كبرنا ليلا
رحت للبحر
أشكوه رفاق الحلم
و من رحلوا في صمت
وهباء السنون
و سلطة الحزن
و هفوات الوجود
و تكالب اليومي
على قبس النور الخافث
و ما تبقى من أسباب البقاء
رحت للبحر
أشكوه من خانوا
و من كانوا
و من صاروا
و من أجهزوا عن حقنا في الحلم
و من صادروا الياسمين
من عيون الآطفال
و من أحرقوا النجوم
في كف الاميرات
و من أسقطوا أقواس انتصاراتنا
من كتب التاريخ
و من الحلم المشترك
رحت للبحر
أشكوه من زبده الذي
لم يعد ينثر رذاذه
على العاشقين و السكارى
أشكوه رحيل اليمام
عن شباك صوري
أشكوه غياب الناي عن ربيعنا
أشكوه الخوف في عيني طفل
يصيح في وجه الريح
رد الي نخوة الملح
على ترس الفاتحين
رد الي نشوة
الداخلين الى الاندلس
خذ مني انكسار
الخارجين من الاندلس
كبرنا ليلا
و كنا نحمل خبز اليتامى منا
وكان الطير يأكل منه
و كانوا يعدون
المشانق لسنابل الروح
وكانت الغيوم مندسة
في زورق الاوديسة المكسور
وكان النصر يركض
في حوافر احصنة الغرباء
وكان اشتعال الافول
في اثواب شمسنا الاخيرة يعلو
فوق السحاب
رحت للبحر
اشكوه فاشتكى
من نورس خيباتنا
و من صراخ أرواح
الهجرة الاخيرة
و من شمس
أدمت جبين الماء
و من مصلوب زاهد
قال
– ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما الا بالدم –
و من سيدة
تترك ربيعها للغزاة
و من الهتافات
لمن يولغ في دم المكتسبات
و من خوف الخليفة من الذكريات
و من فرح البدايات
و رعشة النهايات .
رحت للبحر
أشكوه شح الصور
في لغة الجسد
لمن هاذي الرفات ؟
ألي أنا وحدي
أم لكل العابرين عبر هذا الجسد ؟
لمن هذا الخريف ؟
ألي أنا وحدي
أم لكل العائدين من قرطبة ؟
لمن هذا الحنين ؟
ألي أنا وحدي أم لكل الغرباء ؟
ظلال للطغاة
و ضلال الاغنيات لمراسيم الولاء
أضاعوني و أطاعوا شبح الروم .
رحت للبحر
أشكوه المشترك فينا
شمس تأتي من البعيد
و تسقط في البعيد
ماء قلق و حيوات صاخبة
أشكو و أشكو
فلا شكواي
يمجدها الصدى
و لا العابرون
في عيني
يتلقفون الإشارة
أمد يدي
لشبحي و نقفز في العدم
إدريس سراج
فاس المغرب