هوپ گاپ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هوپ گاپ

    Hope Gap هوپ گاپ
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

    هذا فيلم دراما بريطاني ، تقع أحداثه البسيطة ، لكن العميقة ، في حيز محدود من بلدة ( سيفورد ) التي هي جزءٌ من مدينة ( إيستبورن ) الساحلية على القناة الإنجليزية جنوب شرق إنكلترا ، و توصف هذه المدينة بأنها الأكثر تمتعاً بالشمس في بريطانيا ، و هذا ما نلاحظه في الفيلم . أما الحيز المحدود من بلدة ( سيفورد ) فيُسمى ( Hope Gap ) و ترجمتها ( فجوة الأمل ) ، ولكن عنوان الفيلم معنيٌ بالمكان كإسم و ليس بترجمة و معنى هذا الإسم ، و يقترن ذِكرُ سيفورد عادة ً بـ ( الأخوات السبعة ) ، و مقصود بها التلال السبعة التي سنراها في الفيلم ، و هي تلالٌ مغطاة بالعشب ولكنها ــ في حقيقتها ــ صخرية صلدة و تتميز بجرفها العمودي الحاد الأبيض ، و قد ظهرت هذه التلال الجميلة في العديد من المجلات السياحية و العلمية و الجغرافية .
    و الفيلم مأخوذ أصلاً من مسرحية بعنوان ( الإنسحاب من موسكو The Retreat from Moscow ) التي كتبها عام 1999 الكاتب البريطاني " وليام نيكلسون " المولودعام 1948 ، ثم حولها الى سيناريو لهذا الفيلم ( هوپ گاپ ) ، و أخرجه عام 2019 ، فكان أول عرض سينمائي له في 6 سبتمبر / أيلول 2019 في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي ثم تم إصداره في 28 أغسطس / آب 2020 في بريطانيا . و العنوان له علاقة بدرس التاريخ الذي يتناول غزو " نابليون " لروسيا عام 1812 ، و الذي يوليه بطل الفيلم " إدوارد " إهتماماً ، كونه مدرساً للتاريخ و أحد مُعدّي المعلومات لموسوعة ( ويكيبيديا ) .
    و عندما ندرك أن أصل الفيلم هو مسرحية فسنعرف لماذا اعتمد الحوارَ عموداً أساسياً له و ليس سعة و تنوع المكان و الإنتقالات المكانية البعيدة و المختلفة ، لذلك سنجد أن أبطال الفيلم الأساسيين ( الزوج و الزوجة و الإبن ) إنما يتواجدون في أماكن محددة . لذا فمن الجائز أن ننظر الى الفيلم كعرض مسرحي ، ولكن بمعالجة سينمائية ، و هذا الأمر ليس جديداً ، فهناك العديد العديد من الأعمال المسرحية التي تُرجمت الى أفلام سينمائية و قد عولجت بهذه الطريقة .
    يبدأ المشهد الأول من فسحةٍ في ( هوپ گاپ ) على الساحل ، حيث الصبي " جيمي " يبدأ بالحديث عن هوايته و هو يستكشف الكائنات البحرية الصغيرة التي تنحصر في الفجوات الصغيرة على الساحل بعد أن تنحسر المياه عند الجزر ، فيما كانت والدته تجلس أسفل الجرف الصخري لأحد التلال السبعة و هي تراقب إبنها ، الذي يقول أنه لا يدري إن كانت أمه سعيدة ً أم لا ، و سنرى أهمية هذا السؤال البسيط العابر في سياق دراما الفيلم .
    يعالج الفيلم قضية مهمة تحصل في حياة نسبة كبيرة من المتزوجين في العالم ، و هي قضية الإكتشاف المتأخر للطرف الثاني ( الزوج أو الزوجة ) و عادةً ما يكون الإكتشاف سلبياً ، و يحصل بعد فوات الأوان ، أي بعد سنين طويلة من العشرة . و هذه القضية ربما طُرحت و نوقشت في ندوات و محاضرات إجتماعية و دراسات علمية ، ولكنها قليلاً ما عولجت فنياً في المسرح أو في السينما ، غير أنها تحصل على مدار الساعة لدى عوائل مجتمعات العالم ، أكانت غنية أم فقيرة . في المجتمعات الفقيرة تفرز هذه القضية مشاكل عائلية مستديمة و قائمة الى أجل غير مسمى من غير إيجاد حل ، أما في المجتمعات الغنية ، و لنقل المتمدنة ، فإن اكتشافها يكون مبكراً و بما أن القوانين الإجتماعية المدنية لها فاعلية عالية في مثل هذه المجتمعات فإن استئصالها يكون مبكراً أيضاً ، ولذلك فإن هذه المجتمعات تزخر بحالات الإنفصال . ولكن ، إذ يريح الزوجان نفسيهما من عناء اللاإنسجام بإنفصالهما ، فأن وزر ذلك إنما يقع على الأبناء .
    في زمن أحداث هذا الفيلم الهادئ ، يكون الإبن الوحيد " جيمي " في سن الرشد ، بحيث أنه يعيش منفصلاً عن أبويه المختلفين ( لعب دوره الممثل الإنجليزي الشاب " جوش أكونور " المولود عام 1990 و الذي أدى دوره بعفوية مذهلة ) . و يبدو أن " جيمي " قد إنعزل عن والديه بسبب التناحر اليومي بينهما و الذي يبدو أنه أدركه مبكراً ( ولكن الفيلم لم يخبرنا بذلك ) ، ولذلك نحن نتوقف عند تساؤله في بداية الفيلم عند الشاطئ ، و هو صغير ، عمّا إذا كانت والدته سعيدة أم لا .
    والدته " غريس " شغوفة بالشعر الرومانتيكي الإنجليزي ، و تنوي إصدار مختارات عن شعر هذه المرحلة ( لعبت دورها الممثلة الأمريكية " نيت كارول بيننغ " الفائزة بجائزتي " بافتا " و " غولدن غلوب " و المرشحة أربع مرات لجائزة الأوسكار ) ، و هي تقتل فراغها بهذا الشغف . تردد " غريس " أبياتاً من الشعر في المشاهد الأولى من الفيلم :
    ( فكرتُ مَليّاً في الأمور
    و استحضرتها في ذهني
    بدت سنواتي الآتية عقيمة
    تماماً كسنواتي الفائتة
    حياةٌ كهذه مساوية للموت )
    و في هذا المقطع الشعري للشاعر الإنجليزي " ويليام بتلر ييتس " ( 1865 ــ 1939 ) يتلخص جوهر المعضلة التي يعالجها الفيلم ، فيكون المدخل الى جوهر هذه المعضلة ذكياً جداً ، كما رسمه السيناريو .
    عندما يعود زوجها " إدوارد " من عمله ، كمدرسِ تاريخ ( لعب دوره الممثل " بيل ناي " ) فهو يواصل العمل في البيت ككاتب في موسوعة ( ويكيبيديا ) التي يخبر زوجته أن العمل فيها لا ينتهي . فيما يستمر الترميز الذي لا ينتهي في حوارهما الذي لا ينتهي من حيث عُـقمه بخصوص علاقتهما التي خطط لإنهائها و الزوجة لا تدري .
    في حالة هذين الزوجين ، كما في حالات ملايين المتزوجين في العالم ، لا يكفي أن تكون الزوجة قارئة ً جيدة و لا أن يكون الزوج مدرساً مدركاً لحقائق التاريخ ، و بالتالي موسوعياً ، كي يكونا زوجين سعيدين ، فدائماً ثمة خلل خفي ، يبدأ بهيأة شق ناعمٍ صغير ، قد لا يباليان به ، ربما بواعز إجتماعي للحفاظ على الوشيجة التي تربط الأسرة ، ولكنه يتوسع من حيث يدري الزوجان ولا يدريان .
    في هذا الفيلم ، الزوج كان يدري أن الشق بات أكبر من أن يتحمل توسعه ، فيما الزوجة مستمرة في لامبالاتها و إهمالها لمشاعر زوجها ، الذي حسم أمره من حيث لا تدري . حسم الزوج أمره لأنه أكثر واقعية من إمرأة تعيش في حيز مثالية لا مبالية بتفاصيل الواقع و مؤمنة بغيبيات الكنيسة ، و لا تستطيع مواجهة واقعية إبنها و زوجها الساخرين من إيمانها .
    السؤال هنا : من الذي يتسبب بالشق ؟ و مِن ثم مَن يتسبب بتوسعه ؟ هل هما الزوجان كلاهما ، أم أن أحدهما هو المتسبب ، عمداً أو دون قصد ، فيما يسعى الثاني إلى أن يضيّق الشق أو يوقفه ولكن دون جدوى ؟ و في هذه الحالة أما أنه يتحمل حتى النهاية أو يتحذ قراراً حاسماً بالإنفصال .
    في ليلة زيارة " جيمي " لوالديه ، تختلق " غريس " جدلاً عقيماَ مع زوجها حين تذكّره بأنها الذكرى التاسعة و العشرون لزواجهما و ما إذا كان قد فكر في أن يحتفلا بالمناسبة في مطعم . يحاول الرجل أن يتجنب أي إختلاف معها كي لا يحصل بينهما صدام ، ولكن يبدو أنه الطبع الذي جُبلت عليه ، لذلك نجد أن وجود " جيمي " كان أمراً مريحاً لوالده و أشعره أنه سند له في التصدي ــ و لو بطريقة ناعمة ــ لترهات " غريس " .
    و خلال زيارة "جيمي " يبلغه الأب بأنه قد حسم أمره بقطع هذه العلاقة الزوجية العقيمة غير المبنية على الحب و الثقة ، حين يخبره بأنه إرتبط بإمرأة بديل هي أم لأحد طلابه ، و هي أرمله ، و سوف ينتقل للعيش معها . ربما كان الأمر مفاجئاً لـ " جيمي " ولكنه لم يستغربه لأنه كان شاهداً طوال سنوات عيشه مع والديه على العلاقة المُكهرَبة بينهما ، و التي ربما لم يستطع تحملها .. فإنتقل الى العيش بمفردة بعيداً عنهما .
    كون الفيلم مقتبساً عن مسرحية ، فقد كانت مساحة أحداثه محددة ( في البيت ) و ما التصوير الخارجي إلا لمنح الفيلم صبغة سينمائية ، لذا فمن الطبيعي أن تنحصر البطولة بالأشخاص الرئيسيين " جيمي " و " غريس " و " إدوارد " الذين لعب أدوارهم " جوش أكونور " و " نيت كارول بيننغ " و " بيل ناي " . و " ناي " المولود عام 1949 لأب أنجليزي و أم إيرلندية ممثل معروف ، شارك في عدد كبير من الأعمال السينمائية و التلفزيونية ، و قد ترشح أكثر من مرة لجائزة غولدن غلوب ، و قد نالها عام 2007 ، كما أنه ترشح و نال العديد من الجوائز السينمائية و التلفزيونية و المسرحية . و قد أشتهر عام 2013 عندما برز في مسلسل ( بيل واقع في الحب حقاً ) و قد عدّته صحيفة الغارديان في ذلك العام واحداً من أفضل الرجال الذين تجاوزوا الخمسين من العمر . و في العام 2015 عُدّ " بيل ناي " واحداً من أفضل خمسين رجلاً بريطانياً . و يعاني " ناي " من حالة وراثية تسمى ( دوبويتران ) تتمثل في تقلص إصبعي الخنصر و البنصر اللذين ينعقفان نحو الكف ، و هو ما سنلاحظه في الفيلم .. عندما نراقب يديه .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
يعمل...
X