الجينات وبكتيريا الأمعاء تتنبآن بمخاطر الأمراض
اختباراتها يمكن أن ترصد أمراض السكري والسرطان مبكراً
نُشر: 15:26-7 أبريل 2024 م ـ 28 رَمضان 1445 هـ
TT
أظهرت دراسة حديثة أن درجات المخاطر المستندة إلى اختبارات الجينات البشرية وبكتيريا الأمعاء يمكن أن تحسن التنبؤ بالأمراض مقارنة بعوامل الخطر التقليدية وحدها.
تحسين التنبؤ بمخاطر الأمراض
عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بخطر إصابة شخص ما بمرض الشريان التاجي أو السكري من النوع الثاني أو الزهايمر أو سرطان البروستاتا، فإن الجمع بين عوامل الخطر التقليدية التي يستخدمها الأطباء اليوم مع التقنيات الجديدة التي تحدد حجم المخاطر الجينية، أو ما يعرف بدرجات المخاطر المتعددة الجينات، وفحوصات ميكروبيوم الأمعاء، أدى إلى تنبؤات أقوى للأمراض المزمنة الشائعة.
وتساعد اختبارات «درجات المخاطر المتعددة الجينات» (PRSs) polygenic risk scores، في تقدير خطر الإصابة بمرض أي فرد بناءً على تركيبته الجينية الفريدة، ورغم أنها لا تقدم تنبؤات مطلقة فإنها تساهم برؤى قيمة لاتخاذ القرار الصحي الشخصي.
وتعد هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي نظرت في التأثير المشترك لعلم الوراثة وميكروبيوم الأمعاء على مخاطر الأمراض وتمهد الطريق لنهج أكثر دقة وقوة للتنبؤ بالمرض. وقد نُشرت في مجلة «نتشر ايجنغ» Nature Aging في 25 مارس (آذار) 2024 وأشرف عليها يانغ ليو من قسم علم الجينوم لأنظمة كمبريدج بيكر قسم الصحة العامة والرعاية الأولية جامعة كمبريدج البريطانية. واستندت إلى بيانات جمعت من أكثر من خمسة آلاف شخص بالغ. وهي ثمرة تعاون بين معهد بيكر للقلب والسكري وجامعة كمبريدج والمعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية.
وتتمثل أهم عوامل الخطر التقليدية في: العمر والجنس، ومؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم، ومستويات الكوليسترول، ومستويات السكر التراكمي HbA1c ويعرف أيضاً بالهيموغلوبين السكري glycated hemoglobin، وقد أدى جمعها مع درجات المخاطر الجينية وبيانات الميكروبيوم المعوي إلى تحسن التنبؤ بالأمراض المذكورة أعلاه، كما أظهر إمكانات التحليل واسع النطاق لوراثة الشخص وبكتيريا الأمعاء في تحسين الأداء التنبؤي.
نهج تحليل بيولوجي متعدد
واستخدمت في البحث تقنيات متعددة الأوميك Multi – omic، وهي نهج تحليل بيولوجي قوي يوفر رؤية شاملة لصحة الإنسان من خلال الجمع بين البيانات عبر مستويات بيولوجية مختلفة، مما يؤدي إلى رؤى أعمق حول التطور الطبيعي والاستجابات الخلوية وتحليل البيانات المتعلقة بالأمراض، بدءاً من الجينوم والبروتين والحامض النووي الريبي إلى علم الإبيجينوم epigenome (الجينات المتأثرة بالبيئة) والميكروبيوم microbiome، كما يوضح كذلك مؤشرات حيوية جديدة لمختلف الأمراض الشائعة المرتبطة بالعمر، حيث يسمح هذا النهج الشامل بإجراء تقييم أكثر دقة وشخصية لمخاطر الأمراض.
واعتمدت الدراسة على بيانات من أكثر من 5670 شخصاً بالغاً من مجموعة فينريسك FINRISK 2002 القائمة على السكان، ما يوفر تحليلاً قوياً للتنبؤ بالمرض خلال فترة بلغت نحو 18 عاماً من متابعة سجلات الصحة الإلكترونية. ومجموعة فينريسك 2002 هي دراسة مهمة أجريت في فنلندا، كان هدفها الأساسي هو تقييم مشروع منطقة شمال كاريليا، وهي دراسة على مجتمع كبير تهدف إلى الحد من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية في المقاطعة الواقعة شرق فنلندا. وركز المشروع على عوامل الخطر الرئيسية مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وانتشار التدخين من خلال التغييرات السلوكية.
نهج تحليل بيولوجي قوي يوفر رؤية شاملة لصحة الإنسان
اختبار جيني للتنبؤ بمخاطر القلب
وكانت دراسة سابقة نُشرت في مجلة «Nature Middle East» في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. قد أشارت إلى تطوير طريقة جديدة للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب لدى العرب باستخدام البيانات الوراثية، حيث إنهم يتحملون عبئاً كبيراً من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن أجل معالجة هذا القصور قام باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع باحثين من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتطوير طريقة تستخدم بيانات «دراسات الارتباط على مستوى الجينوم» genome - wide association study (GWAS) والأدوات الحاسوبية للتنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب بدقة كبيرة.
وقد تم تطبيق هذه الطريقة على مجموعات عربية، ومن الممكن توسيع نطاقها لتشمل مجموعات عرقية أخرى. ويُعد هذا البحث خطوة مهمة نحو تحسين الرعاية الصحية والتشخيص المبكر لأمراض القلب في المجتمعات المتنوعة.
وأخيراً، فإن التنبؤ المبكر بأمراض مثل مرض الشريان التاجي ومرض الزهايمر وسرطان البروستاتا ومرض السكري من النوع الثاني يتيح تنفيذ استراتيجيات الوقاية، حيث يتضمن ذلك تحديد المخاطر الشخصية والطرق غير الجراحية للكشف المبكر عن الأمراض.
وبشكل عام، تؤكد نتائج هذه الدراسة على أهمية دمج بيانات الأوميك المتعددة لتعزيز التنبؤ بالأمراض، مما يمهد الطريق لاستراتيجيات أكثر تخصيصاً وفاعلية في مجال الرعاية الصحية، لا سيما في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة الشائعة والوقاية منها.
اختباراتها يمكن أن ترصد أمراض السكري والسرطان مبكراً
- لندن: د. وفا جاسم الرجب
نُشر: 15:26-7 أبريل 2024 م ـ 28 رَمضان 1445 هـ
TT
أظهرت دراسة حديثة أن درجات المخاطر المستندة إلى اختبارات الجينات البشرية وبكتيريا الأمعاء يمكن أن تحسن التنبؤ بالأمراض مقارنة بعوامل الخطر التقليدية وحدها.
تحسين التنبؤ بمخاطر الأمراض
عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بخطر إصابة شخص ما بمرض الشريان التاجي أو السكري من النوع الثاني أو الزهايمر أو سرطان البروستاتا، فإن الجمع بين عوامل الخطر التقليدية التي يستخدمها الأطباء اليوم مع التقنيات الجديدة التي تحدد حجم المخاطر الجينية، أو ما يعرف بدرجات المخاطر المتعددة الجينات، وفحوصات ميكروبيوم الأمعاء، أدى إلى تنبؤات أقوى للأمراض المزمنة الشائعة.
وتساعد اختبارات «درجات المخاطر المتعددة الجينات» (PRSs) polygenic risk scores، في تقدير خطر الإصابة بمرض أي فرد بناءً على تركيبته الجينية الفريدة، ورغم أنها لا تقدم تنبؤات مطلقة فإنها تساهم برؤى قيمة لاتخاذ القرار الصحي الشخصي.
وتعد هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي نظرت في التأثير المشترك لعلم الوراثة وميكروبيوم الأمعاء على مخاطر الأمراض وتمهد الطريق لنهج أكثر دقة وقوة للتنبؤ بالمرض. وقد نُشرت في مجلة «نتشر ايجنغ» Nature Aging في 25 مارس (آذار) 2024 وأشرف عليها يانغ ليو من قسم علم الجينوم لأنظمة كمبريدج بيكر قسم الصحة العامة والرعاية الأولية جامعة كمبريدج البريطانية. واستندت إلى بيانات جمعت من أكثر من خمسة آلاف شخص بالغ. وهي ثمرة تعاون بين معهد بيكر للقلب والسكري وجامعة كمبريدج والمعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية.
وتتمثل أهم عوامل الخطر التقليدية في: العمر والجنس، ومؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم، ومستويات الكوليسترول، ومستويات السكر التراكمي HbA1c ويعرف أيضاً بالهيموغلوبين السكري glycated hemoglobin، وقد أدى جمعها مع درجات المخاطر الجينية وبيانات الميكروبيوم المعوي إلى تحسن التنبؤ بالأمراض المذكورة أعلاه، كما أظهر إمكانات التحليل واسع النطاق لوراثة الشخص وبكتيريا الأمعاء في تحسين الأداء التنبؤي.
نهج تحليل بيولوجي متعدد
واستخدمت في البحث تقنيات متعددة الأوميك Multi – omic، وهي نهج تحليل بيولوجي قوي يوفر رؤية شاملة لصحة الإنسان من خلال الجمع بين البيانات عبر مستويات بيولوجية مختلفة، مما يؤدي إلى رؤى أعمق حول التطور الطبيعي والاستجابات الخلوية وتحليل البيانات المتعلقة بالأمراض، بدءاً من الجينوم والبروتين والحامض النووي الريبي إلى علم الإبيجينوم epigenome (الجينات المتأثرة بالبيئة) والميكروبيوم microbiome، كما يوضح كذلك مؤشرات حيوية جديدة لمختلف الأمراض الشائعة المرتبطة بالعمر، حيث يسمح هذا النهج الشامل بإجراء تقييم أكثر دقة وشخصية لمخاطر الأمراض.
واعتمدت الدراسة على بيانات من أكثر من 5670 شخصاً بالغاً من مجموعة فينريسك FINRISK 2002 القائمة على السكان، ما يوفر تحليلاً قوياً للتنبؤ بالمرض خلال فترة بلغت نحو 18 عاماً من متابعة سجلات الصحة الإلكترونية. ومجموعة فينريسك 2002 هي دراسة مهمة أجريت في فنلندا، كان هدفها الأساسي هو تقييم مشروع منطقة شمال كاريليا، وهي دراسة على مجتمع كبير تهدف إلى الحد من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية في المقاطعة الواقعة شرق فنلندا. وركز المشروع على عوامل الخطر الرئيسية مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وانتشار التدخين من خلال التغييرات السلوكية.
نهج تحليل بيولوجي قوي يوفر رؤية شاملة لصحة الإنسان
اختبار جيني للتنبؤ بمخاطر القلب
وكانت دراسة سابقة نُشرت في مجلة «Nature Middle East» في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. قد أشارت إلى تطوير طريقة جديدة للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب لدى العرب باستخدام البيانات الوراثية، حيث إنهم يتحملون عبئاً كبيراً من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن أجل معالجة هذا القصور قام باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع باحثين من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتطوير طريقة تستخدم بيانات «دراسات الارتباط على مستوى الجينوم» genome - wide association study (GWAS) والأدوات الحاسوبية للتنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب بدقة كبيرة.
وقد تم تطبيق هذه الطريقة على مجموعات عربية، ومن الممكن توسيع نطاقها لتشمل مجموعات عرقية أخرى. ويُعد هذا البحث خطوة مهمة نحو تحسين الرعاية الصحية والتشخيص المبكر لأمراض القلب في المجتمعات المتنوعة.
وأخيراً، فإن التنبؤ المبكر بأمراض مثل مرض الشريان التاجي ومرض الزهايمر وسرطان البروستاتا ومرض السكري من النوع الثاني يتيح تنفيذ استراتيجيات الوقاية، حيث يتضمن ذلك تحديد المخاطر الشخصية والطرق غير الجراحية للكشف المبكر عن الأمراض.
وبشكل عام، تؤكد نتائج هذه الدراسة على أهمية دمج بيانات الأوميك المتعددة لتعزيز التنبؤ بالأمراض، مما يمهد الطريق لاستراتيجيات أكثر تخصيصاً وفاعلية في مجال الرعاية الصحية، لا سيما في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة الشائعة والوقاية منها.