▪️ اللحظات التراجيدية الأزلية للحرب ، وتلك الأيام نداولها..!
” يتم شن الحرب على المدينة
حصار المدينة
ثم استسلام المدينه
ومغادرة سكانها “
التراجيديا الأزلية في الحروب
والتي تتمثل بشكل أكبر في ..
لحظة وداع الديار ، الوداع المؤلم..!
،
? من أحداث العصور الخالية :
في القرن الرابع الميلادي ( وتحديدا في العام 363 للميلاد ) ، الحزن يخيم على مدينة نصيبين ومشاعر الانكسار و خيبة الأمل تغمر اهلها على اثر سماعهم للأنباء التي تقول بأن الامبراطور الروماني سيسلم نصيبين للفرس ، ولحظات وداع المدينة..
يذكر لنا الجندي و المؤرخ الروماني [أميانوس مارسيليانوس] في كتابه احداث الحرب بين الدول الساسانية الواعده والجيش الروماني المضطرب آنذاك.
تلك الأحداث كان أميانوس قد عاشها وعاصرها بنفسه ،
وكاي حرب فإنها تخلف وراءها الحزن و المصائب التي تتفاوت باختلاف نتائج الحرب وباختلاف حظ الأطراف المتصارعه
وللاسف لم تكن مدينة نصيبين السريانية تملك حظا سعيدا ، فقد وقف اهلها مع الرومان و تصدوا لهجمات شابور أكثر من مرة ، ولكن في النهاية - و لسوء حظهم - فقد قام الامبراطور يوفيان بالتوقيع على معاهدة تسليم المدينة للفرس...!
• وحتى لا نطيل سنترك الجندي الروماني أميانوس بنفسه يحكي تلك اللحظات الحزينة التي وجد فيها أهالي نصيبين أنفسهم أمام واقع مرير :
★ يقول أميانوس في الفصل والكتاب ( 12.8 ) :
« ” و في هذه الأثناء، طارت الشائعات عبر المقاطعات والأمم، و حيث أسرع رسول الاحداث الحزينة متفوقًا على باقي الرسل و أصاب شعب نصيبين بحزن مرير عندما علموا أن مدينتهم قد استسلمت لـ شابور ، وهم الذين كانوا يخشون غضبه وعدائه..
فهم يتذكرون الخسائر المستمرة التي تكبدها في محاولاته المتكررة للاستيلاء على مدينتهم .
فقد كان من الواضح أن الشرق بأكمله كان من الممكن أن ينتقل إلى سيطرة بلاد فارس، لولا أن هذه المدينة بموقعها المتميز وأسوارها القوية قاومته.
ومع ذلك، مهما كان الشعب التعيس في نصيبين يعذبه الخوف العظيم من المستقبل، إلا أنه كان بإمكانهم دعم أنفسهم بأمل واحد بسيط، وهو أن الإمبراطور، من تلقاء نفسه أو من خلال توسلاتهم، سيحافظ على المدينة ولن يدمرها، باعتبارها أقوى واهم حصن للشرق “ » .
— ٭ ويصف أميانوس في نفس الفصل محاولة أهالي نصيبين تطبيق ما يشبه مقولة " الغريق يتمسك بقشة.. ، حيث يقول :
« ” ونظرنا بفارغ الصبر إلى نصيبين، حيث أقام الإمبراطور معسكرًا دائمًا خارج المدينة على الرغم من طلب و الحاح العديد من سكان المدينة من الامبراطور أن يدخول ويقيم في القصر كما كان معتادًا مع الأباطرة، لكنه رفض بعناد، وذلك بسبب الخجل من كونه أثناء إقامته داخل أسواره يجب تسليم المدينة إلى الإمبراطور العدو “ »
★ وفي الفصل ( 12.9 ) يصف أميانوس اللحظات ما قبل الأخيرة للأهالي ، كالآتي :
« ” وفي اليوم التالي، قام بينسيس - أحد الفرس، الذي كما قلت كان بارزًا على الآخرين - ، مسرعًا لتنفيذ أوامر ملكه، و طالب على وجه السرعة بما وعد به. ولذلك دخل المدينة بإذن الإمبراطور الروماني ورفع علم أمته على قمة القلعة معلناً للمواطنين رحيلهم الحزين عن موطنهم الأصلي. “ »
★ وحين عرف أهالي نصيبين لاحقا أنه ربما يتعين عليهم المغادرة ، هم وأهالي سنجار كذلك ، وفق احد بنود الإتفاقية ، و قبل دخول القوات الفارسية للمنطقة ، يقول أميانوس:
« ”وعندما أُمر الجميع بمغادرة منازلهم في الحال، توسّلوا بالدموع والأيدي الممدودة إلى عدم إجبارهم على المغادرة، معلنين أنهم وحدهم، و دون مساعدة من الإمبراطورية الرومانية في المؤن والرجال، قادرون على الدفاع عن موطنهم، واثقين من أن العدالة نفسها ستساعدهم، كما وجدوا هذا في كثير من الأحيان، أثناء القتال من أجل مسكن أجدادهم “ »
ولكن للاسف فإن كل هذه التوسلات قد ذهبت أدراج الرياح كما ذكر أميانوس ، وذلك لأن الامبراطور الروماني لم يشأ ان يحنث باليمين الذي أقسم عليه مع الطرف الآخر أثناء توقيع كامل بنود الاتفاقية .
ولان بعض الجنود قد بدأوا بالتذمر من هذا الوضع الانهزامي الكارثي وتحميل الامبراطور مآلات الاحداث ، و تجرأ بعضهم على السخرية منه بمقارنته مع اباطرة رومان سابقين ، مباشرة حصل وان : « ” غضب الإمبراطور من هذه الكلمات، وأصدر أوامره بضرورة مغادرة الجميع الأسوار في غضون ثلاثة أيام. “ »
★ ويختم أميانوس تلك القصة الحزينة بتصوير الوضع المأساوي لرحيل السكان عن أرضهم مُجبرين..! ، حيث يقول :
« ” وبناء على ذلك تم تكليف رجال بطردهم، وهددوا بالقتل كل من يتردد في المغادرة ، ملأ الرثاء والحزن المدينة، ولم يكن يسمع في كل أرجاءها سوى صوت نحيب عالمي؛ مزقت السيدات شعرهن لأنهن كان من المقرر أن يتم إرسالهن إلى المنفى من المنازل التي ولدن وترعرعن فيها؛ والأمهات اللاتي فقدن أطفالهن، والأرامل المحرومات من أزواجهن، حزنن لأنهن طردن بعيدًا عن رماد أحبائهن؛ وعانق جمهور الباكين أبواب بيوتهم أو عتباتها “ »
.
انتهى ،
المصادر:
مذكورة ( كتاب أميانوس) وبـ ارقام الفصول المذكورة
اليكم رابط:
https://books.google.com/books?id=HN...T939&dq=And+wh en+all+were+commanded+to+leave+their+homes+at+once ,+with+tears+and+outstretched+hands+they+begged+th at+they+might+not+be+compelled+to+depart,+declarin g+that+they+alone,+without+aid+from+the+empire+in+ provisions+and+men,+were+able+to+defend+their+hear ths,+trusting+that+Justice+herself+would,+as+they+ had+often+found,+aid+them+in+fighting+for+their+an cestral+dwelling-place&source=bl&ots=kpkNVHl4gm&sig=ACfU3U0_H-pj5k-JdEP6WsBjjDxlrh3ODQ&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwiJ6Nf-w_SFAxX-XvEDHWqOAGoQ6AF6BAg6EAI#v=onepage&q=And%20when%20a ll%20were%20commanded%20to%20leave%20their%20homes %20at%20once%2C%20with%20tears%20and%20outstretche d%20hands%20they%20begged%20that%20they%20might%20 not%20be%20compelled%20to%20depart%2C%20declaring% 20that%20they%20alone%2C%20without%20aid%20from%20 the%20empire%20in%20provisions%20and%20men%2C%20we re%20able%20to%20defend%20their%20hearths%2C%20tru sting%20that%20Justice%20herself%20would%2C%20as%2 0they%20had%20often%20found%2C%20aid%20them%20in%2 0fighting%20for%20their%20ancestral%20dwelling-place&f=false
...
تنويه: شابور المقصود هو شابور الثاني
،
الصورة : لوحة رُسمت في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي ، وهي تمثل رقاد القديس أفرام السرياني ، وهو احد أهالي نصيبين الذي أجبروا على مغادرة المدينة والانتقال الى آمد ، و لكن مار افرام انتقل لاحقا الى الرها
” يتم شن الحرب على المدينة
حصار المدينة
ثم استسلام المدينه
ومغادرة سكانها “
التراجيديا الأزلية في الحروب
والتي تتمثل بشكل أكبر في ..
لحظة وداع الديار ، الوداع المؤلم..!
،
? من أحداث العصور الخالية :
في القرن الرابع الميلادي ( وتحديدا في العام 363 للميلاد ) ، الحزن يخيم على مدينة نصيبين ومشاعر الانكسار و خيبة الأمل تغمر اهلها على اثر سماعهم للأنباء التي تقول بأن الامبراطور الروماني سيسلم نصيبين للفرس ، ولحظات وداع المدينة..
يذكر لنا الجندي و المؤرخ الروماني [أميانوس مارسيليانوس] في كتابه احداث الحرب بين الدول الساسانية الواعده والجيش الروماني المضطرب آنذاك.
تلك الأحداث كان أميانوس قد عاشها وعاصرها بنفسه ،
وكاي حرب فإنها تخلف وراءها الحزن و المصائب التي تتفاوت باختلاف نتائج الحرب وباختلاف حظ الأطراف المتصارعه
وللاسف لم تكن مدينة نصيبين السريانية تملك حظا سعيدا ، فقد وقف اهلها مع الرومان و تصدوا لهجمات شابور أكثر من مرة ، ولكن في النهاية - و لسوء حظهم - فقد قام الامبراطور يوفيان بالتوقيع على معاهدة تسليم المدينة للفرس...!
• وحتى لا نطيل سنترك الجندي الروماني أميانوس بنفسه يحكي تلك اللحظات الحزينة التي وجد فيها أهالي نصيبين أنفسهم أمام واقع مرير :
★ يقول أميانوس في الفصل والكتاب ( 12.8 ) :
« ” و في هذه الأثناء، طارت الشائعات عبر المقاطعات والأمم، و حيث أسرع رسول الاحداث الحزينة متفوقًا على باقي الرسل و أصاب شعب نصيبين بحزن مرير عندما علموا أن مدينتهم قد استسلمت لـ شابور ، وهم الذين كانوا يخشون غضبه وعدائه..
فهم يتذكرون الخسائر المستمرة التي تكبدها في محاولاته المتكررة للاستيلاء على مدينتهم .
فقد كان من الواضح أن الشرق بأكمله كان من الممكن أن ينتقل إلى سيطرة بلاد فارس، لولا أن هذه المدينة بموقعها المتميز وأسوارها القوية قاومته.
ومع ذلك، مهما كان الشعب التعيس في نصيبين يعذبه الخوف العظيم من المستقبل، إلا أنه كان بإمكانهم دعم أنفسهم بأمل واحد بسيط، وهو أن الإمبراطور، من تلقاء نفسه أو من خلال توسلاتهم، سيحافظ على المدينة ولن يدمرها، باعتبارها أقوى واهم حصن للشرق “ » .
— ٭ ويصف أميانوس في نفس الفصل محاولة أهالي نصيبين تطبيق ما يشبه مقولة " الغريق يتمسك بقشة.. ، حيث يقول :
« ” ونظرنا بفارغ الصبر إلى نصيبين، حيث أقام الإمبراطور معسكرًا دائمًا خارج المدينة على الرغم من طلب و الحاح العديد من سكان المدينة من الامبراطور أن يدخول ويقيم في القصر كما كان معتادًا مع الأباطرة، لكنه رفض بعناد، وذلك بسبب الخجل من كونه أثناء إقامته داخل أسواره يجب تسليم المدينة إلى الإمبراطور العدو “ »
★ وفي الفصل ( 12.9 ) يصف أميانوس اللحظات ما قبل الأخيرة للأهالي ، كالآتي :
« ” وفي اليوم التالي، قام بينسيس - أحد الفرس، الذي كما قلت كان بارزًا على الآخرين - ، مسرعًا لتنفيذ أوامر ملكه، و طالب على وجه السرعة بما وعد به. ولذلك دخل المدينة بإذن الإمبراطور الروماني ورفع علم أمته على قمة القلعة معلناً للمواطنين رحيلهم الحزين عن موطنهم الأصلي. “ »
★ وحين عرف أهالي نصيبين لاحقا أنه ربما يتعين عليهم المغادرة ، هم وأهالي سنجار كذلك ، وفق احد بنود الإتفاقية ، و قبل دخول القوات الفارسية للمنطقة ، يقول أميانوس:
« ”وعندما أُمر الجميع بمغادرة منازلهم في الحال، توسّلوا بالدموع والأيدي الممدودة إلى عدم إجبارهم على المغادرة، معلنين أنهم وحدهم، و دون مساعدة من الإمبراطورية الرومانية في المؤن والرجال، قادرون على الدفاع عن موطنهم، واثقين من أن العدالة نفسها ستساعدهم، كما وجدوا هذا في كثير من الأحيان، أثناء القتال من أجل مسكن أجدادهم “ »
ولكن للاسف فإن كل هذه التوسلات قد ذهبت أدراج الرياح كما ذكر أميانوس ، وذلك لأن الامبراطور الروماني لم يشأ ان يحنث باليمين الذي أقسم عليه مع الطرف الآخر أثناء توقيع كامل بنود الاتفاقية .
ولان بعض الجنود قد بدأوا بالتذمر من هذا الوضع الانهزامي الكارثي وتحميل الامبراطور مآلات الاحداث ، و تجرأ بعضهم على السخرية منه بمقارنته مع اباطرة رومان سابقين ، مباشرة حصل وان : « ” غضب الإمبراطور من هذه الكلمات، وأصدر أوامره بضرورة مغادرة الجميع الأسوار في غضون ثلاثة أيام. “ »
★ ويختم أميانوس تلك القصة الحزينة بتصوير الوضع المأساوي لرحيل السكان عن أرضهم مُجبرين..! ، حيث يقول :
« ” وبناء على ذلك تم تكليف رجال بطردهم، وهددوا بالقتل كل من يتردد في المغادرة ، ملأ الرثاء والحزن المدينة، ولم يكن يسمع في كل أرجاءها سوى صوت نحيب عالمي؛ مزقت السيدات شعرهن لأنهن كان من المقرر أن يتم إرسالهن إلى المنفى من المنازل التي ولدن وترعرعن فيها؛ والأمهات اللاتي فقدن أطفالهن، والأرامل المحرومات من أزواجهن، حزنن لأنهن طردن بعيدًا عن رماد أحبائهن؛ وعانق جمهور الباكين أبواب بيوتهم أو عتباتها “ »
.
انتهى ،
المصادر:
مذكورة ( كتاب أميانوس) وبـ ارقام الفصول المذكورة
اليكم رابط:
https://books.google.com/books?id=HN...T939&dq=And+wh en+all+were+commanded+to+leave+their+homes+at+once ,+with+tears+and+outstretched+hands+they+begged+th at+they+might+not+be+compelled+to+depart,+declarin g+that+they+alone,+without+aid+from+the+empire+in+ provisions+and+men,+were+able+to+defend+their+hear ths,+trusting+that+Justice+herself+would,+as+they+ had+often+found,+aid+them+in+fighting+for+their+an cestral+dwelling-place&source=bl&ots=kpkNVHl4gm&sig=ACfU3U0_H-pj5k-JdEP6WsBjjDxlrh3ODQ&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwiJ6Nf-w_SFAxX-XvEDHWqOAGoQ6AF6BAg6EAI#v=onepage&q=And%20when%20a ll%20were%20commanded%20to%20leave%20their%20homes %20at%20once%2C%20with%20tears%20and%20outstretche d%20hands%20they%20begged%20that%20they%20might%20 not%20be%20compelled%20to%20depart%2C%20declaring% 20that%20they%20alone%2C%20without%20aid%20from%20 the%20empire%20in%20provisions%20and%20men%2C%20we re%20able%20to%20defend%20their%20hearths%2C%20tru sting%20that%20Justice%20herself%20would%2C%20as%2 0they%20had%20often%20found%2C%20aid%20them%20in%2 0fighting%20for%20their%20ancestral%20dwelling-place&f=false
...
تنويه: شابور المقصود هو شابور الثاني
،
الصورة : لوحة رُسمت في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي ، وهي تمثل رقاد القديس أفرام السرياني ، وهو احد أهالي نصيبين الذي أجبروا على مغادرة المدينة والانتقال الى آمد ، و لكن مار افرام انتقل لاحقا الى الرها