تويت
( شفرات الألم ومؤولات الفرح)
يلتقط الفنان ناصر سماري موضوعاته من الواقع المعيش وعالمه المحيط بكامل آلامه وتجلياته المرعبة مع الرغبة المتجسدة في النظر الى هذا الواقع بصورة الحلم التي يريدها ، انطلاقا من مبدأ العفوية الخالصة في التعامل مع الأشياء وتثويرها ضمن خطاب عياني يحتكم الى الاشتراطات البنائية والجمالية . خرائط وخربشات كتابية وأشكال على هيئة رؤوس متدلية وقواعد صفائح تنتظم على هيئة لعبة الدومينو التي تؤسس لما يشبه رقعة الشطرنج بكامل تضاداتها في اللون والفعل الدرامي الناتج من صراع الأضداد ، تتساقط في اناء او حافظة تمثل تاريخ الأشخاص أو تاريخ الحوادث في أمكنة محددة يتقصدها الفنان بفعل تماسه المباشر مع الحدث وتأويله ضمن قراءات ناتجة عن مدركات الوعي ، بما يمكن أن تكون عليه تلك الرقعة من الجغرافيا.
صور الأمكنة التي أضحت وثيقة يمكن العودة اليها وتفسير تلك الوقائع على الرغم من شفرات الأمل التي تبثها الزوارق الذاهبة الى الحلم وهي محملة بذواتنا أو الذوات المحيطة لتناقش علاقة الأنا والآخر وتحتمي بمظلات الزمن أزاء انسكاب مياه السماء من جرار الأعالي أو جرار الأقدار التي تحيل مواسم الفرح الى خسارات متلاحقة بفعل عنفوان الخارج وارتداداته على ذواتنا السائرة نحو الأحلام الجميلة . تعارضات اللون وحدته في لوحته التي استطاع تجنيسها على وفق رؤيته الخاصة لتأخذ من الكرافيتا والفن المفاهيمي الفن التجريدي عنوانا للولوج الى عفوية الفن ومباشرته بالرغم من تشفيرات بعض هذا الخطاب ، الشفرات التي تلتقي مع موجودات العالم الموضوعي ، وأن بنية الانشاء هي التي تذهب بعيدا عن المعنى المباشر وعصيانه على الفهم السريع ، لكنها في النهاية تؤسس لخطاب جمالي تستقيم فيه كل الممكنات الجمالية على صعيد الشكل والمضامين المؤشرة في موضوعات الأعمال الفنية تتجلى في المهيمنات العلامية المتعددة ، كرات ومرح طفولي وأردية محترقة وزوارق تبحر نحو المجهول ، أرقام وهياكل أشخاص فاقدة للملامح الانسانية في اشارة واضحة الى تقويض الهويات الشخصية لتلك الأمكنة والشخوص . وهنا يتحقق فعل القصد الناتج من مؤولات العلامة وانتاج المعنى المضمر في النص البصري الذي لم تفقده خصائصه الجمالية كل ما نقشه الفنان على سطحه التصويري من علامات تشكل صلتها المباشرة مع الواقع .
بقلم الناقد والتشكيلي الدكتور جواد الزيدي