رواد علم الفلك وأهم مؤلفاتهم:
اشتهر من الفلكيين المسلمين والعرب عدد من العلماء نبغوا في هذا العلم وكانوا فيه مبتكرين. ولعل هذا العلم كان من أكثرالعلوم التي أثر فيها المسلمون على نطاق العالم ؛ ففيه نرى بصمات عربية واضحة تتمثل في أن أكثر المصطلحات والنجوم التي عرفت في القرون الوسطى ؛ اللاتينية وغيرها مازالت تحمل حتى اليوم أسماء عربية. ★ تَصَفح: جدول المصطلحات والنجوم ذات المسميات العربية المستخدمة في علم الفلك، في هذه المقالة.
عكف العلماء بعد عصر المنصور على التصنيف واختراع الآلات وبناء المراصد. وكان من هؤلاء الخوارزمي، وما شاء الله الذي صنّف كتابًا في الأسطرلاب ودوائره النحاسية، ويحيى بن أبي منصور الذي ألّف زيجًا مع سند بن علي، وموسى بن شاكر وبنيه، والبتاني، والصوفي، وإخوان الصفا.
من القرن الثالث إلى الخامس الهجري. تغطي هذه الحقبة إنجازات بعض العلماء الذين أسهموا في تطور علم الفلك بدءًا من الخوارزمي إلى الزرقالي، وهي حقبة نبغ فيها علماء أسهموا بقسط كبير في تطور هذا العلم منهم المجريطي، والصوفي، والبوزجاني، وابن يونس المصري وغيرهم.
ظهر الخوارزمي (ت 232هـ، 846م) في عهد المأمون، وهو أول من ألّف في الفلك والحساب والجبر. وقد وضع الزيج المعروف باسم السند هند الصغير جمع فيه بين مذاهب الهند والفرس واليونان، وقد خالف بمؤلفه هذا كتاب السند هند الأصلي (سدهانتا) المنقول عن الهندية في التعاديل والميل، فجعل تعاديله على مذهب الفرس، وجعل ميل الشمس على مذهب بطليموس اليوناني، وذاعت شهرته بهذا الكتاب. وللخوارزمي في علم الفلك مؤلفات أخرى منها كتاب زيج الخوارزمي ؛ تقويم البلدان، الذي شرح فيه آراء بطليموس.
اختصر ثابت بن قُرّة (ت 288هـ،901م) المجسطي لبطليموس، وقام بعمل أرصاد دقيقة في بغداد جمعها في بعض مؤلفاته، واستخرج فيها حركة الشمس وطول السنة النجمية، وحسب ميل دائرة البروج. ومن مؤلفاته في الفلك مختصر في علم الهيئة ؛ مختصر في علم النجوم ؛ إبطاء الحركة في فلك البروج ؛ علة الكسوف ؛ حساب كسوف الشمس والقمر وغيرها.
والبتاني صاحب الزيج الصابي المشهور (ت 317هـ، 929م) وكان من الذين حققوا مواقع كثيرة من النجوم، وصحح بعض حركات القمر والكواكب السيارة، وخالف بطليموس في ثبات الأوج الشمسي، وقد أقام الدليل على تبعيته لحركة المبادرة الاعتدالية، واستنتج من ذلك أن معادلة الزمن تتغير تغيرًا بطيئًا على مر الأجيال. ومن مصنفاته كتاب معرفة مطالع النجوم ؛ تعديل الكواكب.
اكتشف أبو الوفاء البوزجاني (ت 388هـ، 998م) إحدى المعادلات لتقويم مواقع القمر سُميت معادلة السرعة. ومن أهم إسهاماته في علم الفلك اكتشافه للخلل في حركة القمر، وهو الاكتشاف الذي أدى فيما بعد إلى اتساع نطاق علمي الفلك والميكانيكا. وقد ظل المؤرخون مختلفين فيما إذا كان تيخو براهي (ت1010هـ، 1601م) الفلكي الدنماركي هو صاحب هذا الاكتشاف أم البوزجاني، إلى أن ثبت حديثًا بعد التحريات الدقيقة أن الخلل الثالث هو من اكتشاف البوزجاني. ومن أشهر مؤلفاته في الفلك كتاب معرفة الدائرة من الفلك ؛ الكامل ؛ الزيج الشامل ؛ كتاب المجسطي.
ومسلمة بن أحمد المجريطي (ت 398هـ، 1007م) من علماء الأندلس، يُنسب إليه إدخال علوم التعاليم والفلك والكيمياء والسحر إلى الأندلس. وقد عني بزيج الخوارزمي وحوّله من السنين الفارسية إلى العربية ثم اختصره وأصلحه، وله من المؤلفات في الفلك رسالة في الأسطرلاب ؛ اختصار تعديل الكواكب من زيج البتاني.
اقتفى ابن يونس الصّفدي المصري (ت 397هـ، 1007م) أثر البوزجاني. وهو مخترع رقّاص الساعة الدقاقة (البندول) والربع ذي الثقب. بنى الفاطميون له مرصدًا شرقي القاهرة أجرى فيه أرصاده من سنة 380هـ إلى 397هـ. ووضع في هذا المرصد زيجًا سماه الزيج الحاكمي الكبير نسبة إلى الحاكم بأمر الله (ت 411هـ، 1020م) وضم فيه جميع الخسوفات والكسوفات وأثبت من ذلك تزايد حركة القمر، وحسب ميل دائرة البروج. وقام كوسان بترجمة الزيج الحاكمي إلى الفرنسية (1804م). وابن يونس هو الذي أصلح زيج يحيى بن منصور وهو الزيج الذي عمل به في مصر زمنًا طويلاً قبل ظهور الزيج الحاكمي.
كان أبو اسحاق النقاش الزرقالي (493هـ، 1099م) من أشهر الفلكيين والرياضيين في نهاية القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي. وهو واضع ما سمي في الفلك باللوائح الطليطلية نسبة إلى مدينة طليطلة في الأندلس. وبنى هذه اللوائح على المعارف التي استقاها ممن سبقه من العلماء كبطليموس والخوارزمي وغيرهما. وقد سجل في هذه اللوائح نتائج أرصاداته الفلكية. وله كتاب الصحيفة الزيجية بين فيها استعمال الأسطرلاب على نحو جديد، واخترع على منوال الأسطرلاب آلة سميت بالصفيحة أو الزرقالة. وهو أول من جاء بدليل على أن حركة ميل أوج الشمس بالنسبة للنجوم الثوابت تبلغ 12,04 دقيقة بيد أن الرقم الحقيقي هو 12,8 دقيقة.
من القرن السادس إلى الحادي عشر الهجري. تغطي هذه الحقبة إنجازات بعض علماء الفلك الذين أسهموا في تطوير هذا العلم بدءًا من الخازن وعمر الخيام والطوسي وغيرهم وانتهاءً بأولغ بك والكاشي والروداني.
وضع أبوالفتح عبدالرحمن الخازن زيجًا فلكيًا سّماه الزيج المعتبر السنجاري نسبة إلى السلطان سنجر نحو سنة 509هـ، 1115م. وجمع فيه أرصادًا في غاية الدقة، وحسب مواقع النجوم لتلك السنة. وكانت له مؤلفات شهيرة في آلات الرصد. ومن أهم مؤلفاته ميزان الحكمة في الميكانيكا، وله اختراعات في الميكانيكا من أهمها جهاز لقياس وزن الأجسام في الهواء والماء.
برع عمر الخيام (ت 515هـ، 1121م) في الفلك إلى جانب نبوغه في الشعر وعلوم أخرى.دعاه السلطان ملكشاه إلى المرصد الذي شيّده في مدينة الرِّي لإصلاح التقويم الفارسي، ونجح الخيام في ذلك، وخصص ملكشاه له راتبًا سنوياً من خزينة نيسابور تمكّن به من اعتزال الناس والعكوف على البحث والدراسة. وللخيام تصانيف كثيرة في الرياضيات والفلسفة والشعر ومن أهمها في الفلك زيج ملكشاه.
كان الفيلسوف ابن باجة الأندلسي (ت 533هـ، 1139م) من الأعلام الذين ظهروا في الأندلس في أوائل القرن السادس الهجري، وكان ذا نبوغ في الفلك والرياضيات، إلى جانب الطب والفلسفة. وهو أول فيلسوف يفصل بين الدين والفلسفة في العصور الوسطى. وأعطى الفلسفة العربية في الأندلس دفعة ضد الميول الصوفية. وكان لذلك تأثير في فكر ابن رشد وبالتالي لدى الفرق النصرانية وفلاسفة الكنيسة. وقد نسبت إليه أقوال اتهمه فيها منافسوه بالزندقة وقتلوه بالسم. وكانت له ملاحظات قيمة على نظام بطليموس في الفلك، وانتقده وأبان مواضع الضعف فيه. وكان من جراء ذلك أن تأثّر به تلاميذه مثل جابر بن الأفلح الذي دفعه قول ابن باجة لإصلاح المجسطي، وكذا البطروجي مما جعله يقول بالحركة اللولبية. كما كان أثره واضحًا في الطريقة التي سار عليها ابن طفيل في حي بن يقظان.
يعد أبو اليسر بهاء الدين الخرقي (ت 533هـ، 1138م) من أشهر المشتغلين بعلم الفلك في القرن السادس الهجري، كما برع في الرياضيات والجغرافيا، وأشهر مصنفاته في الفلك منتهى الإدراك في تقسيم الأفلاك، وقد اعتمد في بعض أجزائه على نظريات ابن الهيثم الفلكية. واحتوى هذا الكتاب على ثلاثة أبواب: الأول في بيان تركيب الأفلاك وحركاتها، والثاني في هيئة الأرض وتقسيمها إلى ثلاثة أقسام: مسكونة، وغير مسكونة. والبحار الخمسة، والثالث في ذكر التواريخ وتقسيمها وأدوار القرانات وعودتها، وقد ترجمت بعض أجزاء هذا الكتاب إلى اللاتينية. ومن مصنفاته في الفلك أيضًا التبصرة وقسّمه قسمين: قسم في الأفلاك، وقسم في الأرض، ذكر في القسم الأول 22 بابًا وفي الثاني 14 بابًا.
أما البديع الإسطرلابي (ت 534هـ، 1139م) فقد برع في صنع الآلات الفلكية. من آثاره جداول فلكية أنجزها في قصر السلطان السلجوقي ببغداد، ووضعها في كتاب سمّاه الزيج المحمودي نسبة إلى السلطان محمود أبي القاسم بن محمد. وكان شاعرًا غلبت على شعره الصبغة العلمية فغالبًا ما كان يُضمِّن شعره معلومات في الفلك والهندسة.
أنجز نصير الدين الطوسي (ت 672هـ، 1274م) أكثر أعماله في الرياضيات والفلك وهو سجين في قلعة أَلَمَوت في عهد المستعصم. وله إسهامات جليلة وإضافات في علم الفلك. ويكفي أن زيج الإيلخاني كان من المصادر التي اعتُمد عليها في إحياء العلوم في أوروبا. ومن مصنفاته في الفلك كتاب ظاهرات الفلك ؛ جرمي الشمس والقمر ؛ زيج الشاهي ؛ زيج الإيلخاني ؛ زبدة الإدراك في هيئة الأفلاك ؛ التذكرة في علم الهيئة ؛ التسهيل في النجوم.
من أهم آثار قطب الدين الشيرازي (ت 710هـ، 1311م) في الفلك نهاية الإدراك في دراية الأفلاك، وهو في أربع مقالات: الأولى في المقدمة، الثانية في هيئة الأجرام، الثالثة في هيئة الأرض، الرابعة في مقادير الأجرام. ومن آثاره أيضًا التحفة الشاهية في الهيئة ؛ التبصرة في الهيئة ؛ شرح النصيرية في الهيئة.
ظلت رسائل ابن الشاطر (ت 777هـ، 1375م) المتخصصة في علم الفلك، وكذا الآلات التي قام بصنعها متداولة عدة قرون في الشرق والغرب. ومن أهم آثاره في الفلك زيج ابن الشاطر ؛ إيضاح المغيَّب في العمل بالربع المجيَّب ؛ رسالة في الأسطرلاب ؛ مختصر في العمل بالأسطرلاب ؛ النفع العام في العمل بالربع التام ؛ نزهة السامع في العمل بالربع الجامع ؛ كفاية القنوع في العمل بالربع المقطوع ؛ الزيج الجديد وقد وضعه بطلب من مراد الأول الخليفة العثماني، وقدم ابن الشاطر فيه نماذج فلكية ونظريات وقياسات لم يسبق إليها، إلا أنها ظهرت فيما بعد باسم كوبرنيكوس. واكتشف ديفيد كينج عام 1390هـ، 1970م أن كثيرًا من النظريات المنسوبة لكوبرنيكوس البولندي هي لابن الشاطر، وبعد ذلك بثلاثة أعوام (1393هـ، 1973م) عثر على مخطوطات عربية في بولندا اتضح منها أن كوبرنيكوس قد اطلع عليها.
بلغت الحضارة الإسلامية أوجها في بلاد التركستان في عهد أولغ بك (ت 853هـ، 1449م). وكان هذا الأمير فلكياً وأديباً ومؤرخاً وفقيهًا. بنى في عاصمته سمرقند مرصدًا عام 823هـ، 1420م جلب إليه أحدث الآلات في زمنه. وكانت آلة ذات الربع موجودة في هذا المرصد ويبلغ ارتفاعها ارتفاع قباب مسجد أياصوفيا في تركيا. وتمكن أولغ بك أثناء عمله مع فريق الرصد من ابتكار آلات جديدة. واستمرت ارصاداته من عام 727هـ، 1327م إلى عام 839هـ، 1435م وقد أخرج منها زيجًا شاملاً سمي زيج أولغ بك أو السلطاني حسب فيه مواقع النجوم بدقة بالغة، وكذلك الخسوف والكسوف، ووضع الجداول للنجوم الثابتة ولحركات الشمس والقمر والكواكب ولخطوط الطول والعرض لأهم المدن الإسلامية.
اخترع الروداني شمس الدين الفاسي (ت 1094هـ، 1683م) آلة كروية الشكل تبيّن التوقيت ؛ وعليها دوائر ورسوم مدهونة بالبياض المُمَوَّه بدهن الكتّان، وقد رُكّبت عليها كرة أخرى مقسومة نصفين وفيها تخاريم وتجاويف لدوائر البروج وغيرها، وهي مستديرة كالتي تحتها ومصبوغة بلون أخضر. وكانت سهلة الاستعمال صالحة لبيان الأوقات في كل البلدان. وقد ألّف لها رسالة بيّن فيها كيفية صنعها واستخدامها.
اشتهر من الفلكيين المسلمين والعرب عدد من العلماء نبغوا في هذا العلم وكانوا فيه مبتكرين. ولعل هذا العلم كان من أكثرالعلوم التي أثر فيها المسلمون على نطاق العالم ؛ ففيه نرى بصمات عربية واضحة تتمثل في أن أكثر المصطلحات والنجوم التي عرفت في القرون الوسطى ؛ اللاتينية وغيرها مازالت تحمل حتى اليوم أسماء عربية. ★ تَصَفح: جدول المصطلحات والنجوم ذات المسميات العربية المستخدمة في علم الفلك، في هذه المقالة.
عكف العلماء بعد عصر المنصور على التصنيف واختراع الآلات وبناء المراصد. وكان من هؤلاء الخوارزمي، وما شاء الله الذي صنّف كتابًا في الأسطرلاب ودوائره النحاسية، ويحيى بن أبي منصور الذي ألّف زيجًا مع سند بن علي، وموسى بن شاكر وبنيه، والبتاني، والصوفي، وإخوان الصفا.
من القرن الثالث إلى الخامس الهجري. تغطي هذه الحقبة إنجازات بعض العلماء الذين أسهموا في تطور علم الفلك بدءًا من الخوارزمي إلى الزرقالي، وهي حقبة نبغ فيها علماء أسهموا بقسط كبير في تطور هذا العلم منهم المجريطي، والصوفي، والبوزجاني، وابن يونس المصري وغيرهم.
ظهر الخوارزمي (ت 232هـ، 846م) في عهد المأمون، وهو أول من ألّف في الفلك والحساب والجبر. وقد وضع الزيج المعروف باسم السند هند الصغير جمع فيه بين مذاهب الهند والفرس واليونان، وقد خالف بمؤلفه هذا كتاب السند هند الأصلي (سدهانتا) المنقول عن الهندية في التعاديل والميل، فجعل تعاديله على مذهب الفرس، وجعل ميل الشمس على مذهب بطليموس اليوناني، وذاعت شهرته بهذا الكتاب. وللخوارزمي في علم الفلك مؤلفات أخرى منها كتاب زيج الخوارزمي ؛ تقويم البلدان، الذي شرح فيه آراء بطليموس.
اختصر ثابت بن قُرّة (ت 288هـ،901م) المجسطي لبطليموس، وقام بعمل أرصاد دقيقة في بغداد جمعها في بعض مؤلفاته، واستخرج فيها حركة الشمس وطول السنة النجمية، وحسب ميل دائرة البروج. ومن مؤلفاته في الفلك مختصر في علم الهيئة ؛ مختصر في علم النجوم ؛ إبطاء الحركة في فلك البروج ؛ علة الكسوف ؛ حساب كسوف الشمس والقمر وغيرها.
والبتاني صاحب الزيج الصابي المشهور (ت 317هـ، 929م) وكان من الذين حققوا مواقع كثيرة من النجوم، وصحح بعض حركات القمر والكواكب السيارة، وخالف بطليموس في ثبات الأوج الشمسي، وقد أقام الدليل على تبعيته لحركة المبادرة الاعتدالية، واستنتج من ذلك أن معادلة الزمن تتغير تغيرًا بطيئًا على مر الأجيال. ومن مصنفاته كتاب معرفة مطالع النجوم ؛ تعديل الكواكب.
اكتشف أبو الوفاء البوزجاني (ت 388هـ، 998م) إحدى المعادلات لتقويم مواقع القمر سُميت معادلة السرعة. ومن أهم إسهاماته في علم الفلك اكتشافه للخلل في حركة القمر، وهو الاكتشاف الذي أدى فيما بعد إلى اتساع نطاق علمي الفلك والميكانيكا. وقد ظل المؤرخون مختلفين فيما إذا كان تيخو براهي (ت1010هـ، 1601م) الفلكي الدنماركي هو صاحب هذا الاكتشاف أم البوزجاني، إلى أن ثبت حديثًا بعد التحريات الدقيقة أن الخلل الثالث هو من اكتشاف البوزجاني. ومن أشهر مؤلفاته في الفلك كتاب معرفة الدائرة من الفلك ؛ الكامل ؛ الزيج الشامل ؛ كتاب المجسطي.
ومسلمة بن أحمد المجريطي (ت 398هـ، 1007م) من علماء الأندلس، يُنسب إليه إدخال علوم التعاليم والفلك والكيمياء والسحر إلى الأندلس. وقد عني بزيج الخوارزمي وحوّله من السنين الفارسية إلى العربية ثم اختصره وأصلحه، وله من المؤلفات في الفلك رسالة في الأسطرلاب ؛ اختصار تعديل الكواكب من زيج البتاني.
اقتفى ابن يونس الصّفدي المصري (ت 397هـ، 1007م) أثر البوزجاني. وهو مخترع رقّاص الساعة الدقاقة (البندول) والربع ذي الثقب. بنى الفاطميون له مرصدًا شرقي القاهرة أجرى فيه أرصاده من سنة 380هـ إلى 397هـ. ووضع في هذا المرصد زيجًا سماه الزيج الحاكمي الكبير نسبة إلى الحاكم بأمر الله (ت 411هـ، 1020م) وضم فيه جميع الخسوفات والكسوفات وأثبت من ذلك تزايد حركة القمر، وحسب ميل دائرة البروج. وقام كوسان بترجمة الزيج الحاكمي إلى الفرنسية (1804م). وابن يونس هو الذي أصلح زيج يحيى بن منصور وهو الزيج الذي عمل به في مصر زمنًا طويلاً قبل ظهور الزيج الحاكمي.
كان أبو اسحاق النقاش الزرقالي (493هـ، 1099م) من أشهر الفلكيين والرياضيين في نهاية القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي. وهو واضع ما سمي في الفلك باللوائح الطليطلية نسبة إلى مدينة طليطلة في الأندلس. وبنى هذه اللوائح على المعارف التي استقاها ممن سبقه من العلماء كبطليموس والخوارزمي وغيرهما. وقد سجل في هذه اللوائح نتائج أرصاداته الفلكية. وله كتاب الصحيفة الزيجية بين فيها استعمال الأسطرلاب على نحو جديد، واخترع على منوال الأسطرلاب آلة سميت بالصفيحة أو الزرقالة. وهو أول من جاء بدليل على أن حركة ميل أوج الشمس بالنسبة للنجوم الثوابت تبلغ 12,04 دقيقة بيد أن الرقم الحقيقي هو 12,8 دقيقة.
من القرن السادس إلى الحادي عشر الهجري. تغطي هذه الحقبة إنجازات بعض علماء الفلك الذين أسهموا في تطوير هذا العلم بدءًا من الخازن وعمر الخيام والطوسي وغيرهم وانتهاءً بأولغ بك والكاشي والروداني.
وضع أبوالفتح عبدالرحمن الخازن زيجًا فلكيًا سّماه الزيج المعتبر السنجاري نسبة إلى السلطان سنجر نحو سنة 509هـ، 1115م. وجمع فيه أرصادًا في غاية الدقة، وحسب مواقع النجوم لتلك السنة. وكانت له مؤلفات شهيرة في آلات الرصد. ومن أهم مؤلفاته ميزان الحكمة في الميكانيكا، وله اختراعات في الميكانيكا من أهمها جهاز لقياس وزن الأجسام في الهواء والماء.
برع عمر الخيام (ت 515هـ، 1121م) في الفلك إلى جانب نبوغه في الشعر وعلوم أخرى.دعاه السلطان ملكشاه إلى المرصد الذي شيّده في مدينة الرِّي لإصلاح التقويم الفارسي، ونجح الخيام في ذلك، وخصص ملكشاه له راتبًا سنوياً من خزينة نيسابور تمكّن به من اعتزال الناس والعكوف على البحث والدراسة. وللخيام تصانيف كثيرة في الرياضيات والفلسفة والشعر ومن أهمها في الفلك زيج ملكشاه.
كان الفيلسوف ابن باجة الأندلسي (ت 533هـ، 1139م) من الأعلام الذين ظهروا في الأندلس في أوائل القرن السادس الهجري، وكان ذا نبوغ في الفلك والرياضيات، إلى جانب الطب والفلسفة. وهو أول فيلسوف يفصل بين الدين والفلسفة في العصور الوسطى. وأعطى الفلسفة العربية في الأندلس دفعة ضد الميول الصوفية. وكان لذلك تأثير في فكر ابن رشد وبالتالي لدى الفرق النصرانية وفلاسفة الكنيسة. وقد نسبت إليه أقوال اتهمه فيها منافسوه بالزندقة وقتلوه بالسم. وكانت له ملاحظات قيمة على نظام بطليموس في الفلك، وانتقده وأبان مواضع الضعف فيه. وكان من جراء ذلك أن تأثّر به تلاميذه مثل جابر بن الأفلح الذي دفعه قول ابن باجة لإصلاح المجسطي، وكذا البطروجي مما جعله يقول بالحركة اللولبية. كما كان أثره واضحًا في الطريقة التي سار عليها ابن طفيل في حي بن يقظان.
يعد أبو اليسر بهاء الدين الخرقي (ت 533هـ، 1138م) من أشهر المشتغلين بعلم الفلك في القرن السادس الهجري، كما برع في الرياضيات والجغرافيا، وأشهر مصنفاته في الفلك منتهى الإدراك في تقسيم الأفلاك، وقد اعتمد في بعض أجزائه على نظريات ابن الهيثم الفلكية. واحتوى هذا الكتاب على ثلاثة أبواب: الأول في بيان تركيب الأفلاك وحركاتها، والثاني في هيئة الأرض وتقسيمها إلى ثلاثة أقسام: مسكونة، وغير مسكونة. والبحار الخمسة، والثالث في ذكر التواريخ وتقسيمها وأدوار القرانات وعودتها، وقد ترجمت بعض أجزاء هذا الكتاب إلى اللاتينية. ومن مصنفاته في الفلك أيضًا التبصرة وقسّمه قسمين: قسم في الأفلاك، وقسم في الأرض، ذكر في القسم الأول 22 بابًا وفي الثاني 14 بابًا.
أما البديع الإسطرلابي (ت 534هـ، 1139م) فقد برع في صنع الآلات الفلكية. من آثاره جداول فلكية أنجزها في قصر السلطان السلجوقي ببغداد، ووضعها في كتاب سمّاه الزيج المحمودي نسبة إلى السلطان محمود أبي القاسم بن محمد. وكان شاعرًا غلبت على شعره الصبغة العلمية فغالبًا ما كان يُضمِّن شعره معلومات في الفلك والهندسة.
أنجز نصير الدين الطوسي (ت 672هـ، 1274م) أكثر أعماله في الرياضيات والفلك وهو سجين في قلعة أَلَمَوت في عهد المستعصم. وله إسهامات جليلة وإضافات في علم الفلك. ويكفي أن زيج الإيلخاني كان من المصادر التي اعتُمد عليها في إحياء العلوم في أوروبا. ومن مصنفاته في الفلك كتاب ظاهرات الفلك ؛ جرمي الشمس والقمر ؛ زيج الشاهي ؛ زيج الإيلخاني ؛ زبدة الإدراك في هيئة الأفلاك ؛ التذكرة في علم الهيئة ؛ التسهيل في النجوم.
من أهم آثار قطب الدين الشيرازي (ت 710هـ، 1311م) في الفلك نهاية الإدراك في دراية الأفلاك، وهو في أربع مقالات: الأولى في المقدمة، الثانية في هيئة الأجرام، الثالثة في هيئة الأرض، الرابعة في مقادير الأجرام. ومن آثاره أيضًا التحفة الشاهية في الهيئة ؛ التبصرة في الهيئة ؛ شرح النصيرية في الهيئة.
ظلت رسائل ابن الشاطر (ت 777هـ، 1375م) المتخصصة في علم الفلك، وكذا الآلات التي قام بصنعها متداولة عدة قرون في الشرق والغرب. ومن أهم آثاره في الفلك زيج ابن الشاطر ؛ إيضاح المغيَّب في العمل بالربع المجيَّب ؛ رسالة في الأسطرلاب ؛ مختصر في العمل بالأسطرلاب ؛ النفع العام في العمل بالربع التام ؛ نزهة السامع في العمل بالربع الجامع ؛ كفاية القنوع في العمل بالربع المقطوع ؛ الزيج الجديد وقد وضعه بطلب من مراد الأول الخليفة العثماني، وقدم ابن الشاطر فيه نماذج فلكية ونظريات وقياسات لم يسبق إليها، إلا أنها ظهرت فيما بعد باسم كوبرنيكوس. واكتشف ديفيد كينج عام 1390هـ، 1970م أن كثيرًا من النظريات المنسوبة لكوبرنيكوس البولندي هي لابن الشاطر، وبعد ذلك بثلاثة أعوام (1393هـ، 1973م) عثر على مخطوطات عربية في بولندا اتضح منها أن كوبرنيكوس قد اطلع عليها.
بلغت الحضارة الإسلامية أوجها في بلاد التركستان في عهد أولغ بك (ت 853هـ، 1449م). وكان هذا الأمير فلكياً وأديباً ومؤرخاً وفقيهًا. بنى في عاصمته سمرقند مرصدًا عام 823هـ، 1420م جلب إليه أحدث الآلات في زمنه. وكانت آلة ذات الربع موجودة في هذا المرصد ويبلغ ارتفاعها ارتفاع قباب مسجد أياصوفيا في تركيا. وتمكن أولغ بك أثناء عمله مع فريق الرصد من ابتكار آلات جديدة. واستمرت ارصاداته من عام 727هـ، 1327م إلى عام 839هـ، 1435م وقد أخرج منها زيجًا شاملاً سمي زيج أولغ بك أو السلطاني حسب فيه مواقع النجوم بدقة بالغة، وكذلك الخسوف والكسوف، ووضع الجداول للنجوم الثابتة ولحركات الشمس والقمر والكواكب ولخطوط الطول والعرض لأهم المدن الإسلامية.
اخترع الروداني شمس الدين الفاسي (ت 1094هـ، 1683م) آلة كروية الشكل تبيّن التوقيت ؛ وعليها دوائر ورسوم مدهونة بالبياض المُمَوَّه بدهن الكتّان، وقد رُكّبت عليها كرة أخرى مقسومة نصفين وفيها تخاريم وتجاويف لدوائر البروج وغيرها، وهي مستديرة كالتي تحتها ومصبوغة بلون أخضر. وكانت سهلة الاستعمال صالحة لبيان الأوقات في كل البلدان. وقد ألّف لها رسالة بيّن فيها كيفية صنعها واستخدامها.
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أشهر علماء الفلك وأهم مؤلفاتهم | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|