الفن مرآة قوية تلتقط جوهر روح الثقافة كما يظهر ذلك في تباينات العمارة (شترستوك)
عبد الرحمن زياد عجينة *
8/5/2024
أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار العالمين العربي والغربي
التفاعل بين البيئة والإدراك في نسيج الوجود البشري الواسع يؤثر بعمق على رؤيتنا الجماعية للمستقبل. وتستكشف هذه الرحلة الفسيفساء المعقدة للآفاق العربية والغربية تجاه الغد، مع فحص كيفية تشكل البيئات المتنوعة للوعي الجمعي لكل من المجتمعين.
وتقف جمالية الأراضي القاحلة والكثبان الرملية المتغيرة باستمرار في تناقض مع التلال الخضراء والمناظر الطبيعية الغنية في الغرب، حيث تترك كل بيئة أثرها اللافت على التعبيرات الثقافية، من السرد الأدبي والمعتقدات الدينية إلى المعالم المعمارية. ومهمتنا هي كشف الخيوط التاريخية التي تنسج معًا مختلف التصورات الزمنية والطموحات.
الظروف القاسية للصحراء وقلة موارد الحياة فيها تدفع ساكنيها لقراءتها بطرق إبداعية ومتجددة باحثاً عن طرق جديدة للنجاة تحت تلك الظروف. ولذلك يميل قاطنوها لرؤيتها كنص مفتوح: فسعتها وسيولتها تسمح بتفسيرات ثقافية متنوعة، مما يجعلها رمزًا قويًا لزوال الحياة وشاهداً على مرونة البشر في البقاء على الحياة.
الرموز الثقافية والسيميائيات البيئيةفي العالم العربي، الصحراء ليست مجرد ظاهرة جغرافية بل هي رمز ثقافي عميق مشبع بمعانٍ متعددة. ومفهوم "العمل المفتوح" لأومبيرتو إيكو مفيد بشكل خاص هنا. وفي "العمل المفتوح" يناقش إيكو الأعمال الفنية والنصوص التي تكون متعمدة النقصان أو التي يكتسيها الغموض، مما يسمح بمجموعة من التفسيرات من قبل الجمهور. وعند تطبيق هذا على الصحراء، فإن الظروف القاسية للصحراء وقلة موارد الحياة فيها تدفع ساكنيها لقراءتها بطرق إبداعية ومتجددة باحثاً عن طرق جديدة للنجاة تحت تلك الظروف. ولذلك يميل قاطنوها لرؤيتها كنص مفتوح: فسعتها وسيولتها تسمح بتفسيرات ثقافية متنوعة، مما يجعلها رمزًا قويًا لزوال الحياة وشاهداً على مرونة البشر في البقاء على الحياة.
غالبًا ما ترمز المناظر الطبيعية الخضراء ووفرة موارد الحياة المستقرة في الغرب إلى الاستمرارية والاستقرار وإرث يتجاوز هشاشة الحياة البشرية ويعطي شعوراً بالاستغناء. وتعمل هذه المناظر الطبيعية كرموز ثقافية لمجتمع يقدر السيطرة ويسعى على الدوام للقوة سواء في بيئته أو في منتجاته الثقافية.
وبالمقابل، يمكن تحليل المناظر الطبيعية الخصبة والمستدامة للعالم الغربي باستخدام نظرية إيكو عن "النصوص المغلقة" كما ورد في كتابه "حدود التفسير". والنصوص المغلقة هي تلك التي تكون فيها المعاني أكثر تحديدا وتقييدا، مما يوجه القارئ أو المراقب نحو تفسيرات محددة. وغالبًا ما ترمز المناظر الطبيعية الخضراء ووفرة موارد الحياة المستقرة في الغرب إلى الاستمرارية والاستقرار وإرث يتجاوز هشاشة الحياة البشرية ويعطي شعوراً بالاستغناء. وتعمل هذه المناظر الطبيعية كرموز ثقافية لمجتمع يقدر السيطرة ويسعى على الدوام للقوة سواء في بيئته أو في منتجاته الثقافية. وهذا واضح في السردية الغربية للتقدم، حيث يُنظر إلى السيطرة على الطبيعة من خلال الزراعة والتطوير الحضري كمؤشر على تقدم الإنسان وتفوقه. وتُعد التلال الخضراء والجبال الراسخة رمزًا لنظرة عالمية تطمح إلى مستقبل مضبوط ومتوقع، وهي مكون رئيسي من وعود الحداثة الغربية
تعليق