.
اختيار المغرب للاحتفاء باليوم العالمي لموسيقى الجاز هذه السنة بمدينة طنجة يشكل تكريسا للعمق التاريخي للمملكة في مجال التنوع الثقافي والفني بما في ذلك موسيقى الجاز.
الأربعاء 2024/05/01
مزيج موسيقي مغربي ممتع
الرباط – عبر جل محطاتها التاريخية، امتزجت موسيقى الجاز بعدد من الألوان والثقافات الموسيقية العالمية تاركة بصمتها الفريدة على كل محطة، لتشهد بذلك على ميلاد أنماط موسيقية فريدة كسرت الحدود وأبدعت لغة موسيقية عالمية تجاوزت مفهومي الزمان والمكان.
ولم يكن ارتباط موسيقى الجاز بالموسيقى المغربية العريقة استثناء أو وليد اليوم، حيث امتزجت موسيقى الجاز بموسيقى كناوة منذ الستينات من القرن الماضي، حين اكتشف راندي ويستون، وهو أحد أشهر مبدعي الجاز، هذا النمط الموسيقي بالمغرب وسعى إلى دراسته وممارسته مع أشهر المعلمين المحليين، فضلا عن أن المغرب شكل، خلال هذه الحقبة، وجهة مفضلة للعديد من الفنانين العالميين، الذين ألهمتهم إيقاعات “الكمبري” أو”الغانغا ” والطبول و”القراقب” مثل جيمي هندريكس وكات ستيفنز وبوب مارلي.
والواقع أن موسيقى كناوة في شمال أفريقيا جاءت حاملة في طياتها قصصا من الشوق إلى الحرية والحنين إلى الوطن، وهو الأمر نفسه الذي كان وراء ظهور موسيقى “البلوز” و”الجاز” في الولايات المتحدة على يد هواة وفنانين قادمين من القارة الأفريقية بغرض استرقاقهم.
مجيد بقاس: المغرب رائد في المزج بين موسيقى كناوة والجاز
وأكد الفنان المغربي والمدير الفني لمهرجان “جاز شالة” مجيد بقاس أن على الرغم من تفرد كل نوع من هذين اللونين الموسيقيين بخصوصيته، إلا أن هناك الكثير مما يجمع بينهما، لاسيما الرابط التاريخي بالجذور الأفريقية، والماضي المشترك المتمثل في تجارة الرقيق التي كانت السبب الرئيسي في نشأة هذه الأنماط الموسيقية، فضلا عن الجانب الموسيقي المتمثل في الإيقاع الثلاثي والمقامات الخماسية.
وأضاف بقاس بمناسبة اليوم العالمي لموسيقى الجاز (30 أبريل من كل سنة)، أن القواسم المشتركة بين موسيقى الجاز وموسيقى كناوة على مستوى الإيقاع والألحان أو الطقوس الغنائية التي تعتمد بشكل كبير على الارتجال، تشكل عناصر أساسية في خلق انسجام تام بينهما دون تجاوز خصوصية كل نمط منهما، مبرزا أن المزج بين موسيقى الجاز وموسيقى كناوة يتطلب إلماما كبيرا بالفنين معا.
وقال المعلم الكناوي إن المغرب يعتبر بلدا رائدا في المزج بين موسيقى كناوة والجاز، مستعرضا، في هذا الصدد، تجربته التي تعتمد على قوة الموسيقى الكناوية إيقاعيا، وتقنيات الجاز في ما يخص “الهارمونيا”، وتوظيف آلة البيانو والساكسفون والألوان الأفريقية وآلات البالافون والكورا والكالمبا.
وأشار بقاس إلى أن موسيقى كناوة التي كانت تمارس قديما فقط في ما يعرف بـ”الليلة”، الطقوس الروحية المتمثلة في الـ”جدبة”، أصبحت الآن فنا متكاملا، من خلال انفتاحها على المهرجانات الكبرى ومختلف الأنماط الموسيقية الأخرى، الشيء الذي أكسبها تغيرا كبيرا في طبيعتها.
وأضاف أن فني البلوز والجاز في عدد من الولايات المتحدة ظهرا بدورهما للتعبير عن سخط المواطنين الأفارقة من المعاناة خصوصا إبان فترة تجارة الرقيق، قبل أن يصبحا نمطين موسيقيين متكاملين للموسيقى الأميركية.
ولم يفت بقاس، الملقب بـ”علي فاركا توري المغربي”، التذكير بالتجارب التي قام بها عازف البيانو راندي ويستون أحد أعمدة موسيقى الجاز العريقة، والذي كان سباقا في مجال المزج بين النمطين الموسيقيين، حينما اكتشف موسيقى كناوة بطنجة سنة 1967، رفقة المعلم عبدالله الكورد ومعلمين آخرين، حيث أسس نادي الجاز بطنجة أو ما يعرف حاليا “بـ سينما موريتانيا”.
إذكاء الوعي بمزايا موسيقى الجاز كأداة تعليمية، وكقوة للتعاطف والحوار وتقدم التعاون بين الشعوب
من جهة أخرى، أكد أن اختيار المغرب للاحتفاء باليوم العالمي لموسيقى الجاز هذه السنة بمدينة طنجة يشكل تكريسا للعمق التاريخي للمملكة في مجال التنوع الثقافي والفني بما في ذلك موسيقى الجاز، مبرزا أن هذا النمط الموسيقي كان دائما حاضرا لاسيما عن طريق عازفي الجاز الذين يتوافدون بشكل مستمر على المغرب.
ويجمع اليوم العالمي لموسيقى الجاز، الذي أقره المؤتمر العام لليونسكو في عام 2011 واعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة، البلدان والمجتمعات من جميع أنحاء العالم في الثلاثين من أبريل من كل عام. كما يسلط الضوء على صدى موسيقى الجاز ودورها في تعزيز السلام والحوار بين الثقافات والتنوع واحترام الكرامة الإنسانية.
ويصل صدى اليوم العالمي لموسيقى الجاز إلى أكثر من ملياري شخص في جميع القارات كل عام، من خلال البرامج التعليمية والعروض وأنشطة التوعية المجتمعية والإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام عبر الإنترنت والصحافة المكتوبة والشبكات الاجتماعية.
كما يهدف هذا اليوم إلى إذكاء الوعي بمزايا الجاز كأداة تعليمية، وكقوة للتعاطف والحوار وتقدم التعاون بين الشعوب. وفي هذا اليوم، تشارك العديد من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية إضافة إلى المواطنين في الترويج لموسيقى الجاز.
ويشكل اليوم العالمي لموسيقى الجاز فرصة أيضا لترسيخ هذا النوع من الإبداع الفني، ليس فقط من أجل الموسيقى، بل أيضا من أجل المساهمة في تعزيز الدور الطلائعي الذي يضطلع به هذا اللون الموسيقي الذي ينشر من خلال إبداعاته شعارات تدعو إلى السلام والتعايش والحوار بين مختلف الثقافات.
اختيار المغرب للاحتفاء باليوم العالمي لموسيقى الجاز هذه السنة بمدينة طنجة يشكل تكريسا للعمق التاريخي للمملكة في مجال التنوع الثقافي والفني بما في ذلك موسيقى الجاز.
الأربعاء 2024/05/01
مزيج موسيقي مغربي ممتع
الرباط – عبر جل محطاتها التاريخية، امتزجت موسيقى الجاز بعدد من الألوان والثقافات الموسيقية العالمية تاركة بصمتها الفريدة على كل محطة، لتشهد بذلك على ميلاد أنماط موسيقية فريدة كسرت الحدود وأبدعت لغة موسيقية عالمية تجاوزت مفهومي الزمان والمكان.
ولم يكن ارتباط موسيقى الجاز بالموسيقى المغربية العريقة استثناء أو وليد اليوم، حيث امتزجت موسيقى الجاز بموسيقى كناوة منذ الستينات من القرن الماضي، حين اكتشف راندي ويستون، وهو أحد أشهر مبدعي الجاز، هذا النمط الموسيقي بالمغرب وسعى إلى دراسته وممارسته مع أشهر المعلمين المحليين، فضلا عن أن المغرب شكل، خلال هذه الحقبة، وجهة مفضلة للعديد من الفنانين العالميين، الذين ألهمتهم إيقاعات “الكمبري” أو”الغانغا ” والطبول و”القراقب” مثل جيمي هندريكس وكات ستيفنز وبوب مارلي.
والواقع أن موسيقى كناوة في شمال أفريقيا جاءت حاملة في طياتها قصصا من الشوق إلى الحرية والحنين إلى الوطن، وهو الأمر نفسه الذي كان وراء ظهور موسيقى “البلوز” و”الجاز” في الولايات المتحدة على يد هواة وفنانين قادمين من القارة الأفريقية بغرض استرقاقهم.
مجيد بقاس: المغرب رائد في المزج بين موسيقى كناوة والجاز
وأكد الفنان المغربي والمدير الفني لمهرجان “جاز شالة” مجيد بقاس أن على الرغم من تفرد كل نوع من هذين اللونين الموسيقيين بخصوصيته، إلا أن هناك الكثير مما يجمع بينهما، لاسيما الرابط التاريخي بالجذور الأفريقية، والماضي المشترك المتمثل في تجارة الرقيق التي كانت السبب الرئيسي في نشأة هذه الأنماط الموسيقية، فضلا عن الجانب الموسيقي المتمثل في الإيقاع الثلاثي والمقامات الخماسية.
وأضاف بقاس بمناسبة اليوم العالمي لموسيقى الجاز (30 أبريل من كل سنة)، أن القواسم المشتركة بين موسيقى الجاز وموسيقى كناوة على مستوى الإيقاع والألحان أو الطقوس الغنائية التي تعتمد بشكل كبير على الارتجال، تشكل عناصر أساسية في خلق انسجام تام بينهما دون تجاوز خصوصية كل نمط منهما، مبرزا أن المزج بين موسيقى الجاز وموسيقى كناوة يتطلب إلماما كبيرا بالفنين معا.
وقال المعلم الكناوي إن المغرب يعتبر بلدا رائدا في المزج بين موسيقى كناوة والجاز، مستعرضا، في هذا الصدد، تجربته التي تعتمد على قوة الموسيقى الكناوية إيقاعيا، وتقنيات الجاز في ما يخص “الهارمونيا”، وتوظيف آلة البيانو والساكسفون والألوان الأفريقية وآلات البالافون والكورا والكالمبا.
وأشار بقاس إلى أن موسيقى كناوة التي كانت تمارس قديما فقط في ما يعرف بـ”الليلة”، الطقوس الروحية المتمثلة في الـ”جدبة”، أصبحت الآن فنا متكاملا، من خلال انفتاحها على المهرجانات الكبرى ومختلف الأنماط الموسيقية الأخرى، الشيء الذي أكسبها تغيرا كبيرا في طبيعتها.
وأضاف أن فني البلوز والجاز في عدد من الولايات المتحدة ظهرا بدورهما للتعبير عن سخط المواطنين الأفارقة من المعاناة خصوصا إبان فترة تجارة الرقيق، قبل أن يصبحا نمطين موسيقيين متكاملين للموسيقى الأميركية.
ولم يفت بقاس، الملقب بـ”علي فاركا توري المغربي”، التذكير بالتجارب التي قام بها عازف البيانو راندي ويستون أحد أعمدة موسيقى الجاز العريقة، والذي كان سباقا في مجال المزج بين النمطين الموسيقيين، حينما اكتشف موسيقى كناوة بطنجة سنة 1967، رفقة المعلم عبدالله الكورد ومعلمين آخرين، حيث أسس نادي الجاز بطنجة أو ما يعرف حاليا “بـ سينما موريتانيا”.
إذكاء الوعي بمزايا موسيقى الجاز كأداة تعليمية، وكقوة للتعاطف والحوار وتقدم التعاون بين الشعوب
من جهة أخرى، أكد أن اختيار المغرب للاحتفاء باليوم العالمي لموسيقى الجاز هذه السنة بمدينة طنجة يشكل تكريسا للعمق التاريخي للمملكة في مجال التنوع الثقافي والفني بما في ذلك موسيقى الجاز، مبرزا أن هذا النمط الموسيقي كان دائما حاضرا لاسيما عن طريق عازفي الجاز الذين يتوافدون بشكل مستمر على المغرب.
ويجمع اليوم العالمي لموسيقى الجاز، الذي أقره المؤتمر العام لليونسكو في عام 2011 واعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة، البلدان والمجتمعات من جميع أنحاء العالم في الثلاثين من أبريل من كل عام. كما يسلط الضوء على صدى موسيقى الجاز ودورها في تعزيز السلام والحوار بين الثقافات والتنوع واحترام الكرامة الإنسانية.
ويصل صدى اليوم العالمي لموسيقى الجاز إلى أكثر من ملياري شخص في جميع القارات كل عام، من خلال البرامج التعليمية والعروض وأنشطة التوعية المجتمعية والإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام عبر الإنترنت والصحافة المكتوبة والشبكات الاجتماعية.
كما يهدف هذا اليوم إلى إذكاء الوعي بمزايا الجاز كأداة تعليمية، وكقوة للتعاطف والحوار وتقدم التعاون بين الشعوب. وفي هذا اليوم، تشارك العديد من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية إضافة إلى المواطنين في الترويج لموسيقى الجاز.
ويشكل اليوم العالمي لموسيقى الجاز فرصة أيضا لترسيخ هذا النوع من الإبداع الفني، ليس فقط من أجل الموسيقى، بل أيضا من أجل المساهمة في تعزيز الدور الطلائعي الذي يضطلع به هذا اللون الموسيقي الذي ينشر من خلال إبداعاته شعارات تدعو إلى السلام والتعايش والحوار بين مختلف الثقافات.