معبد "آلهة الحظ"(تيكا).. بناه التدمريون من حجارة براكين درعا قبل ألفي عام
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
يقع معبد "آلهة الحظ" #تيكا في منطقة جنوب سوريا المعروفة باسم (حوران)،
و يعتبر كشاهد حي على تاريخ جنوب سوريا، وبراعة سكانه القدامى في نحت وهندسة الحجر البازلتي
.
وهو يعد أحد الأوابد الأثرية البارزة في المنطقة، إلى جانب مواقع تاريخية أخرى ك:▪︎المسرح الروماني ▪︎والمسجد العمري في مدينة درعا ▪︎وكنيسة القديس جورجيوس في مدينة إزرع ▪︎وجسر تسيل وغيرها
ويعود تاريخ بناء هذا المعبد إلى القرن الثاني الميلادي، أثناء فترة ازدهار الدولة التدمرية
.
المعبد الذي بني من الحجر البازلتي البركاني، يقع بجانب مسجد بلال الحبشي في وسط مدينة "الصنمين" في ريف "درعا"، وعلى مدخل سوقها التجاري المعاصر
و(صخور البازلت التي بني منها المعبد هي صخور نارية بركانية صلبة سوداء ذات نسيج دقيق نظراً لتصلب بلوراتها قرب سطح الأرض، وهي نتاج البراكين التي كانت تهيمن على منطقة حوران قديماً) .
.
وقد لعب الطريق التجاري القديم (طريق القوافل)، دوراً كبيراً في النشاط التجاري لاهل "الصنمين" وساعد على التزايد السكاني، فأصبحت محط رحال لمن يود السكن في هذه المدينة وجعلهم مرحبين بالزائرين وأرباب القوافل.
.
وتتميز المنطقة بدماثة أخلاق سكانها القدامى وكرم الضيافة، الذي جعلهم مرغوبين في التعامل معهم
.
المفهوم العام للمعبد: هو المكان المقدس الذي تقام فيه الطقوس والشعائر الدينية تقرباً وتشريفاً للآلهة.
.
وقد تحدث عن هذه المدينة ومعبدها الكثير من الرحالة والجغرافيون العرب والمسلمون وكذلك علماء الآثار والتاريخ الذين زاروا المنطقة خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
.
وبالطبع فقد وُجد المعبد في منطقة جغرافية غنية ببيوت العبادة منذ فجر التاريخ كونها موطن ولادة الديانات السماوية ولذلك فقد وُجدت بها بيوت العبادة الوثنية واليهودية والنصرانية وأخيراً الإسلامية
من هي الآلهة تيكة؟
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
◘ -الآلهة تيكة أو " Tykhe " هي ابنة كبير الآلهة اليونانيين " زيوس " كانت تعبد على نطاق واسع بوصفها الروح الحارس للمدن من أجل الحظ الطيب في اليونان وإيطاليا وصقليه واسيا الصغرى والمستعمرات اليونانية في سوريا .
.
على هذا النحو كانت تصور عادة انها متوجة بتاج على شكل جدار المدينة وتحمل " عقد أو قرن الوفرة Horn of Plenty " مملوء من ثمار الأرض .
.
وهي إلهة الحظ في الميثولوجيا الإغريقية حيث ارتبطت بالإله " قاد " حامي الينابيع والزيتون عند القبائل العربية قديماً ، واتخذت اسم " تيكة " في العربية منذ بداية العصر الهللينستي ، وعند ذلك عرفت على أنها ربة التوفيق والنجاح .
.
تشير الدراسات إلى أن معبد الآلهة " تيكة " الموجود في الصنمين بني عام 191 ميلادية في عهد الإمبراطور " كومودوس " من قبل أحد أبناء المنطقة وأهداه " للأريسيين " وهم أبناء مدينة "الصنمين" .
.
وظهرت الإلهة " تيكة " في منطقة حوران على جميع النقود التي سُكت في المدن الرئيسة ، ووصفت بالآلهة المشرقة اللامعة في عصر الأباطرة " كلود" و"دوقلسيان " .
.
ويعد معبد تيكة من أجمل المباني ليس في "الصنمين" فحسب، وإنما في الجنوب السوري كله..
وقد زاره الرحالة الأمريكي "باتلر"، وكتب عنه ووضع له مخططات،
.
يطوّق المعبد سور حجري لحمايته من الدخلاء، ويتكون من "غرفة العبادة السرية" التي تحوي محراباً مقبباً بقبة نصف دائرية وأعمدة متناظرة تحمل تيجان، بالإضافة إلى رفوف حجرية للتماثيل والمزهريات والأسرجة المضيئة.
وتتميز الأرضية بالحجر البازلتي، الذي يعتبر منتجاً للبراكين التي كانت تهيمن على منطقة حوران قديماً
.
ويمتلك المعبد مدخل رئيسي جنوبي بابه مزين بنقوش على الجدران الحجرية، ويعد هذا المدخل المؤدي إلى الغرفة الرئيسية واحداً من أهم معالم المعبد. وتتميز هذه النقوش بالتفاصيل الدقيقة والأشكال الجميلة، مثل الزخارف النباتية والهندسية والتماثيل الصغيرة
.
وتعد مقصورة الآلهة من أبرز معالمه، ترتفع عن الأرضية بمبنى واحد، يعلوه إكليل مزين بزخارف هندسية جميلة، يتوسطها حجرتان:
▪︎ حجرة غربية يمنى مزودة بدرج يقود لسطحها، وآخر يتم الصعود عن طريقه إلى المصطبة، التي يتوضع فوقها "تمثال تيكا"،
▪︎وهناك حجرة شمالية يسرى مزودة بطابقين، تحوي مدخلاً يؤدي لحجرة صغيرة مفرغة أسفل المحراب، الذي يتوسط المقصورة في الجزء الجنوبي،
.
وللمحراب حنية نصف دائرية عالية المستوى، تزينها الأفاريز في جانبها العلوي، وكوات جدارية كانت مكرسة لوضع التماثيل،..
.
ومن أجمل الأشياء التي كانت تزين المعبد تلك الأعمدة المتناظرة في الجهتين الغربية والشرقية، والتي تحمل تزيينات نباتية وهندسية في غاية الجمال،
ويلاحظ وجود بعض الكتابات التأسيسية باللاتينية على ساكف المدخل الرئيسي، تشير إلى أن أحد أبناء المنطقة هو من بنى المعبد وأهداه للآلهة "ايرابوليس" .
.
وقد تعرض المعبد للتخريب خلال السنوات الأخيرة، ويعتقد بأن سقفه القديم كان من الخشب على شكل هرمي، لكن لم يبق منه شيء حاليا
ولم يبقَ من بناء المعبد سوى المقصورة التي بنيت على شكل مستطيل.
.
وللمعبد قيمة تاريخية كبيرة حيث يعد النموذج الأقدم لبناء "البازليكات " في سورية ..
.
المواد المستعملة والعناصر الهندسية المزينة للمعبد من الحجر البازلتي الأزرق والمستخرج محلياً وخاصة من منطقة "اللجاة" إلى الشرق من مدينة "الصنمين" حيث الحافة الغربية ل"اللجاة" ذات النطاق الصخري الغني بجميع أنواع الصخور البازلتية الصلبة والقاسية والهشة.
أما العناصر الهندسية والزخرفية التي تزين المعبد فجميعها نفذت على الطراز الكورنثي المنحوت من الحجر البازلتي.
.
يحيط بالمعبد حمامات أثرية من الجهة الجنوبية الشرقية، وتعود إلى الحضارة الرومانية، مما يؤكد على الأثر الذي تركته هذه الحضارة في المنطقة
.
وإلى الغرب من بناء المعبد كانت تتوضع بركة أثرية من العصر الروماني لغرض تخديم البناء فيما يخص الطهارة والاغتسال ، لكن إهمالها والجهل بقيمتها تسببا في ردمها وعدم بقاء أي شيء من مدلولاتها .
.
ولم يراعِ مصممو ومنفذو المخطط التنظيمي الحديث الذي طُبق منذ بداية الثمانينات من القرن العشرين المكانة الأثرية والتاريخية للمعبد ، لذلك فقد طُمرت بركة المياه التي كانت مكرسة لربة الينابيع " نيمفه " إضافة لذلك فقد تمت إحاطة مقصورة المعبد بأبنية حديثة مثل المجمع الاستهلاكي ومركز التجزئة والمسجد .
.
وبالطبع فكان من نتيجة هذه الإجراءات أن طُمر أو جرف الكثير من عناصر المعبد وأصبح المبنى في سجن مغلق كما اصبح مهدداً بالانقراض ،
إضافة لذلك فقد تم بناء دورات المياه للمسجد على حساب قسم من مبنى المقصورة بعد إزالة قسم من الجدار الشمالي ، وتم أيضاً تمديد خط مجاري المياه المالحة والتمديدات الصحية في حرم المقصورة ، ومن ثم أصبح الموقع مكاناً لرمي القمامة ، ولهذا السبب تمت عملية ترميم لبعض الأقسام المتصدعة وخاصة المحراب وقبته والحجرات المجاورة من قبل دائرة الآثار في أعوام الستينات والثمانينات من القرن الماضي .
.
☆أهمية حوران التراثية
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وتعتبر منطقة حوران موطناً للكثير من المواقع الأثرية البارزة في العالم، وتجذب العديد من الزوار سنوياً. فهي تضم العديد من المدن الأثرية والمواقع الأثرية الهامة التي تروي تاريخاً طويلاً للحضارات القديمة في المنطقة، مثل الحضارة الرومانية والتدمرية والنبطية. وتعد منطقة حوران مكاناً رائعاً للدراسة والتعلم عن تاريخ الإنسانية والحضارات القديمة.
.
ويذكر ان المنطقة قد سكنت منذ زمن بعيد بحسب الأدلة المكتشفة، وجاء اسمها "صنمين" من تمثالين حجريين عملاقين، لكن لا أحد يعرف أين هما حاليا،
وما إن تتم عمليات التنقيب والبحث، فربما نحصل على آثار ووثائق تعود بنا نحو 8 أو 10 آلاف سنة تقريبًا.
.
ويشار الى ان المعبد كان محجّا للطلاب والباحثين من كل أرجاء العالم.
وكانت تزوره بعثات خارجية، وطلاب دراسات عليا من جنسيات عدة لإتمام دراستهم الجامعية.
وسكن بعضهم لفترة تجاوزت السنتين في المنازل التي تقع في محيط المعبد ريثما يستكملوا دراساتهم.
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
المصدر:
- الموسوعة العربية
- موقع إضاءات الإخباري
.
- Sputnik . Mehdi Al-Othman