الناقدُ: عبد الرحيم جيران. بكتابه"الذاكرةُ المُقَنَّعةُ في ألف ليلةٍ وليلة"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الناقدُ: عبد الرحيم جيران. بكتابه"الذاكرةُ المُقَنَّعةُ في ألف ليلةٍ وليلة"

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1713998552130.jpg 
مشاهدات:	9 
الحجم:	87.2 كيلوبايت 
الهوية:	205434
    يُواصِلُ الناقدُ عبد الرحيم جيران في كتابه الجديد "الذاكرةُ المُقَنَّعةُ في ألف ليلةٍ وليلة" الحفرَ في إشكالات الذاكرة الذي رسَمَ مَعالِمَهُ في كتابه التّأسيسيِّ "الذاكرةُ في الحَكيِ الرِّوائيّ" الصادر عن دار الكتاب الجديد المتَّحدة.
    وينعطفُ عملُهُ الجديدُ هذا إلى مُساءلة الذاكرة المعرفيَّة التي تتوسَّط بيننا وبين "الليالي" نازعًا منها مكرَ أُلفَتِها، مُرغِمًا إيّاها على إعادة النظر في ما رسَخَ فيها من فُهومٍ حِيالَها، سواءٌ تلك التي سادَت في الفكر النقديِّ العربيِّ الحديث وتلك التي اتَّخَذَ منها الفكرُ الغربيُّ وِجهاتٍ لولوج عالَم الحكاية الليليَّة، وفكّ طلاسمها. وهو، بهذا الفعل المعرفيِّ، يُغيِّرُ الاقتناعاتِ التي لازَمَت دراسةَ النصِّ الليليِّ، ويَكشِفُ عن مَدى رخاوتِها تُجاهَهُ، وسَلبها روحَها الأصيلةَ، وخاصّةً سوء الفهم المُسَبَّب عنها في حقِّ الحكاية-الإطار. ليسَتْ ذاكرةُ "الليالي" بقادحةٍ شراراتِ المتعةِ، أو بموقِظةٍ الضميرَ الأخلاقيَّ من سُباته فحسبُ، بل هي أكثرُ من هذا، إنَّها ذاكرةُ الزمانِ أيضًا. وها هنا تَكمُنُ وصيَّتُها التي تَنزِعُ عند كلِّ قراءةٍ إلى أن تجعلَ من نفسِها وَعدًا بإنقاذ النسيان من آفاته، بل إنقاذ ذاكرة النصِّ الليليِّ بالحفر عن أُصولِهِ بوساطةِ بَعثِها من رَمادِ الأرشيفِ الحِكائيِّ العربيِّ.
    لم يكُنْ هذا العملُ الفكريُّ والنقديُّ متيسِّرًا من غير أُمورٍ أربعةٍ: يكمُنُ أوَّلُها في تجديد السؤال حِيالَ النصِّ الليليِّ من طريق إعادة صياغة الإشكاليَّة التي تتَّصلُ بالغاية من إنتاج "الليالي" في الثقافة العربيَّة؛ ويكمُنُ ثانيها في إنتاج مفاهيمَ جديدةٍ لها القدرةُ على إسعاف الفَهمِ في النَّفاذ إلى أصالتها؛ ويكمُنُ ثالثُها في تغيير الأُسُسِ التي يُقارِبُ بوساطتها كلًّا من فعلِ السردِ الذي صار يَروي ما لا يُروى في الوقت الذي يُثبِّتُ فيه مَروِيًّا مُعَيَّنًا، ومَفهومَي السارد والمسرود له اللذَينِ لم يَعودا مُجَرَّدَ حضورٍ في محفلٍ خطابيٍّ يُنقَلُ فيه حدثٌ مّا، بل صارا متمتِّعَينِ باتِّصافَينِ: أونطولوجيٍّ وأنثروبولوجيٍّ، لهما تَبِعاتٌ على مستوى فهم تشكُّل المعنى الحِكائيِّ؛ ويكمُنُ رابعُ هذه الأُمور في تلافي الشطَطِ النظريِّ الذي يُبعِدُ الليليَّ عن حقيقته التي تتعيَّنُ في تاريخ ذاكرته الخاصَّة، لا في تاريخ ذاكرة نتاجٍ نصِّيٍّ غيريٍّ له مسوِّغاتُ وجودٍ مختلفةٌ. والمرادُ – هنا - إنقاذُ فَهمِهِ من حماسةِ الانبهار بمظاهرِ النصِّ الطليعيِّ الغربيِّ، والسعي إلى إسقاطِها عليه.
    يتميّزُ هذا الكتابُ بمغايَرتِهِ لكلِّ ما كُتِبَ عن "ألف ليلةٍ وليلة"، بِما يَعنيه هذا من صياغةٍ لأسئلةٍ مُربِكةٍ للمألوف في الدراسات التي تناولَتها بالدرس والتحليل؛ ومن جُرأةٍ على مُحاوَرةِ الفكر النقديِّ الغربيِّ، والكشف عن الآليّات التي تحكَّمَت في صياغة أحكامه حِيالَها؛ ومن اصطناع البدائل النظريَّة والإجرائيَّة التي تُلائمُ خصوصيَّةَ نصٍّ حكائيٍّ لا يَكُفُّ عن إحراجِ مَن يقتربُ منه قراءةً ونقدًا. لا يقفُ هذا الكتابُ عند تجديد التفكير في "الليالي" فحسبُ، بل يعمدُ أيضًا إلى أن يكونَ مقترَحَ ورشٍ جديدًا للعملِ البحثيِّ فيها.
يعمل...
X