مأساة الفنان البولندي " ڤلادسلاڤ سيمنتزسكي "
بـعـد الـصـورة After Image
هذا الفيلم ، ( بعد الصورة ) ، هو آخر التُحفِ التي قدّمها المخرجُ الپولندي الشهير " أندريه ڤايده " ، و هو فيلمُهُ التاسعُ و الأربعون ، و الأخير ، لكنه لم يكمله ، فقد توفي في أكتوبر من عام 2016 عن 90 عاماً ، فأكملت زوجته ، المخرجة " گازيتا فيبورسين " ، إخراج الفيلم .
كان " أندريه ڤايده " واحداً من أشد المعارضين للنظرية الشيوعية في التعامل مع الفن و الأدب التي فرضها " ستالين " ، في الأربعينيات ، على الشعب الپولندي .. كما على شعوب منظومة ( الإتحاد السوڤييتي ) السابق . و ظل مخلصاً لهذا الموقف و هذا التحدي حتى النهاية و قد جسّد هذا الإخلاص في فيلمه الأخير هذا .. و الذي توّج به مسيرته السينمائية الثرّة .
الفيلم ، فيلمُ سيرةٍ ذاتية يتناول حكاية الفنان الپولندي المعروف " ڤلادسلاڤ سيمنتزسكي " ( 1893 ــ 1952 ) و الذي كان يحمل الموقف ذاته من النظرية الشيوعية تجاه الفنون و الآداب و التي لُخّصت بمصطلح ( الواقعية الإشتراكية ) . و " سيمنتزسكي " رسامٌ معروفٌ على نطاقٍ عالمي كواحدٍ من الفنانين الطليعيين الذين أثروْا الفنَ الحديث بأعمالهم الجديدة و طروحاتهم النظرية في الفن ، خلال العشرينيات و الثلاثينيات من القرن العشرين ، و عمل الى جانب " شاگال " و " ماليڤيچ " و " ستازوسكي " .
كان " سيمنتزسكي " قد فقد ساقه اليمنى و ذراعه اليسرى في الحرب العالمية الأولى ، مما سبب له مشكلة ً كبيرة ً في تحركاته و في حياته العملية ، ولكن هذا العوق لم ينل من حياته الفنية و سلامة تفكيره أمام التشوّهات التي طرحتها ( الواقعية الإشتراكية ) ، بل كان يدرّس الفن في الجامعة بدرجة بروفيسور ، و له طلبته الذين كانوا يؤمنون بمبادئه في الفن ، و قد تخرجت أجيالٌ من الفنانين الپولنديين الشباب على يديه.
تبدأ الحكاية في ديسمبر 1948 ، من صالةٍ يبدأ الفنان بالرسم فيها على القماشة البيضاء التي سرعان ما تتحول الى اللون الأحمر و ذلك بفعل قماشة حمراء كبيرة أُسدلت على النافذة ، فينهض الفنان غاضباً و يقوم بتمزيق القماشة التي تبيّن أنها تحمل صورة " ستالين " ، و على أثر ذلك يتم اعتقاله و من ثم استجوابه من قبل قيادي حزبي يحاول أن يستدرجه الى الإيمان بطروحات الحزب بخصوص النظرة الإشتراكية الى الفن ، ولكن الفنان يطرح طرحاً معاكساً ، ليجد المحقق نفسه أمام شخصٍ عنيدٍ مؤمن بأفكاره ، و لا تنفع معه المساومة ، حتى أنه يقول له : ( أنت الآن مواطن سوڤييتي ) ، فيرد عليه الفنان : ( أنا مواطنٌ پولندي ) .
كانت هذه بداية الرحلة المضنية لـ " سيمنتزسكي " مع النظام الشمولي البشع ، غير الرحيم ، الذي راح يضيّق الخناق على الفنان خطوةً إثر خطوة و يجرّده من وظيفته و عضويته في رابطة الفنانين ، و يُقدِم جلاوزة النظام على تمزيق أعماله الفنية التي تمثل وثيقة ً تاريخية ً لمرحلة تحوّل الفن الپولندي نحو الحداثة ، و يحرمونه من العمل و من البطاقة التي يحصل بموجبها على الطعام و البطاقة التي تسمح له بشراء مواد الرسم ، و يجردونه من أية فرصة عمل ، حتى أنه لم يعد بإمكانه دفع أجور طاهية طعامه .. فتحرمه من الحساء .
يقدّم " أندريه ڤايدة " ، في هذا الفيلم الرائع ، صورة ً كاملة ً عن تسلط النظام الشمولي ، و يتوقف عند تفاصيل من أساليب الأذى و القهر التي تتفنن سلطاته و دوائره في ابتكارها لتضييق الخناق على من لا يواليه و لا يؤمن بطروحاته ، و تزرع الخوف في نفوس الأصدقاء للتخلي عن الصديق غير الموالي .
تحت تأثير كل هذا الضغط الثقيل توفي الفنان " ڤلادسلاڤ سيمنتزسكي " في 29 ديسمبر من عام 1952 ، فخلّده مواطنـُه المخرج " أندريه ڤايده " في هذا الفيلم المؤثر .. الذي لا يُنسى ، و قد لعب دورَ البطولةِ فيه الممثلُ الپولندي الباهر " بوگسلاڤ ليندا " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
بـعـد الـصـورة After Image
هذا الفيلم ، ( بعد الصورة ) ، هو آخر التُحفِ التي قدّمها المخرجُ الپولندي الشهير " أندريه ڤايده " ، و هو فيلمُهُ التاسعُ و الأربعون ، و الأخير ، لكنه لم يكمله ، فقد توفي في أكتوبر من عام 2016 عن 90 عاماً ، فأكملت زوجته ، المخرجة " گازيتا فيبورسين " ، إخراج الفيلم .
كان " أندريه ڤايده " واحداً من أشد المعارضين للنظرية الشيوعية في التعامل مع الفن و الأدب التي فرضها " ستالين " ، في الأربعينيات ، على الشعب الپولندي .. كما على شعوب منظومة ( الإتحاد السوڤييتي ) السابق . و ظل مخلصاً لهذا الموقف و هذا التحدي حتى النهاية و قد جسّد هذا الإخلاص في فيلمه الأخير هذا .. و الذي توّج به مسيرته السينمائية الثرّة .
الفيلم ، فيلمُ سيرةٍ ذاتية يتناول حكاية الفنان الپولندي المعروف " ڤلادسلاڤ سيمنتزسكي " ( 1893 ــ 1952 ) و الذي كان يحمل الموقف ذاته من النظرية الشيوعية تجاه الفنون و الآداب و التي لُخّصت بمصطلح ( الواقعية الإشتراكية ) . و " سيمنتزسكي " رسامٌ معروفٌ على نطاقٍ عالمي كواحدٍ من الفنانين الطليعيين الذين أثروْا الفنَ الحديث بأعمالهم الجديدة و طروحاتهم النظرية في الفن ، خلال العشرينيات و الثلاثينيات من القرن العشرين ، و عمل الى جانب " شاگال " و " ماليڤيچ " و " ستازوسكي " .
كان " سيمنتزسكي " قد فقد ساقه اليمنى و ذراعه اليسرى في الحرب العالمية الأولى ، مما سبب له مشكلة ً كبيرة ً في تحركاته و في حياته العملية ، ولكن هذا العوق لم ينل من حياته الفنية و سلامة تفكيره أمام التشوّهات التي طرحتها ( الواقعية الإشتراكية ) ، بل كان يدرّس الفن في الجامعة بدرجة بروفيسور ، و له طلبته الذين كانوا يؤمنون بمبادئه في الفن ، و قد تخرجت أجيالٌ من الفنانين الپولنديين الشباب على يديه.
تبدأ الحكاية في ديسمبر 1948 ، من صالةٍ يبدأ الفنان بالرسم فيها على القماشة البيضاء التي سرعان ما تتحول الى اللون الأحمر و ذلك بفعل قماشة حمراء كبيرة أُسدلت على النافذة ، فينهض الفنان غاضباً و يقوم بتمزيق القماشة التي تبيّن أنها تحمل صورة " ستالين " ، و على أثر ذلك يتم اعتقاله و من ثم استجوابه من قبل قيادي حزبي يحاول أن يستدرجه الى الإيمان بطروحات الحزب بخصوص النظرة الإشتراكية الى الفن ، ولكن الفنان يطرح طرحاً معاكساً ، ليجد المحقق نفسه أمام شخصٍ عنيدٍ مؤمن بأفكاره ، و لا تنفع معه المساومة ، حتى أنه يقول له : ( أنت الآن مواطن سوڤييتي ) ، فيرد عليه الفنان : ( أنا مواطنٌ پولندي ) .
كانت هذه بداية الرحلة المضنية لـ " سيمنتزسكي " مع النظام الشمولي البشع ، غير الرحيم ، الذي راح يضيّق الخناق على الفنان خطوةً إثر خطوة و يجرّده من وظيفته و عضويته في رابطة الفنانين ، و يُقدِم جلاوزة النظام على تمزيق أعماله الفنية التي تمثل وثيقة ً تاريخية ً لمرحلة تحوّل الفن الپولندي نحو الحداثة ، و يحرمونه من العمل و من البطاقة التي يحصل بموجبها على الطعام و البطاقة التي تسمح له بشراء مواد الرسم ، و يجردونه من أية فرصة عمل ، حتى أنه لم يعد بإمكانه دفع أجور طاهية طعامه .. فتحرمه من الحساء .
يقدّم " أندريه ڤايدة " ، في هذا الفيلم الرائع ، صورة ً كاملة ً عن تسلط النظام الشمولي ، و يتوقف عند تفاصيل من أساليب الأذى و القهر التي تتفنن سلطاته و دوائره في ابتكارها لتضييق الخناق على من لا يواليه و لا يؤمن بطروحاته ، و تزرع الخوف في نفوس الأصدقاء للتخلي عن الصديق غير الموالي .
تحت تأثير كل هذا الضغط الثقيل توفي الفنان " ڤلادسلاڤ سيمنتزسكي " في 29 ديسمبر من عام 1952 ، فخلّده مواطنـُه المخرج " أندريه ڤايده " في هذا الفيلم المؤثر .. الذي لا يُنسى ، و قد لعب دورَ البطولةِ فيه الممثلُ الپولندي الباهر " بوگسلاڤ ليندا " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ