مسلسل "مال القبان".. رواية تلفزيونية بلغة بصرية رفيعة
توليفة درامية تنجح في تفكيك الصراعات بين تجار سوق الهال.
السبت 2024/05/04
قصص يحركها صراع متواصل
تشهد مستودعات وأزقة سوق الهال، أكبر سوق لتجارة الخضراوات في دمشق، على حكايات وقصص وصراعات أشبه بالخيال، فهو ككل المجالات لا يخلو من المنافسة والمكائد والنجاحات الكبرى والخسارات الموجعة، لكنه أيضا فضاء للحب وللخيانة والتحرش، إنه عالم مصغر للمجتمع، حاول المخرج سيف سبيعي تصويره بحرفية في مسلسل “مال القبان” الذي ألفه الكاتبان علي وجيه ويامن الحجلي.
بعد شراكتين ناجحتين بدأتا مع مسلسل “على صفيح ساخن” عام 2021 الذي يتحدث عن مهنة جمع القمامة والصراعات الدائرة بين متزعميها، وبعدها بعام مسلسل “مع وقف التنفيذ” بطولة عباس النوري وبسام كوسا وسلاف فواخرجي والذي يتحدث عن أهل حارة يهجرها أهلها أثناء الحرب في دمشق ويعودون إليها بعد انتهائها مستعرضا قصصهم وتقاطع مصائرهم، عاد الشركاء الثلاثة الكاتبان علي وجيه ويامن الحجلي والمخرج سيف سبيعي للاجتماع في عمل ثالث عرض خلال رمضان الماضي وهو “مال القبان” بطولة بسام كوسا ويامن الحجلي وخالد القيش وسلاف فواخرجي.
قصة جميلة
"مال القبان" عمل درامي مميز يضاف إلى قائمة الأعمال التي أخرجها سيف سبيعي ويؤكد على موهبته واحترافيته
هذا المسلسل يحكي عن الصراع القائم بين تجار الخضار في سوق الهال الدمشقي وهو العمل الثالث للكاتبين الذي يأخذ من مهنة معينة ثيمة لبناء قصص أبطالها عليها بعد مسلسل “على صفيح ساخن” الذي تحدث عن مهنة جامعي القمامة ومسلسل “ولاد بديعة” الذي قدم هذا العام أيضا ويتحدث عن مهنة دباغة الجلود والعاملين بها والصراع القائم بين حيتانها.
يحكي مسلسل “مال القبان” قصة نعمان الزير أبوالخير (بسام كوسا) أحد أكبر تجار الخضار في سوق الهال الدمشقي أو سوق الجبر وصراعه المستمر مع أبوعمار نصار الجبر (نجاح سفكوني) أحد أكبر تجار السوق وملاكه وقد سمي بسوق الجبر نسبة إلى عائلته التي تملك معظم دكاكينه.
أبوالخير الذي هربت والدته عدوية في أحد الأيام عندما كانت حاملا به إلى هذا السوق بسيارة أحد المزارعين مختبئة بين الخضار هاربة من بطش زوجها الذي يضربها بقسوة الأمر الذي فاق تحملها، لذلك قررت هجره إلى الأبد وجاءت إلى سوق الهال مع أحد المزارعين الذي عرفها على والد نصار الجبر كبير تجار السوق الذي آواها وجعلها تعمل عنده ليعش معها ابنها نعمان أيضا الذي ولد أثناء وجودها في السوق.
“أنا ولدت بهادا السوق” هكذا يقول لابنه خير في إحدى الجلسات.
بعد وفاة الحاج أبونصار الجبر، يستلم ابنه نصار الدكان عوضا عنه، وهو الشاب ذو الصيت السيء مع النساء. يبدأ نصار بالتحرش بعدوية التي بدأ ابنها يكبر محاولا إغواءها لكن الأخيرة ترفض وتخبره أنها مازالت على ذمة رجل آخر ولا يستطيع لمسها قبل أن تطلق ويتزوجها هو لكن ابنها الذي رآها تدخل إلى المستودع مع نصار الجبر اعتقد أنها ذهبت لممارسة الجنس معه ومنذ تلك اللحظة يبدأ حقده عليها وعلى أبوعمار الذي اشترى طلاقها من زوجها وحررها وعرض عليها الزواج العرفي لكنها رفضت مصرة أن يكون زواجهما رسميا لكنه يرفض ويقوم بطردها هي وابنها الصغير نعمان خارج السوق ويمنعهما من العودة إليه.
رغم ذلك تعود عدوية إلى سوق الهال بعد سنوات ومعها ابنها الذي أصبح شابا، تعود قوية مرفوعة الرأس وليست ذليلة مهانة كما كانت أثناء عملها عند آل الجبر، حيث تشتري أحد محلات السوق وتفتحه وتبدأ بتجارة الخضار هي وابنها نعمان الذي مازال حاقدا على أبوعمار منذ أن كان صغيرا حيث اعتقد حينها أنه أقام علاقة مع أمه، الأمر الذي يدفعه إلى اعتبار أبوعمار ألد أعدائه رغم عمله عنده كأجير في فترة من الفترات بعد أن تشاجر مع والدته التي قررت أن تضع اسمها على الدكان، الأمر الذي أزعجه وجعله يترك العمل معها ويلجأ إلى أبوعمار.
المسلسل يحكي عن الصراع القائم بين تجار الخضار في سوق الهال الدمشقي وهو العمل الثالت للكاتبين السوريين
يكبر نصار ويتزوج من فتاة فلسطينية والدها صاحب نفوذ كبير في منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي يجعل تجارته تزدهر والمال يتدفق عليه من كل حدب وصوب. ينجب منها ولدين وفتاة ويقوم بطرد والدته من الدكان ومقاطعتها ويصبح أحد زعماء سوق الجبر وأكبر تجاره لكن حقده على أبوعمار يبقى مستمرا فلا يفوت فرصة لإيذائه متخذا من ابنه خير (يامن الحجلي) الأدات التي يضرب بها كل من تسول له نفسه أن يقف في طريقه في هذا السوق.
يقوم خير بإفساد حمل البصل الذي اشتراه أبوعمار بسعر مرتفع بغية احتكاره حيث أرسل إحدى فتيات الليل لإلهاء ابنه عمار وقام هو بوضع خرطوم ماء داخل المستودع الذي يخزن فيه أبوعمار البصل، الأمر الذي أفسده في اليوم التالي. كانت هذه القصة بمثابة الفتيل الذي أشعل النار بين أبوعمار وأبوالخير، نار لم تنطفئ معلنة بدء الصراع بينهما في العلن آخذا في التوسع.
بعد هذه الخسارة الكبيرة التي مني بها أبوعمار لم يكن أمامه سوى رد الصاع صاعين لأبوالخير فقام بفضحه أمام السوق كله مستغلا خلافا بينه وبين أحد المزارعين الذين يبيعونه محصولهم ليبين نصار أن قبان أبوالخير ناقص نصف كيلو عن الوزن الذي يوضع عليه، الأمر الذي يدمر سمعته ويبعد التجار والمزارعين عن التعامل معه لأنه غشاش، لكن أبوالخير لم يرض بهذه الخسارة فقد قام عن طريق ابنه خير بتلفيق تهمة وجود الموز الصومالي المهرب في دكانه حيث قامو بخداع ابنه عمار وإقناعه عن طريق أبورموش (سليمان رزق) بأن بضعة كراتين من الموز المهرب عنده للتجارة وقاموا بالإبلاغ عنه لكن أبوعمار أفلت من التهمة هو وابنه الذي قام بطرده لاحقا من الدكان وتحمل صانعه هذه التهمة.
هكذا تستمر الأحداث بالتصاعد والصراع بالتوسع وخصوصا بعد أن قررت عدوية أن تستعيد حقها من ابنها نعمان وطرده من الدكان، لكن الأخير أذكى منها فقد قام بتزوير عقد وبصتمها عليه بعد تخديرها من قبل ممرضتها وقد قام بطرد ابنه خير من الدكان بعد أن افتعل مشاجرة في جنازة أبوراما أقرب أصدقائه، الأمر الذي جعل الجثة تقع في مشهد هزلي وتستمر الأحداث ويستمر التشويق.
أداء احترافي
إنه العمل الثاني الذي يظهر فيه النجم بسام كوسا هذا العام بدور البطل المضاد، فقد أدى في مسلسل “تاج” دور الخياط رياض الجواد الذي يعمل لصالح الاستخبارات الفرنسية ويكون ألد أعداء تاج (تيم الحسن) الملاكم الدمشقي الذي دمر تقريرا من رياض الجواد حياته وقلبها رأسا على عقب. أما هنا في مسلسل “مال القبان”، فقد أدى دور التاجر الجشع الماكر الذي يعبد المال ولا يتوانى عن أذية الناس بشتى الطرق مع أنه متدين ويذهب لتنظيف مراحيض الجامع هو وابنه خير ككفارة عن ذنوبه وفي سبيل خدمة بيت الله كما يدعي.
كانت شخصية بسام كوسا في هذا العمل مركبة تملك من المفارقات الكثير. فهذا الشخص الذي يظهر الصمود والتماسك لا تقدر إلا أن تبكي أمام ألد أعدائه أبوعمار في لحظة من اللحظات والتوسل له كي يخبره حقيقة ما حدث بينه وبين والدته قبل أربعين عاما، والدته التي يرتمي في أحضانها ويبكي بعد وفاة أعز أصدقائه أبوراما رغم كرهه الشديد لها وتبرئه منها حسبما يدعي فكانت شخصية مميزة أعادت للفنان بسام كوسا بريقه السابق وحضوره الطاغي في الدراما السورية.
ومن شاهد المسلسل لا يمكنه إلا التوقف عند شخصيتين ظهرتا فيه: الشخصية الأولى هي شخصية أبورموش الفتى المخنث الذي يمتهن سرقة الخضار هو وعصابته، شخصية أداها الممثل سليمان رزق بحرفية عالية قدمته كممثل موهوب محترف ومتنوع لا ينتمي إلى لون تمثيلي واحد، أما الشخصية الثانية فهي شخصية أبوجاويش التي أداها الفنان موفق الأحمد ونجح في لعب دور الرجل الدرويش الذي خسر كل ما يملك في القمار. إنه صاحب المقولة الشهيرة في المسلسل “نار جهنم بدها حطب” كنوع من التهكم على أجواء سوق الهال الذي يشبهه بجهنم. هي أيضا من الشخصيات التي لا يستطيع المرء أن يمر عليها مرور الكرام دون التوقف عندها فقد أداها الفنان موفق الأحمد بتلقائية شديدة وبأداء مسرحي. هذا الفنان صاحب الصوت العميق المرتبط بطفولة أجيال عديدة من خلال وضع صوته على أشهر شخصيات الأعمال الكرتونية (برامج الأطفال).
كذلك، قدم المخرج سيف سبيعي العمل بأجمل صورة بصرية وخصوصا مشاهد الماضي فكانت الرؤية الإخراجية متناغمة مع روح النص المقدم وكان عملا مميزا يضاف إلى قائمة الأعمال التي قام بإخراجها ويؤكد من جديد على موهبته واحترافيته. مسلسل “مال القبان” هو العمل الثاني الذي يحمل توقيع سيف سبيعي كمخرج هذا العام بعد أن قام بإخراج الجزء الثاني من مسلسل “العربجي” بطولة باسم ياخور وسلوم حداد ونخبة من النجوم.
إلياس حموي
كاتب سوري
توليفة درامية تنجح في تفكيك الصراعات بين تجار سوق الهال.
السبت 2024/05/04
قصص يحركها صراع متواصل
تشهد مستودعات وأزقة سوق الهال، أكبر سوق لتجارة الخضراوات في دمشق، على حكايات وقصص وصراعات أشبه بالخيال، فهو ككل المجالات لا يخلو من المنافسة والمكائد والنجاحات الكبرى والخسارات الموجعة، لكنه أيضا فضاء للحب وللخيانة والتحرش، إنه عالم مصغر للمجتمع، حاول المخرج سيف سبيعي تصويره بحرفية في مسلسل “مال القبان” الذي ألفه الكاتبان علي وجيه ويامن الحجلي.
بعد شراكتين ناجحتين بدأتا مع مسلسل “على صفيح ساخن” عام 2021 الذي يتحدث عن مهنة جمع القمامة والصراعات الدائرة بين متزعميها، وبعدها بعام مسلسل “مع وقف التنفيذ” بطولة عباس النوري وبسام كوسا وسلاف فواخرجي والذي يتحدث عن أهل حارة يهجرها أهلها أثناء الحرب في دمشق ويعودون إليها بعد انتهائها مستعرضا قصصهم وتقاطع مصائرهم، عاد الشركاء الثلاثة الكاتبان علي وجيه ويامن الحجلي والمخرج سيف سبيعي للاجتماع في عمل ثالث عرض خلال رمضان الماضي وهو “مال القبان” بطولة بسام كوسا ويامن الحجلي وخالد القيش وسلاف فواخرجي.
قصة جميلة
"مال القبان" عمل درامي مميز يضاف إلى قائمة الأعمال التي أخرجها سيف سبيعي ويؤكد على موهبته واحترافيته
هذا المسلسل يحكي عن الصراع القائم بين تجار الخضار في سوق الهال الدمشقي وهو العمل الثالث للكاتبين الذي يأخذ من مهنة معينة ثيمة لبناء قصص أبطالها عليها بعد مسلسل “على صفيح ساخن” الذي تحدث عن مهنة جامعي القمامة ومسلسل “ولاد بديعة” الذي قدم هذا العام أيضا ويتحدث عن مهنة دباغة الجلود والعاملين بها والصراع القائم بين حيتانها.
يحكي مسلسل “مال القبان” قصة نعمان الزير أبوالخير (بسام كوسا) أحد أكبر تجار الخضار في سوق الهال الدمشقي أو سوق الجبر وصراعه المستمر مع أبوعمار نصار الجبر (نجاح سفكوني) أحد أكبر تجار السوق وملاكه وقد سمي بسوق الجبر نسبة إلى عائلته التي تملك معظم دكاكينه.
أبوالخير الذي هربت والدته عدوية في أحد الأيام عندما كانت حاملا به إلى هذا السوق بسيارة أحد المزارعين مختبئة بين الخضار هاربة من بطش زوجها الذي يضربها بقسوة الأمر الذي فاق تحملها، لذلك قررت هجره إلى الأبد وجاءت إلى سوق الهال مع أحد المزارعين الذي عرفها على والد نصار الجبر كبير تجار السوق الذي آواها وجعلها تعمل عنده ليعش معها ابنها نعمان أيضا الذي ولد أثناء وجودها في السوق.
“أنا ولدت بهادا السوق” هكذا يقول لابنه خير في إحدى الجلسات.
بعد وفاة الحاج أبونصار الجبر، يستلم ابنه نصار الدكان عوضا عنه، وهو الشاب ذو الصيت السيء مع النساء. يبدأ نصار بالتحرش بعدوية التي بدأ ابنها يكبر محاولا إغواءها لكن الأخيرة ترفض وتخبره أنها مازالت على ذمة رجل آخر ولا يستطيع لمسها قبل أن تطلق ويتزوجها هو لكن ابنها الذي رآها تدخل إلى المستودع مع نصار الجبر اعتقد أنها ذهبت لممارسة الجنس معه ومنذ تلك اللحظة يبدأ حقده عليها وعلى أبوعمار الذي اشترى طلاقها من زوجها وحررها وعرض عليها الزواج العرفي لكنها رفضت مصرة أن يكون زواجهما رسميا لكنه يرفض ويقوم بطردها هي وابنها الصغير نعمان خارج السوق ويمنعهما من العودة إليه.
رغم ذلك تعود عدوية إلى سوق الهال بعد سنوات ومعها ابنها الذي أصبح شابا، تعود قوية مرفوعة الرأس وليست ذليلة مهانة كما كانت أثناء عملها عند آل الجبر، حيث تشتري أحد محلات السوق وتفتحه وتبدأ بتجارة الخضار هي وابنها نعمان الذي مازال حاقدا على أبوعمار منذ أن كان صغيرا حيث اعتقد حينها أنه أقام علاقة مع أمه، الأمر الذي يدفعه إلى اعتبار أبوعمار ألد أعدائه رغم عمله عنده كأجير في فترة من الفترات بعد أن تشاجر مع والدته التي قررت أن تضع اسمها على الدكان، الأمر الذي أزعجه وجعله يترك العمل معها ويلجأ إلى أبوعمار.
المسلسل يحكي عن الصراع القائم بين تجار الخضار في سوق الهال الدمشقي وهو العمل الثالت للكاتبين السوريين
يكبر نصار ويتزوج من فتاة فلسطينية والدها صاحب نفوذ كبير في منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي يجعل تجارته تزدهر والمال يتدفق عليه من كل حدب وصوب. ينجب منها ولدين وفتاة ويقوم بطرد والدته من الدكان ومقاطعتها ويصبح أحد زعماء سوق الجبر وأكبر تجاره لكن حقده على أبوعمار يبقى مستمرا فلا يفوت فرصة لإيذائه متخذا من ابنه خير (يامن الحجلي) الأدات التي يضرب بها كل من تسول له نفسه أن يقف في طريقه في هذا السوق.
يقوم خير بإفساد حمل البصل الذي اشتراه أبوعمار بسعر مرتفع بغية احتكاره حيث أرسل إحدى فتيات الليل لإلهاء ابنه عمار وقام هو بوضع خرطوم ماء داخل المستودع الذي يخزن فيه أبوعمار البصل، الأمر الذي أفسده في اليوم التالي. كانت هذه القصة بمثابة الفتيل الذي أشعل النار بين أبوعمار وأبوالخير، نار لم تنطفئ معلنة بدء الصراع بينهما في العلن آخذا في التوسع.
بعد هذه الخسارة الكبيرة التي مني بها أبوعمار لم يكن أمامه سوى رد الصاع صاعين لأبوالخير فقام بفضحه أمام السوق كله مستغلا خلافا بينه وبين أحد المزارعين الذين يبيعونه محصولهم ليبين نصار أن قبان أبوالخير ناقص نصف كيلو عن الوزن الذي يوضع عليه، الأمر الذي يدمر سمعته ويبعد التجار والمزارعين عن التعامل معه لأنه غشاش، لكن أبوالخير لم يرض بهذه الخسارة فقد قام عن طريق ابنه خير بتلفيق تهمة وجود الموز الصومالي المهرب في دكانه حيث قامو بخداع ابنه عمار وإقناعه عن طريق أبورموش (سليمان رزق) بأن بضعة كراتين من الموز المهرب عنده للتجارة وقاموا بالإبلاغ عنه لكن أبوعمار أفلت من التهمة هو وابنه الذي قام بطرده لاحقا من الدكان وتحمل صانعه هذه التهمة.
هكذا تستمر الأحداث بالتصاعد والصراع بالتوسع وخصوصا بعد أن قررت عدوية أن تستعيد حقها من ابنها نعمان وطرده من الدكان، لكن الأخير أذكى منها فقد قام بتزوير عقد وبصتمها عليه بعد تخديرها من قبل ممرضتها وقد قام بطرد ابنه خير من الدكان بعد أن افتعل مشاجرة في جنازة أبوراما أقرب أصدقائه، الأمر الذي جعل الجثة تقع في مشهد هزلي وتستمر الأحداث ويستمر التشويق.
أداء احترافي
إنه العمل الثاني الذي يظهر فيه النجم بسام كوسا هذا العام بدور البطل المضاد، فقد أدى في مسلسل “تاج” دور الخياط رياض الجواد الذي يعمل لصالح الاستخبارات الفرنسية ويكون ألد أعداء تاج (تيم الحسن) الملاكم الدمشقي الذي دمر تقريرا من رياض الجواد حياته وقلبها رأسا على عقب. أما هنا في مسلسل “مال القبان”، فقد أدى دور التاجر الجشع الماكر الذي يعبد المال ولا يتوانى عن أذية الناس بشتى الطرق مع أنه متدين ويذهب لتنظيف مراحيض الجامع هو وابنه خير ككفارة عن ذنوبه وفي سبيل خدمة بيت الله كما يدعي.
كانت شخصية بسام كوسا في هذا العمل مركبة تملك من المفارقات الكثير. فهذا الشخص الذي يظهر الصمود والتماسك لا تقدر إلا أن تبكي أمام ألد أعدائه أبوعمار في لحظة من اللحظات والتوسل له كي يخبره حقيقة ما حدث بينه وبين والدته قبل أربعين عاما، والدته التي يرتمي في أحضانها ويبكي بعد وفاة أعز أصدقائه أبوراما رغم كرهه الشديد لها وتبرئه منها حسبما يدعي فكانت شخصية مميزة أعادت للفنان بسام كوسا بريقه السابق وحضوره الطاغي في الدراما السورية.
ومن شاهد المسلسل لا يمكنه إلا التوقف عند شخصيتين ظهرتا فيه: الشخصية الأولى هي شخصية أبورموش الفتى المخنث الذي يمتهن سرقة الخضار هو وعصابته، شخصية أداها الممثل سليمان رزق بحرفية عالية قدمته كممثل موهوب محترف ومتنوع لا ينتمي إلى لون تمثيلي واحد، أما الشخصية الثانية فهي شخصية أبوجاويش التي أداها الفنان موفق الأحمد ونجح في لعب دور الرجل الدرويش الذي خسر كل ما يملك في القمار. إنه صاحب المقولة الشهيرة في المسلسل “نار جهنم بدها حطب” كنوع من التهكم على أجواء سوق الهال الذي يشبهه بجهنم. هي أيضا من الشخصيات التي لا يستطيع المرء أن يمر عليها مرور الكرام دون التوقف عندها فقد أداها الفنان موفق الأحمد بتلقائية شديدة وبأداء مسرحي. هذا الفنان صاحب الصوت العميق المرتبط بطفولة أجيال عديدة من خلال وضع صوته على أشهر شخصيات الأعمال الكرتونية (برامج الأطفال).
كذلك، قدم المخرج سيف سبيعي العمل بأجمل صورة بصرية وخصوصا مشاهد الماضي فكانت الرؤية الإخراجية متناغمة مع روح النص المقدم وكان عملا مميزا يضاف إلى قائمة الأعمال التي قام بإخراجها ويؤكد من جديد على موهبته واحترافيته. مسلسل “مال القبان” هو العمل الثاني الذي يحمل توقيع سيف سبيعي كمخرج هذا العام بعد أن قام بإخراج الجزء الثاني من مسلسل “العربجي” بطولة باسم ياخور وسلوم حداد ونخبة من النجوم.
إلياس حموي
كاتب سوري