2015-03-03
دمشق-سانا
التشكيلي سرور علواني: الفنان يجب أن ينتمي للثقافة العالمية
يرسم التشكيلي سرور علواني عالمه الخاص بزخم لوني كبير فتغدو المرأة في لوحته زاهية بهية مفعمة بكل الطيف اللوني متجاوزة الواقع والمألوف ليفتح لها الفنان صاحب الخبرة الطويلة أبواب العالم السحري المشدوه بالحلم والبعيد عما ما يشوه الواقع ويقلل من جماله كما للطبيعة عنده ألوانها الخاصة التي لا تشبه سوى باليت ألوان صاحبها.
وعن علاقته باللوحة يقول التشكيلي علواني في حديث لـ سانا إن اللوحة هي هوية شخصية لصاحبها وتعبير حقيقي لما يحس به الفنان من خلال حواسه فينعكس شعورا في هذا العمل الفني ويظهر رغباته وطموحاته حبا في مشاركة المشاهد فيها مبينا أن تشكيلات الخطوط والالوان البصرية تنتج من خلال الخبرة والثقافة والبوح والتصريح عما عجزنا عنه في التعبير بالكلمة أو غيرها.
وتابع علواني إن الانثى في أعمالي هي الرمز وليست الشكل والجسد حيث أستنبط جمالية الانوثة كحالة وما يرافقها من إحساس وأناقة ورقة وجمال لافتا الى ان الحرارة الواضحة بلوحاته ما هي إلا الطاقة الكامنة داخله التي يسعى لتوظيفها في الحيوية والنشاط والفعالية عبر الألوان على سطح اللوحة.
ويوضح علواني الذي وضع الزخارف والتصاميم الفنية لجامع الشيخ زايد الكبير في ابو ظبي أن البيئة والمكان يلعبان الدور الأهم في المعادلة النفسية للفنان وتكوينه وعطاءاته في بداية انطلاقته وبمرور الزمن وتراكم الخبرات تتغير هذه البيئة الضيقة لتتحول عنده لتشمل العالم كله.
وعلى الفنان كما يرى علواني ألا ينحصر في مكان نشأته الجغرافي فقط بل عليه أن ينتمي إلى الثقافة الإنسانية الشمولية العالمية ويقول.. كل الانتماءات الضيقة تعتبر هزيلة أمام الانتماء للإنسانية والفنان الحقيقي يستمد مواضيعه من بيئته الأولى لينطلق منها إلى كل ما يتعلق بالإنسان وحياته.
ويعتبر أن مرور السنوات تعني الزيادة في النضج الفني والفكري واكتشاف للرؤى الجديدة وتحقيق للأهداف التي وضعت في البدايات مبينا أنه يبحث في جماليات صنع الخالق بطريقة ممتعة وحقيقية بعيدا عن القوالب الجاهزة فالفنان هو الاقرب لله من منطلق الحب والجمال.
وعن تأثير الأزمة على الفن التشكيلي السوري يقول علواني..إن ما نعيشه هو كارثة إنسانية مازالت مستمرة ولعل إيجابيتها الوحيدة أنها استطاعت كشف الفنانين الحقيقيين من المزيفين ففي الأزمات يلجأ المثقف إلى الوعي وانتمائه للحق بعيدا عن تأثير الجهل في الناس موضحا أن انتماء البعض من الفنانين التشكيليين لأفكار ضيقة ومحدودة هو كفيل بانحدار مستوى ما يقدمونه من عمل فني.
ويشير علواني إلى أن الأزمة مهما كبرت ومهما حدث من اختلافات فكرية بين الفنانين الحقيقيين تظل الثقافة والفن جامعا لهم ويبقى الحب والتقدير لكل التجارب الفنية التي لم تنحدر باتجاهات أخرى من الكره والقتل والإرهاب.
ويبين الفنان المقيم في مصر أن معرضه المشترك في القاهرة الذي أقامه مؤخرا جاء في سياق استمرار حياة الفن التشكيلي السوري في الخارج لافتا الى أن المعرض حقق حضورا جميلا ومميزا في مصر بلد الفنون.
وأقام علواني أكثر من معرض في القاهرة خلال العامين الأخيرين واستطاع بخبرته واسلوبه الخاص أن يحقق انطباعا جميلا لدى المشاهدين والتشكيليين والنقاد المصريين الذين عبروا عن مدى تقديرهم لهذه التجربة التشكيلية الفريدة ويقول..أحسست بمدى الحب الذي يكنه الفنانون المصريون للحركة التشكيلية الحقيقية في سورية.
وعن حال الحركة التشكيلية السورية يؤكد رئيس المكتب الثقافي والإعلامي في اتحاد الفنانين التشكيليين أن هناك إشكالات يجب التخلص منها كالمحسوبيات وصناعة نجوم كاذبة عبر البهرجة الإعلامية والتسويق لأسماء محددة وتحويل الفن الى تجارة رخيصة ما سبب ابتعاد ونأي بعض الفنانين الحقيقيين عن كل مراكز الفن الرئيسية وعدم مشاركتهم في كل المعارض الرسمية.
علواني الذي صمم اللوحات الخلفية والتصاميم الأرضية لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في اللاذقية عام 1987 يعتبر أن تواجد عدد من الفنانين السوريين المهمين في الخارج مكنهم من لعب دور السفراء للفن التشكيلي السوري ليلمس تقديرا في مختلف بلدان العالم لأعمال وتجارب التشكيليين السوريين.
ويلفت علواني الى أنه لاحظ سعي الوسط الفني في كثير من البلدان للتعرف على تشكيليين سوريين وعملهم الفني عن قرب لادراكهم عمق ما يقدمونه من فن وابداع مشيرا إلى أن أكثر ما لفت نظره أن هناك إعجابا كبيرا بعدد من الأسماء التشكيلية السورية دون معرفة انتمائها لسورية بسبب عدم وجود اهتمام إعلامي رسمي في تسويق هذه الاسماء ضمن سياق الحركة التشكيلية السورية مع عدم تواجد تقييم موضوعي للعمل الفني وخاصة من قبل النقاد التشكيليين لدينا.
ويرى الأستاذ السابق في كليتي الفنون الجميلة والهندسة المعمارية أن لكل منطقة جغرافية ميزات فنية خاصة بها وهوية في التشكيل والثقافة ومع ذلك فهو ليس مع الانغماس في الخصوصية الثقافية والانغلاق عليها معتبرا ان الانطلاق للعالمية هو الذي يعطي الفن والثقافة سمة الشمولية ويخضعها للمعايير العالمية.
رغم هذا التوجه العالمي فإن فناننا صاحب الخبرة في تصميم الديكور يعتبر أنه من الضروري أن يستخدم الفنان مفردات تشكيلية من بيئته ومحيطه ليوثق ويوضح بعض الخصوصية الفنية للمكان وظيفيا وجماليا ضمن إطار فني عالمي مبينا أن ما يسمى الفن الحروفي العربي ينتمي للتشكيل الحروفي العالمي وهي لوحة عالمية مهما كان نوع الخط المستخدم فهو لا يحقق سمة الحروفية إلا بصياغة تشكيلات معاصرة وبأدوات فنية مع خصوصية أحرف المكان.
ويشير الفنان الخبير في الإخراج الصحفي وتصميم الكتب إلى أنه خلال ممارسته التدريس في كلية الفنون الجميلة لثلاثين عاما استطاع التواصل بشكل دائم مع ما يحدث في العالم فنيا على الصعيد اليدوي أو الحاسوبي ويقول.. إن ممارسة الفن عمليا ونظريا بشكل يومي مع الطلبة تضاعف الخبرة والثقافة لدى الفنان لافتا إلى أن اغلب الاساتذة استفادوا من تجارب طلابهم الذاتية.
ويتوجه علواني لجيل الشباب للاهتمام بالاكتشاف والصدق في العمل لصالح الفن والقيم الجمالية بعيدا عن التقليد والتخبطات الفكرية المتناقضة والمبالغة في البهرجة وعدم الانسياق مع التيارات الدارجة ليكونوا هم انفسهم دون زيف وتجميل ما يجعله ينوه بمهارة الشباب في تعامله مع التقنيات الحديثة وتسخيرها لخدمة مشروعه الفني مع ضرورة القراءات النظرية لتاريخ الفن وفلسفة الجمال فهما منبع الاستمرارية والابداع لأي فنان.
ويختم علواني حديثه بالتعبير عن تفاؤله بمستقبل الفن التشكيلي السوري وبجيل الفنانين الشباب ويقول..ما يحدث في وطني الان إنه الألم الأكبر والمخاض الأعظم ولابد أن تعود الحقيقة إلى مجراها الطبيعي والصحيح في كل المناحي ومنها المجال الفني والتشكيلي.
والفنان سرور علواني من مواليد القامشلي عام 1959 وخريج كلية الفنون الجميلة بدمشق اختصاص اتصالات بصرية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف عام 1981 درس التربية وعلم النفس في جامعة دمشق رئيس مكتب الثقافة والاعلام في اتحاد التشكيليين السوريين ومحاضر جامعي في كليات الفنون والعمارة 1984 -2012 م.. صمم ورسم لأكثر من ألف كتاب للاطفال والكبار ورأس تحرير عدة مجلات تشكيلية وفنية عربية وعمل مع شركات عربية وعالمية كبيرة كمهندس ومصمم ديكور واستاذ ومحاضر في عدة جامعات سورية وعربية.. نال عدة جوائز عالمية وله العديد من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها وأعماله مقتناة محليا وعالميا.
*محمد سمير طحان
*****&&&&*******
الفنان سرور علواني :
فنان يرحل بنا إلى حيث ريشة متجددة ، ولون يطارد الجمال أنى كان .. يطرب عيون مشاهديه بأغاني الطبيعة وهي تخضع له ناثرة فيض عبيرها ، ورونق ظلالها ندلف معه إلى أفقه الشاسع لنتأمل لوحاته وجماليات أدائه الرائع ، من خلال عزف قل نظيره، ولحن فريد تمازج فيه ترف الألوان وتجليات الرؤى ، تأخذنا إلى مرافئ الدهشة ودوحات الإستمتاع .. سرور علواني مخلوق من قوس قزح وبراءة أطفال وحلم طبيعة.. نسكن صوره، ونبحر في عمقها ، نلتهب مع جنونه الفني لنعانق فيه الغد الأبهى، والفضاءات الأحلى
السيرة الفنية:
محمد سرور علواني : مدير فني ومؤسس ومشرف العديد من دور النشر , وضع الرسوم التوضيحية لأكثر من ألف كتاب للصغار والكبار , عمل رساماً رئيسياً في عدة مجلات عربية وأجنبية , منها مجلة أسامة
رئيس تحريرمجلة الفنون الجميلة , رئيس تحرير مجلة الأولى للديكور , صمم اللوحات الخلفية لدورة البحر الأبيض المتوسط الرياضية , نال عدة جوائز عالمية ، منها شهادة تقدير وتميز من اليونيسيف لخدماته في مجال الطفولة , أستاذ محاضر ذو خبرة علمية نادرة في جامعة دمشق وله العديد من الدراسات : كالتصميم والتشكيل والرسم الحر والتصوير الضوئي تقنيات الطباعة والمونتاج إلى جانب العديد من المقررات التي يطول بنا تعدادها
• ما سر تركيز الفنان سرور على قصص الأطفال ؟
– كلما فقدت الامل في الجيل الاكبر كان هدفي الاطفال لعل وعسى اساهم في تشكيل جيل اكثر وعياً….
والطفل عبارة عن وعاء نستطيع املاءه في ما هو مفيد له ولمجتمعه ..
و يتقبل ما يقدم له ويتفاعل معه دون موقف مسبق ….
ان اهم رغباتي كانت تنمية الذوق الجمالي وتدريب عينيه على اكتشاف درجات الالوان والاحساس بها من خلال الرسوم الملونة …
وانا سعيد جدا الآن لأن اغلب اصدقائي كانوا اطفالا” عاشوا مع رسومي …
• يلاحظ في لوحاتك تعلقاً بتفاصيل الطبيعة والتعبير عنها بشفافية عالية ، ما السر في ذلك ؟
– الطبيعة من أجمل المخلوقات ففي أي مساحة صغيرة نكتشف الابداع في الاشكال والالوان ….
وعندما أرسم أجد نفسي أحد عناصر الطبيعة وأتمتع بالحديث مع عناصرها بحب قد يفوق الحديث مع أعز الاصدقاء باختصار الطبيعة تعلمني الرسم وتمتعني … وأنسى نفسي وما حولي متمتعاً باكتشاف الجماليات وإظهارها رسماً ….
• الفن موقف لديك ، كيف ترى الارتباط بين الفن والقضايا الإنسانية ؟
لا قيمة للفن بدون قضايا انسانية ولكن ليس بالضرورة أن تنحصر القضايا بالنضال فقط …
فالجمال أهم قضية إنسانية … واكتشافه نضال أيضا ..يصب في النهاية لمصلحة الانسان.. سلوكاً وذوقاً ومتعة.
• الفنان سرور نشأ نشأة دينية ، ما العلاقة بين الدين والفن عندك ؟
– انا شخصياً أجد علاقة متينة بين الفن والدين .. ففي الفن نكتشف عظمة الخالق وأتذكر هنا قول الامام الغزالي : (لا يؤمن من لم تهزه ضربة وتر ).. ففي الفن يزيد إحساس الانسان ليتحقق شعوراً إيمانياً ممتعاً ….في كل ما خلق الخالق
• يظهر بعض الفنانين نزعات هيبية وعبثية ونوعاً من الفوضى في المظهر والسلوك، ما رأيك بهذه التعبيرات ؟
– ليست كل النزعات الهيبية عبثية … قد تكون بعض النزعات هذه تعبر عن موقف ما ضد سلوك ما …
اجتماعي أو سياسي أو غيره حتى الفوضى بالمظهر والسلوك .. يجب البحث عن أسباب هذه الفوضى فلابد من مسبب له
قد تظهر بعض الحالات العبثية في الفنون الحديثة وانا لا اجد اي مبرر لاحترامها .. لانها غالبا ما تكون نتاج الاستعراض الغير مبني على اي منطق …او كثيرا ما تكون ناتجة عن شخص ضعيف في الثقافة والمهارة ولكن قد يصبح فنانا مشهورا ويبني امجادا على جهل المشاهدين للاسف .
• التعاطي مع الفن يتعلق بالوعي وعمق الثقافة ، كيف يؤثر الفكر على الفن برأيك ؟
– الوعي والثقافة ذات علاقة قوية بالفن .. حتى بعض مراحل المسماة اللاوعي هي بحد ذاتها نداء داخلي للفنان الحقيقي في جميع الاحوال لا فائدة من ناتج عن قلة ثقافة … فالثقافة تنتج المفيد…
• الفنانون الكرد لهم سمة خاصة ، ما هي هذه السمات برأيك ؟!
– نعم وهذا واضح مثلهم مثل جميع الفنانين الذين ينتمون الى ثقافة او اصول مشتركة
ما يميز الفنانين الكرد , هو تميزهم بالاجتهاد المستمر وبالصدق في عملهم ..
والنسبة العظمى منهم اصبحوا نجوم عالميين وذلك بسبب تركيبته الصريحة الواضحة الحاملة لانفعالات كثيرة ومواقف عديدة يعبر عنها بالشجاعة والجرأة في اوضح حالاتها وربما اجد ايضا في الفنان الكردي الصدق المذهل الذي يكسب العمل اقناع المشاهد دون اي مواربة في ايصال الفكرة من العمل .. واظهار مهارة التنفيذ
وهنا أتذكر بحق إن أهم المبدعين من فنانين وشعراء وأدباء أمثال أحمد شوقي والفنانين المميزين على مستوى العالم بشار العيسى و مالفا وبهرم حاجو ,, والقائمة كبيرة جداً…و كذلك أهم المناضلين كانوا أكراداً كصلاح الدين ويوسف العظمة وابراهيم هنانو وغيرهم كثير.. فالكردي إما أن يكون أو لا يكون … لا حل رمادي عنده …
• ما هي المدارس الفنية والفنانين الذين تأثر بهم الفنان سرور علواني ؟
– تأثرت بجميع المدارس وبدرجات متفاوتة من الكلاسيكية الى الفنون الحديثة .. وربما اكثر .. ما يستهويني الفن التعبيري الذي يحمل في طيات العمل الفني عدة رسائل تعبيرية بعيدا عن الشكل البليد للتصوير الواقعي ..
• ما أثر التعليم الأكاديمي على إبداع الفنان ؟
– التعليم الأكاديمي يبقي المدرس على تواصل بالمستجدات الفنية وكذلك تحقق التعمق في الفن .. وتزيد مهارة الفنان المدرس وذلك بسبب حاجته لأن يجيب على جميع الطلاب في جلسة واحدة مما يحتاجونه من مادة نظرية أو عملية ….لذلك وجب عليه أن يكون جاهزاً دوماً لادور للسبات في حياته ..
– نشر الحوار في العدد الحادي عشر من جريدة بينو