فيلم "حانة على الطريق".. مغامرات قتالية بطلها ملاكم شجاع
الدقائق الثلاث القتالية الأولى كافية لشد انتباه الجمهور حتى النهاية.
الاثنين 2024/05/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
دقة وترتيب محكم للمَشاهد
يسلط المخرج دوغ ليمان في فيلمه “حانة على الطريق” الضوء على عالم الملاكمة في الشوارع، والبطولات التي يكتسبها بعض الملاكمين فيصبحون أبطالا لا فقط بشجاعتهم في القتال والمنافسة بل أيضا في مواجهة الأزمات واكتساب مبادئ وقيم نبيلة.
الرباط- تدور أحداث فيلم “حانة على الطريق” للمخرج دوغ ليمان حول قصة لاعب سابق بفنون القتال المختلطة، ينتهي به المطاف بالعمل بإحدى الحانات في فلوريدا، وبمرور الوقت يقع في العديد من المؤامرات والصراعات حول أملاك الحانة التي يعمل حارسا فيها.
الفيلم من سيناريو تشاك موندري وأنتوني باجاروزي، وبطولة كل من جيك جيلنهال، ودانييلا ملشيور، وكونر مكجريجور، وبيلي ماجنوسن، وجيسيكا ويليامز، وبي كيه كانون.
يبدأ الفيلم في حلبة ملاكمة شوارع على المال، حيث نرى ملاكما اسمه فورد يقاتل خصمه وينتصر عليه بسهولة، وكان هذا الانتصار السادس له على التوالي، إذ كان واضحا أن فورد مقاتل قوي، يسأل الحكم الحضور عن المقاتل السابع الذي يرغب في تحدي فورد، فيتقدم ملاكم من بين الحضور اسمه دالتون ويعلن رغبته في تحدي فورد، يدخل الحلبة ويخلع ملابسه ويستعد، ولكن عندما يرى فورد خصمه دالتون، يخاف منه ويرفض القتال لأنه يعرفه جيدا فيعلن انسحابه من المباراة قبل أن تبدأ، ونتيجة لذلك يفوز دالتون بالرهان على المباراة، كانت هذه المشاهد في الثلاث دقائق الأولى من الفيلم كافية لشد انتباه الجمهور حتى آخر الفيلم.
تتوالى اللقطات التشويقية ويغادر دالتون المكان بعد انسحاب فورد، لكن مجرما يعترض طريقه ويقول له إنه خسر رهانه بسببه، ويطعن دالتون في بطنه بسكين، والغريب أن دالتون الذي جسده الممثل جيك جيلنهال يبقى هادئا ولا يفعل شيئا للمجرم ويتركه يطعنه، المجرم يفر هاربا، بينما يتحرك دالتون نحو سيارته والسكين في بطنه، فيخرج ضمادات ولاصقا من سيارته ليعالج الجرح، تأتي إليه امرأة تدعى فرانكي، الممثلة جيسيكا ويليامز، التي كانت في الحلبة وشاهدت فورد يهرب منه فأعجبت بقوته وتخبره أنه فاز دون أن يلعب لأن خصمه خاف منه بسبب سمعته.
تلاحظ فرانكي السكين في بطن دالتون وتسأله إن كان بحاجة إلى المساعدة، فيسمح لها بإمساك الضمادات ويعالج جرحه، تخبره أنها تملك حانة في مدينة جلاسكي، وأنها تواجه مشاكل مع الزبائن السيئين الذين يتسببون في التخريب، وأن الشرطة لا تقدم المساعدة، والحراس السابقين هربوا خوفا من الزبائن، حيث كانت تأمل في أن يكون فورد حارسا للحانة، لكنها بعد أن رأت خوفه من دالتون، قررت أن تقدم له عرضا مغريا بالمال ومكانا للإقامة، لكنه يرفض ويطلب منها أن تعرض الفرصة على فورد.
يستمر إيقاع الأحداث بثبات وبشكل متناغم بعدما تصر فرانكي على دالتون وتعطيه رقم هاتفها، وتطلب منه التفكير والاتصال بها. ينام دالتون في سيارته لأنه ليس لديه مكان آخر يذهب إليه، فتأتي إليه الشرطة وتطلب منه التحرك، يستمر في القيادة ليلا دون وجهة محددة، يستمع لمباريات الملاكمة على الراديو، ويفكر في الانتحار بسبب حياته البائسة، يقف بسيارته على سكة القطار وبينما يقترب القطار ويكاد يصدمه، يتراجع في اللحظة الأخيرة ويتحرك، لكن القطار يصدم سيارته من الخلف ويدمرها.
يقرر دالتون بعد نجاته من محاولة الانتحار قبول عرض فرانكي والعمل في حانتها، يستقل الحافلة إلى مدينة جلاسكي ويبحث عن الحانة، فيلتقي بفتاة صغيرة اسمها تشارلي تعمل في محل كتب، تتعرف عليه وتعطيه كتابا كهدية، ويسألها عن مكان الحانة، فيخرج والد تشارلي، ستيفن، ويساعده في العثور على الحانة فيشكره هذا الأخير ويتوجه إلى الحانة، حيث تستقبله فرانكي بابتسامة، ويتعرف دالتون على العاملين في المكان، لورا وبيلي، ويلاحظ أن الحانة مكان هادئ وجميل.
في هذه المشاهد المتوالية من الفيلم تتجسد القيم الحقيقية للشجاعة والقوة ليس فقط في القدرة على القتال، بل في القدرة على التعامل مع الأزمات والمواقف الصعبة برباطة جأش وهدوء، إذ إن تصاعد الأحداث بالترتيب والانتقال السلس بين المشاهد يضمن الحفاظ على انتباه الجمهور ويثير فضولهم لمعرفة ما سيحدث لاحقا.
يزداد التشويق في تكوين اللقطات عندما يستغل دالتون المشاكل في الحانة التي كانت في البداية خفيفة بين الزبائن، حيث تصل مجموعة من سائقي الدراجات النارية بقيادة ديل، ويبدؤون في إثارة الفوضى وقلب الطاولات، ما يدفع فرانكي إلى النظر إلى دالتون منتظرة منه التصرف، يبدأ ديل بمضايقة فتاة في الحانة، فيتدخل بيلي العامل لحمايتها، لكن ديل وعصابته يهددونه، فيقرر دالتون التدخل ويطلب من بيلي المغادرة لرعاية الزبائن، ويقترح على ديل التحدث خارج الحانة لتجنب تكسير المكان، لكن ديل يرفض ويبدأ بتكسير الطاولات، يخرج دالتون وديل وأتباعه إلى الخارج حيث يتواجهون، ويهزم دالتون الجميع بسهولة ويتركهم مصابين بجروح خطيرة، ورغم ذلك يصر على أن ينقل أفراد العصابة المصابين إلى المستشفى، حيث تلاحظ الممرضة إيلي إصاباتهم وتفهم أن دالتون هو من ضربهم.
تتساءل إيلي عما إذا كان يجب شكره أو إبلاغ الشرطة، ليجيبها بأن الشرطة لا تهتم بهؤلاء الأشرار.
يوحي المشهد المصور بكاميرا متحركة وإطار بلقطات بين القريبة والمتوسطة التي تلاحظ فيها إيلي الممرضة جرحا في بطن دالتون بعلاقة غرامية قادمة، إذ تقترح عليه دخول المستشفى للعلاج، ويوافق بعد مقاومة طفيفة.
بعد تقديم العلاج الأولي، يرفض دالتون خياطة الجرح مفضلا أن يشعر بالألم لتذكيره بالحذر في المستقبل، ويعود إلى الحانة ليجد اسمه انتشر بسرعة، مما يدفع زعيم العصابة ديل إلى التخطيط لهجوم على الحانة، إذ ينصح دالتون العامل بيلي بالحذر من شخص يخفي سكينا في ملابسه. يتمكن بيلي من التصرف بحكمة في المواجهة، ويتعاون دالتون مع تشارلي لمعرفة مصادر المخدرات في المدينة، مما يجلب تهديدات جديدة من عصابة برانت، حيث ينتهي الأمر بمواجهة دالتون وعصابة برانت في الحانة.
◄ العمل يتميز بإيقاع زمني متناسق ومونتاج دقيق يحافظ على تفاعل الجمهور ويبدأ بمشاهد ملاكمة برع فيها جيلنهال
تتميز مشاهد الصراع بالدقة وترتيب محكم للقطات، بدءا من اللحظة التي واجه فيها دالتون وتشارلي الخطر الحقيقي من برانت وعصابته، إذ يظهر ديك، رئيس الشرطة، لإنقاذهما ومساعدتهما على الهروب بأمان، ويجد دالتون نفسه أمام خيار صعب بين البقاء والقتال أو مغادرة المدينة لحماية نفسه وتشارلي، يتجلى التورط المعقد مع العصابات والمجرمين في المدينة مع تصاعد الصراعات والتوترات بين الشخصيات الرئيسية في مواجهة نوكس الذي لعب دوره الممثل كونر مكجريجور، إذ يظهر دالتون قوته وصموده بعد تبادل الضربات، ويتمكن من هزيمته وإلحاق الضرر به حتى يصبح عاجزا.
وبينما يمكنه القتل، يختار دالتون أن يدع نوكس يعيش مع ألمه كتذكير بأفعاله حيث يتركه مصابا ويغادر المكان برفقة تشارلي وفرانكي، فيواجهون رحلة جديدة مليئة بالتحديات، وفي لحظة النهاية يظهر دالتون بقوة جديدة، ويستخدم رمح الجرح القديم للدفاع عن نفسه وإنهاء التهديد. بعد المواجهة، يدرك دالتون أنه ليس مرحبا به في المدينة، فيقبل الواقع ويغادر، مما يشير إلى بداية مغامرة جديدة تنتظره مع تشارلي وفرانكي.
يتميز الفيلم بإيقاع زمني متناسق ومونتاج دقيق يحافظ على تفاعل الجمهور يبدأ بمشاهد ملاكمة مثيرة برع فيها أداء جيلنهال الذي يتسم بالدقة الحركية، مما يعزز من واقعية الشخصية وصلابتها، كما أن ترتيب المشاهد منظم بإتقان، حيث تنتقل القصة بسلاسة بين لحظات التوتر والاسترخاء، كما أن تكوين اللقطات المتنوع بين القريبة والمتوسطة، يزيد من التشويق. كان هناك مشهد مجاني واحد هو التمساح الذي أكل ديل في البحر عندما أراد الانتقام من دالتون، ربما فكرة وجود التمساح في حد ذاتها كانت خرافية، أما أداء كونر مكجريجور فهو أحمق في مبالغته على مستوى الحركات والهزل أيضا.