الكتابات والوثائق الأراميّة
نحن مدينون لادوارد ليبنسكي وبابلو كرتشوك والاب بولس فغالي للمعلومات الغنية التي قدموها ومع الاشارة الى ان هناك مرجع اردني نشر الاف النصوص الارامية النبطية وترجمتها كما نشرت الحوليات الاثرية السورية ثلاث اجزاء ضخمة جدا عن نصوص ارامية تدمرية وترجمتها فذلك العصر وطوال 1500 سنة كان عصر اللغة الارامية وملايين الوثائق المحفوظة لم تدرس بعض واما الوثائق اليهودية المكتوبة بالارامية فضخامتها معروفة لكنها مدروسة جيدا واشهرها التلمود البابلي والترجوم مثل انكلوس وغيره و الذي هناك ميل للاعتقاد بانه قد يكون صدى للتقاليد الارامية التي استقت منها التقاليد العبرية
مقدّمة
لم يزل تاريخ الأراميين في الحقبة القديمة مجهولاً. لكن من المؤكد ان نارام سين بالبرونز القديم بالالف الثالث قبل الميلاد قد دمر اول بؤرة لهم بمدينة آرامي وما حولها بين الزاب الاصغر والادهم وسميروم فهاجروا شمالا ليستقروا بكنف الحوريين قرب نوزي ثم بمنطقة خاني غالبات بلب ميتاني الامبراطورية الحورية التي ذهبوا مع جموع سكان الشرق الادنى القديم بقيادة حورية وبظل الجفاف الرهيب الى مصر وليبقوا اكثر من قرنين بما عرف لاحقا بعصر الهكسوس بمصر وبخاني غالبات باعالي الخابور و دجن الاراميون الجمل السوري وتعلموا من الحوريين تربية الخيل والعربات الحربية والقوس الكبير وتعدين الحديد والسيف ليصبحوا بعد افول نجم المصريين والحثيين والامبراطورية الاشورية القديمة والدمار الشامل والصاعق الذي تسببت به شعوب البحر مع الطاعون والجفاف وانهيار عصر البرونز المتاخر وسيصبحون سريعا العنصر الاول بسوراقيا مفتتحين عصر الحديد وسادته ممتصين كل بقايا الشعوب القديمة فهضموها عبر انهائهم لسياسة مقيتة هي قتل الشعوب المغلوبة المتبع سابقا ( الحرم)و كذلك عبادة تقديم الاضحيات البشرية فاصبحوا عنصرا ضخما عدديا وسيطروا على تجارة الشرق القديم وأول شهادة مكتوبة عن الأراميين بعد اثر نارام سين تعود إلى سنة 1200 ق. م.رغم وجود اشارات لفصائلهم من الساشو والسوتو والاخلامو.... وغيرهم بوثائق تل العمارنة و في أيام تجلت فلاسر الأوّل. ظهر الأراميون في بلاد الرافدين العليا واحتلوا بغزوة خاطفة اشور وسلبوا الناس ذهبهم وانسحبوا سريعا مما خلف الضغينة المعروفة تجاههم وارتبطوا بشعب "أحلامو" المذكورين للمرّة الأولى في مدوّنة هدد نيراري الأول (1307-1275) المُتعلّقة بملك أبيه اريكدانيلي (1319- 1308).
هذه الشهادات الأولى في النصوص الأشورية تنبئ ببدايةَ تاريخ الأراميين (بين القرن 14 والقرن 11) في الظلام ولابد من مراجعة الكتاب الضخم و القيم لادوارد ليبنسكي حول الاراميون وهو مرجع انهى كل جدل بالاستناد لاخر المكتشفات الاثرية والمقارنات اللغوية وتتبع اقدامهم والذين دمغوا حضارة سوراقيا بطابعهم للابد . ونعرف فقط أنّهم كانوا نشيطين في منحة انعطاف مجرى الفرات، في بلاد الرافدين العليا، أرام النهرين. فبعد القرن العاشر، أوردت لنا بعض النصوص البيبلية ما يتعلّق بحروب الأراميين مع داود وهي روايات ميثولوجية لاحقة كتبت بفترة السبي البابلي ولا علاقة لها بالحقائق التاريخية التي تعكس تردادا لذكرات من منافسات العشائر الارامية بفترة الانسياح ببدء عصر الحديد فألقت بعض الضوء على ممالك صوبة، حماة، دمشق.مؤاب عمون ادوم و بابل
وسننتظر النصف الثاني من القرن التاسع ق م لنجد مدوِّنات كتبها الأراميون ايضا. وأول مدوّنة ملكية كبيرة هي مدوّنة كيلامو ملك شمآل يعادي التي كتبت باللغة لارامية والاحرف الجبيلية التي طوروها لاحقا لتسود العلم ببساطتها ودقتها وسهولة تعلمها أمّا المدوّنة الثانية فدوّنها هدد يسعي ملك جوزان وسيكان وعزران في باللغتين الاكادية والأرامية. هذا يعني أنّ الأراميين لم يستطيعوا في البداية إلاّ بصعوبة أن يبرزوا ثقافة مكتوبة بلغتهم الخاصة رغم حضورهم الحضاري الطاغي فقداسة الاكادية والمسمارية احتاجت لجهد لتجاوزها . هذه الثقافة المكتوبة توسّعت أوّلاً بتأثير من الأشوريين بتبنيها بالامبراطورية الاشورية الثالثة المتأخرة بسبب غلبة العنصر الارامي بالامبراطورية وهذا ماخلق ويخلق اللبس بين اشور الامبراطورية والاراميون كثقافة طاغية سائدة في القرن الثامن جاءت بعض المدوّنات الملكية باللغة الآرامية القديمة تشهد على حيوية ممالك دمشق وحماة ولو عاش وشمال (زنكرلي أو زنجرلي) وأرفاد الأرامية وبيت اغوشي وتل برسيب ولكنّ كل هذه الممالك دخلت تحت النفوذ الأشوري بعد مقاومة بطولية لثلاث قرون عبر شكل سياسي فريد هو تحالف ارام العليا وارتم السفلى وارام كولن ( كل ارام) بل ضُمّت تدريجيًا إلى المملكة الأشورية منذ منتصف القرن الثامن إلى سنة 612 / 610 ق. م. ثمّ خضعت للبابليين الكلدان الفرع الارامي العراقي (605- 539) ولتتدفق سيول من الوثائق الارامية وبعدهم للفرس (539- 332) ليتم تبني الارامية الامبراطورية كلغة وكتابة رسمية وهنا نتكلم عن ملايين الوثائق التي يسعى البعض ومنهم كتاب بهذا الموقع للتشكيك بهذا وبهذا الشعب العظيم لترك هذا التراث لاولاد عمهم الدينيين من مواطني الكيان الاسرائيلي. ولمّا انتصر الإسكندر على الفرس، توزّعت الممالك الأرامية على الممالك الهلّنستية.
لم يتمتعّ الأراميون يومًا باستقلال سياسيي حقيقي الا بظل التحالف الارامي الكبير بقيادة دمشق ثم لفترة قصيرة بالانتفاضة التي قادتها حماة ثم الانتفاضة الشاملة بقيادة بابل ثم بعصر الامبراطورية الكلدانية الارامية ولكنّهم وسّعوا حضارة خاصّة طبعت بطابعها كل الشرق الأوسط القديم. فبعد احتلال أرام نهرائيم (أرام النهرين) التابع لسقوط بيت عديني في أيّام شلمنصّر الثالث سنة 855، صارت اللغة الأرامية اللغة الثانية في المملكة الأشورية. وبعد النصف الأوّل من القرن الثامن دلّت الجدرانيات الأشورية على وجود كتبة أراميين بجانب كتبة أشوريين امام الامبراطور احدهم يكتب الاكادية على لوح الطين والاخر يكتب الارامية على رق جلد الغزال او البردي . أجل، لقد صارت المملكة الأشوربة المتأخرة مملكة أشورية أرامية مما تسبب بنخر الامبراطورية الاشورية المتأخرة وسقوطها المدوي وسقوط نينوى من الداخل وسيادة بابل الارامية .
وحلّت لغة المغلولين محلّ لغة الغالبين. وانتشرت الكتابة الأرامية بسبب أبجديتها السهلة . أمّا بقايا الاكادية مما يسمى لغة الأشوريين القديمة فأخذت تتراجع بسبب طريقة كتابتها الصعبة رعدم تابيتها للتطور الحضاري وسيكون لاراميي حران وقفة اخيرة مساندة لاخر امبراطور اشوري وذلك بقلب البلاد الارامية واعني بمدينة حران كشكل من التوق للامبراطورية المنهارة لكن ولي العهد نبوخذ نصر قصف عمر الفكرة . وصارت الأرامية الملكية اللغة المتداولة في سوريا وفلسطين منذ نهاية القرن الثامن. وما عتّمت أن توسّعت نحو الشرق فصارت اللغة الرحمية الأكثر استعمالاً خلال الحكم الفارسي، من تونس وجنوب اسبانيا و مصر إلى الهند و أفغانستان.
وبعد فتوحات الإسكندر تفكّكت هذه الأمبراطوريّة، وخسرت الأرامية سيطرتها كلغة سياسية دولية لحساب اليونانية. ولكن أخذت كل مقاطعة قديمة ذات سكان أراميين تُنمي لغتها وكتابتها وثقافتها الخاصّة (أنباطي، أرامي، فلسطيني، تدمري، حتراوي رهاوي ميسان مندائي عبري قمراني...). وفي الحقبة البيزنطية نما الأدب الأرامي (الأرامي البابلي والسامري والمندائي أو المندعي وخاصّة السرياني بمفرزاته القديمة ومن ثم المسيحية واخرها النموذج المكتمل بالعصر العباسي) الذي ظلّ تقليدًا حيًّا حتّى القرن العشرين في حين نامت ودخلت العبرية بسبات من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى 1948 حيث اعيد احياء نمذج هجين بقرار سياسي ونلاحظ أنه، إذا وضعنا جانبًا نصوص الفنتيين( جزيرة الفيل) وقمران ودير علّة ( العلا)....... فالأدب الأرامي القديم قد زال كلّه تقريبًا لأنّه دوّن على لفائف من البردي أو الجلد رلم يدون على الحجر . وبقيت المدوّنات الملكية، ولاسيّمَا الطويلة منها، التي تأثّرت بهذا الأدب القديم. لذلك نبدأ فنذكرها كشاهدة على الأدب الأرامي القديم.
أ - بقايا الأدب الأرامي القديم
لم تعطنا التنقيبات الأركيولوجية حتّى الآن سوى مقاطع من الأدب الأرامي، في سوريا و فلسطين وفي مصر، وقليل جدا في قلب العالم الأرامي سوراقيا (سوريا، بلاد الرافدين).
1 - دير علاّ (وادي الأردن)
نحن أمام مدوّنة نُسخت على الجبصين بالحبر الأحمر والأسود، في لهجة أرامية قديمة. تروي البداية رؤية الآلهة خلال الليل على نبي سمع خبرًا سيّئًا. وفي اليوم التالي نقل النبيّ هذا القول النبوي لمن يحيط به: "مدوّنة سفر بلعام بن فغور، الإنسان الذي كان يرى الآلهة. جاءه الآلهة في الليل ووجّهوا إليه هذه الكلمات. كلّموا بلعام بن فغور... وقام بلعام في الصباح... وبكى". وهو من اعطى لليهود هذا الفكرة الميتولوجية وكذلك قصة ايوب ومسائل جهنم والشيطان والجن....والاشكال الانسانية الحيوانية
2- الفنيتين ( جزيرة الفيلة)(مصر العليا) نجد بين المخطوطات العديدة التي وجدت في الفنيتين تجاه سيان القديمة (أو أسوان حديثا)، مقاطع لنصوص أدبية كلاسيكية:
أوّلاً: حكمة منقولة عن المصرية
فالبطل يحمل اسمًا مصريًا: برفونش أي الذئب. لم يستطع العلماء أن يكونّوا من هذه النتف جملة واحدة كاملة، ولكنّهم اكتشفوا عبرها عددًا من آلهة مصر.
ثانيًا: أمثال وقصّة أحيقار
كتاب مدرسي في المدارس الأرامية موضوع بالعصر الامبراطوري الاشوري المتأخر وعمم في الحقبة الفارسية وقد ظلّ شعبيًا متداول في كل الشرق الأوسط ومشار له ولايوب ولبلعام بالقرآن القديم، وهذا ما تشهد عليه الترجمات المحفوظة في مختلف اللغات الشرقية ولاسيّمَا السريانية المتاخرة. ويتألّف هذا الكتاب من عنصرين مختلفين: تتكوّن النواة من مجموعة أمثال كُتبت في الأرامية الغربية ومثّلت تقليدًا أراميًا آتيًا من حكم وقصص سوريا. أقحمت هذه الأمثال في خبر يروي ما حصل من سعد ونحس لأحيقار الوزير الكاتب الحكيم والماهر... ومستشار كل عصري سنحاريب واسرحدون فهو وزير وحافظ أختام سنحاريب، ملك أشور. لم يكن هذا الشخص من نسيج الخيال، وهو المذكور في لويحة مسمارية من العهد الهلّنستي تعطي لائحة بالاختصاصيين (أومانو) المشهورين وهو منهم في أيّام أسرحدون خلف سنحاريب: "أبا أنليل داري الذي سمّاه "أحلامو" (أي الأراميون) أحوقار". كان هذا الشخص المشهور أراميًا مارس وظيفة عالية في البلاط الأشوري في بداية القرن السابع. ولا يمكن أن يكون خبره سابقا لذاك التاريخ. يظنّ بعض العلماء أنّنا أمام ترجمة لأصل أكادي، ولكنّ هذا الرأي غير أكيد ونحن نعرف أهمّية الكتبة والموظفين الأراميين في البلاط الأشوري والذين وسعوا نفوذهم جدا بسبب معرفتهم القرأة والكتابة. ويبدو النصّ الحالي بشكل خبر حكمي دوّن في أرامية بلاد الرافدين وهدف إلى التشديد على الصدق والأمانة للملك، حتّى ولو خسر الموظّف حظوته.
كانت قصّة أحيقار وابنه نادين مشهورة جدُّا في الزمن الفارسي، واصبحت قصة مدرسية لتعلم القراءة والكتابة والادب والحكمة فلمّح إليها مرارًا سفر طوبيا لابل استنسخ منها ما تيسر.
ثالثًا: مدونة بيهسيتون
مدوّنة ملكية صارت نصًّا كلاسيكيًا يتعلّمه في المدارس الموظّفون الفرس العتيدون. تلك كانت وسيلة تدخل بها الإيدولوجيا الملكية والأمانة للعرش في رؤوس الذين سوف يعملون في إدارة الدولة. هذا الاستعمال للنصوص في خدمة الدعاية الملكية نجده في المقطع 70 من مدوّنة كتبت بالفارسية القديمة على صخرة بيسيتون (أو بهيستون) . دوّنها داريوس الأوّل بعد اعتلائه العرش (522 ق م) وذكر أنّ نسخًا من هذه المدوّنة كتبت في ثلاث لغات وأرسلت إلى كل أنحاء المملكة الفارسية. وبعد هذا، لن نعجب إن نحن وجدنا نسخة منها في مصر ولكنّنا نعجب حين نلاحظ أنّ نسخة المخطوطة الموجودة في الفنتين تعود إلى الربع الأخير من القرن الخامس ق م، أي بعد اعتلاء داريوس العرش بقرن من الزمن، وقد يكون ذلك بمناسبة اعتلاء داريوس الثاني العرش سنة 433 ق م. هذا الواقع، وإقحام نصّ المدوّنة الجنائزية لداريوس الأوّل في نقشي روستام في نهاية النسخة الأرامية، تذكران استعمال هذه المخطوطة في تعليم تاريخي يعلّم الموظّف الالدبلوماسي والتنفيذي الأمانة لملكه منذ مقاعد الدراسة في المملكة الفارسية.
غطّى النصّ الأرامي الاول 11 عمودًا، كل عمود 17 / 18 سطرًا. إذا 190 سطرًا تقريبًا. نجد على البردية 9 عواميد على الوجه وعمودين على الظهر كانت اللفيفة الاولانية تعد، على ما يبدو، 24 بردية ملصقة بعضها ببعض. دوّن النصّ في الأرامية الامبراطورية الشرقية ولكنّه جاء مجزّأ. ولكنّنا نستطيع أن نستند إلى نصوص فارسية قديمة وعيلامية وأكادية لنجمع القطع ونقدم لفيفة بردية تمتدّ على ثلاثة أمتار. يروي النص أولى الحملات التي قام بها داريوس ليقمع ثورات عديدة ويثبّت عرشه. وتتضمّن النهاية تنبيهًا إلى الأجيال الآتية، ويفسّر لماذا أدخل هذا النص في التعليم الكلاسيكي في المدارس:
"أيّا كنت أيّها الملك الذي ستكون بعدي، لا تكن صديق الكذّاب... تحفظ من الكذّاب الكبير... ممّن يكذب... يعرف الناس بوضوح كيف تتصرّف كيف تسلك. قل الحقيقة للشعب ولا تخفها عليهم. إن كنت لا تخفيها عليهم، فأهو رمزدا يباركك. يكون نسلك كبيرًا وتمتدّ أيّامك. ولكن إن أخفيتها يلعنك أهور مزدا ولن يكون لك نسل ".
3- قمران (قرب البحر الميت)
أبرزت اكتشافات قمران بالاضافة إلى نصوص التوراة العبرية (وفيها نصوص أرامية من سفر عزرا ودانيال)، عددًا من النصوص الأرامية كنّا نعرف مضمونها بفضل ترجمات موجودة في مختلف اللغات الشرقية. دوّنت هذه النصوص للمرّة الأولى، على ما يبدو، حوالي القرنين الثالث والثاني ق م.
نعرف أوّلاً أربع مخطوطات لطوبيط (أو طوبيا) في الأرامية. وهذا يعني أنّ سفر طوبيا دوّن أوّلاً في الأرامية حوالي القرنين الرابع والثالث ق م. واستلهم أفكاره من قصّة أحيقار التي اعتبرها معروفة في أيّامه.
ونعرف ثانيًا كتاب أخنوخ (أو كتب أخنوخ) الذي وصل إلينا في ترجمة حبشية. أعطتنا المغارة الرابعة مخطوطة من هذا الكتاب الذي دوّن أصلاً في الأرامية. لم تزل طريقة تكوين هذا الكتاب حول شخصية أخنوخ طريقة متشعّبة يختلف حولها العلماء بالتفصيل. وقد تكون ضمّت: كتاب المنارات السماوية، كتاب الساهرين، كتاب الأمثال، كتاب الحكماء، رسالة أخنو، كتاب الجبابرة.
ونعرف ثالثًا وصيّة لاوي التي وصلت إلينا في مخطوطة من كنز (غنيزا) القاهرة.
ونعرف رابعًا صلاة نبونيد وتقاليد أخرى مرتبطة بدانيال.
ونعرف خامسًا رؤى عمرام.
ونزيد على هذا الأدب الذي سبق تكوين الشيعة الإسينية وإقامة مجموعاتها في قمران و (كتبها المنحولة) والمرجع الارامي الدمشقي لما يسمى معلم دمشق بالقرن الثاني قبل تلميلاد والذي اختطف وقتل من قبل اليهود والتكوين الذي ألّف هو وترجوم أيوب في القرن الثاني ق م.
ونضيف إلى هذه النصوص الأدبية الأرامية (المرتبطة بالعالم اليهودي) نصًّا أراميًا دوّن في الديموتية (أو اللغة الشعبية المصرية سلف القبطية ). هذا النص قريب من لويحة مسمارية وُجدت في أوروك ونَسَخَت نصاً أراميًا ذا طابع سحري. ونذكر هنا أنّ فلافيوس يوسيفوس دوّن أوّلاً كتابه "الحروب اليهودية" وكتابه التاريخ اليهودي بالأرامية (حوالي 65-75 ب م). ولكن لم يصل إلينا إلاّ الترجمة اليونانية التي جاءت اقتباسًا عن الأصل.
ب- المدوّنات
من المستحيل أن نورد هنا كل المدوّنات الأرامية منذ البدايات إلى القرن الأوّل ب م. لهذا سنكتفي بذكر أهمّها مع التشديد على نماذج وُجدت في العصور المتعددة.
1 - الأرامية العتيقة
أوّلاً: أوّل مدونة مهمّة نشرت سنة 1982. حفرت على ظهر تمثال هدد يسعي ملك جوزان وسيكان وعزران. وُجدت في تل الفخارية على منابع الخابور، ويعود تاريخها تقريبًا إلى سنة 850- 825 ق م. كان على وجه التمثال مدوّنة أشورية ويبدو أن القسم الأوّل من النصّ هو ترجمة عن الأشوريّة. أمّا القسم الثاني فدُوِّن أوّلاً في الأرامية. لهذا لا ندهش إن نحن قرأنا سلسلة من اللعنات قريبة ممّا نجد في النصوص السامية الغربية، ولاسيّمَا في نصوص السفيرة: "ليزرع ولا يحصد! ليزرع ألف كيلة من الشعير ولا يستخرجِ إلاّ نصف كيلة! لتُرضع مئةُ نعجة حملاً واحدًا دون أن يشبع! لتُرضع مئة امرأة طفلاً واحدًا دون أن يشبع! لتطبخ مئةُ امرأة خبزًا في الفرن ولا تملأه! وليجمع الناس شعيرًا للأكل من حفرة الأوساخ! لينزل بهم الولاء (ضربة نرجال) ولا يُقتلع من البلاد !"
ثانيًا: وُجدت مدوّنات عديدة في لهجة أرامية عتيقة وخاصة في زنكرلي وفي جوار عاصمة مملكة يعادي شمال (شرقي أمانوس) هذه. نكتفي بايراد ثلاثة نصوص مهمّة:
* مدوّنة هدد
أهدى فنامووا، ملك يعادي، تمثالاً كبيرًا للإله هدد (النصف الأوّل من القرن 8 ق م). يشكر فنامووا الإله على أنّه ثبّت عرشه. وهو يقدّم له هذا التمثال من أجل دوام ملكه. ثمّ تأتي اللعنات على مغتصب ممكن.
* مدوّنة فنامووا
حفرها على نصب جنائزي الملك برراكب وقدّمها لوالده فنامووا، الذي كان خاضعًا لتجلت فلاسر الثالث وتوفّي خلال حصار دمشق سنة 733/732 ق م. تذكر هذه المدوّنة خبر ملك فنامووا الذي أزال أحد المغتصبين قبل أن يعيد الازدهار إلى البلاد بمساندة "ملك أشور". وتشير نهاية النص إلى ثبات الملك في يد برراكب. "وأنا برراكب بن فنامووا، قد أجلسني سيّدي ملك أشور على عرش أبي فنامووا بن برصور بسبب حقّ أبي وحقي" وقتل بحصار دمشق
* مدوّنة أورديك بورنو
ترتبط بالمدوّنات اليعادية. ولكن تبقى قراءتها صعبة.
ثالثا: نذكر أيضاً بعض المدوّنات القصيرة والمجزّأة التي تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع، ولاسيّمَا مدوّنتين عاجيتين تذكران حزائيل، ملك دمشق.
2- الأرامية القديمة
تشهد مدوّنات عديدة في القرن الثامن على انتشار الثقافة الأرامية المكتوبة.
أوّلاً: نصب وجد في بريج (7 كلم إلى الشمال من حلب). أهدي إلى ملقارت على يد برهدد... ملك أرام. نحن أمام بر هدد، ملك دمشق، ومعاصر يوآش ملك إسرائيل. أمّا تاريخ هذا النص فهو على ما يبدو: 797 ق م.
ثانيًا: مدونة "زكور ملك حماة والوعاش". إنّها تدل على المدوّنات الملكيّة في تلك الحقبة، تذكر كيف أنّ الإله بعل شميم خلّص عاصمته حزرك( حدرك) التي حاصرها التحالف من الملوك الأراميين ونتيجة محاولة ملك حماة التنصل من الائتلاف والاتصال بآشور مما تسبب لاحقا بضعف بالتحالف وادى لسقوط دمشق فالسامرة ثم حماة وبابل وكان على رأس التحتلف برهدد بن حزائيل ملك دمشق. وبعد أن يذكر الأبنية التي شيّدها، ينهي باللعنات التي تهدّد كل من يدمّر هذا النصب. أمّا قلب النصّ فيذكّرنا ببعض النصوص التي سيقلدها النص التوراتي لاحقا : "رفعت يدي نحو بعل شميم: لا تخف، فأنا جعلتك ملكًا وأنا أقف بجانبك وأنا أخلّصك من كل هؤلاء الملوك الذين هاجموك وحاصروك ".
ثالثًا: مدوّنات السفيرة. حُفرت على ثلاثة أنصاب مختلفة جاءت من السفيرة (تبعد 25 كلم إلى الجنوب الشرقي من حلب). تتضمّن أقسام (عدى) ماتيئيل ابن عطر سمكي ملك أرفاد تجاه برجعيا ملك كتك. هذا الملك هو شمشي أيلو ترتانو (قائد الجيش ألاشوري ومن أصل أرامي). خدم ملوك أشورية في النصف الأوّل من القرن الثامن أي هدد نيراري الثالث (810- 784) وشلمنصّر الرابع (782- 773) وأشوردان الثاني (772- 755) وأشورنيرارى الخامس (754- 745). كان الشخصية الثانية في المملكة الأشورية وكان يقيم في كيتيكا (تل برشيب) على شواطئ الفرات. صار نائب الملك القوي في غربي المملكة الأشورية. سيأفل نجمه بعد وفاة حاميته الامبراطورة الاشورية سميراميس
تاريخ الأنصاب الثلاثة: بين سنة 796 وسنة 772، وهي تتضمّن نموذجًا واضحًا عن أقسام تربط ملكًا خاضعًا بملك عظيم وتشمل بعض البنود السياسية المحدّدة وذكر لعنات الآلهة إن نقض العهد. هذا الفن الأدبي (عدى، عديم) الأشوري والأرامي قد ألهم عددًا من النصوص التوراتية ولاسيّمَا في سفر تثنية الاشتراع: "ليَلتَهم الجرادُ البلادَ سبع سنوات! ليَلتَهم الدود البلاد سبع سنوات! ليصعد الجندب على سطح الأرض! لا ينبت عشب ولا يُرَ أخضرار ولا يُرَ نبات ولا يسمع صوت القيثارة في أرفاد".
رابعًا: في زنكرلي. صعد برراكب على عرش شمال بمُساعدة تجلّت فلاسر الثالث، فحفر بعض المدوّنات الملكية في الأرامية الكلاسيكية في قصره. وهو يؤكّد صدق ولائه لسيّده: "أنا برراكب بن فنامووا ملك شمال خادم تجلت فلاسر سيّد أربعة أقطار الأرض. بسبب صدق أبي وصدقي، أجلسني سيّدي ركيب ايل وسيّدي تجلت فلاسر على عرش أبي ".
3- الأرامية الملوكية
بعد أن احتلّ تجلت فلاسر الثالث (744- 727) الممالك الأرامية، أدخلها في المملكة الأشورية فصارت المملكة الأشورية الأرامية. وتأثرت اللغة الأرامية باللغات القديمة والبابلية الجديدة. لم نجد أنصابًا ملكية بل أختام وأنصاب شخصيات كبيرة ورسائل وعقود ولوائح أسماء كتبت على اللويحات أو على الاوستركات من جلد الغزال أو على البرديات.
أوّلاً: نصبان جنائزيان مع نقيشة. وُجدا في النيراب (تبعد 7 كلم إلى الجنوب الشرقي من حلب). كانا لكاهنين في خدمة "صهر" الإله القمر: سنزاربني وشيعجباري. يعودان إلى القرن السابع ق. م. ويتضمّنان لعنات على من يقتلع هذين النصبين. وتصوّر المدوّنة الثانية موت هذا العظيم جباري محاطًا بكل عائلته: "في يوم موتي لم يُحرم في من الكلام، وشاهدت بعينيّ ذريّتي حتّى الجيل الرابع. بكوا وبكوه بِوَلَه ".
ثانيًا: وظهر التأثير الأكادي على تدوين الوثائق الإدارية ولاسيّمَا العقود والاعتراف بالديون. لم يبقَ لنا وثائق على برديات أو جلد، ولكنّنا نستطيع أن نذكر أرشيفًا صغيرًا على لويحات طينية وجدت في نينوى وأشور وتل حلف. ونذكر لويحة أرامية منعزلة مؤرّخة سنة 635 ق.م.، وقطعة لويحة بابلية (571/570 ق. م.) تتضمّن لائحة الشهود، ومدونات أرامية على لويحات أشورية وبابلية هي أعمال قانونية. كما ونجد وثيقة ترجع إلى الإدارة الملكية. حُفرت على الحجر وأعلنت أنّ كل مزارع لا يدفع الضريبة، يُحكم عليه بالموت هو ومن يتواطأ معه.
ثالثًا: وصلت إلينا رسالتان أراميتان، الأولى مكتوبة على أوستراكة والثانية على بردية. أوستراكة أشور. أرسلها ضابط أشوري في جيش أشور بانيبال في بابلونية في بدء تمرّد ملك بابل شمش شوموكين حوالي سنة 650 ق م. وبرديّة صقّارة هي رسالة أرسلها أدون ملك عقرون في أرض الفلسطيين إلى فرعون، سيّد الملوك إلى نخو الثاني يدعوه فيها إلى مساعدته على جيش ملك بابل( نبوخذ) الذي وصل إلى حدود فلسطية حوالي سنة 604 ق. م..
رابعا: أوستراكة أرامية وُجدت في نمرود وتضمّنت لائحة أسماء عمونية وأختام ومدوّنات على البرونز أو على المعايير والموازين.
4- الأرامية الرسمية
في زمن الأخمينيين (539- 532) صارت الأرامية اللغة الرسمية في المملكة الفارسية. استُعملت في الغرب كما استُعملت في مقاطعات المملكة الشرقية.
أوّلاً: في مصر
بعد أن احتلّ كمبيز مصر سنة 525 ق م، صارت الأرامية لغة البلاد الادارية فاستعملها كل موظّفي الإدارة والجيش. وبسبب الطقس وصلت إلينا أوستراكات عديدة ومدوّنات على الأواني أو على الحجر ووثائق مكتوبة على البردية أو على الجلد، مع الإشارة إلى المصدر: الفنتين/ سيان (أسوان)، أبيدوس، هرموبوليس، ممفيس، صقّارة، تلّ المسخوطة.
جزيرة الفيلة الفنتين/ سيان. يرجع قسم كبير منها إلى مستوطنة يهودية أقامت في جزيرة الفنتين (ياب) وكان لها هناك هيكل مكرّس للإله ياهو (يهوه) مع كهنة وخادم. وقسم آخر جاء من مستوطنة أرامية أقامت في سيان وكان لها معابد مكرّسة لنبو، لبانيت، لبيت إيل، لملكة السماء أي عناة. كان أهل هاتين المستوطنتين من المُرتزقة العاملين في خدمة الفرس لحماية حدود مصر الجنوبية. ماذا نجد في هذه الوثائق التي وصلت إلينا؟ نجد مجموعة رسائل دوّنت على الجلد وحفظت في وعاء من جلد. هي وثائق تتعلّق بإدارة أرشاما، حاكم (مرزبان) مصر وأحد أعضاء عائلة الأخمينيين المالكة وسيّد أراضي عديدة في بابلونية كما في مصر هناك رسائل كتبها أرشاما خلال غيابه مدة ثلاث سنوات (410- 407 ق. م.) في بابلونية، وهي تتعلّق بإدارة أملاكه في مصر.
ونجد أرشيفًا عائليًا يتعلّق بأعضاء شخصيات كبيرة في جماعة الفنتين اليهوديّة. منها: أرشيف يدنيا، قائد هذه الجماعة. يتضمّن تسع وثائق من نهاية القرن الخامس، وهي تفهمنا المشاكل التي واجهتها الجماعة اليهودية المحلّية: مشاكل داخلية (تثبيت الروزنامة، طقس الفصح، طقس الهيكل)، مشاكل خارجية (علاقات مع السكّان المصريين، تمرّد دمّر معبد ياهو، علاقات مع السلطات الفارسية في مصر واليهودية في يهوذا والسامرة بما يتعلّق بإعادة بناء الهيكل...). ومنها: أرشيف حنانيا خادم هيكل ياهو. يتضمّن عقود زواج مع عبيد وأعمال تحرير عبيد، وصكوك تمليك. تاريخ هذه الوثائق بين سنة 451 وسنة 402 ق م. ومنها: أرشيف مبطحيا الذي يتضمّن أعمالاً قانونية (بيع، شراء، هبة، عقد زواج، طلاق، مشاكل تركة وميراث) تمتدّ على ثلاثة أجيال (471- 410 ق. م.). ونجد أعمالاً إداريّة متنوّعة: تسليم موادّ غذائية، توزيع الإعاشات في المخازن الملكية، لائحة بأسماء مع أوامر من أرشاما بالنسبة إلى سفينة من السفن...
ونجد عقودًا وأعمالاً قانوتنية لا ترتبط بأيّ أرشيف محدّد.
ونجد أوستراكات عديدة تحمل تبليغات قصيرة حول الحياة اليومية. حملتها السفينة التي تصل سيان بالفنتين، وأشار بعضها إلى الاحتفال بالفصح أو بيوم السبت.
ونجد مدوّنات على جرار مكتوبة بالحبر في الفينيقية أو الأرامية.
ونجد نصبًا مع مدوّنة أرامية في سيان مُهداة إلى الإله.
* في أبيدوس. كان معبد أوزيريس الرئيسي يجتذب العديد من الحجّاج، سواء من المصريين أم من الأسيويين، من الفينيقيين والأراميين. نحن نتعرّف إليهم من خلال الكتابات التي تركوها فدلّت على مرورهم من هناك.
* في هرموبوليس. في وعاء وُضع في قبو تحوت وُجدت ثماني رسائل على ورق البردي. وُجهت إلى أفراد عائلة تقيم في سيان أو الأقصر، ولكنّها لم تصل إلى هدفها. إنّها تتعلّق بعائلات أرامية وتعود إلى حوالي السنة 500 ق. م. اسم مرسل الرسائل الثلاث الأولى هو ماكيبانيت ونحن نجده على عقد استئجار أرض يتقاسم به المستأجر والمؤخّر غلّتها.
* شيخ فضل. وجدت 17 مدوّنة أرامية على جدران مدفن شيخ فضل، تذكر طهرقة، فرعون السلالة 25 الذي حكم في بداية القرن السابع (رج 2 مل 19: 9 ؛ أش 37: 29) وتذكر نكو وبساميتيك.
و بممفيس. لويحة تقدمة من الحجر مع مدوّنة أرامية: "لويحة تقدمة ليقترب بانيت من أوزيريس أبيس. صنعها أبيتاب بن بانيت. هذا ما صنعه أمام أوزبريس أبيس ".
* صقّارة. هناك أنصاب جنائزية عديدة في صقّارة ومكرّسة لأوزيريس. تاريخ أحدها: 482 ق م. ويتضمّن نصب آخر عبارات مصرية: "مباركة، طابة، بنت تحافي المتعبدة للإله أوزيريس. لم تفعل شرًّا ولم تفتري هناك على أحد. كوني مباركة أمام أوزيريس. تقبّلي الماء من أوزيريس. كوني خادمة سيّد الحقيقتين واحيي إلى الأبد مع الطوباويين ".
وأبرزت حفريات صقارة الأخيرة (منذ سنة 1967) 200 قطعة من قطع البردي دوّنت في الأرامية واحتوت على أعمال قانونية وتجارية وغيرها.
* تل المسخوطة وهي العاصمة الهكسوسية القديمة. ويبعد قرابة 20 كلم إلى الغرب من الإسماعيلية. يتضمّن هذا الكنز الذي وُجد هناك جرارًا تعود إلى القرن الخامس ق م. نجد إهداء في الأرامية: "دعاء قدّمه قاينو بن جشمو (راجع جاشم العربي المذكور في نح 2: 19 ؛ 6: 1، 2، 6) ملك قيدار إلى هن ايلة (إلى هذه الإلاهة) ".
ثانيًا: في فلسطين
نميّز مجموعات مهمّة من الوثائق الآرامية.
أرشيف وادى داليه: برديّات تتضمن وثائق بيع عبيد. حملها عظماء السامرة حين هربوا سنة 332 / 331 ق م، وذلك بعد أن أحرق أندروماخوسُ، الحاكمُ اليوناني الذي عيّنه الإسكندر على السامرة.
ختمان و 65 براءة محفوظة في وعاء ومربوطة بأوراق من البردي أو الجلد. كل هذا شكّل أرشيف أحد أعضاء العيلة الحاكمة في اليهودية حوالي سنة 500 ق م: شلوميت زوجة الناتان حاكم اليهودية. هذه المرأة المشهورة كانت ابنة زربابل وشقيقة حنانيا (1 أخ 3: 9) اللذين كانا كلاهما حاكمي اليهودية قبل الناتان. ولكنّ مناخ منطقة أورشليم لم يساعد على حفظ هذه الوثائق من التلف.
اكتشفت أوستراكات عديدة وخاصّة في أراد وبئر سبع ولكنّها أوراق حساب قصيرة لحقها التلف.
ثالثا: في شمالي الجزيرة العربية
وُجدت مدوّنات أراميّة عديدة في واحة تيماء. تعود إلى فترة نابونيد وكذلك حوالي سنة 400 ق م. أطولها وأهمّها تتحدّث عن إقامة معبد جديد (الكاهن، و المداخيل).
رابعًا: آسية الصغرى
وجدت مدوّنات أرامية عديدة على الأنصاب أو محفورة في الصخر في مقاطعة آسية الصغرى (تركيا الحالية). يعود معظمها إلى القرن الخامس و الرابع ق م. نحن أمام أنصاب جنائزية (داسكيليون وحلواتيبي/ سلطانية كوي في ميسية، سرديس في ليدية ليميرا في لوقية)، وعلامات حدودية (غوزنه وبحاديرلي في كيليكية) ومدوّنات مختلفة (نصب نذري في كسقاك كويو في كيليكية، نصب تذكاري لسراي دين في كيليكية).
أهمّ مدوّنات آسية الصغرى هي مدوّنة كسانتوس: مسلّة (كشفت سنة 1973) في ثلاث لغات (يونانيّة، أرامية، لوفية) تعود إلى سنة 358 ق م. المدوّنة الآرامية هي النصّ الرسمي لقرار بيكسودوروس مرزبان كاربة ولوقية، يتعلّق بإقامة عبادة جديدة في ليتاؤون في كسانتوس. فبعد تاريخ البناء والإشارات حول تسيير هذه العبادة الجديدة (كاهن، مداخيل، ذبائح شهرية وسنوية)، ينتهي النصّ بلعنات على كل من يمس هذا القرار.
خامسًا: بلاد الرافدين وإيران
نجد في بلاد الرافدين عددًا من البطاقات الأرامية دوّنت على لويحات مسمارية. وأبرزت تنقيبات برسيبوليس مجموعتين من المدوّنات الأرامية. تشتمل المجموعة الأولى على 200 مدوّنة مكتوبة على أوعية من الحجر الأخضر (صحون، صوانٍ ، أطباق) استعملت كهدايا للخزانة الملكية، وتعود إلى القرن الخامس ق م. وتشتمل المجموعة الثانية على لويحات أرامية.
4- الأرامية الوسيطة (من القرن 3 ق. م. إلى القرن 3 ب. م.)
كانت هذه الأرامية امتدادًا للأرامية الرسمية ولكن بدأت تبرز كتابات ولهجات وطنية.
أوّلاً: امتداد الأرامية الرسمية
اوستراكات وبرديات في ادفو (مصر) تعود إلى نهاية القرن الرابع وبداية القرن الثالث ق م. أوستراكات في السامرة وخربة الكوم ومدوّنة على حجر في الكرك (فلسطين). بعض المدوّنات في اليونانية والأرامية من القرن الثالث ق م: أغشاكالي وفراسا في كبادوكية (أسية الصغرى). ووجدت في أرمينيا السوفياتية قرب بحيرة سيوان صوّات (علامات المسافات) دوّنت في القرن الثاني ق م. وهناك خمس مدوِّنات في أفغانستان وشمالي غربي الهند، ارتبطت بالملك أسوكا (حوالي منتصف القرن 3 ق م) ووجدت في تاكسيلا، وفولي دارونتي، وكندهار.
ثانيًا: التقاليد الوطنية
بدأ هذا التحوّل إلى التقاليد الوطنية منذ القرن الثاني ق م، وها نحن نميّز لهجات غربية ولهجات شرقية.
* اللهجات الغربية
الأنباطي. انتشر في شمالي الجزيرة العربية في جنوب شرقي فلسطين وفي سورية الجنوبية. وكان المركز البترا (سلع). هناك آلاف المدوّنات النذرية والجنائزية والكتابات (غرافيتي. ثلاثة آلاف في سيناء وحدها). وظهرت المدوّنات الأنباطية في تدمر منذ سنة 169 ب م. كان الأنباطي اللغة المكتوبة، أمّا اللغة المحكية فكانت العربية.
الأرامية الفلسطينية. عاشت مع العبرية واليونانية. هناك مدوّنات عديدة على الحجر وعلى العظام، ومخطوطات قمران ومربعة وسائر مغاور برّية يهوذا والبحر الميت
الأرامية التدمرية. انتشرت حول تدمر التي كانت واحة ومُلتقى طرق. هناك قرا بة 4500 مدونة على الحجر من القرن الأوّل ق. م. إلى القرن الثالث ب. م.
* اللهجات الشرقية
اللغة الحترية. نمت حول حتراء التي تبعد 55 كلم إلى الشمال الغربي من أشور، وهي محطة للقوافل وعاصمة إحدى ممالك بلاد الرافدين. وُجد فيها حتّى الآن 350 مدوّنة على الصخر من القرن الأوّل إلى الثالث ب. م..
اللغة الرهاوية. انتشرت حول الرها (أورفا الحالية واداسه اليونانية) التي هي عاصمة مملكة على حدود الامبراطورية الرومانية. استعملت هذه المنطقة العليا في بلاد الرافدين كتابة ستكون في أصل السريانية. هناك عدد كبير من المدوّنات في الرهاوي أو السرياني القديم.
تنقيبات نيسا قرب قرية بَغير القريبة من اشخباد عاصمة جمهورية التركمان السوفياتية. وجدت هناك 3000 أوستراكة تعود إلى القرن الأوّل ب م، وهي حسابات جرار نبيذ. وغيرهم كثير مما يحاول جهابذتنا لاسباب عنصرية ودينية وسياسية ترك هذا التراث الذي تحاول دولة الكيان الاسرائيلي الاستيلاء عليه
نحن مدينون لادوارد ليبنسكي وبابلو كرتشوك والاب بولس فغالي للمعلومات الغنية التي قدموها ومع الاشارة الى ان هناك مرجع اردني نشر الاف النصوص الارامية النبطية وترجمتها كما نشرت الحوليات الاثرية السورية ثلاث اجزاء ضخمة جدا عن نصوص ارامية تدمرية وترجمتها فذلك العصر وطوال 1500 سنة كان عصر اللغة الارامية وملايين الوثائق المحفوظة لم تدرس بعض واما الوثائق اليهودية المكتوبة بالارامية فضخامتها معروفة لكنها مدروسة جيدا واشهرها التلمود البابلي والترجوم مثل انكلوس وغيره و الذي هناك ميل للاعتقاد بانه قد يكون صدى للتقاليد الارامية التي استقت منها التقاليد العبرية
مقدّمة
لم يزل تاريخ الأراميين في الحقبة القديمة مجهولاً. لكن من المؤكد ان نارام سين بالبرونز القديم بالالف الثالث قبل الميلاد قد دمر اول بؤرة لهم بمدينة آرامي وما حولها بين الزاب الاصغر والادهم وسميروم فهاجروا شمالا ليستقروا بكنف الحوريين قرب نوزي ثم بمنطقة خاني غالبات بلب ميتاني الامبراطورية الحورية التي ذهبوا مع جموع سكان الشرق الادنى القديم بقيادة حورية وبظل الجفاف الرهيب الى مصر وليبقوا اكثر من قرنين بما عرف لاحقا بعصر الهكسوس بمصر وبخاني غالبات باعالي الخابور و دجن الاراميون الجمل السوري وتعلموا من الحوريين تربية الخيل والعربات الحربية والقوس الكبير وتعدين الحديد والسيف ليصبحوا بعد افول نجم المصريين والحثيين والامبراطورية الاشورية القديمة والدمار الشامل والصاعق الذي تسببت به شعوب البحر مع الطاعون والجفاف وانهيار عصر البرونز المتاخر وسيصبحون سريعا العنصر الاول بسوراقيا مفتتحين عصر الحديد وسادته ممتصين كل بقايا الشعوب القديمة فهضموها عبر انهائهم لسياسة مقيتة هي قتل الشعوب المغلوبة المتبع سابقا ( الحرم)و كذلك عبادة تقديم الاضحيات البشرية فاصبحوا عنصرا ضخما عدديا وسيطروا على تجارة الشرق القديم وأول شهادة مكتوبة عن الأراميين بعد اثر نارام سين تعود إلى سنة 1200 ق. م.رغم وجود اشارات لفصائلهم من الساشو والسوتو والاخلامو.... وغيرهم بوثائق تل العمارنة و في أيام تجلت فلاسر الأوّل. ظهر الأراميون في بلاد الرافدين العليا واحتلوا بغزوة خاطفة اشور وسلبوا الناس ذهبهم وانسحبوا سريعا مما خلف الضغينة المعروفة تجاههم وارتبطوا بشعب "أحلامو" المذكورين للمرّة الأولى في مدوّنة هدد نيراري الأول (1307-1275) المُتعلّقة بملك أبيه اريكدانيلي (1319- 1308).
هذه الشهادات الأولى في النصوص الأشورية تنبئ ببدايةَ تاريخ الأراميين (بين القرن 14 والقرن 11) في الظلام ولابد من مراجعة الكتاب الضخم و القيم لادوارد ليبنسكي حول الاراميون وهو مرجع انهى كل جدل بالاستناد لاخر المكتشفات الاثرية والمقارنات اللغوية وتتبع اقدامهم والذين دمغوا حضارة سوراقيا بطابعهم للابد . ونعرف فقط أنّهم كانوا نشيطين في منحة انعطاف مجرى الفرات، في بلاد الرافدين العليا، أرام النهرين. فبعد القرن العاشر، أوردت لنا بعض النصوص البيبلية ما يتعلّق بحروب الأراميين مع داود وهي روايات ميثولوجية لاحقة كتبت بفترة السبي البابلي ولا علاقة لها بالحقائق التاريخية التي تعكس تردادا لذكرات من منافسات العشائر الارامية بفترة الانسياح ببدء عصر الحديد فألقت بعض الضوء على ممالك صوبة، حماة، دمشق.مؤاب عمون ادوم و بابل
وسننتظر النصف الثاني من القرن التاسع ق م لنجد مدوِّنات كتبها الأراميون ايضا. وأول مدوّنة ملكية كبيرة هي مدوّنة كيلامو ملك شمآل يعادي التي كتبت باللغة لارامية والاحرف الجبيلية التي طوروها لاحقا لتسود العلم ببساطتها ودقتها وسهولة تعلمها أمّا المدوّنة الثانية فدوّنها هدد يسعي ملك جوزان وسيكان وعزران في باللغتين الاكادية والأرامية. هذا يعني أنّ الأراميين لم يستطيعوا في البداية إلاّ بصعوبة أن يبرزوا ثقافة مكتوبة بلغتهم الخاصة رغم حضورهم الحضاري الطاغي فقداسة الاكادية والمسمارية احتاجت لجهد لتجاوزها . هذه الثقافة المكتوبة توسّعت أوّلاً بتأثير من الأشوريين بتبنيها بالامبراطورية الاشورية الثالثة المتأخرة بسبب غلبة العنصر الارامي بالامبراطورية وهذا ماخلق ويخلق اللبس بين اشور الامبراطورية والاراميون كثقافة طاغية سائدة في القرن الثامن جاءت بعض المدوّنات الملكية باللغة الآرامية القديمة تشهد على حيوية ممالك دمشق وحماة ولو عاش وشمال (زنكرلي أو زنجرلي) وأرفاد الأرامية وبيت اغوشي وتل برسيب ولكنّ كل هذه الممالك دخلت تحت النفوذ الأشوري بعد مقاومة بطولية لثلاث قرون عبر شكل سياسي فريد هو تحالف ارام العليا وارتم السفلى وارام كولن ( كل ارام) بل ضُمّت تدريجيًا إلى المملكة الأشورية منذ منتصف القرن الثامن إلى سنة 612 / 610 ق. م. ثمّ خضعت للبابليين الكلدان الفرع الارامي العراقي (605- 539) ولتتدفق سيول من الوثائق الارامية وبعدهم للفرس (539- 332) ليتم تبني الارامية الامبراطورية كلغة وكتابة رسمية وهنا نتكلم عن ملايين الوثائق التي يسعى البعض ومنهم كتاب بهذا الموقع للتشكيك بهذا وبهذا الشعب العظيم لترك هذا التراث لاولاد عمهم الدينيين من مواطني الكيان الاسرائيلي. ولمّا انتصر الإسكندر على الفرس، توزّعت الممالك الأرامية على الممالك الهلّنستية.
لم يتمتعّ الأراميون يومًا باستقلال سياسيي حقيقي الا بظل التحالف الارامي الكبير بقيادة دمشق ثم لفترة قصيرة بالانتفاضة التي قادتها حماة ثم الانتفاضة الشاملة بقيادة بابل ثم بعصر الامبراطورية الكلدانية الارامية ولكنّهم وسّعوا حضارة خاصّة طبعت بطابعها كل الشرق الأوسط القديم. فبعد احتلال أرام نهرائيم (أرام النهرين) التابع لسقوط بيت عديني في أيّام شلمنصّر الثالث سنة 855، صارت اللغة الأرامية اللغة الثانية في المملكة الأشورية. وبعد النصف الأوّل من القرن الثامن دلّت الجدرانيات الأشورية على وجود كتبة أراميين بجانب كتبة أشوريين امام الامبراطور احدهم يكتب الاكادية على لوح الطين والاخر يكتب الارامية على رق جلد الغزال او البردي . أجل، لقد صارت المملكة الأشوربة المتأخرة مملكة أشورية أرامية مما تسبب بنخر الامبراطورية الاشورية المتأخرة وسقوطها المدوي وسقوط نينوى من الداخل وسيادة بابل الارامية .
وحلّت لغة المغلولين محلّ لغة الغالبين. وانتشرت الكتابة الأرامية بسبب أبجديتها السهلة . أمّا بقايا الاكادية مما يسمى لغة الأشوريين القديمة فأخذت تتراجع بسبب طريقة كتابتها الصعبة رعدم تابيتها للتطور الحضاري وسيكون لاراميي حران وقفة اخيرة مساندة لاخر امبراطور اشوري وذلك بقلب البلاد الارامية واعني بمدينة حران كشكل من التوق للامبراطورية المنهارة لكن ولي العهد نبوخذ نصر قصف عمر الفكرة . وصارت الأرامية الملكية اللغة المتداولة في سوريا وفلسطين منذ نهاية القرن الثامن. وما عتّمت أن توسّعت نحو الشرق فصارت اللغة الرحمية الأكثر استعمالاً خلال الحكم الفارسي، من تونس وجنوب اسبانيا و مصر إلى الهند و أفغانستان.
وبعد فتوحات الإسكندر تفكّكت هذه الأمبراطوريّة، وخسرت الأرامية سيطرتها كلغة سياسية دولية لحساب اليونانية. ولكن أخذت كل مقاطعة قديمة ذات سكان أراميين تُنمي لغتها وكتابتها وثقافتها الخاصّة (أنباطي، أرامي، فلسطيني، تدمري، حتراوي رهاوي ميسان مندائي عبري قمراني...). وفي الحقبة البيزنطية نما الأدب الأرامي (الأرامي البابلي والسامري والمندائي أو المندعي وخاصّة السرياني بمفرزاته القديمة ومن ثم المسيحية واخرها النموذج المكتمل بالعصر العباسي) الذي ظلّ تقليدًا حيًّا حتّى القرن العشرين في حين نامت ودخلت العبرية بسبات من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى 1948 حيث اعيد احياء نمذج هجين بقرار سياسي ونلاحظ أنه، إذا وضعنا جانبًا نصوص الفنتيين( جزيرة الفيل) وقمران ودير علّة ( العلا)....... فالأدب الأرامي القديم قد زال كلّه تقريبًا لأنّه دوّن على لفائف من البردي أو الجلد رلم يدون على الحجر . وبقيت المدوّنات الملكية، ولاسيّمَا الطويلة منها، التي تأثّرت بهذا الأدب القديم. لذلك نبدأ فنذكرها كشاهدة على الأدب الأرامي القديم.
أ - بقايا الأدب الأرامي القديم
لم تعطنا التنقيبات الأركيولوجية حتّى الآن سوى مقاطع من الأدب الأرامي، في سوريا و فلسطين وفي مصر، وقليل جدا في قلب العالم الأرامي سوراقيا (سوريا، بلاد الرافدين).
1 - دير علاّ (وادي الأردن)
نحن أمام مدوّنة نُسخت على الجبصين بالحبر الأحمر والأسود، في لهجة أرامية قديمة. تروي البداية رؤية الآلهة خلال الليل على نبي سمع خبرًا سيّئًا. وفي اليوم التالي نقل النبيّ هذا القول النبوي لمن يحيط به: "مدوّنة سفر بلعام بن فغور، الإنسان الذي كان يرى الآلهة. جاءه الآلهة في الليل ووجّهوا إليه هذه الكلمات. كلّموا بلعام بن فغور... وقام بلعام في الصباح... وبكى". وهو من اعطى لليهود هذا الفكرة الميتولوجية وكذلك قصة ايوب ومسائل جهنم والشيطان والجن....والاشكال الانسانية الحيوانية
2- الفنيتين ( جزيرة الفيلة)(مصر العليا) نجد بين المخطوطات العديدة التي وجدت في الفنيتين تجاه سيان القديمة (أو أسوان حديثا)، مقاطع لنصوص أدبية كلاسيكية:
أوّلاً: حكمة منقولة عن المصرية
فالبطل يحمل اسمًا مصريًا: برفونش أي الذئب. لم يستطع العلماء أن يكونّوا من هذه النتف جملة واحدة كاملة، ولكنّهم اكتشفوا عبرها عددًا من آلهة مصر.
ثانيًا: أمثال وقصّة أحيقار
كتاب مدرسي في المدارس الأرامية موضوع بالعصر الامبراطوري الاشوري المتأخر وعمم في الحقبة الفارسية وقد ظلّ شعبيًا متداول في كل الشرق الأوسط ومشار له ولايوب ولبلعام بالقرآن القديم، وهذا ما تشهد عليه الترجمات المحفوظة في مختلف اللغات الشرقية ولاسيّمَا السريانية المتاخرة. ويتألّف هذا الكتاب من عنصرين مختلفين: تتكوّن النواة من مجموعة أمثال كُتبت في الأرامية الغربية ومثّلت تقليدًا أراميًا آتيًا من حكم وقصص سوريا. أقحمت هذه الأمثال في خبر يروي ما حصل من سعد ونحس لأحيقار الوزير الكاتب الحكيم والماهر... ومستشار كل عصري سنحاريب واسرحدون فهو وزير وحافظ أختام سنحاريب، ملك أشور. لم يكن هذا الشخص من نسيج الخيال، وهو المذكور في لويحة مسمارية من العهد الهلّنستي تعطي لائحة بالاختصاصيين (أومانو) المشهورين وهو منهم في أيّام أسرحدون خلف سنحاريب: "أبا أنليل داري الذي سمّاه "أحلامو" (أي الأراميون) أحوقار". كان هذا الشخص المشهور أراميًا مارس وظيفة عالية في البلاط الأشوري في بداية القرن السابع. ولا يمكن أن يكون خبره سابقا لذاك التاريخ. يظنّ بعض العلماء أنّنا أمام ترجمة لأصل أكادي، ولكنّ هذا الرأي غير أكيد ونحن نعرف أهمّية الكتبة والموظفين الأراميين في البلاط الأشوري والذين وسعوا نفوذهم جدا بسبب معرفتهم القرأة والكتابة. ويبدو النصّ الحالي بشكل خبر حكمي دوّن في أرامية بلاد الرافدين وهدف إلى التشديد على الصدق والأمانة للملك، حتّى ولو خسر الموظّف حظوته.
كانت قصّة أحيقار وابنه نادين مشهورة جدُّا في الزمن الفارسي، واصبحت قصة مدرسية لتعلم القراءة والكتابة والادب والحكمة فلمّح إليها مرارًا سفر طوبيا لابل استنسخ منها ما تيسر.
ثالثًا: مدونة بيهسيتون
مدوّنة ملكية صارت نصًّا كلاسيكيًا يتعلّمه في المدارس الموظّفون الفرس العتيدون. تلك كانت وسيلة تدخل بها الإيدولوجيا الملكية والأمانة للعرش في رؤوس الذين سوف يعملون في إدارة الدولة. هذا الاستعمال للنصوص في خدمة الدعاية الملكية نجده في المقطع 70 من مدوّنة كتبت بالفارسية القديمة على صخرة بيسيتون (أو بهيستون) . دوّنها داريوس الأوّل بعد اعتلائه العرش (522 ق م) وذكر أنّ نسخًا من هذه المدوّنة كتبت في ثلاث لغات وأرسلت إلى كل أنحاء المملكة الفارسية. وبعد هذا، لن نعجب إن نحن وجدنا نسخة منها في مصر ولكنّنا نعجب حين نلاحظ أنّ نسخة المخطوطة الموجودة في الفنتين تعود إلى الربع الأخير من القرن الخامس ق م، أي بعد اعتلاء داريوس العرش بقرن من الزمن، وقد يكون ذلك بمناسبة اعتلاء داريوس الثاني العرش سنة 433 ق م. هذا الواقع، وإقحام نصّ المدوّنة الجنائزية لداريوس الأوّل في نقشي روستام في نهاية النسخة الأرامية، تذكران استعمال هذه المخطوطة في تعليم تاريخي يعلّم الموظّف الالدبلوماسي والتنفيذي الأمانة لملكه منذ مقاعد الدراسة في المملكة الفارسية.
غطّى النصّ الأرامي الاول 11 عمودًا، كل عمود 17 / 18 سطرًا. إذا 190 سطرًا تقريبًا. نجد على البردية 9 عواميد على الوجه وعمودين على الظهر كانت اللفيفة الاولانية تعد، على ما يبدو، 24 بردية ملصقة بعضها ببعض. دوّن النصّ في الأرامية الامبراطورية الشرقية ولكنّه جاء مجزّأ. ولكنّنا نستطيع أن نستند إلى نصوص فارسية قديمة وعيلامية وأكادية لنجمع القطع ونقدم لفيفة بردية تمتدّ على ثلاثة أمتار. يروي النص أولى الحملات التي قام بها داريوس ليقمع ثورات عديدة ويثبّت عرشه. وتتضمّن النهاية تنبيهًا إلى الأجيال الآتية، ويفسّر لماذا أدخل هذا النص في التعليم الكلاسيكي في المدارس:
"أيّا كنت أيّها الملك الذي ستكون بعدي، لا تكن صديق الكذّاب... تحفظ من الكذّاب الكبير... ممّن يكذب... يعرف الناس بوضوح كيف تتصرّف كيف تسلك. قل الحقيقة للشعب ولا تخفها عليهم. إن كنت لا تخفيها عليهم، فأهو رمزدا يباركك. يكون نسلك كبيرًا وتمتدّ أيّامك. ولكن إن أخفيتها يلعنك أهور مزدا ولن يكون لك نسل ".
3- قمران (قرب البحر الميت)
أبرزت اكتشافات قمران بالاضافة إلى نصوص التوراة العبرية (وفيها نصوص أرامية من سفر عزرا ودانيال)، عددًا من النصوص الأرامية كنّا نعرف مضمونها بفضل ترجمات موجودة في مختلف اللغات الشرقية. دوّنت هذه النصوص للمرّة الأولى، على ما يبدو، حوالي القرنين الثالث والثاني ق م.
نعرف أوّلاً أربع مخطوطات لطوبيط (أو طوبيا) في الأرامية. وهذا يعني أنّ سفر طوبيا دوّن أوّلاً في الأرامية حوالي القرنين الرابع والثالث ق م. واستلهم أفكاره من قصّة أحيقار التي اعتبرها معروفة في أيّامه.
ونعرف ثانيًا كتاب أخنوخ (أو كتب أخنوخ) الذي وصل إلينا في ترجمة حبشية. أعطتنا المغارة الرابعة مخطوطة من هذا الكتاب الذي دوّن أصلاً في الأرامية. لم تزل طريقة تكوين هذا الكتاب حول شخصية أخنوخ طريقة متشعّبة يختلف حولها العلماء بالتفصيل. وقد تكون ضمّت: كتاب المنارات السماوية، كتاب الساهرين، كتاب الأمثال، كتاب الحكماء، رسالة أخنو، كتاب الجبابرة.
ونعرف ثالثًا وصيّة لاوي التي وصلت إلينا في مخطوطة من كنز (غنيزا) القاهرة.
ونعرف رابعًا صلاة نبونيد وتقاليد أخرى مرتبطة بدانيال.
ونعرف خامسًا رؤى عمرام.
ونزيد على هذا الأدب الذي سبق تكوين الشيعة الإسينية وإقامة مجموعاتها في قمران و (كتبها المنحولة) والمرجع الارامي الدمشقي لما يسمى معلم دمشق بالقرن الثاني قبل تلميلاد والذي اختطف وقتل من قبل اليهود والتكوين الذي ألّف هو وترجوم أيوب في القرن الثاني ق م.
ونضيف إلى هذه النصوص الأدبية الأرامية (المرتبطة بالعالم اليهودي) نصًّا أراميًا دوّن في الديموتية (أو اللغة الشعبية المصرية سلف القبطية ). هذا النص قريب من لويحة مسمارية وُجدت في أوروك ونَسَخَت نصاً أراميًا ذا طابع سحري. ونذكر هنا أنّ فلافيوس يوسيفوس دوّن أوّلاً كتابه "الحروب اليهودية" وكتابه التاريخ اليهودي بالأرامية (حوالي 65-75 ب م). ولكن لم يصل إلينا إلاّ الترجمة اليونانية التي جاءت اقتباسًا عن الأصل.
ب- المدوّنات
من المستحيل أن نورد هنا كل المدوّنات الأرامية منذ البدايات إلى القرن الأوّل ب م. لهذا سنكتفي بذكر أهمّها مع التشديد على نماذج وُجدت في العصور المتعددة.
1 - الأرامية العتيقة
أوّلاً: أوّل مدونة مهمّة نشرت سنة 1982. حفرت على ظهر تمثال هدد يسعي ملك جوزان وسيكان وعزران. وُجدت في تل الفخارية على منابع الخابور، ويعود تاريخها تقريبًا إلى سنة 850- 825 ق م. كان على وجه التمثال مدوّنة أشورية ويبدو أن القسم الأوّل من النصّ هو ترجمة عن الأشوريّة. أمّا القسم الثاني فدُوِّن أوّلاً في الأرامية. لهذا لا ندهش إن نحن قرأنا سلسلة من اللعنات قريبة ممّا نجد في النصوص السامية الغربية، ولاسيّمَا في نصوص السفيرة: "ليزرع ولا يحصد! ليزرع ألف كيلة من الشعير ولا يستخرجِ إلاّ نصف كيلة! لتُرضع مئةُ نعجة حملاً واحدًا دون أن يشبع! لتُرضع مئة امرأة طفلاً واحدًا دون أن يشبع! لتطبخ مئةُ امرأة خبزًا في الفرن ولا تملأه! وليجمع الناس شعيرًا للأكل من حفرة الأوساخ! لينزل بهم الولاء (ضربة نرجال) ولا يُقتلع من البلاد !"
ثانيًا: وُجدت مدوّنات عديدة في لهجة أرامية عتيقة وخاصة في زنكرلي وفي جوار عاصمة مملكة يعادي شمال (شرقي أمانوس) هذه. نكتفي بايراد ثلاثة نصوص مهمّة:
* مدوّنة هدد
أهدى فنامووا، ملك يعادي، تمثالاً كبيرًا للإله هدد (النصف الأوّل من القرن 8 ق م). يشكر فنامووا الإله على أنّه ثبّت عرشه. وهو يقدّم له هذا التمثال من أجل دوام ملكه. ثمّ تأتي اللعنات على مغتصب ممكن.
* مدوّنة فنامووا
حفرها على نصب جنائزي الملك برراكب وقدّمها لوالده فنامووا، الذي كان خاضعًا لتجلت فلاسر الثالث وتوفّي خلال حصار دمشق سنة 733/732 ق م. تذكر هذه المدوّنة خبر ملك فنامووا الذي أزال أحد المغتصبين قبل أن يعيد الازدهار إلى البلاد بمساندة "ملك أشور". وتشير نهاية النص إلى ثبات الملك في يد برراكب. "وأنا برراكب بن فنامووا، قد أجلسني سيّدي ملك أشور على عرش أبي فنامووا بن برصور بسبب حقّ أبي وحقي" وقتل بحصار دمشق
* مدوّنة أورديك بورنو
ترتبط بالمدوّنات اليعادية. ولكن تبقى قراءتها صعبة.
ثالثا: نذكر أيضاً بعض المدوّنات القصيرة والمجزّأة التي تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع، ولاسيّمَا مدوّنتين عاجيتين تذكران حزائيل، ملك دمشق.
2- الأرامية القديمة
تشهد مدوّنات عديدة في القرن الثامن على انتشار الثقافة الأرامية المكتوبة.
أوّلاً: نصب وجد في بريج (7 كلم إلى الشمال من حلب). أهدي إلى ملقارت على يد برهدد... ملك أرام. نحن أمام بر هدد، ملك دمشق، ومعاصر يوآش ملك إسرائيل. أمّا تاريخ هذا النص فهو على ما يبدو: 797 ق م.
ثانيًا: مدونة "زكور ملك حماة والوعاش". إنّها تدل على المدوّنات الملكيّة في تلك الحقبة، تذكر كيف أنّ الإله بعل شميم خلّص عاصمته حزرك( حدرك) التي حاصرها التحالف من الملوك الأراميين ونتيجة محاولة ملك حماة التنصل من الائتلاف والاتصال بآشور مما تسبب لاحقا بضعف بالتحالف وادى لسقوط دمشق فالسامرة ثم حماة وبابل وكان على رأس التحتلف برهدد بن حزائيل ملك دمشق. وبعد أن يذكر الأبنية التي شيّدها، ينهي باللعنات التي تهدّد كل من يدمّر هذا النصب. أمّا قلب النصّ فيذكّرنا ببعض النصوص التي سيقلدها النص التوراتي لاحقا : "رفعت يدي نحو بعل شميم: لا تخف، فأنا جعلتك ملكًا وأنا أقف بجانبك وأنا أخلّصك من كل هؤلاء الملوك الذين هاجموك وحاصروك ".
ثالثًا: مدوّنات السفيرة. حُفرت على ثلاثة أنصاب مختلفة جاءت من السفيرة (تبعد 25 كلم إلى الجنوب الشرقي من حلب). تتضمّن أقسام (عدى) ماتيئيل ابن عطر سمكي ملك أرفاد تجاه برجعيا ملك كتك. هذا الملك هو شمشي أيلو ترتانو (قائد الجيش ألاشوري ومن أصل أرامي). خدم ملوك أشورية في النصف الأوّل من القرن الثامن أي هدد نيراري الثالث (810- 784) وشلمنصّر الرابع (782- 773) وأشوردان الثاني (772- 755) وأشورنيرارى الخامس (754- 745). كان الشخصية الثانية في المملكة الأشورية وكان يقيم في كيتيكا (تل برشيب) على شواطئ الفرات. صار نائب الملك القوي في غربي المملكة الأشورية. سيأفل نجمه بعد وفاة حاميته الامبراطورة الاشورية سميراميس
تاريخ الأنصاب الثلاثة: بين سنة 796 وسنة 772، وهي تتضمّن نموذجًا واضحًا عن أقسام تربط ملكًا خاضعًا بملك عظيم وتشمل بعض البنود السياسية المحدّدة وذكر لعنات الآلهة إن نقض العهد. هذا الفن الأدبي (عدى، عديم) الأشوري والأرامي قد ألهم عددًا من النصوص التوراتية ولاسيّمَا في سفر تثنية الاشتراع: "ليَلتَهم الجرادُ البلادَ سبع سنوات! ليَلتَهم الدود البلاد سبع سنوات! ليصعد الجندب على سطح الأرض! لا ينبت عشب ولا يُرَ أخضرار ولا يُرَ نبات ولا يسمع صوت القيثارة في أرفاد".
رابعًا: في زنكرلي. صعد برراكب على عرش شمال بمُساعدة تجلّت فلاسر الثالث، فحفر بعض المدوّنات الملكية في الأرامية الكلاسيكية في قصره. وهو يؤكّد صدق ولائه لسيّده: "أنا برراكب بن فنامووا ملك شمال خادم تجلت فلاسر سيّد أربعة أقطار الأرض. بسبب صدق أبي وصدقي، أجلسني سيّدي ركيب ايل وسيّدي تجلت فلاسر على عرش أبي ".
3- الأرامية الملوكية
بعد أن احتلّ تجلت فلاسر الثالث (744- 727) الممالك الأرامية، أدخلها في المملكة الأشورية فصارت المملكة الأشورية الأرامية. وتأثرت اللغة الأرامية باللغات القديمة والبابلية الجديدة. لم نجد أنصابًا ملكية بل أختام وأنصاب شخصيات كبيرة ورسائل وعقود ولوائح أسماء كتبت على اللويحات أو على الاوستركات من جلد الغزال أو على البرديات.
أوّلاً: نصبان جنائزيان مع نقيشة. وُجدا في النيراب (تبعد 7 كلم إلى الجنوب الشرقي من حلب). كانا لكاهنين في خدمة "صهر" الإله القمر: سنزاربني وشيعجباري. يعودان إلى القرن السابع ق. م. ويتضمّنان لعنات على من يقتلع هذين النصبين. وتصوّر المدوّنة الثانية موت هذا العظيم جباري محاطًا بكل عائلته: "في يوم موتي لم يُحرم في من الكلام، وشاهدت بعينيّ ذريّتي حتّى الجيل الرابع. بكوا وبكوه بِوَلَه ".
ثانيًا: وظهر التأثير الأكادي على تدوين الوثائق الإدارية ولاسيّمَا العقود والاعتراف بالديون. لم يبقَ لنا وثائق على برديات أو جلد، ولكنّنا نستطيع أن نذكر أرشيفًا صغيرًا على لويحات طينية وجدت في نينوى وأشور وتل حلف. ونذكر لويحة أرامية منعزلة مؤرّخة سنة 635 ق.م.، وقطعة لويحة بابلية (571/570 ق. م.) تتضمّن لائحة الشهود، ومدونات أرامية على لويحات أشورية وبابلية هي أعمال قانونية. كما ونجد وثيقة ترجع إلى الإدارة الملكية. حُفرت على الحجر وأعلنت أنّ كل مزارع لا يدفع الضريبة، يُحكم عليه بالموت هو ومن يتواطأ معه.
ثالثًا: وصلت إلينا رسالتان أراميتان، الأولى مكتوبة على أوستراكة والثانية على بردية. أوستراكة أشور. أرسلها ضابط أشوري في جيش أشور بانيبال في بابلونية في بدء تمرّد ملك بابل شمش شوموكين حوالي سنة 650 ق م. وبرديّة صقّارة هي رسالة أرسلها أدون ملك عقرون في أرض الفلسطيين إلى فرعون، سيّد الملوك إلى نخو الثاني يدعوه فيها إلى مساعدته على جيش ملك بابل( نبوخذ) الذي وصل إلى حدود فلسطية حوالي سنة 604 ق. م..
رابعا: أوستراكة أرامية وُجدت في نمرود وتضمّنت لائحة أسماء عمونية وأختام ومدوّنات على البرونز أو على المعايير والموازين.
4- الأرامية الرسمية
في زمن الأخمينيين (539- 532) صارت الأرامية اللغة الرسمية في المملكة الفارسية. استُعملت في الغرب كما استُعملت في مقاطعات المملكة الشرقية.
أوّلاً: في مصر
بعد أن احتلّ كمبيز مصر سنة 525 ق م، صارت الأرامية لغة البلاد الادارية فاستعملها كل موظّفي الإدارة والجيش. وبسبب الطقس وصلت إلينا أوستراكات عديدة ومدوّنات على الأواني أو على الحجر ووثائق مكتوبة على البردية أو على الجلد، مع الإشارة إلى المصدر: الفنتين/ سيان (أسوان)، أبيدوس، هرموبوليس، ممفيس، صقّارة، تلّ المسخوطة.
جزيرة الفيلة الفنتين/ سيان. يرجع قسم كبير منها إلى مستوطنة يهودية أقامت في جزيرة الفنتين (ياب) وكان لها هناك هيكل مكرّس للإله ياهو (يهوه) مع كهنة وخادم. وقسم آخر جاء من مستوطنة أرامية أقامت في سيان وكان لها معابد مكرّسة لنبو، لبانيت، لبيت إيل، لملكة السماء أي عناة. كان أهل هاتين المستوطنتين من المُرتزقة العاملين في خدمة الفرس لحماية حدود مصر الجنوبية. ماذا نجد في هذه الوثائق التي وصلت إلينا؟ نجد مجموعة رسائل دوّنت على الجلد وحفظت في وعاء من جلد. هي وثائق تتعلّق بإدارة أرشاما، حاكم (مرزبان) مصر وأحد أعضاء عائلة الأخمينيين المالكة وسيّد أراضي عديدة في بابلونية كما في مصر هناك رسائل كتبها أرشاما خلال غيابه مدة ثلاث سنوات (410- 407 ق. م.) في بابلونية، وهي تتعلّق بإدارة أملاكه في مصر.
ونجد أرشيفًا عائليًا يتعلّق بأعضاء شخصيات كبيرة في جماعة الفنتين اليهوديّة. منها: أرشيف يدنيا، قائد هذه الجماعة. يتضمّن تسع وثائق من نهاية القرن الخامس، وهي تفهمنا المشاكل التي واجهتها الجماعة اليهودية المحلّية: مشاكل داخلية (تثبيت الروزنامة، طقس الفصح، طقس الهيكل)، مشاكل خارجية (علاقات مع السكّان المصريين، تمرّد دمّر معبد ياهو، علاقات مع السلطات الفارسية في مصر واليهودية في يهوذا والسامرة بما يتعلّق بإعادة بناء الهيكل...). ومنها: أرشيف حنانيا خادم هيكل ياهو. يتضمّن عقود زواج مع عبيد وأعمال تحرير عبيد، وصكوك تمليك. تاريخ هذه الوثائق بين سنة 451 وسنة 402 ق م. ومنها: أرشيف مبطحيا الذي يتضمّن أعمالاً قانونية (بيع، شراء، هبة، عقد زواج، طلاق، مشاكل تركة وميراث) تمتدّ على ثلاثة أجيال (471- 410 ق. م.). ونجد أعمالاً إداريّة متنوّعة: تسليم موادّ غذائية، توزيع الإعاشات في المخازن الملكية، لائحة بأسماء مع أوامر من أرشاما بالنسبة إلى سفينة من السفن...
ونجد عقودًا وأعمالاً قانوتنية لا ترتبط بأيّ أرشيف محدّد.
ونجد أوستراكات عديدة تحمل تبليغات قصيرة حول الحياة اليومية. حملتها السفينة التي تصل سيان بالفنتين، وأشار بعضها إلى الاحتفال بالفصح أو بيوم السبت.
ونجد مدوّنات على جرار مكتوبة بالحبر في الفينيقية أو الأرامية.
ونجد نصبًا مع مدوّنة أرامية في سيان مُهداة إلى الإله.
* في أبيدوس. كان معبد أوزيريس الرئيسي يجتذب العديد من الحجّاج، سواء من المصريين أم من الأسيويين، من الفينيقيين والأراميين. نحن نتعرّف إليهم من خلال الكتابات التي تركوها فدلّت على مرورهم من هناك.
* في هرموبوليس. في وعاء وُضع في قبو تحوت وُجدت ثماني رسائل على ورق البردي. وُجهت إلى أفراد عائلة تقيم في سيان أو الأقصر، ولكنّها لم تصل إلى هدفها. إنّها تتعلّق بعائلات أرامية وتعود إلى حوالي السنة 500 ق. م. اسم مرسل الرسائل الثلاث الأولى هو ماكيبانيت ونحن نجده على عقد استئجار أرض يتقاسم به المستأجر والمؤخّر غلّتها.
* شيخ فضل. وجدت 17 مدوّنة أرامية على جدران مدفن شيخ فضل، تذكر طهرقة، فرعون السلالة 25 الذي حكم في بداية القرن السابع (رج 2 مل 19: 9 ؛ أش 37: 29) وتذكر نكو وبساميتيك.
و بممفيس. لويحة تقدمة من الحجر مع مدوّنة أرامية: "لويحة تقدمة ليقترب بانيت من أوزيريس أبيس. صنعها أبيتاب بن بانيت. هذا ما صنعه أمام أوزبريس أبيس ".
* صقّارة. هناك أنصاب جنائزية عديدة في صقّارة ومكرّسة لأوزيريس. تاريخ أحدها: 482 ق م. ويتضمّن نصب آخر عبارات مصرية: "مباركة، طابة، بنت تحافي المتعبدة للإله أوزيريس. لم تفعل شرًّا ولم تفتري هناك على أحد. كوني مباركة أمام أوزيريس. تقبّلي الماء من أوزيريس. كوني خادمة سيّد الحقيقتين واحيي إلى الأبد مع الطوباويين ".
وأبرزت حفريات صقارة الأخيرة (منذ سنة 1967) 200 قطعة من قطع البردي دوّنت في الأرامية واحتوت على أعمال قانونية وتجارية وغيرها.
* تل المسخوطة وهي العاصمة الهكسوسية القديمة. ويبعد قرابة 20 كلم إلى الغرب من الإسماعيلية. يتضمّن هذا الكنز الذي وُجد هناك جرارًا تعود إلى القرن الخامس ق م. نجد إهداء في الأرامية: "دعاء قدّمه قاينو بن جشمو (راجع جاشم العربي المذكور في نح 2: 19 ؛ 6: 1، 2، 6) ملك قيدار إلى هن ايلة (إلى هذه الإلاهة) ".
ثانيًا: في فلسطين
نميّز مجموعات مهمّة من الوثائق الآرامية.
أرشيف وادى داليه: برديّات تتضمن وثائق بيع عبيد. حملها عظماء السامرة حين هربوا سنة 332 / 331 ق م، وذلك بعد أن أحرق أندروماخوسُ، الحاكمُ اليوناني الذي عيّنه الإسكندر على السامرة.
ختمان و 65 براءة محفوظة في وعاء ومربوطة بأوراق من البردي أو الجلد. كل هذا شكّل أرشيف أحد أعضاء العيلة الحاكمة في اليهودية حوالي سنة 500 ق م: شلوميت زوجة الناتان حاكم اليهودية. هذه المرأة المشهورة كانت ابنة زربابل وشقيقة حنانيا (1 أخ 3: 9) اللذين كانا كلاهما حاكمي اليهودية قبل الناتان. ولكنّ مناخ منطقة أورشليم لم يساعد على حفظ هذه الوثائق من التلف.
اكتشفت أوستراكات عديدة وخاصّة في أراد وبئر سبع ولكنّها أوراق حساب قصيرة لحقها التلف.
ثالثا: في شمالي الجزيرة العربية
وُجدت مدوّنات أراميّة عديدة في واحة تيماء. تعود إلى فترة نابونيد وكذلك حوالي سنة 400 ق م. أطولها وأهمّها تتحدّث عن إقامة معبد جديد (الكاهن، و المداخيل).
رابعًا: آسية الصغرى
وجدت مدوّنات أرامية عديدة على الأنصاب أو محفورة في الصخر في مقاطعة آسية الصغرى (تركيا الحالية). يعود معظمها إلى القرن الخامس و الرابع ق م. نحن أمام أنصاب جنائزية (داسكيليون وحلواتيبي/ سلطانية كوي في ميسية، سرديس في ليدية ليميرا في لوقية)، وعلامات حدودية (غوزنه وبحاديرلي في كيليكية) ومدوّنات مختلفة (نصب نذري في كسقاك كويو في كيليكية، نصب تذكاري لسراي دين في كيليكية).
أهمّ مدوّنات آسية الصغرى هي مدوّنة كسانتوس: مسلّة (كشفت سنة 1973) في ثلاث لغات (يونانيّة، أرامية، لوفية) تعود إلى سنة 358 ق م. المدوّنة الآرامية هي النصّ الرسمي لقرار بيكسودوروس مرزبان كاربة ولوقية، يتعلّق بإقامة عبادة جديدة في ليتاؤون في كسانتوس. فبعد تاريخ البناء والإشارات حول تسيير هذه العبادة الجديدة (كاهن، مداخيل، ذبائح شهرية وسنوية)، ينتهي النصّ بلعنات على كل من يمس هذا القرار.
خامسًا: بلاد الرافدين وإيران
نجد في بلاد الرافدين عددًا من البطاقات الأرامية دوّنت على لويحات مسمارية. وأبرزت تنقيبات برسيبوليس مجموعتين من المدوّنات الأرامية. تشتمل المجموعة الأولى على 200 مدوّنة مكتوبة على أوعية من الحجر الأخضر (صحون، صوانٍ ، أطباق) استعملت كهدايا للخزانة الملكية، وتعود إلى القرن الخامس ق م. وتشتمل المجموعة الثانية على لويحات أرامية.
4- الأرامية الوسيطة (من القرن 3 ق. م. إلى القرن 3 ب. م.)
كانت هذه الأرامية امتدادًا للأرامية الرسمية ولكن بدأت تبرز كتابات ولهجات وطنية.
أوّلاً: امتداد الأرامية الرسمية
اوستراكات وبرديات في ادفو (مصر) تعود إلى نهاية القرن الرابع وبداية القرن الثالث ق م. أوستراكات في السامرة وخربة الكوم ومدوّنة على حجر في الكرك (فلسطين). بعض المدوّنات في اليونانية والأرامية من القرن الثالث ق م: أغشاكالي وفراسا في كبادوكية (أسية الصغرى). ووجدت في أرمينيا السوفياتية قرب بحيرة سيوان صوّات (علامات المسافات) دوّنت في القرن الثاني ق م. وهناك خمس مدوِّنات في أفغانستان وشمالي غربي الهند، ارتبطت بالملك أسوكا (حوالي منتصف القرن 3 ق م) ووجدت في تاكسيلا، وفولي دارونتي، وكندهار.
ثانيًا: التقاليد الوطنية
بدأ هذا التحوّل إلى التقاليد الوطنية منذ القرن الثاني ق م، وها نحن نميّز لهجات غربية ولهجات شرقية.
* اللهجات الغربية
الأنباطي. انتشر في شمالي الجزيرة العربية في جنوب شرقي فلسطين وفي سورية الجنوبية. وكان المركز البترا (سلع). هناك آلاف المدوّنات النذرية والجنائزية والكتابات (غرافيتي. ثلاثة آلاف في سيناء وحدها). وظهرت المدوّنات الأنباطية في تدمر منذ سنة 169 ب م. كان الأنباطي اللغة المكتوبة، أمّا اللغة المحكية فكانت العربية.
الأرامية الفلسطينية. عاشت مع العبرية واليونانية. هناك مدوّنات عديدة على الحجر وعلى العظام، ومخطوطات قمران ومربعة وسائر مغاور برّية يهوذا والبحر الميت
الأرامية التدمرية. انتشرت حول تدمر التي كانت واحة ومُلتقى طرق. هناك قرا بة 4500 مدونة على الحجر من القرن الأوّل ق. م. إلى القرن الثالث ب. م.
* اللهجات الشرقية
اللغة الحترية. نمت حول حتراء التي تبعد 55 كلم إلى الشمال الغربي من أشور، وهي محطة للقوافل وعاصمة إحدى ممالك بلاد الرافدين. وُجد فيها حتّى الآن 350 مدوّنة على الصخر من القرن الأوّل إلى الثالث ب. م..
اللغة الرهاوية. انتشرت حول الرها (أورفا الحالية واداسه اليونانية) التي هي عاصمة مملكة على حدود الامبراطورية الرومانية. استعملت هذه المنطقة العليا في بلاد الرافدين كتابة ستكون في أصل السريانية. هناك عدد كبير من المدوّنات في الرهاوي أو السرياني القديم.
تنقيبات نيسا قرب قرية بَغير القريبة من اشخباد عاصمة جمهورية التركمان السوفياتية. وجدت هناك 3000 أوستراكة تعود إلى القرن الأوّل ب م، وهي حسابات جرار نبيذ. وغيرهم كثير مما يحاول جهابذتنا لاسباب عنصرية ودينية وسياسية ترك هذا التراث الذي تحاول دولة الكيان الاسرائيلي الاستيلاء عليه