د. محمد الجوادي- يوسف الحكيم الوزير السوري الذي عاش مائة عام وكتب تاريخها
يوسف الحكيم ١٨٧٩-١٩٧٩ سياسي وطني سوري رزق طول العمر، وهو قبل هذا مُثقف وقاض ووزير ونائب بيد أن ما بقي منه ، وله أهم من هذا كله، وهو أنه مؤرخ مسجل لتعاقب الأحداث وإليه يعود بعض الفضل في كتابة جزيئات كثيرة من التاريخ السوري المعاصر، وتتمثل أهمية مذكراته فيما يمكن الاعتماد عليها فيه من بعض المعلومات والوثائق التاريخية التي وثقها مؤلفها الذي تولى مناصب القضاء والإدارة والسياسة، وكان حريصا على ألا ينتسب لأي حزب ولهذا فإنه كان شأن التكنوقراطيين المتحفظين بعيدا تماما عن الأذى المترتب على تبدل الحكومات .
كان يوسف الحكيم قد تدرج في الوظائف في ظل الدولة العثمانية وعيّن قاضيا في 1904 ولما مارس السياسة وتركها عاد إلى العمل بالقضاء حيث عمل في محكمة التمييز كرئيس ثانٍ واحتفظ بهذا المنصب حتى 1948 (وهو سن التقاعد)، عرف يوسف الحكيم في الميدان السياسي بأنه كان صديقا للرئيس السوري البارز أحمد نامي ١٨٧٨- ١٩٦٣ زوج ابنة السلطان عبد الحميد ، الذي كان هو الآخر طويل العمر لكنه لم يصل بعمره إلى مائة عام ، وقد عمل وزيرا للعدل في وزارات صديقه الثلاث أي على مدى الفترة من مايو 1926 وحتى فبراير 1928، لكنه كان قد تولى الوزارة قبل هذا اختير وزيرا للنافعة في ثلاث وزارات متتابعة رأسها كل من على رضا الركابي وهاشم الأتاسي وعلاء الدين الدروبي (8مارس 1920 ـ 6 سبتمبر 1920)
كان لوجود يوسف الحكيم بشخصيته الهادئة المُتعقّلة إلى جوار الرئيس أحمد نامي أثر في تحقيق ما حقّقه ذلك الرئيس من إنجازات لكيان سوريا في ظل سطوة الفرنسيين وقسوتهم وعنفوان غطرستهم بعد انتصارهم في الحرب العالمية الأولى وقبل محنتهم في الحرب العالمية الثانية، وفي تلك الفترة كان الوجود الفرنسي في الشام بمثابة محنة بالغة الأثر والتأثير السلبي حتى في شخصيات العرب الشوام جميعا.
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، عُيّن يوسف الحكيم رئيساً للجنة ترجمة القوانين من التركية إلى اللغة العربية بأمر من جمال باشا الحاكم العسكرية لولاية سورية
نشأته وعائلته:ولد يوسف الحكيم في اللاذقية 1879 (أي في العام الذي شهد مولد زعيم الأمة مصطفى النحاس باشا كما شهد مولد الزعيم السوري عبد الرحمن الشهبندر) أبوه هو الطبيب يعقوب الحكيم، أما والدته فهي السيدة حنة بنت جرجس حبيش، من تجار التبغ ومن أصحاب كروم الزيتون في قرية بسنادة. بدأ الحكيم دراسته على يد مدرس خاص، ثم انتقل إلى المدرسة الانجيلية الأميركية في اللاذقية فتابع تعليمه في المكتب الاعدادي الحكومي حيث دَرس المرحلة الإعدادية (ما يناظر الثانوية في زماننا) وتخرج سنة 1899م
تعليق