عبدالمنعم حمندي شاعر يحمي بيئته من النسيان والزيف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبدالمنعم حمندي شاعر يحمي بيئته من النسيان والزيف

    عبدالمنعم حمندي شاعر يحمي بيئته من النسيان والزيف


    العراق حاضر دائما في قصائده.
    السبت 2024/05/25
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    البطولة دائما للمرأة والحب

    لندن - “عطشُ البلادِ برافديها، والنخيلُ غاضبٌ/ يتوسل الغيم إذا شحّ المطر/ لا الغيث يطفئ نارها لا الريح لا هذا النهر/ الماء رملٌ والندى شررٌ تقدَّد من حجر/ شجرٌ حزينٌ، يستعير غمامتين من الفضاءْ”، بهذا الصوت المكلوم ينشئ الشاعر العراقي عبدالمنعم حمندي عوالمه الشعرية التي تذهب في أغلبها إلى الاشتباك بين الذاتي والجمعي في مساحة تمثل الألم والحنين والذكرى والجمال هي وطنه العراق.

    إنه كما يرد في كتاب “قراءات وشهادات في شعر عبدالمنعم حمندي”: شاعر مطبوع يبدو طيفه في القصيدة منعتقا من الصنعة، محلقا في مخياله وفي الوقت ذاته ملتصقا بالواقع، قابضا على ناصية الوعي، فهو شاعر الغيبوبة الواعية تزرع قصيدته لدى المتلقي هاجسا يبقى صداه في روحه لأنه ملتصق بقضايا بيئته الزمكانية.
    تجربة شعرية



    موضوعات الشاعر تنوعت بين الذاتي والوطني والإنساني إذ يرصد برهافة ووعي الشاعر هموما عامة بلغة سلسة


    ولد عبدالمنعم حمندي في محلة القشلة في بغداد عام 1954 ودرس في مدارسها ليتخرج من كلية الآداب المسائية (أصول الدين سابقا)، وإلى جانب إبداعاته الأدبية عمل في الصحافة منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، وقد نال عدة جوائز أدبية في العراق وفي الوطن العربي، ولطالما كانت دواوينه الشعرية محط اهتمام الأدباء والنقاد العرب على مدى أكثر من أربع عقود.

    بدأ حمندي كتابة الشعر في السبعينات من القرن الماضي، وكانت انطلاقته مع كتابة الشعر العمودي المقفى، لكنه سرعان ما تحول تماشيا مع الحركة الشعرية العربية المجددة زمنها إلى قصيدة التفعيلة، أو ما يسمى القصيدة الحرة.

    كتب الشاعر وطنه باستفاضة، وكأنه يريد ترميمه، فلا تخلو مجموعة له من تناول العراق من زوايا متعددة، منها المسكونة بالتفجع والرثاء ومنها المنسوجة من التحدي وانتفاضة العنقاء من رمادها، ومنها ما يسائل الوطن ويسعى إلى استذكار ماضيه وإرشاده للمستقبل.

    المرأة حاضرة بقوة في قصائد الشاعر الذي يقول “كل دواوين الشعر التي كتبتها كانت بطلتها المرأة وما من ديوان لي إلا وقصائد الحب متوهجة في ثناياه والمرأة تعيش معي وأعيش معها، والحب يسكنني طفلا، وفي مرحلة شبابي وكهولتي وشيخوختي”.

    كما يستعيد عناصر رمزية كثيرة من بيئته العراقية مثل النخلة والنهر وغيرهما.

    الشعر عند حمندي ليس إيحاء بل هو تحليق وتخييل، يصوغ لغة متمردة على الأنماط التقليدية، بأشكال ومضامين جديدة في الفكرة والصورة والانزياح، إنه “ارتجاج روحي، للأشكال العتيقة، فالشاعر رائي حالم يحاول إبداع أشكال ومضامين جديدة وغريبة، فينعكس ذلك في لغة وصور غير مألوفة”.

    يقول فيليب أبوفاضل متحدثا عن حمندي إنه “أحسن إدخال القص أو السرد إلى قصائده، فتعلم إيماء إلى ماذا يرمز، وقد أكثر الإشارات إلى الرسالات الإيمانية، ولم ينس أننا نعيش في مكان وزمان، وبقي هو نفسه الراوي والمحاور والواصف، والمتنقل بسهولة بين المتكلم والمخاطب والغائب، كما أنسن الحيوان وحرك الجماد ومارس الرمزية والاستعارة والتشبيه”.

    ويضيف “للشاعر القدرة على الانتقال في القصيدة الواحدة بين الماضي والمستقبل، ولا أقول الحاضر، لأن الحاضر افتراض كافتراض النقطة ملتقى خطين، والحاضر يصبح من الماضي ما إن تخط حرفا في كلمة لتنتقل إلى الحرف اللاحق به”.
    ضد الأقفاص



    الشاعر كان ومازال من دعاة كسر القيود وفتح الأقفاص رافضا بشكل قاطع أن يحبسه النقاد في أي قفص


    الشاعر حمندي كان ومازال من دعاة كسر القيود وفتح الأقفاص، رافضا بشكل قاطع أن يحبسه النقاد في أي قفص كان سواء من حيث شكل القصيدة أو الانتماء الجيلي.

    يرفض حمندي فكرة الأجيال الأدبية معتبرا أن الإبداع أكبر من الزمن، قائلا في واحد من حواراته إن “الإبداع الحقيقي ينفع لكل عصر وكل جيل ولا يحدد بزمن. والمتنبي الذي رحل قبل أكثر من ألف عام لا يزال بيننا نستشهد به في كل موقف وحدث وكأنه يعيش زماننا وإنه يكفي العرب لألف عام قادم”، مشددا على أن لكل مبدع بصمته ومنجزه وحضوره ونتاجه وهويته ويمثل شخصيته المستقلة بذاتها.

    تنوعت موضوعات الشاعر في مختلف مجموعاته بين الذاتي والوطني والإنساني، إذ يرصد برهافة ووعي الشاعر هموما عامة بلغة سلسة وخلال تجربته الشعرية لا تقطع انتماءها بالمدونة الشعرية العربية، خاصة من حيث الإيقاع، إذ التزم الشاعر في أغلب تجربته بكتابة قصيدة التفعيلة.

    ترى الشاعرة عطا الله أن الشاعر حمندي يغلب على قصائده الحزن ويداهمه الألم لأن الفرح في زمانه عابر وأحيانا يتلاشى، لافتة إلى أن الحرب على العراق كانت دافعا إلى كتابة الكثير من نصوصه التي تمتاز بالإنسانية والخير والحق والجمال إضافة إلى إلقائها الضوء على الأسس البنيوية التي كتب عليها النصوص.

    الكثير من المؤلفات صدرت للشاعر منها “آتيك غدا” و”أول النار” إضافة إلى كتابات في النقد والبحوث منها “أمير صعاليك بغداد” وغيرها. إذ لم يقف عند حدود كتابة الشعر بل كتب في شتى الميادين، وقد كان للعمل في الصحافة الدور في فتح آفاق تجربة الشاعر ليخوض في مواضيع وأنماط كتابية مختلفة، مقدما رؤاه في الأدب والثقافة وحتى في السياسة والمجتمع، بينما يبقى رهانه الأول العراق الذي يحضر في ما يكتبه باستمرار بكل قضاياه وحمولاته التاريخية والحضارية وأزماته.

    للشاعر مواقفه السياسية الواضحة والتي لا تقبل الرمادية والحياد، فقد عارض بشدة الاحتلال الأميركي للعراق، كما رفض الديمقراطية التي قدم بها الاحتلال وينعتها بـ”المزيفة”، لكنه يرى أن الوضع يتغير في السنوات الأخيرة بعد الصحوة التي عرفها مثقفو العراق.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X