رامي الدويري حمص قصة عشق لاتنتهي
قصة الطوفة الكبيرة التي حدثت في مدينة حمص
في أيلول سنة 1909 م ففي ذلك اليوم تساقطت الأمطار الغزيرة فجأة خاصة في الجهة الشرقية الجنوبية من المدينة، فأحدثت سيل عرمرم لم تشهد له مثيلا في تاريخها المعاصر
كما ذكرها الصافي في ذكريات طفولته، وأرّخ لها الشاعر الحمصي الشيخ عبد الهادي الوفائي، في قصيدة مشهورة يحكي فيها بالتفصيل قصة سيل عرمرم تعرّضت له المدينة، كيف هبط إلى المدينة هذا السيل الجارف، وكيف تدفق على البلد من جنوبه الشرقي، ثم تفرع إلى أربعة فروع في طريق الشام وباب تدمر والكتيب وغيرها، ثم تستمر الأمطار وتكبر السيول حتى تبلغ في بعض الأماكن إلى أوساط الناس، فيعتلون الأماكن العالية والسطوح ويتسلقون الأشجار والماء يلاحقهم .
ويعدّد الوفائي في قصيدته المنازل التي دمرها السيل والأسر التي فجعت بها إذ عملت السيول على هدم كثير من المنازل المبنية من الطوب واللبن، وجرفت مؤن البيوت وأثاثها إلى الشوارع، وأزهقت العديد من الأرواح تحت أنقاض البيوت المنهارة. ثم يستنقع السيل في البغطاسية فتفوح منه الروائح النتنة، وتجلب الأمراض لمدينة حمص ، فتكون الطوفة الكبرى كارثة طبيعية بكل المقاييس حلّت بمدينة حمص في تلك الفترة.
*يذكر الوفائي حدث الطوفة في قصيدة طويلة نقل منها رضا صافي قوله:
هلموا واسمعوا قول الوفائي
عن الطوفان يا أهل الوفى
كلاما خالي التعقيد سهلاً
يبين أصل أسباب البلاء
ويختمها بقوله:
يا آل حمص الكرام
يا نصارى يا إسلام
صلحوا طريق الشام
واكفونا هم الطوفان
واستمرت البلد تتعرض لأخطار السيول إلى وقت متأخر حتى أقيم مشروع درء السيول والمسماة ( ساقية السيل ) عند مشارف مدينة حمص الجنوبية ومدخل طريق الشام ليتحوّل مجرى السيول ومياهه المتدفقة إلى الغرب حتى تصب في نهر العاصي، فأنقذت بهذا بيوت البلدة من شرور السيول والطوفان الذي كان يتكرر في أغلب الأعوام.
وما زلت أذكر آخر سيل كبير تعرضت له مدينة حمص عام 1967م بسبب غزارة الأمطار والثلوج في ذلك العام، فتجاوزت المياه مجرى السيل أيضاً، وفاضت عنه بسبب تراكم العوائق في مجراه، ودخل إلى أعماق المدينة لكن تأثيره كان ضعيفا بفضل تحويل مجرى السيل الرئيسي الذي صرف أكبر كمية من مياهه. وفي هذا العام وصل السيل إلى باباعمرو، وأحاط بالمساكن الجنوبية والشرقية فأغرق بعضها، وجرف بعضها، وطفت على سطح السيل قطع أثاث البيوت والحيوانات، وتجمعت مياه السيل خلف سكة الحديد الشمالية ( سكة طرابلس ) ثم تجاوزها ووصل إلى الحارة القديمة، وكان آخر مطافه أمام عتبات البيوت وانصرف السيل عن الناس وبيوتهم بخير دون حدوث أثر يذكر ثم اتجه مسار مياه السيل إلى الساقية. وكان هذا آخر عهد لنا بالسيول بسبب جفاف السنوات اللاحقة.
كتاب الثقافة الشعبية في البيئة ” المائيّة والشتوية” تأليف مصطفى الصوفي
حمص قصة عشق لا تنتهي
رامي الدويري عضو الجمعية التاريخية السورية
Mahmoud Rida Albuqai
- Jamal Sultan
هل تتغيّر عندما تتجاوز الأربعين أو الخمسين...
“نعم أنا أتغيّر …”، هذا ما قاله لي صديق شارف على السبعين، فسألتُه: “ما الذي تغير لديك؟”، فأرسل لي هذه الأسطر يقول:
نعم، أنا أتغير...
فبعد أن كنتُ أحبّ والديّ وأشقائي وزوجتي وأولادي وأصدقائي فقط، بدأت الآن أحب نفسي معهم !
نعم، أنا أتغيّر.
فقد أدركت للتوّ أنني لست مثل “أطلس” في أساطير اليونان، والعالم لا يقف على ظهري !
نعم، أنا أتغيّر.
لقد توقفتُ منذ مدّة عن مساومة بائع الفواكه والخضار، فبالنهاية، لن تزيدني بعض القروش غنىً، لكنها قد تساعد ذلك البائع المسكين على توفير مستلزمات المدرسة لأبنائه !
نعم، أنا أتغيّر.
صرتُ أدفع لسائق سيارة الأجرة من دون انتظار الباقي. فقد تضع المبالغ الإضافية ابتسامة على وجهه. على أيّ حال إنه يكدّ من أجل لقمة العيش أكثر مما أفعل أنا اليوم !
نعم، أنا أتغيّر.
لقد تعلمتُ عدم انتقاد الناس حتى عندما أدرك أنهم على خطأ. فبالتالي لم يعد يهمّني إصلاح الناس وجعل الجميع مثاليين. إن السلام مع الكل أفضل من الكمال الوهمي !
نعم، أنا أتغير.
صرتُ أمارس فن المجاملات بسخاء وحرية بلا نفاق. إذ تعلمت بالخبرة أن ذلك يُحسّن المزاجَ ليس فقط لمن يتلقى المجاملة، ولكن خصوصا بالنسبة لي أيضا !
نعم، أنا أتغير.
تعلمتُ ألا أنزعج عن تجعّد يحدث على قميصي أو اتساخ فيه. فبالتالي إن قوة الشخصية أهم بكثير من المظاهر !
نعم، أنا أتغير.
صرتُ أبتعد بهدوء من الناس الذين لا يقدروني. فبالتالي قد لا يعرفون قيمتي، لكنني أنا أعرف جيدا من أنا ! وأصبحت لا أهتم لمن يخذلني فأنا أعلم أن الله يصرفهم عني لأنهم لا يستحقون أن يكونوا في دائرة أهل الفضل بل وانهم طردوا من باب الإحسان وتولوا معرضين .
نعم، أنا أتغيّر.
لقد صرت باردا كالثلج عندما أواجه أحدهم يستفزني بعدوانية كي يدخلني في جدل عقيم على أي حال، في النهاية، لن يبقى من كل الجدالات شيء، وأنا لم أعد أتحمل
نعم، لقد تغيرت.
إنني أعمل كل ما يجعلني أشعر بالسعادة. وأن أستمتع بحياتي .. فالعمر يمضي.. وأولادي جزء من حياتي وليس كل حياتي.. وأن أستمتع بعلاقتي مع الله...وأكثر من طاعاتي.. فبعد موتي.. كم من سيذكروني؟ ولمتى؟؟
وبالتالي فهمتُ بأني أنا المسؤول عن سعادتي في الدنيا والآخرة