كاتدرائية الأربعين شهيد للأرمن - حلب
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
Սրբոց Քառասնից Մանկանց Մայր Եկեղեցի - Հալեպ
منذ أكثر من خمسمائة عام تنتصب (كاتدرائية الأربعين شهيد للأرمن) في حي الصليبة,الواقع في ناحية الشمالية الغربية من قلعة حلب التاريخية.
.
و قد كان الموقع القديم للكاتدرائية مقبرة للمسيحين تضم معبدا صغيرا يعتقد بأنه شيد في القرن الخامس عشر للميلاد
وقد رفع الأرمن المقيمين والمهاجرين إلى حلب صلواتهم الى الله تعالى في هذا المعبد .
.
جرى توسيع المعبد التاريخي للمرة الأولى 1499- 1501 ميلادي بمساهمة المحسن الحلبي الأرمني المدعو( الريس عيسى ) وقد سميت الكنيسة الجديدة باسم القادة الشهداء الأربعين من مدينة "سيواس" ,الذين لقوا الشهادة في القرن الرابع الميلادي دفاعا عن ايمانهم المسيحي .
.
تشهد الكتابة الجدارية بان الكنيسة بنيت سنة 1501 ميلادي أيام كاثوليكوس الأرمن "هوفانيس" لكرسي (بيت كليكيا الكبير) في عام 1616م
.
و في أيام المطران "خاجادور كاركاريتسي" توسعت الكنيسة مرة ثانية وأخذت شكلها الحالي المؤلف من قناطر جميلة تزينها المذابح الثلاث وذلك بمساهمة المحسن الحلبي الأرمني الأمير "بيديك جلبي" .
اشرف آنذاك على الأعمال الإنشائية أخوه "سانوس جلبي" وهنا تجدر الإشارة بأنه أثناء هذا التوسيع تمت المحافظة على المعبد القديم للكنيسة .
.
شهدت الكاتدرائية عدة توسعات..
▪︎ كان الأول في الفترة الممتدة ما بين الأعوام /1499 – 1500م/ في الجهة الغربية من المصلى التاريخي،
▪︎ ومن ثم توسعت للمرة الثانية في العام /1616م/ دون المساس بالمصلى التاريخي وما نتج عن التوسع الأول.
.
العمارة:
~~~~~~~
يتم الدخول إلى الكنيسة عبر بابين في الجهة الجنوبية يؤديان إلى باحة خارجية تحيط بها الأبنية من الجهات الثلاث الأخرى. يتم الدخول إلى الكنيسة من الباحة من الجهة الجنوبية للمبنى.
.
ومخطط الكنيسة الحالي على شكل بازيليك مؤلف من (5) مجازات(2+3) غير متساوية. سقوفها أقبية متقاطعة تستند على دعامات مربعة والأروقة الثلاث الشمالية أضيفت عام 1616م.
يقع الهيكل الرئيس في الجهة الشرقية وأمامه كرسي المطران وهو مصنوع من خشب الأبنوس ومزين بالصدف ترتفع فوقه قبة مفصصة يزين قاعدتها أيقونات تمثل الرسل الاثنى عشر وفي الجهة الغربية طابق علوي (علية - شرفة) يجلس فيه الكورال لتأدية التراتيل الدينية.
.
وبعد المدخل وإلى اليمين نجد المصلى التاريخي الذي يرقد فيه "جثالقة" الأرمن وتعني هذه الكلمة (الشخصيات ذات المرجعية الدينية العظيمة) وهو الهيكل الأصلي للكنيسة وتقام عليه الذبيحة الإلهية مرة واحدة في السنة في "عيد الأربعين شهيد" في منتصف شهر الصوم الكبير والتي هي ما بين شهري شباط وآذار.
.
وفي داخل الكنيسة، يلفت النظر وجود أحجار مزخرفة تدعى هذه الأحجار في اللغة الأرمنية "خاتشكار" وهي أحجار الأضرحة تم وضعها هنا خوفا عليها من الضياع والتلف حيث تم وضعها هنا قبل التوسع الثاني الذي تم في الكنيسة، ويأتي بعدها التوسع الثاني الذي أنشئ في العام /1616م/ كما أسلفنا، وتقام الذبيحة الإلهية ضمنه يومي الثلاثاء والأحد صباحا .
.
وإلى اليسار كان هناك عرش المطران "أو الكرسي الإسقفي" الذي شيّد في العام /1773م/ وعليه العديد من النقوش والرسومات، ويزين الكرسي من الأعلى رسومات تمثل الحواريين الاثني عشر.
.
تحتوي الكنيسة على أيقونات رائعة هي:
---------------------------------------
◘- أيقونة "الدينونة الأخيرة" الكبيرة الحجم والتي تعد من الروائع.. رسمت عام 1708 م من قبل القس "نعمة الله يوسف حنانيا" وتمثل هذه اللوحة يوم الحساب حيث يوجد (السيد المسيح) في الأعلى مع (السيدة العذراء) و(القديس يوحنا المعمدان) ومن ثم في المنتصف الحواريون.. ونرى في أسفلهم مشاهد تمثل جزاء كل من الأبرار والكفار بحسب عمل كل فئة وما تتضمن من نعيم الجنة وعذاب جهنم.
.
◘- أيقونة "مريم العذراء" تم رسم هذه اللوحة من قبل أحد فناني عصر النهضة وهي تمثل السيدة "العذراء" مع كل من (السيد المسيح) و(يوحنا المعمدان)،
.
◘-ايقونة للقديس "نرسيس شنورهلي" أحد كبار (الجثالقة) الأرمن في القرن الثاني عشر.
.
◘- أيقونة القديس "إليان الحمصي" الشهير باسم "مار بهنا" وهو من مدينة "حمص" ومن القديسين..رسمها الأب "مكرديج" ويعتقد أنها تعود إلى القرن السابع عشر.
.
◘ ايقونة "القديس يعقوب" بطريرك منطقة "نصيبين" التي تقع ما بين "سورية" و"العراق" وهو من آباء المسيحية في القرن الرابع.
.
◘- أيقونة الأربعين شهيد وهم جنود رومان آمنوا بالسيد المسيح سنة /320م/ بعد معاهدة (ميلانو) والتي نصت على احترام حرية المعتقد. ولكن القيصر "لوكينيوس" قيصر الرومان الشرقيين (البيزنطيين) لما سمع أن هناك 40 شخصا اعتنقوا المسيحية، قرر أن يردهم عنها، فلما رفضوا قرر أن يضعهم في مياه متجمدة في منطقة "سباستيا" الباردة حتى الموت، فنالوا البر والشهادة، ومن ثم قام القيصر بحرق جثثهم بعد انتشالها من البحيرة من فرط حقده تجاههم.
وذلك في القرن الرابع الميلادي في "سباستيا" ويعتقد أنها تزين جدران الكاتدرائية منذ أكثر من ثلاثة قرون.
.
◘- ايقونة "مار سركيس" والذي هو جندي روماني اعتنق المسيحية فتم اضطهاده من قبل "يوليوس قيصر" ليرحل إلى الإمبراطورية الفارسية وليقتله "كسرى الفرس" لدعوته له إلى الإيمان ولرفضه الارتداد عن المسيحية وعبادة الأوثان.
◘- أيقونة معمودية "السيد المسيح" في نهر الأردن على يد القديس "يوحنا المعمدان" رسمها الفنان "جرجس بن حنانيا المصور" أهديت إلى الكاتدرائية عام 1756م.
.
◘- أيقونة "سجود المجوس" يعتقد أنها تنتمي إلى مدرسة البندقية وربما يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر للميلاد.
نأمل أن تكون هذه الكنوز محفوظة إلى اليوم.
.
وإلى جانب أيقونة "الدينونة الاخيرة"، يقع "جرن المعمودية المقدسة" الذي أنشئ في العام /1888م/
.
وتحوي الكاتدرائية العديد من القطع الأثرية الأخرى المهمة للغاية مثل:
• (كأس القربان المقدس من الفضة والمطلي بالذهب) والذي يعود إلى القرن السادس عشر الميلادي،
• و(صليب الطواف) الذي يعود إلى القرن الثامن عشر .
• و(صليب هيكل) من الفضة والذي يعود على القرن السابع عشر.
.
وإضافة لما ذكر، تحوي الكاتدرائية أيضا متحف (زاريهيان) الذي يضم آثارا كنسية رائعة من التراث الأرمني العريق وغيرها من الآثار الكثيرة ضمن ثناياها.
.
غدت كاتدرائية (أربعين شهيد) منذ القرن الخامس عشر للميلاد المركز الروحي والمقر الرئيسي لأبرشية حلب وتوابعها للأرمن الأرثوذوكس ومقر الكرسي الأسقفي ,وعلى مدى القرون استقبلت (جثالقة) بيت كيليكيا من "سيس" الذين قاموا بمباركة الميرون المقدس فيها 1849 – 1923 ميلادي و رسامة أساقفة جثالقة أيضا .
.
تم إنشاء العرش الأسقفي فيها سنة 1733 ميلادي بينما رممت الكاتدرائية ترميما كليا سنة 1843 ميلادي .
.
وبني جرن المعمودية سنة ( 1888) ميلادي ونفذ برج الجرس في فترة الممتدة ما بين السنين 1912 و 1929 ميلادي .
.
لابد ان نذكر بأن المعبد التاريخي و جواره كان المقبرة البدائية للأرمن في حلب حيث دفن فيها عدد من كبار رجال الدين والأعيان الأرمن , كما تم نقل أحجار الصليب (خاتشكار ) التي تزين هذه المقبرة إلى داخل الكاتدرائية وتثبيتها على احد الجدران مع المجموعة الفخمة من الإيقونات التي تضمها الكنيسة .
رممت الكاتدرائية وبعض أقسامها مجددا في النصف الثاني من القرن العشرين للميلاد .
.
في عام 1989 ميلادي شيد في باحة الكاتدرائية نصب تذكاري تخليدا لذكرى شهداء الأمة الأرمنية الذين ذهبوا ضحية جريمة إبادة العرق الارمني التي ارتكبتها أيادي العثمانيون الأتراك سنة 1915 في متحف ( زاريهيان) الذي يضم كنيسة رائعة من التراث الأرمني العريق .
.
ولقد كانت الكاتدرائية مركزا مشهوراً لكتابة المخطوطات الأرمنية حيث نسخ فيها خلال القرن السابع عشر مجموعة كبيرة من المخطوطات القيمة والأناجيل والكتب المقدسة نجد بعضها في لندن وفينيسيا والقدس وارمينيا.
.
مازالت الكاتدرائية مستمرة إلى اليوم في أداء رسالتها التاريخية في خدمة الأرمن والمسيحين على حد سواء
==================================
لمياء الجاسر - الموسوعة العربية
مدونة وطن
دهب نهر الدهب