشروا خبر الجريمة لكسب الحرب من جهتها الإعلامية فإن السوڤييت قلبوا الآية و نسبوا الجريمة الى الآلمان ( الذين مروا بالغابة و قتلوا الپولنديين الذين كانوا يحرسون الحدود ) . و ظلَّ الروس مصرّين على هذه الرواية الى النهاية دون إعتراف بإرتكابهم للمجزرة ، حتى راحت الإعترافات و الوثائق تتسرب لتثبت ضلوع الكرملِن في هذه الجريمة . و تثبت إحدى الوثائق أنه بطلب وزير الداخلية المجرم " بيريا " في رسالة منه الى " ستالين " ، فقد تم في 5 مارس / آذار 1940 التوقيع على إعدام 25700 پولندي يمثلون ( الوطنيين المعادين للثورة ) ، و قد وقع على مذكرة الإعدام كلٌ من : " ستالين " و " ڤياچيسلاڤ مولوتوڤ " و " كليمنت ڤوروشيلوڤ " و " أنستاس ميكويان " .
    و بعد أن تفاعلت قضية هذه المجازر دولياً على مر السنوات ، فقد ذكر بيان للوكالة الفيدرالية للإرشيف الروسي أن ( هذه الوثائق كُشفت في ايلول/ سبتمبر 1992 ، و بأمر من الرئيس الروسي " بوريس يلتسين " ، و سُلـّـمت نسخُها الى الجانب الپولندي ) . و كانت روسيا قد نشرت سلسلة من الوثائق السرية حول مجزرة ( كاتين ) ، إذ ذكرت الوكالة ذاتها أن ( النسخ الالكترونية لوثائق اصلية من الملف رقم 1 حول مشكلة " كاتين " نُشرت بأمر من رئيس الاتحاد الروسي " دي. ايه. مدڤيديڤ" ) .
    و يقول البعض أن هذه الوثائق كانت متاحة أمام الباحثين فلا جديد في إماطة اللثام عنها ، غير أن سراً جديداً تولّد عندما تباحث رئيسا وزراء روسيا و پولندا مطلع شهر إبريل/ نيسان 2010 ، حول قضية مجزرة كاتين ، لتعقب ذلك زيارة و مقتل الرئيس الپولندي في العاشر من الشهر ذاته و قد قدِمَ الى روسيا ( لإحياء ذكرى ضحايا المجزرة ) .
    سقتُ هذه المقدمة ــ التي ستستفز ، دون شك ، ذيولَ " ستالين " و إتحاده السوڤييتي ــ كي أضع مُشاهِد فيلم ( كاتين ) أمام الصورة التاريخية التي لم ينفع الإعلام السوڤييتي و أتباعه التلاعبُ بها .
    هذا الفيلم هو الفيلمُ قبل الأخير للمخرج الپولندي " أندريه ڤايدا " ( 1926 ـ 2016 ) . فيلمه الأخير ، و قد توفي قبل أن يكمله ، هو ( بعد الصورة ) الذي يتناول سيرة الرسام الپولندي " ڤلاديسلاڤ سترزيمينسكي " رائد الحداثة في فن الرسم في پولندا و المُعارض للنظام الشيوعي الشمولي ، و هو الفيلم الذي أكملته ــ بعد وفاته ــ زوجته المخرجة " غازيتا فيبورسيز " . و يكفيه هذان الفيلمان رداً على من يتهمه بالتعاون مع النظام السابق قبل انهياره .
    هذا الفيلم ، ( كاتين.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    إليكم رابط الفيلم :
    https://ok.ru/video/897150487072

يعمل...
X