تويت
الرواية القديمة التي رواها أهالي منبج عن قصة الطوفان او سفينة الطوفان ، و الميثولوجيا الأزلية تتجلى في طقوس معبد مدينة منبج السورية المقدسة..!
كان الطوفان العظيم جزء من ذاكرة و ميثولوجيا معظم الشعوب ..
قد تختلف تفاصيل القصة من شعب إلى آخر ،
ولكن الجميع متفق على العناوين الرئيسيه:
١ • طوفان عظيم يهلك البشر
٢ • ينجو من هذا الطوفان شخص أو أشخاص صالحين
٣ • و حتى ينجوا الصالحين توحي لهم الآلهة ببناء سفينة
،
لم يكن الشعب الإغريقي إستثناء ، فقد كان لهذا الشعب قصة مشابهة أيضاً في الميثولوجيا الإغريقية
وهي قصة ديوكاليون ( أو نوح الاغريقي إن صح التعبير ) ذلك الرجل الصالح و الذي نجا حين قررت الآلهة أن تهلك البشر بالطوفان ، وقد نجا لأن الآلهة أوحت إليه بأن يبني السفينة.
و يضيف الكاتب السوري القديم [ لوقيان ] الى الرواية الاغريقية ، التفاصيل الآتية : ” إن ديوكاليون بعد أن دخل للسفينة و دخل معه أهله ولما عزم على الانطلاق جاءت إليه خنازير وخيول برية وأجيال من الأسود والثعابين وجميع الوحوش الأخرى التي تجوب الأرض كلها في أزواج . ورحب بهم جميعا. كما لو أن تلك الوحوش لم تضر به ، وقد بقيت السفينة تبحر بهم طالما بقي الطوفان..! “
نعم ، في قصة ديوكاليون تفاصيل مختلفه عن قصة نوح التوراتي ، كما أن هناك تفاصيل متشابهة أو متطابقة ، و لقصة ديوكاليون روايات عدة ، ولكن ليس موضوعنا الآن ان نقارن بين القصتين
موضوعنا هو #منبج و علاقتها ،
واما المقدمة السابقة فهي للتمهيد
كانت منبج مدينة مقدسة عند السوريين كما يشير لهذا كل من بليني و سترابو وغيرهم ، بل اسمها الأخرى ( هيرابوليس ) يشير حرفيا لمعنى المدينة المقدسه .
إذن فليس من المستغرب أن ترتبط بهذه المدينة عدد من الأساطير والعجائب بما فيها تلك المتعلقة بالطوفان العظيم ،
ولأن الشعوب في سوريا كانت قد تشربت بالثقافة الإغريقية ، بما في ذلك الجانب الميثولوجي ، فقد كانت الرواية الإغريقية عن قصة الطوفان حاضره بدورها ..
وحتى لا اطيل عليكم ، ساترككم مع ما كتبه لوقيان السمسياطي أو لوقيان السوري ( 120 م - 180 م ) في كتابه القيم المعنون بعنوان ﴿ الآلهة السورية ﴾
— إذ يقول لوقيان:
« لكن هناك قصة أخرى يرويها رجال هيرابوليس ، وهي قصة رائعة ؛ يقولون أنه في بلادهم ظهرت فجوة عظيمة تلقت كل الماء ( اي ماء الطوفان ) ، وأن ديوكاليون قام بهذه المناسبة بإنشاء المذابح وتأسيس معبدا لجونو (*) فوق هذه الفجوة .
و لقد رأيت هذه الفجوة بالفعل ، فهي تقع تحت المعبد وذات أبعاد صغيرة جدا.
ولا اعرف إذا كانت ذات حجم كبير وتم تقليصه بعد ذلك إلى أبعاده الصغيرة الحالية، لكن الهوة أو الفجوة التي رأيتها هي بالتأكيد صغيرة جدا.
و يؤكدون ( اي اهالي هيرابوليس ) أن حكايتهم أثبتت من خلال الظاهرة التالية;
مرتين في كل عام يأتي الماء من البحر إلى المعبد ، يتم جلب هذه المياه من قبل الكهنة ( كهنة المعبد ) ، ولكن إلى جانبهم ، أناس من كل سوريا والعربية والعديد من وراء نهر الفرات
ينزلون الى البحر; ثم يجلبون مياهها التي تصب لأول مرة في الهيكل ثم يمر هذا الماء وصولا الى الهوة أو الفجوة و التي على الرغم من حجمها الصغير, فهي تحبس كميات كبيرة من المياه.
هكذا يتصرفون ، ويعلنون أن السُنة التاليه قد أقرها ديوكاليون في ذلك المعبد ، من أجل أن تكون بمثابة ذكرى أبدية .. »
انتهى كلامه .
ملاحظة( * ) : ان جونو أو هيرا هي زوجة كبير الآلهة جيوبتر عند الرومان و زيوس عند الإغريق ،
وسيبدوا الأمر مفهوماً حين نذكر بأن منبج قد اكتسبت الكثير من قداستها بسبب اقترانها بالالهة السورية اتارجاتيس أو اترعتا والتي كانت بدورها زوجة لكبير الآلهة الآرامية ( الإله حدد )
--
كما و يمكن أن نلحظ أيضا فكرة بناء المعبد أو الحرم المقدس عند أو بالقرب من علامة طبيعية معينة مرتبطة بحدث معين ، كالفجوة أو الهوة المرتبطة بالطوفان بالنسبة ” لمعبد منبج “ ، أو الصفا والمروة المرتبطين بـ سعي هاجر قرينة النبي ابراهيم بحثا عن الماء لها و لطفلها بالنسبة لـ ” الحرم المكي الشريف “ ، أو الصخرة التي يعتقد المسيحيين أن المسيح قد صلب عليها بالنسبة لـ ” كنيسة القيامة “
وهذه النقطة الأخيرة بخصوص موضع المعبد أو موضع العبادة وارتباطه بعناصر الطبيعة قد سبقنا بالاشارة إليها الباحث طارق احمد في احد بحوثه
.
انتهى
مراجع :
كتاب لوقيان السميساطي " the Syrian Goddess "
https://books.google.com/books?hl=ar...r+story#v=snip pet&q=further%20story&f=false
كان الطوفان العظيم جزء من ذاكرة و ميثولوجيا معظم الشعوب ..
قد تختلف تفاصيل القصة من شعب إلى آخر ،
ولكن الجميع متفق على العناوين الرئيسيه:
١ • طوفان عظيم يهلك البشر
٢ • ينجو من هذا الطوفان شخص أو أشخاص صالحين
٣ • و حتى ينجوا الصالحين توحي لهم الآلهة ببناء سفينة
،
لم يكن الشعب الإغريقي إستثناء ، فقد كان لهذا الشعب قصة مشابهة أيضاً في الميثولوجيا الإغريقية
وهي قصة ديوكاليون ( أو نوح الاغريقي إن صح التعبير ) ذلك الرجل الصالح و الذي نجا حين قررت الآلهة أن تهلك البشر بالطوفان ، وقد نجا لأن الآلهة أوحت إليه بأن يبني السفينة.
و يضيف الكاتب السوري القديم [ لوقيان ] الى الرواية الاغريقية ، التفاصيل الآتية : ” إن ديوكاليون بعد أن دخل للسفينة و دخل معه أهله ولما عزم على الانطلاق جاءت إليه خنازير وخيول برية وأجيال من الأسود والثعابين وجميع الوحوش الأخرى التي تجوب الأرض كلها في أزواج . ورحب بهم جميعا. كما لو أن تلك الوحوش لم تضر به ، وقد بقيت السفينة تبحر بهم طالما بقي الطوفان..! “
نعم ، في قصة ديوكاليون تفاصيل مختلفه عن قصة نوح التوراتي ، كما أن هناك تفاصيل متشابهة أو متطابقة ، و لقصة ديوكاليون روايات عدة ، ولكن ليس موضوعنا الآن ان نقارن بين القصتين
موضوعنا هو #منبج و علاقتها ،
واما المقدمة السابقة فهي للتمهيد
كانت منبج مدينة مقدسة عند السوريين كما يشير لهذا كل من بليني و سترابو وغيرهم ، بل اسمها الأخرى ( هيرابوليس ) يشير حرفيا لمعنى المدينة المقدسه .
إذن فليس من المستغرب أن ترتبط بهذه المدينة عدد من الأساطير والعجائب بما فيها تلك المتعلقة بالطوفان العظيم ،
ولأن الشعوب في سوريا كانت قد تشربت بالثقافة الإغريقية ، بما في ذلك الجانب الميثولوجي ، فقد كانت الرواية الإغريقية عن قصة الطوفان حاضره بدورها ..
وحتى لا اطيل عليكم ، ساترككم مع ما كتبه لوقيان السمسياطي أو لوقيان السوري ( 120 م - 180 م ) في كتابه القيم المعنون بعنوان ﴿ الآلهة السورية ﴾
— إذ يقول لوقيان:
« لكن هناك قصة أخرى يرويها رجال هيرابوليس ، وهي قصة رائعة ؛ يقولون أنه في بلادهم ظهرت فجوة عظيمة تلقت كل الماء ( اي ماء الطوفان ) ، وأن ديوكاليون قام بهذه المناسبة بإنشاء المذابح وتأسيس معبدا لجونو (*) فوق هذه الفجوة .
و لقد رأيت هذه الفجوة بالفعل ، فهي تقع تحت المعبد وذات أبعاد صغيرة جدا.
ولا اعرف إذا كانت ذات حجم كبير وتم تقليصه بعد ذلك إلى أبعاده الصغيرة الحالية، لكن الهوة أو الفجوة التي رأيتها هي بالتأكيد صغيرة جدا.
و يؤكدون ( اي اهالي هيرابوليس ) أن حكايتهم أثبتت من خلال الظاهرة التالية;
مرتين في كل عام يأتي الماء من البحر إلى المعبد ، يتم جلب هذه المياه من قبل الكهنة ( كهنة المعبد ) ، ولكن إلى جانبهم ، أناس من كل سوريا والعربية والعديد من وراء نهر الفرات
ينزلون الى البحر; ثم يجلبون مياهها التي تصب لأول مرة في الهيكل ثم يمر هذا الماء وصولا الى الهوة أو الفجوة و التي على الرغم من حجمها الصغير, فهي تحبس كميات كبيرة من المياه.
هكذا يتصرفون ، ويعلنون أن السُنة التاليه قد أقرها ديوكاليون في ذلك المعبد ، من أجل أن تكون بمثابة ذكرى أبدية .. »
انتهى كلامه .
ملاحظة( * ) : ان جونو أو هيرا هي زوجة كبير الآلهة جيوبتر عند الرومان و زيوس عند الإغريق ،
وسيبدوا الأمر مفهوماً حين نذكر بأن منبج قد اكتسبت الكثير من قداستها بسبب اقترانها بالالهة السورية اتارجاتيس أو اترعتا والتي كانت بدورها زوجة لكبير الآلهة الآرامية ( الإله حدد )
--
كما و يمكن أن نلحظ أيضا فكرة بناء المعبد أو الحرم المقدس عند أو بالقرب من علامة طبيعية معينة مرتبطة بحدث معين ، كالفجوة أو الهوة المرتبطة بالطوفان بالنسبة ” لمعبد منبج “ ، أو الصفا والمروة المرتبطين بـ سعي هاجر قرينة النبي ابراهيم بحثا عن الماء لها و لطفلها بالنسبة لـ ” الحرم المكي الشريف “ ، أو الصخرة التي يعتقد المسيحيين أن المسيح قد صلب عليها بالنسبة لـ ” كنيسة القيامة “
وهذه النقطة الأخيرة بخصوص موضع المعبد أو موضع العبادة وارتباطه بعناصر الطبيعة قد سبقنا بالاشارة إليها الباحث طارق احمد في احد بحوثه
.
انتهى
مراجع :
كتاب لوقيان السميساطي " the Syrian Goddess "
https://books.google.com/books?hl=ar...r+story#v=snip pet&q=further%20story&f=false