النرويجي يون فوسه يدعو العالم إلى السلام في اليوم العالمي للمسرح
الدول العربية تحتفي بالمسرح عبر تظاهرات متنوعة من المحيط إلى الخليج.
الحرب والفن متضادان
يعد احتفال العالم في السابع والعشرين من مارس كل عام باليوم العالمي للمسرح فرصة لإبراز دور الفن في تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، وباعتباره أيضا مصدر إلهام ومرآة للتنوع والانفتاح الثقافي، وجزءا لا يتجزأ من التراث الحضاري غير المادي الذي يعبر عن قيم الانتماء والتعايش السلمي.
باريس - تم إنشاء يوم المسرح العالمي من قبل الهيئة الدولية للمسرح التي تتخذ من باريس مقرا لها، وكان الاحتفال به لأول مرة في 27 مارس 1962، وهو تاريخ إطلاق موسم “مسرح الأمم” في باريس، منذ ذلك الحين وفي هذا التاريخ من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح على نطاق عالمي.
ويهدف اليوم العالمي للمسرح إلى الترويج لهذا الفن عبر العالم، ونشر المعرفة بين الناس حول قيمة النموذج الفني وتمکین مجتمعات الرقص والمسرح من الترويج لأعمالها على نطاق واسع حتى یدرك صناع القرار قیمة ھذه النماذج الفنية ودعمھا. علاوة على ترسيخه لمبدأ التمتع بالفن.
وكما جرت العادة يكتب سنويا رسالة اليوم العالمي للمسرح واحد من المسرحيين راسخي التجارب من مختلف الجنسيات، وهذا العام وقع اختيار الهيئة الدولية للمسرح على الكاتب المسرحي النرويجي يون فوسيه صاحب جائزة نوبل للآداب 2023، الذي قدمت كلمته بأكثر من ثلاثين لغة عالمية، وقامت بترجمتها للعربية حصة غانم الفلاسي.
الفن والسلام
يون فوسيه اختار أن يعنون كلمته الاحتفائية بالمسرح بـ”الفن هو السلام” تماشيا مع ما يشهده العالم اليوم من حروب
اختار يون فوسيه أن يعنون كلمته في اليوم العالمي للمسرح “الفن هو السلام” تماشيا مع ما يشهده العالم اليوم من صراعات وحروب مدمرة عجزت كل المحاولات لوقفها، وهنا كان لابد للفن أن يدلي بكلمته إذ هو ليس بمعزل عن مآسي البشر وواقعهم وما يحدث من حوله.
وكتب فوسيه “لكل شخص ما يميّزه عن غيره ولكنه أيضا مشابه لأي شخص آخر، إن مظهرنا الخارجي المرئي متفرّد ويختلف عن الآخرين، وهذا بالطبع أمر جيد، ولكنْ هناك أيضا شيء داخل كل واحد منا ينتمي إلى ذلك الشخص وحده، وهو روح الشخص أو نفسه، أو يمكننا أن نقرر عدم تصنيف هذا الشيء بالكلمات على الإطلاق، فقط نتركه وشأنه. وعلى الرغم من اختلافنا عن بعضنا البعض، إلا أننا ما زلنا متشابهين، فالناس من كل أنحاء العالم متشابهون في جوهرهم، بغض النظر عن اللغة التي نتحدثها، أو لون بشرتنا، أو لون شعرنا”.
وأضاف “هنا تكمن المفارقة: أننا متشابهون تماما ومختلفون تماما في الوقت نفسه. ربما يكون الشخص متناقضا بطبيعته، في توازنه بين الجسد والروح، فإننا نجمع بين الوجود الملموس الأكثر ارتباطا بالأرض والشيء الذي يتجاوز هذه الحدود المادية والأرضية”.
وبين أن “الفن، وبالتحديد الفن الجيد، ينجح بطريقته الرائعة في دمج الشيء الفريد تماما مع الشيء الشامل. فهو يتيح لنا أن نفهم ما هو المختلف -ما هو الأجنبي- باعتباره شاملا من خلال الفن. وبذلك يتجاوز الفن حدود اللغات والمناطق الجغرافية والبلدان. فهو لا يجمع بين الصفات الفردية لكل فرد فحسب، بل أيضا وبمعنى آخر، الخصائص الفردية لكل مجموعة من الناس، لكل أمة على سبيل المثال”.
ولا يقوم الفن بذلك من خلال تسوية الاختلافات وجعل كل شيء متماثلا، كما يقول فوسيه، بل على العكس من ذلك، يقوم بذلك من خلال إظهار ما هو مختلف عنا، وما هو غريب أو أجنبي. يحتوي كل فن جيد على وجه التحديد على شيء غريب، شيء لا نستطيع فهمه تماما، ولكننا في الوقت نفسه نستطيع فهمه بطريقة ما. إنه يحتوي على لغز، إذا جاز التعبير. شيء يبهرنا وبالتالي يدفعنا إلى ما هو أبعد من حدودنا، وهكذا يخلق السمو الذي يجب أن يحتويه ويقودنا إليه كل عمل فني.
الحرب والفن متضادان، تماما كما أن الحرب والسلام متضادان، الأمر بهذه البساطة. الفن هو السلام
ويواصل “لا أعرف طريقة أفضل للجمع بين الأضداد، وهذا هو النهج المعاكس تماما لنهج الصراعات العنيفة التي نشهدها في كثير من الأحيان في العالم، والتي تنغمس في الإغراء المدمر لإبادة أي شيء أجنبي، أي شيء فريد ومختلف، غالبا باستخدام أكثر الاختراعات اللاإنسانية التي وضعتها التكنولوجيا بين أيدينا. هناك إرهاب في العالم. هناك حروب. فالبشر لديهم جانب حيواني مدفوع بغريزة تجربة الآخر، ويعتبرون الأجنبي والمختلف تهديدا لوجود الفرد بدلا من أن يكون لغزا ساحرا”.
هكذا يتلاشى التفرد والاختلافات التي يمكننا رؤيتها جميعا، تاركة وراءها تجانسا جماعيا حيث يشكل أي شيء مختلف تهديدا يجب القضاء عليه. وما يُنظر إليه من الخارج على أنه اختلاف، على سبيل المثال في الدين أو الأيديولوجيا أو السياسية، يصبح شيئا يجب هزيمته وتدميره.
ويشدد على أن الحرب هي المعركة ضد ما يكمن في أعماقنا جميعا، شيء فريد من نوعه. وهي أيضا معركة ضد الفن، ضد ما يكمن في أعماق كل الفنون.
ويختم “لقد تحدثت هنا عن الفن بشكل عام، وليس عن المسرح أو الكتابة المسرحية على وجه الخصوص، ولكن هذا يرجع إلى أن الفنون كلها جيدة، كما قلت، جيدة في أعماقها، وتدور حول نفس الشيء؛ أخذ ما هو فريد تماما، ومحدد تماما، وجعله شاملا. والجمع بين المحدد والشامل من خلال التعبير الفني، دون القضاء على تفرده ولكن بتأكيد هذا التفرد، مما يسمح لما هو غريب وغير مألوف أن يتألق بوضوح”.
الحرب والفن متضادان، تماما كما أن الحرب والسلام متضادان، الأمر بهذه البساطة. الفن هو السلام.
احتفاء عربي
لا ينفصل العرب عن الاحتفاء باليوم العالمي للمسرح بما لهم من إسهامات بارزة في هذا الفن العالمي العريق
لا ينفصل العرب عن الاحتفاء باليوم العالمي للمسرح بما لهم من إسهامات بارزة في هذا الفن العالمي العريق، وتشهد العديد من الدول على غرار المغرب وتونس والسعودية والإمارات وغيرها احتفاليات واسعة بهذا الحدث من خلال تقديم عروض وتظاهرات مسرحية تؤكد الحضور القوي للفن المسرحي فيها.
بدورها تغتنم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) هذه المناسبة لتأكيد التزامها بدعم الفن المسرحي، وتعزيز الحوار الثقافي وتطوير مهارات الفنانين المسرحيين في دولها الأعضاء، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز هذا الفن العريق (أبو الفنون)، من خلال إصدارات المنظمة العلمية وندواتها، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها في عصر الذكاء الاصطناعي وما يفرزه من تقليص للإبداع الإنساني.
وبمناسبة اختيار مدينة مراكش من طرف منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي برسم سنة 2024، فسيتم تنظيم الاحتفال الرسمي باليوم العالمي للمسرح لهذه السنة بالمدينة الحمراء يوم الأربعاء 27 مارس 2024 بسينما كوليزي، وذلك تزامنا مع فعاليات هذه التظاهرة الهامة.
ويتضمن برنامج الاحتفال الرسمي، على الخصوص، قراءة نداء اليوم العالمي للمسرح، وتكريم عدد من الفنانين، إلى جانب عرض مسرحية “لفكتوريا” لفرقة (نقولو أكسيون) من أولاد تايمة الحائزة على الجائزة الكبرى للدورة 23 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان برسم سنة 2023.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الدول العربية تحتفي بالمسرح عبر تظاهرات متنوعة من المحيط إلى الخليج.
الحرب والفن متضادان
يعد احتفال العالم في السابع والعشرين من مارس كل عام باليوم العالمي للمسرح فرصة لإبراز دور الفن في تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، وباعتباره أيضا مصدر إلهام ومرآة للتنوع والانفتاح الثقافي، وجزءا لا يتجزأ من التراث الحضاري غير المادي الذي يعبر عن قيم الانتماء والتعايش السلمي.
باريس - تم إنشاء يوم المسرح العالمي من قبل الهيئة الدولية للمسرح التي تتخذ من باريس مقرا لها، وكان الاحتفال به لأول مرة في 27 مارس 1962، وهو تاريخ إطلاق موسم “مسرح الأمم” في باريس، منذ ذلك الحين وفي هذا التاريخ من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح على نطاق عالمي.
ويهدف اليوم العالمي للمسرح إلى الترويج لهذا الفن عبر العالم، ونشر المعرفة بين الناس حول قيمة النموذج الفني وتمکین مجتمعات الرقص والمسرح من الترويج لأعمالها على نطاق واسع حتى یدرك صناع القرار قیمة ھذه النماذج الفنية ودعمھا. علاوة على ترسيخه لمبدأ التمتع بالفن.
وكما جرت العادة يكتب سنويا رسالة اليوم العالمي للمسرح واحد من المسرحيين راسخي التجارب من مختلف الجنسيات، وهذا العام وقع اختيار الهيئة الدولية للمسرح على الكاتب المسرحي النرويجي يون فوسيه صاحب جائزة نوبل للآداب 2023، الذي قدمت كلمته بأكثر من ثلاثين لغة عالمية، وقامت بترجمتها للعربية حصة غانم الفلاسي.
الفن والسلام
يون فوسيه اختار أن يعنون كلمته الاحتفائية بالمسرح بـ”الفن هو السلام” تماشيا مع ما يشهده العالم اليوم من حروب
اختار يون فوسيه أن يعنون كلمته في اليوم العالمي للمسرح “الفن هو السلام” تماشيا مع ما يشهده العالم اليوم من صراعات وحروب مدمرة عجزت كل المحاولات لوقفها، وهنا كان لابد للفن أن يدلي بكلمته إذ هو ليس بمعزل عن مآسي البشر وواقعهم وما يحدث من حوله.
وكتب فوسيه “لكل شخص ما يميّزه عن غيره ولكنه أيضا مشابه لأي شخص آخر، إن مظهرنا الخارجي المرئي متفرّد ويختلف عن الآخرين، وهذا بالطبع أمر جيد، ولكنْ هناك أيضا شيء داخل كل واحد منا ينتمي إلى ذلك الشخص وحده، وهو روح الشخص أو نفسه، أو يمكننا أن نقرر عدم تصنيف هذا الشيء بالكلمات على الإطلاق، فقط نتركه وشأنه. وعلى الرغم من اختلافنا عن بعضنا البعض، إلا أننا ما زلنا متشابهين، فالناس من كل أنحاء العالم متشابهون في جوهرهم، بغض النظر عن اللغة التي نتحدثها، أو لون بشرتنا، أو لون شعرنا”.
وأضاف “هنا تكمن المفارقة: أننا متشابهون تماما ومختلفون تماما في الوقت نفسه. ربما يكون الشخص متناقضا بطبيعته، في توازنه بين الجسد والروح، فإننا نجمع بين الوجود الملموس الأكثر ارتباطا بالأرض والشيء الذي يتجاوز هذه الحدود المادية والأرضية”.
وبين أن “الفن، وبالتحديد الفن الجيد، ينجح بطريقته الرائعة في دمج الشيء الفريد تماما مع الشيء الشامل. فهو يتيح لنا أن نفهم ما هو المختلف -ما هو الأجنبي- باعتباره شاملا من خلال الفن. وبذلك يتجاوز الفن حدود اللغات والمناطق الجغرافية والبلدان. فهو لا يجمع بين الصفات الفردية لكل فرد فحسب، بل أيضا وبمعنى آخر، الخصائص الفردية لكل مجموعة من الناس، لكل أمة على سبيل المثال”.
ولا يقوم الفن بذلك من خلال تسوية الاختلافات وجعل كل شيء متماثلا، كما يقول فوسيه، بل على العكس من ذلك، يقوم بذلك من خلال إظهار ما هو مختلف عنا، وما هو غريب أو أجنبي. يحتوي كل فن جيد على وجه التحديد على شيء غريب، شيء لا نستطيع فهمه تماما، ولكننا في الوقت نفسه نستطيع فهمه بطريقة ما. إنه يحتوي على لغز، إذا جاز التعبير. شيء يبهرنا وبالتالي يدفعنا إلى ما هو أبعد من حدودنا، وهكذا يخلق السمو الذي يجب أن يحتويه ويقودنا إليه كل عمل فني.
الحرب والفن متضادان، تماما كما أن الحرب والسلام متضادان، الأمر بهذه البساطة. الفن هو السلام
ويواصل “لا أعرف طريقة أفضل للجمع بين الأضداد، وهذا هو النهج المعاكس تماما لنهج الصراعات العنيفة التي نشهدها في كثير من الأحيان في العالم، والتي تنغمس في الإغراء المدمر لإبادة أي شيء أجنبي، أي شيء فريد ومختلف، غالبا باستخدام أكثر الاختراعات اللاإنسانية التي وضعتها التكنولوجيا بين أيدينا. هناك إرهاب في العالم. هناك حروب. فالبشر لديهم جانب حيواني مدفوع بغريزة تجربة الآخر، ويعتبرون الأجنبي والمختلف تهديدا لوجود الفرد بدلا من أن يكون لغزا ساحرا”.
هكذا يتلاشى التفرد والاختلافات التي يمكننا رؤيتها جميعا، تاركة وراءها تجانسا جماعيا حيث يشكل أي شيء مختلف تهديدا يجب القضاء عليه. وما يُنظر إليه من الخارج على أنه اختلاف، على سبيل المثال في الدين أو الأيديولوجيا أو السياسية، يصبح شيئا يجب هزيمته وتدميره.
ويشدد على أن الحرب هي المعركة ضد ما يكمن في أعماقنا جميعا، شيء فريد من نوعه. وهي أيضا معركة ضد الفن، ضد ما يكمن في أعماق كل الفنون.
ويختم “لقد تحدثت هنا عن الفن بشكل عام، وليس عن المسرح أو الكتابة المسرحية على وجه الخصوص، ولكن هذا يرجع إلى أن الفنون كلها جيدة، كما قلت، جيدة في أعماقها، وتدور حول نفس الشيء؛ أخذ ما هو فريد تماما، ومحدد تماما، وجعله شاملا. والجمع بين المحدد والشامل من خلال التعبير الفني، دون القضاء على تفرده ولكن بتأكيد هذا التفرد، مما يسمح لما هو غريب وغير مألوف أن يتألق بوضوح”.
الحرب والفن متضادان، تماما كما أن الحرب والسلام متضادان، الأمر بهذه البساطة. الفن هو السلام.
احتفاء عربي
لا ينفصل العرب عن الاحتفاء باليوم العالمي للمسرح بما لهم من إسهامات بارزة في هذا الفن العالمي العريق
لا ينفصل العرب عن الاحتفاء باليوم العالمي للمسرح بما لهم من إسهامات بارزة في هذا الفن العالمي العريق، وتشهد العديد من الدول على غرار المغرب وتونس والسعودية والإمارات وغيرها احتفاليات واسعة بهذا الحدث من خلال تقديم عروض وتظاهرات مسرحية تؤكد الحضور القوي للفن المسرحي فيها.
بدورها تغتنم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) هذه المناسبة لتأكيد التزامها بدعم الفن المسرحي، وتعزيز الحوار الثقافي وتطوير مهارات الفنانين المسرحيين في دولها الأعضاء، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز هذا الفن العريق (أبو الفنون)، من خلال إصدارات المنظمة العلمية وندواتها، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها في عصر الذكاء الاصطناعي وما يفرزه من تقليص للإبداع الإنساني.
وبمناسبة اختيار مدينة مراكش من طرف منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي برسم سنة 2024، فسيتم تنظيم الاحتفال الرسمي باليوم العالمي للمسرح لهذه السنة بالمدينة الحمراء يوم الأربعاء 27 مارس 2024 بسينما كوليزي، وذلك تزامنا مع فعاليات هذه التظاهرة الهامة.
ويتضمن برنامج الاحتفال الرسمي، على الخصوص، قراءة نداء اليوم العالمي للمسرح، وتكريم عدد من الفنانين، إلى جانب عرض مسرحية “لفكتوريا” لفرقة (نقولو أكسيون) من أولاد تايمة الحائزة على الجائزة الكبرى للدورة 23 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان برسم سنة 2023.
انشرWhatsAppTwitterFacebook