كاليجولا الامبراطور الروماني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كاليجولا الامبراطور الروماني

    كاليجولا الامبراطور الروماني :

    أشهر طاغية في التاريخ الإنساني
    ولد الامبراطور كاليجولا او غايوس قيصر في 31 اغسطس من عام 12 ميلاديا في مدينة انتيوم التي تعرف اليوم باسم انزيو في ايطاليا ، وكان غايوس قيصر ترتيبه الثالث ضمن ستة ابناء لجيرمانيكوس واغريبينا الاكبر ، وكانت عائلة الامبراطور كاليجولا عائلة رومانية متميزة ، حيث كان جده الاكبر هو يوليوس قيصر الامبراطور الروماني الشهير ، وكان والده جيرمانيكوس زعيم محبوب من شعب روما ، على عكس ابنه الامبراطور كاليجولا الذي سوف يحكم الامبراطورية بالغرور والقسوة فيما بعد .

    وله صلة قرابة من ناحية الام بالامبراطور الأشهر نيرون الذي أحرق روما.
    تمت تربيته بين العسكر اعدادا له للحكم وأطلقوا عليه هذا الاسم “كاليجولا” ومعناه الحذاء الروماني سخرية منه في صغره وظلّ يحمل هذا اللقب حتى مصرعه.

    مأساة عائلية تغير مصير كل شئ :
    عندما ولد الامبراطور كاليجولا ، كان حكم الامبراطور اوغسطس قد وصل الى نهايته ، فقد تدهورت صحة الامبراطور اوغسطس وكان يجب تجهيز وريث العرش من بعده ، لذلك قام بتعيين الامبراطور تيبريوس ، وكان تيبريوس قائد غير محبوب نظرا لمواقفه السياسية السابقة ، وكان اختياره كوريث للعرش مع شرط واحد ، وهو انه اذا تم رفضه من قبل شعب بروما سوف يكون مجبرا على ترك العرش لجيرمانيكوس والد كاليجولا .

    وفي 19 اغسطس، في عام 14 ميلاديا توفى الامبراطور اوغسطس ، وبعدها تولى تيبريوس الحكم ، الذي قام بارسال جيرمانيكوس الى مقاطعات روما للقيام بمهام دبلوماسية ، وهناك اصيب جيرمانيكوس بالمرض وسرعان ما مات هناك ، وقد ظهرت نظريات بين المؤرخين ربطت بين تيبريوس ووفاة منافسه السياسي جيرمانيكوس .

    اما عن اغريبينا الكبري زوجة جيرمانيكوس ووالدة الامبراطور كاليجولا ، عندما علمت بوفاة زوجها غضبت وشعرت بوجود مؤامرة لقتل زوجها وقررت الانتقام والثأر له ، ولكن تيبريوس لم يعطيها الفرصة لذلك ، وقام بسجنها في احدى الجزر النائية ، وقام بتجويعها حتى الموت ، ثم قام الامبراطور تيبريوس بسجن ابنها الاكبر الذي انتحر في السجن ، ومات اخيه من الجوع بعدما حبسه الامبراطور تيبريوس .

    وبسبب صغر سن كاليجولا كان مجبر على العيش مع جدته ليفيا زوجة الامبراطور السابق اوغسطس ، وعاش معها فترة مراهقته مع اخته دروسيليا ، وفي عام 31 ميلاديا ، تم استدعاء كاليجولا الى جزيرة كابري عن طريق قاتل عائلته الامبراطور تيبريوس ، ولكن كاليجولا سيطر على غضبه واظهر الاحترام لتيبريوس ، ولكن هذا ادى الى خلل في نفسيته ، فقد اصبح سعيدا بمشاهد القتل والاعدام التي يقوم بها الطاغية تيبريوس .

    كاليجولا والوصول الى السلطة :
    في مارس من عام 37 ميلاديا ، اشتد مرض الامبراطور الطاغية تيبريوس ، ثم توفى بعد مرضه بشهر واحد ، وظهرت شائعات بان كاليجولا قد قام بخنقه ، ولكن هذه الشائعات لم تلقى اي صدى لدى معظم الناس ، فقد كان الرومان سعداء بموت الامبراطور الطاغية ، وفي هذا الوقت اصبحت السلطة في يد كاليجولا بشكل جزئي ، وكان الناس يعتقدون ان كاليجولا يمتلك نفس صفات والده العظيم ، الراحل ، وقام مجلس الشيوخ الروماني بتنصيب الامبراطور كاليجولا البالغ من العمر 24 عاما وقتها ، والذي لم يكن يملك اي خبرات في الحكم والدبلوماسية او الحروب

    تولى حكم روما منذ العام 37 الى 41 ميلاديا.

    حكمه:
    وفي بداية فترة حكمه ، قام الامبراطور كاليجولا بالكثير من الاعمال الجيدة والحماسية من وجهة نظر الشعب ، حيث قام باطلاق سراح المواطنين الذين سجنهم الامبراطور السابق ظلما ، والغى الضرائب التي فرضها الامبراطور تيبريوس من قبل والتي كانت لا تحظى بشعبية لدى الشعب الروماني ، كما قام الامبراطور كاليجولا بالعديد من الاحتفالات والمسابقات التي تسعد الشعب الروماني مثل سباق العربات ، ومباريات الملاكمة ، والمسرحيات وعروض المصارعة .

    ولكن بعد ستة اشهر من حكم الامبراطور كاليجولا ، اصيب بمرض شديد وظل بين الحياة والموت لمدة شهر تقريبا ، وفي اكتوبر من عام 37 ميلاديا تعافى الامبراطور كاليجولا ، ولكن كان من الواضح ان شخصيته قد اختلفت اختلافا كبيرا .

    حيث تعرض الامبراطور كاليجولا للعذاب بسبب الصداع الذي كان يتملكه طوال الليل وكان يجعله يجوب القصر طوال الليل ولا يستطيع النوم بسببه ، ويبدو ان طباع الامبراطور كاليجولا قد تغيرت كثيرا ، فاصبح يتباهى بسلطته وقام بالقضاء على منافسيه السياسيين ، واجبر الاباء على مشاهدة اعدام ابنائهم ، ولكن الامر الاكثر قذارة هو اعلان الامبراطور كاليجولا انه آله حي من دون الله ، وأمر ببناء جسر بين قصره وبين كوكب المشتري ، حتى يتمكن من اجراء مشاورات مع الآلهه هناك - بحسب زعمه .

    لم يكن كاليجولا مجرد طاغية حكم روما بل كان نموذجا للشر وجنون العظمة والقسوة لدرجة أوصلته الى القيام بأفعال لا يعقلها البشر أو يتصورها العقل.

    كما انه فرض السرقة العلنية في روما وبالطبع كانت مقصورة عليه فقط اذ أجبر كل أشارف روما وأفراد الامبراطورية الأثرياء على حرمان ورثتهم من الميراث وكتابة وصية أن تؤول أملاكهم الى خزانة روما بعد وفاتهم وبالطبع خزائنه اذ انه كان يعتبر نفسه روما.

    فكان في بعض الاحيان يأمر بقتل بعض الاثرياء حسب ترتيب القائمة التي تناسب هواه الشخصي كي ينقل سريعا إرثهم اليه دون الحاجة لانتظار الأمر الالهي. وكان يبرّر ذلك بعبارة شهيرة جدا: “أما أنا فأسرق بصراحة” .

    وكان يرى أنه طالما اعترف بسرقته فهذا مباح.
    كان كاليجولا مضطربا نفسيا ويهوى التلاعب بمشاعر أفراد حاشيته الذين افسدوه وجعلوه يتمادى في ظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم له في كل ما يقوم به خوفا من بطشه وطمعا في المكاسب. فذات مرة خرج على رجاله بخدعة أنه يحتضر وسيموت فبادروا بالاعلان عن دعائهم له بالشفاء واستعدادهم للتضحية من أجله وبلغ التهوّر بالبعض أن أعلن رجل من رجاله أن روحه فداء له. وأعلن آخر مئة عملة ذهبية لخزانة الدولة كي يشفى كاليجولا. وفي لحظتها خرج كاليجولا من مخبأه ليبشّرهم انه لم يمت ويجبر من اعلن وعوده المتهورة على الوفاء بما وعد فأخذ من الثاني مئة عملة ذهبية وقتل الأول كي ينفّذ وعده. وكانت عبارته التي يرددها لتبرير وتشريع القتل لنفسه: “غريب أنني اذا لم اقتل أحدا أشعر بأنني وحيدا”. “لا أرتاح الا بين الموتى”.

    هاتان العبارتان تبرزان بوضوح تام ملامح الشخصية المريضة لكاليجولا والتي أبدع الكاتب الفرنسي ألبير كامو في وصفها في مسرحيته “كاليجولا”.
    من المضحك المبكي ما قام به كاليجولا عندما أراد أن يشعر بقوته وأن كل أمور الحياة بيديه. ورأى أن تاريخ حكمه يخلو من المجاعات والأوبئة وهكذا لن تتذكره الأجيال القادمة فأحدث بنفسه مجاعة في روما عندما أغلق مخازن الغلال، مستمتعا بأنه يستطيع أن يجعل كارثة تحل بروما ويجعلها تنتهي أيضا بأمر منه. فمكث يستلذ برؤية أهل روما يتعذبون بالجوع وبنفس المنطق المختل قال كلمته الشهيرة: “سأحل انا محل الطاعون”.
    أخذ جنون كاليجولا يزداد يوما بعد يوم والذي أسهم أكثر في تعاظم جنونه وبطشه أن الشعب كان خائفا منه. وظلّ رجاله يؤيدونه في جبروته حتى لحقهم بدورهم فذات يوم رأى أحد رجاله يتناول عقارا ما فظنّ انه يتناول دواء مضادا للسم خوفا من أن يقوم كاليجولا بقتله وهكذا قرر كاليجولا ان يقتله لأنه كان من الممكن أن يرغب فعلا في قتله بالسم وقد حرمه من تلك المتعة! وهكذا قتله ليتبين ان الرجل كان يتناول عقارا عاديا.
    وازداد جنون كاليجولا عن حدّه حتى جاءت لحظة الحادثة الشهيرة والتي أدت الى مصرعه في النهاية. دخل كاليجولا مجلس الشيوخ ممتطيا صهوة جواده “تانتوس” ولما أبدى أحد الاعضاء اعتراضه على هذا السلوك قال له كاليجولا:”أنا لا ادري لما ابدى البعض ملاحظة على دخول جوادي المحترم رغم انه اكثر اهمية من البعض فيكفي انه يحملني.”
    وطبعا كعادة الحاشية هتفوا له وأيدوا ما يقوله فزاد جنونه وأصدر قرارا بتعيين جواده المحترم عضوا في مجلس الشيوخ!
    وهلّل الاعضاء بنفاق لحكمة كاليجولا فانطلق هذا الاخير بعبثه الى النهاية واعلن عن حفلة يحتفل فيها بتعيين جواده المحترم عضوا في مجلس الشيوخ وكان لا بدّ على اعضاء المجلس من حضور الحفل بالملابس الرسمية.
    ويوم الحفل فوجئ الحاضرون أن المأدبة لم يكن بها سوى التبن والشعير فلما اندهشوا قال لهم كاليجولا انه شرف عظيم لهم أن يأكلوا في صحائف ذهبية ما يأكله حصانه.

    وهكذا اذعن الحضور جميعا لرغبة الطاغية وأكلوا التبن والشعير ما عدا واحدا كان يدعى “براكوس” رفض فغضب عليه كاليجولا وقال:”من انت كي ترفض أن تأكل مما يأكل جوادي”. واصدر قرارا لتنحيته من منصبه وتعيين حصانه بدلا منه. وبالطبع هلّل الحاضرون بفم مليء بالقش والتبن وأعلنوا تأييدهم لهذا الجنون.
    ثار براكوس واعلن الثأر لشرفه وراح يصيح في اعضاء مجلس الشيوخ: “الى متى يا أشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا”.
    وبسرعة قذف براكوس حذاءه في وجه حصان كاليجولا وصرخ:”يا أشراف روما افعلوا مثلي، استردوا شرفكم المهان”. فاستحالت المعركة بالأطباق وكل شيء ثم تجمع الأعضاء وأعوان كاليجولا عليه حتى قضوا عليه وقتلوا حصانه ايضا.

    وسرعان ما بدأ الغضب والكراهية تدب في نفوس شعب روما تجاه الامبراطور كاليجولا ، وبدأ مجموعة من النشطاء في تكوين حملة سرية للتخلص منه ، وفي يناير من عام 41 ميلاديا ، تعرض الامبراطور كاليجولا لهجوم عن طريق من مجموعة الحراس التابعين لتلك المجموعة تم من خلالها عملية الاغتيال ، حيث تم طعن الامبراطور كاليجولا حوالي 30 طعنة والتي ادت الى مقتله ، ثم تم القاء جثته في قبر عميق ، ثم قاموا بقتل زوجته وابنته ايضا .

    ولما وصل الخبر الى الشعب خرج مسرعا، وحطّم كل تماثيل كاليجولا ومعها ايضا تماثيل أفراد عائلته الكثيرة.

    لم يُنبِتْ جنونه الدموي إلا أمنية واحدة ملأت رأسه وجسدت كل أمانيه، فقد كان دائما يتمنى: “لو أن هذا الشعب الروماني برأس واحد لأقطعها بضربة سيف واحدة”.
    لم يكن كاليغولا طاغية فحسب، بل كان وحشا يريد أن يفترس العالم.
يعمل...
X