الناقد: عقيل هاشم.المقال عن قصيدة: نزيفُ الشعرِ وأفولُ النجومْ. شعر: د.مسلم الطعان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الناقد: عقيل هاشم.المقال عن قصيدة: نزيفُ الشعرِ وأفولُ النجومْ. شعر: د.مسلم الطعان

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1714597476360.jpg 
مشاهدات:	8 
الحجم:	66.8 كيلوبايت 
الهوية:	206992
    الناقد والسارد الجميل الأستاذ عقيل هاشم و مرآة القراءة الجمالية الواعية
    *إستهلال لابدّ منه..
    يطلق الناقد الواعي الأستاذ عقيل هاشم المحترم العنان لخيول كلماته بأن تطلق صهيلها النقدي في سهول وأحراش، بل في مسافات قصيدتي الموسومة( نزيف الشعر وأفول النجوم) التي أهديتها منذ ثلاث سنوات خلت لصديقنا الشاعر الفذ حكيم جليل الصبّاغ، والناقد المثابر، وكما هو ديدنه في قراءة الخطاب الإبداعيّ، يمعن النظر عميقا في النص، بل يسبر غوره المسافاتيّ ليقرأ شعريته بوعي ثاقب ولغة مدهشة عبر مرآة القراءة الجمالية الواعية. له مني وافر الشكر والتقدير والعرفان و أمنياتي له بالنجاح والتوفيق في كافة المجالات، ولكم أحبتي ما سطّره يراعه النقدي الذي نفتخر بنتاجه وعطاءه الدؤوب على الدوام.
    المقال:
    (قصيدة:
    نزيفُ الشعرِ وأفولُ النجومْ
    شعر: د.مسلم الطعان
    الإهداء: إلى الصديق - حكيم جليل الصباغ
    القصيدة الاعترافية بوصفها الفطرة الاولى والملاذ
    عقيل هاشم

    القصيدة الاعترافية حدثا حقيقيا عصيا يصعب سرده والبوح بهِ لما تختزنه من الالم والشجن ، صور حية يسردها كاتبها بلوعة المشتاق وقد حاصرته المرايا ولذلك رأى نفسه داخل تلك المرآة . صور مرئية تجيء في الذاكرة على سبيل العزاء.
    يسردها الشاعر بحرارة شجونه الملتاعة فيرد عليه الصدى في عالمٍ آخرَ/عالم رمادي وبارد مثل الأبدية. في هذهِ القصيدة كان الصوت قريبا ومباشرا لكنه حميمي، مجروح ومكشوف في الوقت نفسه.
    يقول موريس بلانشو يقول إن كل سيرة ذاتية هي احتفال تذكاري بحياة كاتبها، أما «الذكريات» إنها سيرة ذاتية تحتفي بكيانه المتشظي، وانها ليست لعبة مسلية، بل هي ضرورة حياتية إذن، فالفرار أو النسيان ليس من عمل الكاتب المغامر والفنان المبدع قطعا

    نَزفتَ كثيراً
    يا صَديقي الحكيمْ
    من دماءِ شعريتِكَ،
    بَيدَ أنَّ النجومَ التي نَزفتْ لَهُنَّ:
    شَرايينُ قصيدِكَ
    غرقنَ بوادٍ سحيقٍ من الظلمةِ
    وفَقدنَ بريقَ البراءَةِ

    بهذا الاحتفاء الجنوبي الحزين يستعيد الشاعر الطعان ما مضى من علاقته بصديق العمر" الحكيم "عبر الكتابة، ذكريات من الصور والسنين , من ايام خلت تفضي الى رحلة لازالت ماثلة بالذاكرة من الحميمية
    هكذا يا صَديقي الحكيمْ
    رَشقتكَ الطرقاتُ بحصى الخيبةِ
    مذْ كنتَ تعلّقُ على نجمةِ الصباح:
    آمالاً نَسجتَها من النبضات

    إن الكتابة الاعترافية هي الملاذ النهائي لمن تعرض للفقد والبعد والاغتراب وهي الطريقة المناسبة لتقريبه من الحقيقة بان العمر يمضي سريعا بدون الخلان , ومن خلال تذكرنا اليومي، يمكننا أحيانا أن نرى بدقة ما يعنيه الفقد والحنين ، وما كان يحاول أن يعلمنا إياه في ما بعد حقا
    نجمةُ الصباحِ
    أحالت آمالَكَ إلى قطارٍ من نزيفٍ حالِكْ
    أما آنَ لقطارِكَ هذا أن يَتوقَفَ قليلاً
    لتسترّدّ قبيلةَ أنفاسِك المبعثرة
    في كثبانِ الأوراقِ؟

    كان حضور نجمة الصباح دليل الاسى المقيت من الانتظار والسهر الطويل وبكل تفاصيله، فالنص تتحكم به لغة الإيجاز، والوصف القصير، يكتب الشاعر نصه بتأن وعفوية، ورشاقة لغويّة واضحة، حينما تقرأها لا تحتاج لمقص كي تشذّب صورها الشعريّة ولغتها الصافية

    نجمةُ الصباحِ التي أورثتَكَ جنونَ القوافيْ
    لنْ يَتبقَ في شَفتيها الشاحبتينْ:
    قطرةُ من عسلِ القصيدةِ،
    التي كانت تصنعُهُ نَحلةُ قلبِكَ الفراتيّ
    وتقدُمهُ أنتَ لها
    برَغيفِ حَنانٍ قرويّ

    نلاحظ هنالك صورا تترى وهي تحيل على حنين الشاعر المغطى بدلالات تريد البوح بضرورة العودة إلى الماضي، ليس لأنّه ماض فحسب، بل لأنه ماضي الصحبة الحقيقة من مفردات -القرية –رائحة الطين- الحقل ,صور وكأنها من عالم التخليق التي لمّا تزل تشرع أبوابها

    يا صَديقي الحكيمْ
    أعلمُ جيداً بقداسةِ نزيفِكَ الشعريّ
    منذُ نعومةِ أحزانِنا الموجعةِ:
    في مدينةِ الترابِْ،
    مذْ اشتركنا معاً في معاركِ العشقِ الجنوبيّ
    مذْ صَعدنا منصّةَ الحلمِ في الناصريةِ
    مذْ كادَ النزيفُ أن يجهضَ عُمرينا:
    من بطنِ الحياةِ في طريقِ الموتِ،
    مذْ اختيارنا المبكّر لمعاقرةِ خَمرَةِ: الشعرِالمعتّق في جرارِ الجنوبْ

    الشاعر في هذه القصيدة نراه معوّلا على براءة اللغة، ويسر العبارة، واستحضار الحلم وقد اعتمد الوصف التخيّلي للنصّ استرجاع المعاني، وإعادة تركيبها، وتقليبها، وزجها في مصهر التخيّل وفق رؤية تولّت الجمع بين ما هو شعري، وسردي في مهمّة شعريّة دالة تمكّن الشاعر من التحليق بها على أجنحة الخيال مرهونة بقدرته، وانفتاحه النفسيّ، وهو يواكب نصّا عابراً حدود ما هو مألوف، والتي اتّخذت السياقات اللغويّة حيّزا لها وهي تريد الحضور تخيّلا

    يا صَديقي الحكيمْ
    أيُّها المَسكونُ بالوداعةِ الشعريَّةِ،
    النجومُ التي نَزفنَا لَهُنّ:
    دماءَ القصيدةِ
    لا يَفقهنَ شيئاً عن إيقاعاتِ النزيفْ
    يا صَديقي الشاعرَ-الحكيمْ
    عُدْ إلى الثَديِ الذي أرضعَكَ
    حَليبَ الحقيقةِ
    وإكتشفْ شِعريّة الضوءِ،
    الضوءُ الذي لا تمتلكُهُ أثداءُ النجومْ

    عمد الشاعر هنا إلى ابتكار صياغات لغويّة كانت أكثر مفارقة لما هو سائد, بل هو قمّة الانحياز إلى التغاير، والتجاوز، واقتناص ظلال المعاني، وما وراء اللغة من أفكار، من هنا وُصفت مهمّة الشاعر بالصعبة التي تجاوز بها كلّ شيء،حيث تنهض صور الشاعر في نصّه مقتربة من البراءة الاولى تنفتح على فطرة الحياة والشعر معا، سبق له أن تأملها وربما عاشها، والنصّ في النهاية ينتمي إلى الحياة التي يريدها الشاعر استرجاعا ، وبهجة الضياء بالتأمل، والانصياع إلى براءة الحياة الأولى..).
يعمل...
X