مكتبات دمشق تقاوم الكساد والتكنولوجيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مكتبات دمشق تقاوم الكساد والتكنولوجيا


    مكتبات دمشق تقاوم الكساد والتكنولوجيا


    سوق المكتبات بالحلبوني ملاذ عشاق الكتب.
    ا

    للكتاب الورقي سحر خاص

    تحاول مكتبات العاصمة السورية دمشق مقاومة الكساد الذي خلفته الحرب والأزمات الاقتصادية بالإضافة على الغزو التكنولوجي، حيث تنتشر المكتبات في بعض الأزقة حاثة القراء الأوفياء للكتب التقليدية على زيارتها. وعلى الرغم من ظهور الكتب وملفات الـ"بي دي أف" عبر الإنترنت، إلا أن الكتب التقليدية لا تزال تحمل سحرا خاصا لا يمكن تكراره.

    دمشق - تساهم مكتبات العاصمة السورية دمشق في نشر العلم والمعرفة ومقاومة الكساد وغزو التكنولوجيا حيث تنتشر المكتبات في بعض الأزقة حاثة القراء الأوفياء للكتب التقليدية على زيارتها. وعلى الرغم من ظهور الكتب وملفات الـ”بي دي أف” عبر الإنترنت، إلا أن الكتب التقليدية لا تزال تحمل سحرا خاصا لا يمكن تكراره.

    وتهتم مكتبات دمشق باقتناء الكتب المهمة لنشر الثقافة وتحفيز الناس على القراءة في ظل التحول الرقمي وغياب الكتاب الورقي.

    ويعد الكتاب وسيلة ضرورية للانتفاع بالمعارف ونقلها ونشرها في ميادين التربية والتعليم والعلوم والثقافة والإعلام في جميع أرجاء العالم، لذلك فإن الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف الذي يصادف يوم 23 أبريل من كل عام إنما يتمثل في تعزيز التمتع بالكتب والقراءة.

    مكتبات دمشق تهتم باقتناء الكتب المهمة لنشر الثقافة وتحفيز الناس على القراءة في ظل التحول الرقمي

    ولقد بات اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف منبراً يجمع الملايين من الناس في جميع أركان العالم، وذلك بفضل المشاركة النشطة لجميع الأطراف المعنية وهم الناشرون والمعلمون وأمناء المكتبات والمؤسسات العامة والخاصة والمنظمات غير الحكومية الإنسانية ووسائل الإعلام وكل من يسعى للعمل الجماعي في مجال الكتب والتأليف.

    ويعتبر تاريخ اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، تاريخا رمزيا في عالم الأدب، كونه يوافق ذكرى وفاة عدد من الأدباء العالميين، مثل ميغيل دي ثيربانتسو وهو جندي وكاتب مسرحي وروائي وشاعر إسباني ووليم شكسبير شاعر وكاتب مسرحي وممثل إنجليزي بارز في الأدب الإنجليزي خاصة، والأدب العالمي عامة وسمي بشاعر الوطنية، وغارثيلاسو دي لا فيغا كاتب وشاعر عسكري إسباني.

    وفي سوق المكتبات بمنطقة الحلبوني بوسط العاصمة دمشق، تؤدي بوابة بناء ضيقة إلى مكتبة فريدة من نوعها أصبحت ملاذا لمحبي الكتب في المدينة، والبحث عن عناوين الكتب المهمة، خاصة في زمن التحول الرقمي وغياب الكتاب الورقي.

    وتشكل المكتبة الحديثة، التي يملكها بشير جركس البالغ من العمر 80 عاما، علامة بارزة منذ ما يقرب من ستة عقود، والمحاطة بجدران مصنوعة من الكتب والأوراق، وكرس جركس حياته لمشاركة حبه للقراءة مع المجتمع من خلال حثهم على القراءة واقتناء الكتب.

    وبدأ جركس عمله في المكتبة بـ50 كتابا فقط، والآن تضم مكتبته أكثر من مئة ألف كتاب وفيها عناوين مختلفة من أمهات الكتب.

    وفي حديثه لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا) ذكر جركس أن الاتجاه في عادات القراءة يتطور باستمرار، ولاحظ أن رغبات الناس تغيرت بمرور الوقت، في الماضي، كانت النصوص الدينية والسياسة والشعر خيارات شائعة، ولكن الآن هناك طلب متزايد على الكتب التي تتحدث عن النمو الشخصي والروايات.

    وقال جركس الذي جلس على كرسيه وخلفه العشرات من الكتب، إن “الكتب هي حياتي، لا أستطيع العيش دونها”.

    واستذكر الرجل الثمانيني حادثة وقعت معه عندما كسرت قدمه قائلا “ذات مرة كسرت قدمي ولم أستطع الجلوس في المنزل، ففضلت الجلوس بين الكتب في ذلك الوقت لأنني لا استطيع البقاء في المنزل، فأنا أحب وأفضل البقاء في المكتبة، والشعب السوري يحب القراءة ولا يزال يقدرها، حتى لو اضطر إلى استعارة كتاب أو دفع ثمنه بالتقسيط”.


    النصوص الدينية والسياسية والشعر كانت خيارات شائعة، ولكن الآن تزايد الطلب على الكتب التي تتحدث عن النمو الشخصي والروايات


    ومع تقدمه في السن، توقف عن قراءة الكتب من الغلاف إلى الغلاف، ولكنه يقرأ ملخصات الكتب لتصنيفها بكفاءة في المكتبة، ورسالته في اليوم العالمي للكتاب هي أنه يجب على الناس الاستمرار في القراءة. وقال جركس “أنصح الجميع بمواصلة القراءة لأنها تفيد الناس وأطفالهم والمجتمع ككل، ومن المؤسف أن يترك الإنسان الكتب”.

    وبدوره سار حفيده، المسمى أيضا بشير، على خطى جده، حيث عمل في المكتبة ويخطط لمواصلة إرث العائلة، ويرى جركس الأصغر أن بيع الكتب مهنة نبيلة، تجذب الشريحة الفكرية في المجتمع.

    وقال حفيد بشير جركس، وهو يعمل في مكتبة جده في دمشق، لوكالة (شينخوا) “إنها مهنة نبيلة، يأتي إليك المثقفون، وبشكل عام، والعملاء من الطبقة المتعلمة، سواء كانت غنية أو فقيرة، وبالتالي الطبقة المثقفة التي نتعامل معها تشعرك بالراحة”.

    على الرغم من ظهور الكتب وملفات “بي دي إف” عبر الإنترنت، يعتقد جركس أن الكتب التقليدية لا تزال تحمل سحرا خاصا لا يمكن تكراره.

    وتابع حفيد بشير جركس يقول “لا تزال الكتب تتمتع بسحرها حتى مع ظهور الكتب الإلكترونية أو الملخصات على الإنترنت، وتحتفظ الكتب بسحرها عندما تفتحها وتقرأها وتتفاعل معها، ومع صفحاتها”.

    في غضون ذلك، أعرب خليل حداد، مدير مكتبة دار أسامة، وهي مكتبة أخرى بدمشق، عن قلقه من تراجع القراءة وملكية الكتب في سوريا، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع أسعار الكتب بشكل كبير الأمر الذي جعل من الصعب على القراء شراء كتب جديدة.

    وقال حداد “هناك تراجع كبير في القراءة بسبب ضعف القدرة الشرائية للقارئ السوري”، مؤكدا أن “القارئ مازال موجودا، لكن أسعار الكتب ليست في متناول الجميع، وبعض القراء لم يعد بإمكانهم شراء الكتب بسبب ارتفاع أسعارها وتكاليف الورق والطباعة”.

    ومع ذلك، يظل حداد متفائلا لأنه يرى أن الناس يجدون طرقًا مبتكرة لمشاركة الكتب وتوزيعها فيما بينهم.

    وأضاف “بعض القراء يتعاونون معا ويشترون كتابا واحدا أو يشتري كل شخص كتابا ويتبادلون الكتب فيما بينهم، فتنتشر القراءة بين الجميع، ويلجأ البعض إلى الاستعارة من المكتبات العامة “.

    وتؤكد رسالة حداد في اليوم العالمي للكتاب على أهمية القراءة باعتبارها نور الحياة وتصف الفرح الفريد والارتباط الروحي الذي يأتي مع حمل كتاب وقراءته.


    كتب أنهكها الغبار والزمان


    وقال حداد “القراءة نور الحياة، وحمل كتاب وقراءته له طعم مختلف، إنها علاقة روحية مع الكتاب”.

    ومن جانبها رأت الشابة عبير الطويل (25 عاما) أن الكتاب كان ومازال هو عالمها الخاص، ولا يمكن أن تتخلى عن القراءة مهما كانت الظروف.

    وقالت الشابة عبير الطويل، وهي طالبة دراسات عليا في جامعة دمشق لـ(شينخوا) “تعلقت منذ طفولتي بالكتاب، وقرأت الكثير من الروايات العالمية، والكتب العلمية المتعلقة باختصاصي في مجال العلوم الفلكية والجغرافيا”، مؤكدة أن الظروف المعيشية الحالية في سوريا باعدت الناس عن القراءة، لكن من يحب القراءة ويعشقها لا يمكن أن يتخلى عنها مهما كانت الظروف.

    وأشارت إلى أن اليوم العالمي للكتاب، هو يوم مهم ويجب أن يقام فيه مهرجانات للتعريف بأهمية الكتاب.

    وفي اليوم العالمي للكتاب من كل عام تختار منظمة اليونسكو بالتعاون مع منظمات أخرى عالمية معنية بالكتب، مدينة كعاصمة دولية للكتب؛ وذلك بهدف تشجيع الناس عمومًا والشباب على وجه الخصوص حول العالم على اكتشاف متعة القراءة، واحترام الإسهامات الفريدة التي قدمها الأدباء عبر العصور من أجل نشر الثقافة بين الشعوب. كما تتعهد عاصمة الكتاب المختارة كل عام بالترويج للكتب والتشجيع على القراءة في مختلف الفئات العمرية والسكانية داخل الدولة وخارجها، كما تتعهد باستحداث برنامج للأنشطة الثقافية في ذلك العام.

    ومنحت المديرة العامة لليونسكو “أودري أوزولاي” مدينة “أكرا” في غانا لقب العاصمة العالمية للكتاب لعام 2024، وتحل مدينة أكرا خلفًا لمدينة (غوادالاخارا) المكسيكية التي كانت العاصمة العالمية للكتاب لعام 2022، كما تعد مدينة أكرا الغانية الدولة رقم 23 التي تحمل شعلة العاصمة العالمية للكتاب منذ عام 2001.

    ويعود السبب في اختيار مدينة “أكرا” كعاصمة عالمية للكتاب في عام 2024 إلى الجهد الكبير الذي تبذله لضمان منفعة الشباب، وإطلاق العنان لإمكاناتهم كي يساهموا في الارتقاء بثقافة غانا، وبهذا الصدد تقترح مدينة أكرا برنامجًا يهدف إلى توظيف القوة التي تحتضنها الكتب بين ثناياها لإثارة اهتمام الشباب.
يعمل...
X