مقال يستحق القراءة اكثر من مره قولبة التاريخ ؛ مصر والسودان
1) النيل قبل تشكله الأخير بما يعرف بالنيل الجديد (New Nile) كان يصب في الهضبة النوبية في أسوان وما بعد أسوان كان عبارة عن بحر متصل بالبحر الأبيض المتوسط حتي إستطاع حوالي الألف العاشر قبل الميلاد (10000 ق.م) إختراق الهضبة النوبية عند أسوان والجريان علي المنخفض الذي خلفه إنحسار البحر الأبيض المتوسط من تلك المنطقة الي أن وصل البحر الأبيض المتوسط وردم بطميه الخصب الدلتا فجعلها صالحة للإعمار.
2) المعلومة الجيولوجية أعلاه المقتبسة من كتاب نهر النيل للجيولوجي المصري الأشهر رشدي سعيد تؤكد أنه لم يكن وجود لمصر التاريخية التي يوصفها علماء المصريات بأنها المنطقة التي قامت عليها حضارة وادي النيل بتحديد جغرافي من جنوب الدلتا الي أسوان ناهيك أن تكون الدلتا ذاتها موجودة في ذلك الزمان بل حتي رشدي سعيد نفسه يقول أن مصر معجزة جغرافية وكان من المفترض أن ينتهي إنصباب النيل شمال وادي حلفا بقليل.
3) بردية تورين وهي من المصادر التاريخية المعروفة في دراسة تاريخ مصر القديم الي جوار حجر باليرمو وقوائم الكرنك وأبيدوس وسقارة ونصوص الأهرام وتاريخ مانيثو .... الخ تثبت أنه قبل قيام الإتحاد الثاني برئاسة الملك نارمر حوالي العام 3200 قبل الميلاد (سبقه إتحاد حورس) حكم وادي النيل علي فترتين فترة مقدارها 13200 سنة سميت بفترة حكم النترو (أنصاف الآلهة) وفترة مقدارها 23420 سنة سميت بفترة حكم الشمسوحور.
4) المعلومة التاريخية أعلاه إذا ربطناها بالمعلومة التي قبلها التي تفيد أن ما بعد أسوان لم يظهر ويتشكل كأرض صالحة للعيش إلا قبل 10000 سنة قبل الميلاد تؤكد أن هذه الفترة الطويلة وهي قرابة 36620 سنة قبل حكم الملك نارمر كان الحكم والحياة بمجملها في وادي النيل في المنطقة جنوب أسوان ومن البديهي أنه لا يمكن القول أن النترو والشمسو حور حكموا في مناطق مصر الممتدة من شمال أسوان الي الدلتا وهي غير موجودة أصلاً بل كانت بحراً والأهم من ذلك أن أسوان هي الحد الطبيعي لسودان اليوم طيلة تاريخ وادي النيل الي أن إنتزعها محمد علي باشا في ظروف تاريخية محددة وتواطأ الإنجليز من بعده علي نفس الإنتزاع كما سنذكره لاحقاً أي أن حضارة وادي النيل نشأت أساساً في منطقة سودانية بحتة.
5) الأدلة التاريخية أثبتت منذ الثلث الأول من القرن الماضي أسبقية نشأة حضارة وادي النيل في جنوب الوادي في وادي النيل الأوسط بالتحديد أي السودان وأنها إنتشرت الي مصر من تلك المنطقة ومثال لذلك مملكة القسطل وتاسيتي أرض الأقواس وأصل حضارة الخرطوم النيوليثية لحضارة البداري أقدم حضارات مصر الحجرية وشهادات المؤرخين الرومان واليونان القدامي أن مصر مستعمرة أثيوبية (سودانية) أنشأها الأثيوبيين (السودانيين) بقيادة أوزيريس الذي هو شخصية تاريخية حقيقية وليست أسطورة حيث إكتشف الآثاري أميلينو مقبرته في أبيدوس ووجد جمجمته في جرة إختفت بعد ذلك في ظروف غامضة ونقوش معبد إدفو التي تفيد بقصة إجتياح حورس إبن أوزيريس وأتباعه الحدادين مصر من الجنوب وتأسيس الإتحاد الأول ونقوش تل بسطة والدير البحري التي تتحدث عن الأعناء (الأنو) أول من سكن وادي النيل وأسسوا الحضارة وإنتشارهم في وادي النيل من الجنوب والإتجاهات الجغرافية لشعب وادي النيل القديم التي تجعل من غرب النيل جهة اليد اليمني متطلعين الي الجنوب بوصفه بلد الأسلاف وتسميته بأمامي أو أماني ويعني بلد الأجداد وتوجيه النتر الأعظم (آمون) الي الجنوب في العيد السنوي بإعتبار منشأه الأصل .... الخ.
6) بعد نشأة عهد الأسرات ومنذ الأسرة 6 كان ملوك وادي النيل الذين تمركزوا في طيبة (الأقصر) يقومون بتسيير رحلات إستكشافية (رحلات النبيل حرخوف مثلاً) وحملات حربية الي الجنوب موطن الأسلاف لقمع التمردات وجلب المواد الخام وعلي رأسها الذهب والنحاس والعاج والأخشاب كما قام هؤلاء الملوك خصوصاً في الأسرة 18 بإقامة تحصينات حربية جنوب أسوان وشمال وادي حلفا لحماية طرق القوافل وصد المتمردين الجنوبيين مثل نقوش نُصُب فيلة جنوب أسوان ولوح معبد بوهين في الضفة المقابلة لوادي حلفا.
7) إستمر الحال هكذا الي نهاية عهد الأسرات حيث كانت العاصمة السياسية للحضارة في طيبة (الأقصر) والعاصمة الحربية في ممفيس (الجيزة) والعاصمة الدينية (البركل) في شمال السودان الذي يعتقد أنه أول تل أزلي (تاجنين) برز من ماء العماء الأبدي (نون) حسب قصة الخلق في وادي النيل وكان جنوب تلك المنطقة الي حدود أرتريا وأثيوبيا وتخوم إقليمي كردفان ودارفور في غرب السودان محل شد وجذب بين ملوك وادي النيل وشعب الجنوب الأصل ما عدا في فترة الأسرة 25 الكوشية التي أعادت النهج القديم وتسيدت مصر وتعتبر هذه الأسرة هي الأسرة الوحيدة التي بسطت سيطرتها علي كل رقعة حضارة وادي النيل العملاقة وفقاً للبينات الآثارية الكوشية الممتدة من جبل موية بسنار جنوباً وحتي الدلتا شمالاً.
8) مع إرهاصات بزوغ فجر التقويم الميلادي أصبحت مصر عرضة للغزوات المتواصلة المنظمة من معظم شعوب شمال وشرق وغرب البحر الأبيض المتوسط التي سميت تاريخياً بشعوب بحر إيجية (إيجيبتوس) فغزاها الفرس والإغريق والرومان والعرب والمماليك والأتراك والفرنسيين والإنجليز علي مدي 2500 سنة (من 525 ق.م الي 1952م) ولا ننسي قبل ذلك غزو الهكسوس في القرن 18 ق.م وكان للسودان أن يتحمل وزر هذه الغزوات بإعتباره المخزن الديموغرافي (طبيعة + بشر) الأصل لحضارة وادي النيل فقاد الملك الفارسي قمبيز حملة مشهورة لغزو مروي إنتهت بتراجعه عن الفكرة بعد هلاك نصف جيشه لعوامل طبيعية وجاء الإسكندر المقدوني حتي وصل واحة آمون في جنوب غرب مصر الحالية ليستكشف الطرق لغزو جنوب وادي النيل ولكن أعرض عنه ثم وصل الرومان في معرض صدهم لهجمات البليميين والنوباد الذين كانوا رأس الرمح لمقاومة الغزوات القديمة تلك الي نبتة (البركل) ثم وصل العرب الي تخوم أسوان ثم واصل المماليك غزواتهم وتأديبهم لملوك النوبة في الفترة القروسطية ثم جاء محمد علي باشا بإسم الأتراك وعلي رأس جيش من المرتزقة الأوربيين ونجح في غزو وضم السودان كاملاً الي مملكته التي حاول بها وراثة الخلافة العثمانية ثم جاء أخيراً الإنجليز في معية جيش من معظم مستعمراتهم وأعادوا غزو السودان كما فعل محمد علي باشا بحجة الإنتقام من الثورة المهدية التي قتلت بطلهم الأشهر الجنرال تشارلز غردون وإلتزموا حدوداً وهمية للمنطقة التاريخية الأصلية لحضارة وادي النيل وهي السودان (أسوان - سنار) فجعلوا حدود المنطقة شمالاً وادي حلفا!.
------------------------------------------
• نلاحظ من الفقرات أعلاه الآتي:-
------------------------------------------
أ- نشأة حضارة وادي النيل بدأت من السودان التاريخي الذي هو مركز وادي النيل الأوسط الذي هو أصل ومنبع حضارة وادي النيل.
ب- ملوك وادي النيل إتخذوا طيبة (الأقصر) مركزاً للحكم بينما كان السودان إمتداداً طبيعياً لهم كبلد الأسلاف الذين جاؤوا منه.
ت- كل الفوضي التي كانت تحصل في مصر كان يتم إحتوائها من الجنوب (السودان) منذ عهد حورس مروراً بنارمر ثم أحمس الي بعنخي وشباكا وتهارقا وتانوت أماني والكنداكة أماني ريناس وصولاً الي عبد الرحمن النجومي قائد المهدية الأعظم بل حتي في الزمن الحديث وعقب نكسة سنة 1967م التي هزمت فيها مصر من إسرائيل تحولت كل الإعدادات الحربية المصرية لتجهيز حرب أكتوبر 1973م الي السودان فكان معظم الطيران الحربي المصري في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال غرب أمدرمان وتم تدريب العسكريين المصريين في السودان وتم فتح خطوط إتصال مع القيادة المصرية في زمن عبد الناصر ومع السادات وإنعقد مؤتمر اللاءات الثلاثة المشهورة في الخرطوم وكانت حصيلة هذه الوقفة النصر علي إسرائيل وتحرير سيناء بل هناك معلومة ليست مؤكدة لديّ تفيد بأن وثائق إستعادة طابت الي مصر من إسرائيل عبر التفاوض خرجت من دار الوثائق القومية السودانية.
--------------
• لماذا ذكرنا هذه الوقائع التاريخية التي لا ينتطح عليها عنزان؟!
---------------------------------------------------------------------
• ذكرناها لنوضح شيئين ضروريين في علاقة السودان بمصر من الناحية التاريخية:-
-----------------------------------------------------------------------------------------
- مصر منذ أن وهبها النيل ؛ كما قال أب التاريخ هيرودوت : مصر هبة النيل. كانت مستعمرة أثيوبية وأثيوبيا التاريخية هي السودان وليست الحبشة الحالية التي سرقت منا الإسم في ظروف تاريخية إستعمارية بمساعدة المؤرخ الفرنسي الشهير (جان لكلان) وشعب وادي النيل السوداني الأصل هو الذي زحف من الجنوب وإستعمر الأراضي الجديدة ما بعد أسوان وأسس أعظم حضارة في العالم القديم وحكم منها دون أن يتناسي أو يتخلي عن منطقته الأصل (السودان) فكلما إشتدت عليه الضغوط لجأ الي بيته القديم.
- الوهم الذي يتوهمه مصريي اليوم بأن السودان منطقة إمتداد لهم منذ عهد الفراعنة حكموها وإنفصلت منهم بفعل الإستعمار الإنجليزي في القرن 20 الميلادي وهم باطل بنصوص التاريخ وعكسٌ للآية فالمصريين لم يحكموا بلدهم إطلاقاً إلا قبل 64 سنة فقط (ثورة 1952م) وكانوا محتلين طيلة 2500 سنة (525 ق.م - 1952م) ناهيك عن أن يحكموا السودان ولم يتم ضم السودان لمصر بواسطة أي غزو طيلة العهود التاريخية القديمة والحديثة إلا في عهد محمد علي باشا (1820-1885م) الذي هو أساساً محتل لمصر ذاتها فحتي الإنجليز إحتلوا السودان وفصلوه تماماً عن الحكومة التي أسسها محمد علي باشا وكان إطلاق إسم الحكم الثنائي الإنجليزي - المصري مجرد سياسة إنجليزية معروفة.
----------------------------
• عليه نوجه حديثنا للسودانيين الذين يطالعون هذه المجموعة قائلين لهم لا تنخدعوا بأوهام بعض الإعلام المصري الذي يصور للبسطاء أن السودان تابع لهم فالسودان عمره لم يكن تابعاً لمصر بل العكس صحيح فمصر في الأصل جزء من السودان موئل حضارة وادي النيل والسودان هو الذي كان ينقذها عندما تغرق في الفوضي أو يتم إحتلالها من الأجانب.
--------------------------------------------------------------
عماد حرزاوي
------------------
1/11/2016م
1) النيل قبل تشكله الأخير بما يعرف بالنيل الجديد (New Nile) كان يصب في الهضبة النوبية في أسوان وما بعد أسوان كان عبارة عن بحر متصل بالبحر الأبيض المتوسط حتي إستطاع حوالي الألف العاشر قبل الميلاد (10000 ق.م) إختراق الهضبة النوبية عند أسوان والجريان علي المنخفض الذي خلفه إنحسار البحر الأبيض المتوسط من تلك المنطقة الي أن وصل البحر الأبيض المتوسط وردم بطميه الخصب الدلتا فجعلها صالحة للإعمار.
2) المعلومة الجيولوجية أعلاه المقتبسة من كتاب نهر النيل للجيولوجي المصري الأشهر رشدي سعيد تؤكد أنه لم يكن وجود لمصر التاريخية التي يوصفها علماء المصريات بأنها المنطقة التي قامت عليها حضارة وادي النيل بتحديد جغرافي من جنوب الدلتا الي أسوان ناهيك أن تكون الدلتا ذاتها موجودة في ذلك الزمان بل حتي رشدي سعيد نفسه يقول أن مصر معجزة جغرافية وكان من المفترض أن ينتهي إنصباب النيل شمال وادي حلفا بقليل.
3) بردية تورين وهي من المصادر التاريخية المعروفة في دراسة تاريخ مصر القديم الي جوار حجر باليرمو وقوائم الكرنك وأبيدوس وسقارة ونصوص الأهرام وتاريخ مانيثو .... الخ تثبت أنه قبل قيام الإتحاد الثاني برئاسة الملك نارمر حوالي العام 3200 قبل الميلاد (سبقه إتحاد حورس) حكم وادي النيل علي فترتين فترة مقدارها 13200 سنة سميت بفترة حكم النترو (أنصاف الآلهة) وفترة مقدارها 23420 سنة سميت بفترة حكم الشمسوحور.
4) المعلومة التاريخية أعلاه إذا ربطناها بالمعلومة التي قبلها التي تفيد أن ما بعد أسوان لم يظهر ويتشكل كأرض صالحة للعيش إلا قبل 10000 سنة قبل الميلاد تؤكد أن هذه الفترة الطويلة وهي قرابة 36620 سنة قبل حكم الملك نارمر كان الحكم والحياة بمجملها في وادي النيل في المنطقة جنوب أسوان ومن البديهي أنه لا يمكن القول أن النترو والشمسو حور حكموا في مناطق مصر الممتدة من شمال أسوان الي الدلتا وهي غير موجودة أصلاً بل كانت بحراً والأهم من ذلك أن أسوان هي الحد الطبيعي لسودان اليوم طيلة تاريخ وادي النيل الي أن إنتزعها محمد علي باشا في ظروف تاريخية محددة وتواطأ الإنجليز من بعده علي نفس الإنتزاع كما سنذكره لاحقاً أي أن حضارة وادي النيل نشأت أساساً في منطقة سودانية بحتة.
5) الأدلة التاريخية أثبتت منذ الثلث الأول من القرن الماضي أسبقية نشأة حضارة وادي النيل في جنوب الوادي في وادي النيل الأوسط بالتحديد أي السودان وأنها إنتشرت الي مصر من تلك المنطقة ومثال لذلك مملكة القسطل وتاسيتي أرض الأقواس وأصل حضارة الخرطوم النيوليثية لحضارة البداري أقدم حضارات مصر الحجرية وشهادات المؤرخين الرومان واليونان القدامي أن مصر مستعمرة أثيوبية (سودانية) أنشأها الأثيوبيين (السودانيين) بقيادة أوزيريس الذي هو شخصية تاريخية حقيقية وليست أسطورة حيث إكتشف الآثاري أميلينو مقبرته في أبيدوس ووجد جمجمته في جرة إختفت بعد ذلك في ظروف غامضة ونقوش معبد إدفو التي تفيد بقصة إجتياح حورس إبن أوزيريس وأتباعه الحدادين مصر من الجنوب وتأسيس الإتحاد الأول ونقوش تل بسطة والدير البحري التي تتحدث عن الأعناء (الأنو) أول من سكن وادي النيل وأسسوا الحضارة وإنتشارهم في وادي النيل من الجنوب والإتجاهات الجغرافية لشعب وادي النيل القديم التي تجعل من غرب النيل جهة اليد اليمني متطلعين الي الجنوب بوصفه بلد الأسلاف وتسميته بأمامي أو أماني ويعني بلد الأجداد وتوجيه النتر الأعظم (آمون) الي الجنوب في العيد السنوي بإعتبار منشأه الأصل .... الخ.
6) بعد نشأة عهد الأسرات ومنذ الأسرة 6 كان ملوك وادي النيل الذين تمركزوا في طيبة (الأقصر) يقومون بتسيير رحلات إستكشافية (رحلات النبيل حرخوف مثلاً) وحملات حربية الي الجنوب موطن الأسلاف لقمع التمردات وجلب المواد الخام وعلي رأسها الذهب والنحاس والعاج والأخشاب كما قام هؤلاء الملوك خصوصاً في الأسرة 18 بإقامة تحصينات حربية جنوب أسوان وشمال وادي حلفا لحماية طرق القوافل وصد المتمردين الجنوبيين مثل نقوش نُصُب فيلة جنوب أسوان ولوح معبد بوهين في الضفة المقابلة لوادي حلفا.
7) إستمر الحال هكذا الي نهاية عهد الأسرات حيث كانت العاصمة السياسية للحضارة في طيبة (الأقصر) والعاصمة الحربية في ممفيس (الجيزة) والعاصمة الدينية (البركل) في شمال السودان الذي يعتقد أنه أول تل أزلي (تاجنين) برز من ماء العماء الأبدي (نون) حسب قصة الخلق في وادي النيل وكان جنوب تلك المنطقة الي حدود أرتريا وأثيوبيا وتخوم إقليمي كردفان ودارفور في غرب السودان محل شد وجذب بين ملوك وادي النيل وشعب الجنوب الأصل ما عدا في فترة الأسرة 25 الكوشية التي أعادت النهج القديم وتسيدت مصر وتعتبر هذه الأسرة هي الأسرة الوحيدة التي بسطت سيطرتها علي كل رقعة حضارة وادي النيل العملاقة وفقاً للبينات الآثارية الكوشية الممتدة من جبل موية بسنار جنوباً وحتي الدلتا شمالاً.
8) مع إرهاصات بزوغ فجر التقويم الميلادي أصبحت مصر عرضة للغزوات المتواصلة المنظمة من معظم شعوب شمال وشرق وغرب البحر الأبيض المتوسط التي سميت تاريخياً بشعوب بحر إيجية (إيجيبتوس) فغزاها الفرس والإغريق والرومان والعرب والمماليك والأتراك والفرنسيين والإنجليز علي مدي 2500 سنة (من 525 ق.م الي 1952م) ولا ننسي قبل ذلك غزو الهكسوس في القرن 18 ق.م وكان للسودان أن يتحمل وزر هذه الغزوات بإعتباره المخزن الديموغرافي (طبيعة + بشر) الأصل لحضارة وادي النيل فقاد الملك الفارسي قمبيز حملة مشهورة لغزو مروي إنتهت بتراجعه عن الفكرة بعد هلاك نصف جيشه لعوامل طبيعية وجاء الإسكندر المقدوني حتي وصل واحة آمون في جنوب غرب مصر الحالية ليستكشف الطرق لغزو جنوب وادي النيل ولكن أعرض عنه ثم وصل الرومان في معرض صدهم لهجمات البليميين والنوباد الذين كانوا رأس الرمح لمقاومة الغزوات القديمة تلك الي نبتة (البركل) ثم وصل العرب الي تخوم أسوان ثم واصل المماليك غزواتهم وتأديبهم لملوك النوبة في الفترة القروسطية ثم جاء محمد علي باشا بإسم الأتراك وعلي رأس جيش من المرتزقة الأوربيين ونجح في غزو وضم السودان كاملاً الي مملكته التي حاول بها وراثة الخلافة العثمانية ثم جاء أخيراً الإنجليز في معية جيش من معظم مستعمراتهم وأعادوا غزو السودان كما فعل محمد علي باشا بحجة الإنتقام من الثورة المهدية التي قتلت بطلهم الأشهر الجنرال تشارلز غردون وإلتزموا حدوداً وهمية للمنطقة التاريخية الأصلية لحضارة وادي النيل وهي السودان (أسوان - سنار) فجعلوا حدود المنطقة شمالاً وادي حلفا!.
------------------------------------------
• نلاحظ من الفقرات أعلاه الآتي:-
------------------------------------------
أ- نشأة حضارة وادي النيل بدأت من السودان التاريخي الذي هو مركز وادي النيل الأوسط الذي هو أصل ومنبع حضارة وادي النيل.
ب- ملوك وادي النيل إتخذوا طيبة (الأقصر) مركزاً للحكم بينما كان السودان إمتداداً طبيعياً لهم كبلد الأسلاف الذين جاؤوا منه.
ت- كل الفوضي التي كانت تحصل في مصر كان يتم إحتوائها من الجنوب (السودان) منذ عهد حورس مروراً بنارمر ثم أحمس الي بعنخي وشباكا وتهارقا وتانوت أماني والكنداكة أماني ريناس وصولاً الي عبد الرحمن النجومي قائد المهدية الأعظم بل حتي في الزمن الحديث وعقب نكسة سنة 1967م التي هزمت فيها مصر من إسرائيل تحولت كل الإعدادات الحربية المصرية لتجهيز حرب أكتوبر 1973م الي السودان فكان معظم الطيران الحربي المصري في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال غرب أمدرمان وتم تدريب العسكريين المصريين في السودان وتم فتح خطوط إتصال مع القيادة المصرية في زمن عبد الناصر ومع السادات وإنعقد مؤتمر اللاءات الثلاثة المشهورة في الخرطوم وكانت حصيلة هذه الوقفة النصر علي إسرائيل وتحرير سيناء بل هناك معلومة ليست مؤكدة لديّ تفيد بأن وثائق إستعادة طابت الي مصر من إسرائيل عبر التفاوض خرجت من دار الوثائق القومية السودانية.
--------------
• لماذا ذكرنا هذه الوقائع التاريخية التي لا ينتطح عليها عنزان؟!
---------------------------------------------------------------------
• ذكرناها لنوضح شيئين ضروريين في علاقة السودان بمصر من الناحية التاريخية:-
-----------------------------------------------------------------------------------------
- مصر منذ أن وهبها النيل ؛ كما قال أب التاريخ هيرودوت : مصر هبة النيل. كانت مستعمرة أثيوبية وأثيوبيا التاريخية هي السودان وليست الحبشة الحالية التي سرقت منا الإسم في ظروف تاريخية إستعمارية بمساعدة المؤرخ الفرنسي الشهير (جان لكلان) وشعب وادي النيل السوداني الأصل هو الذي زحف من الجنوب وإستعمر الأراضي الجديدة ما بعد أسوان وأسس أعظم حضارة في العالم القديم وحكم منها دون أن يتناسي أو يتخلي عن منطقته الأصل (السودان) فكلما إشتدت عليه الضغوط لجأ الي بيته القديم.
- الوهم الذي يتوهمه مصريي اليوم بأن السودان منطقة إمتداد لهم منذ عهد الفراعنة حكموها وإنفصلت منهم بفعل الإستعمار الإنجليزي في القرن 20 الميلادي وهم باطل بنصوص التاريخ وعكسٌ للآية فالمصريين لم يحكموا بلدهم إطلاقاً إلا قبل 64 سنة فقط (ثورة 1952م) وكانوا محتلين طيلة 2500 سنة (525 ق.م - 1952م) ناهيك عن أن يحكموا السودان ولم يتم ضم السودان لمصر بواسطة أي غزو طيلة العهود التاريخية القديمة والحديثة إلا في عهد محمد علي باشا (1820-1885م) الذي هو أساساً محتل لمصر ذاتها فحتي الإنجليز إحتلوا السودان وفصلوه تماماً عن الحكومة التي أسسها محمد علي باشا وكان إطلاق إسم الحكم الثنائي الإنجليزي - المصري مجرد سياسة إنجليزية معروفة.
----------------------------
• عليه نوجه حديثنا للسودانيين الذين يطالعون هذه المجموعة قائلين لهم لا تنخدعوا بأوهام بعض الإعلام المصري الذي يصور للبسطاء أن السودان تابع لهم فالسودان عمره لم يكن تابعاً لمصر بل العكس صحيح فمصر في الأصل جزء من السودان موئل حضارة وادي النيل والسودان هو الذي كان ينقذها عندما تغرق في الفوضي أو يتم إحتلالها من الأجانب.
--------------------------------------------------------------
عماد حرزاوي
------------------
1/11/2016م