المثقف في عهد العولمة والميديا الاجتماعية له أكثر من وجه ووظيفة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المثقف في عهد العولمة والميديا الاجتماعية له أكثر من وجه ووظيفة

    المثقف في عهد العولمة والميديا الاجتماعية له أكثر من وجه ووظيفة


    التكنولوجيات الرقمية ساهمت في ظهور أشكال جديدة من المثقفين.
    الثلاثاء 2024/04/23
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    نوع جديد من المثقفين يبحث عن شرعية

    تعريفات المثقف كثيرة لكن لا اختلاف على أهمية أدواره في المجتمع. وقد خلق الواقع المعاصر، بما صار للتكنولوجيا فيه من انتشار وما رسخته في المجتمعات من عادات تواصل جديدة، أنواعا أخرى من المثقفين، تختلف وجهات النظر حول جدارتهم بهذه الصفة. ومؤخرا ناقش معرض تونس الدولي للكتاب هذه الظاهرة متطرقا إلى أدوار المثقف وأنماطه.

    ريم قاسم

    تونس– مثل مفهوم المثقف وأدواره المتغيرة بتغير الزمن، والفرق بين المثقف وغيره ممن يساهمون في صناعة الرأي العام على شبكات التواصل الاجتماعي محور لقاء التأم مؤخرا ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب، تحت عنوان “المثقف في عهد العولمة والميديا الاجتماعية”.

    وتابع الحاضرون في هذا اللقاء الذي أقيم بقصر المعارض في الكرم بجناح دار “نيرفانا”، مداخلات لكل من الكاتبة عزة الفيلالي، والكاتب محمد الشريف الفرجاني، والباحث الصادق الحمامي، وقد أدارت اللقاء الجامعية رجاء بن سلامة.
    المثقف وأدواره


    سلطة المثقفين وتأثيرهم بالمفهوم القرامشي في تضاؤل مستمر خاصة وأننا نعيش اليوم عصر الصورة لا عصر الكتابة

    في توصيفهم للمثقف أجمع المتدخلون على ضرورة أن يتحلى بالشجاعة لقول الحقيقة، رغم ما يطرحه هذا التعريف من إشكالية اليوم نظرا إلى أننا نعيش عصر ما بعد الحقيقة. واعتبرت رجاء بن سلامة في بداية اللقاء أن المثقف هو “حارس للغيرية المطلقة” أي لكل المواقع التي يجب ألا يحل فيها أحد أو سلطة ما. وبينت أن من أهم أدواره الدفاع عن الديمقراطية وعن الفن والخيال والفكاهة والهزل.

    وفي تعريفها للمثقف عادت الكاتبة عزة الفيلالي إلى بداية ظهور مفهوم المثقف منذ 1898 مع “بيان المثقفين” وفي صدارتهم إيميل زولا. وميزت بين ثلاثة أنواع من المثقفين وهم المثقف الكوني/ الشامل، والمثقف الذي يكتب في اختصاص معين ويأخذ مواقف تتعلق بعدة قضايا، إلى جانب صنف آخر من المثقفين، هو ذاك الذي كثيرا ما يظهر في وسائل الإعلام، وكفاءته مستمدة من هذا الظهور لا من منجزه العلمي أو المعرفي.

    وأشارت إلى أن هذا الصنف الأخير أصبح أبطاله مؤثرون بفضل هذا الظهور، فشرعية هؤلاء المثقفين متأتية من ظهورهم لا من أعمالهم الفكرية أو الإبداعية. ولفتت إلى تضاؤل سلطة المثقفين وتأثيرهم بالمفهوم القرامشي، خاصة وأننا نعيش اليوم عصر الصورة لا عصر الكتابة.

    وذكرت أن الناس في عصر التكنولوجيا أصبحوا يتفاعلون أكثر بالاعتماد على العاطفة أكثر من العقل، مبينة أن الوقت المخصص للتفكير تضاءل في عصر التكنولوجيا والميديا الاجتماعية، وأصبح جل الوقت مخصصا للترفيه، وهو ما تستغله القنوات التلفزيونية وغيرها من مستعملي الشبكات الاجتماعية لتحقيق الكسب المادي. وخلصت إلى أنه لا وجود للمثقف “الصارم” اليوم.

    وانطلاقا من مقاربة معيارية اختار الباحث الصادق الحمامي مدخل الرأي العام للحديث عن المثقف، مشيرا إلى إمكانية تناول هذه المسألة من مداخل تاريخية سوسيولوجية أو تاريخية على غرار ما قام به الفيلسوف الفرنسي روجيس دوبريه الذي ميز بين ثلاثة عصور للمثقف؛ عصر الإنتاج المطبوع وعصر الجامعة والعصر الميديائي، وأعلن منذ نحو عشر سنوات عن وفاة/انتهاء نموذج المثقف الفرنسي.

    وتطرق إلى المثقف كفاعل في المجتمع، مبينا أننا كثيرا ما نتعامل مع التكنولوجيات الرقمية باعتبارها أدوات في حين أنها نظام بيئي بأكمله. واعتبر أن المثقف الذي كان ظهوره مرتبطا بالجامعة وبالصحف وبالتلفزيون (المثقف الميديائي)، أصبح اليوم مرتبطا بالشبكات الاجتماعية.
    لكل طبقة مثقفوها




    أكد الحمامي على أنه لا يمكن الحديث عن المثقف في سياق غير ديمقراطي. وتحدث عن تمثيلية المثقف لفئة ما أو قضية ما. وأشار إلى ارتباط المثقف العربي بالطباعة (الصحف والكتب) ثم بالجامعة، مشيرا إلى أن الأنظمة السلطوية كانت تمنع تواصل المثقف مع المجال العام لقدرته على توجيه الرأي العام والتأثير فيه.

    وبين أن التكنولوجيات الرقمية ساهمت في ظهور أشكال متنوعة من المثقفين على غرار الناشط السيبراني والمدون وصولا إلى “الكرونيكور”، ووصف هذا الصنف بأنه “نصف عالم” فهو بين الصحافي والمثقف، واعتبر أنه “يستحوذ على آلية صناعة الرأي العام” وذلك على حساب المثقف التقليدي الجامعي.

    ولئن تقاسم الكاتب الشريف الفرجاني آراء بقية المتدخلين بخصوص أهمية دور المثقف في المجتمع، فإنه شدد على ضرورة أن تنتج كل طبقة مثقفيها، قائلا “كما أنتجت البورجوازية المثقف القرامشي، لا بد أن تنتج بقية الطبقات مثقفيها”، وأكد على أن المثقف هو ذاك الذي “يفكر بنفسه، دون أي واسطة، سواء كانت طبقة اجتماعية تصفق له أو حزبا أو غيرهما”.

    وشدد على دور المثقف في إنارة السبيل والتأثير في الآخرين، مؤكدا على وجوب ألا يمارس سلطة على الآخرين فلا يجب أن يكون الرأي العام بل يساهم في تكوينه. وأجمع الحاضرون على وجوب ألا يمارس المثقف السلطة وألا يكون أيضا في خدمة السلطة، فالمثقف هو المفكر الحر، في كل الأزمان سواء في عصر الكتابة أو الصورة أو الميديا الاجتماعية.

    وجدير بالذكر أن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الثامنة والثلاثين افتتحت الجمعة 19 أبريل الجاري وتتواصل إلى غاية الـ28 من الشهر ذاته.
يعمل...
X