لماذا لا يتبرع واهبو الكتب بأعمال ماركيز أو هوغو أو وطار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا لا يتبرع واهبو الكتب بأعمال ماركيز أو هوغو أو وطار


    لماذا لا يتبرع واهبو الكتب بأعمال ماركيز أو هوغو أو وطار


    روائيون جزائريون: لن نتنازل عن مكتباتنا الشخصية كيفما اتفق.


    نورالدين بودقم يهدي مجموعة من كتبه

    إهداء الكتب والتبرع بمكتبات كاملة للصالح العام فكرة نبيلة لا يختلف فيها اثنان، لكن خلف هذه الخطوة هناك الكثير من الخفايا، خاصة حين ينخرط الكتّاب أو المثقفون أو القراء في حياتهم في إهداء كتب من مكتباتهم، إذ قد لا تكون الكتب جيدة وقد تكون مما زاد عن حاجتهم وغيره. وهذا ما نستطلعه مع عدد من المثقفين والأكاديميين الجزائريين بعد انتشار ظاهرة التبرع بالكتب.
    عمر الخروصي


    الجزائر- تحولت فكرة التنازل عن المكتبات الشخصية الخاصة لصالح المكتبات العمومية إلى ظاهرة في الجزائر، إذ تهافت في الفترة الأخيرة الكثير من المثقفين على التبرع بالمئات من عناوين الكتب التي يملكونها في بيوتهم إلى مكتبات الأحياء أو البلديات، أو حتى المكتبة الوطنية بالجزائر العاصمة، لتكون في متناول القراء.

    وكان آخر من قام بهذه الخطوة الباحث الجزائري نورالدين بودقم الذي أهدى مكتبته الشخصية إلى المكتبة العمومية ببلدية القل بمحافظة سكيكدة (شرق الجزائر)، وتضم عشرات العناوين من الكتب والمجلدات والإصدارات والمجلات في شتى العلوم.

    سبق بودقم في القيام بهذه الخطوة العشرات من الكتاب والمثقفين الجزائريين، لعل أبرزهم أحمد طالب الإبراهيمي الذي خصصت المكتبة الوطنية جناحا باسمه يضم المئات من العناوين، فضلا عن جناح آخر لمصطفى بن عمر، وغيرهما من المثقفين ممن سارعوا إلى تزويد المكتبات العامة بعناوين نادرة من الكتب والمخطوطات.
    رفض وترحيب



    الكثيرون يحرصون على المحافظة على هذه الثروة طوال حياتهم


    فكرة التنازل عن المكتبة الشخصية لا تحظى بتأييد كل الكتاب والمثقفين، إذ يعدها الروائي ناجي أمين بن بطة “خطوة من الصعب الحكم عليها، فالتخلي عن كنز ثمين، مثل المكتبة الشخصية، هو بمثابة تنازل عظيم وجريء في نفس الوقت، وهذا القرار إما تضحية وإيثار، وإما يعبر عن تخلص من كتب قديمة لتعويضها بأخرى جديدة”.

    ويضيف “شخصيا، وبكل صراحة، لا يمكنني، بأي شكل من الأشكال، التبرع بمكتبتي، ولو كان ذلك للمصلحة العامة. التبرع بكتبي، التي هي من تأليفي نعم، وقد اعتدت على فعل ذلك دون حرج، لكن التبرع بمكتبتي الشخصية، التي أعتبرها مصدر علمي وثقافتي، لا أعتقد أنني سأفعل ذلك يوما”.

    وترى الباحثة والأكاديمية مريم حمدوش أن التبرع بالمكتبة الشخصية “صدقة جارية”، و”التفاتة حسنة من قبل المتبرع”، وتؤكد قائلة “على حد علمي، فإن معزّة امتلاك مكتبة شخصية، تضاهي معزة الابن في قلب الوالدين، ولكي يصل هذا الشخص، مثقفا كان أم كاتبا، أو حتى شخصا بسيطا، إلى القيام بمثل هذه الخطوة الجريئة، فإن ذلك ينم عن طيبة صاحبها، ورغبته في الإسهام – قدر المستطاع – في انتشار أفكار من شأنها إنارة طريق الباحثين، ومصاحبتهم في مسارهم، ولو بفكرة”.

    من جهتها، لا تمانع الباحثة والأكاديمية حفيظة مريوة في القيام بمثل تلك الخطوة، وهي التبرع بالكتب، لأن ذلك يسهم في تعزيز المقروئية، ويفتح آفاقا كبيرة للقراء لترقية فكرهم في حقول معرفية متعددة التخصصات، ويعطي الفرصة أيضا للتعرف على الإنتاجات المعرفية لأن المتبرع حسب رأيها “يهدي كتبه عن اقتناع، ليستفيد منها قارئ آخر”. وهذا السلوك – على حد قول هذه الباحثة – “يهدف إلى الانفتاح، وإيجاد فرص للقراء بهدف تنمية القدرات المعرفية، لأن الإنتاجات العلمية الآن أصبحت رقمية، وبالتالي فإن أغلب الكتب هي إلكترونية، غير أن هناك من يفضل التعامل مع الكتاب الورقي، وهناك من يفضل أن يترك مكتبة رقمية على الكمبيوتر الخاص به”.

    أما الروائي علي هجرسي فيرى أن أغلب الكتب التي يهديها الكتاب إلى المكتبات العمومية، لا تمثل، في الحقيقة، سوى كتب أرادوا التخلص منها، والأغلب أنها أهديت إليهم من كتاب احتفوا بأعمالهم الأولى. لذلك يقول “أرى أنه إنقاصٌ من قيمة الهدية كسلوك إنساني، والتخلص من كتاب، كسلوك ثقافي سلبي،
    ولا أعتقد أن أحدا أهدى كتاب غابرييل غارسيا ماركيز، أو فيكتور هوغو، ولم أر في المكتبات العمومية أن أحد المتبرعين أهدى كتبا أو روايات من تأليف واسيني لعرج، أو الطاهر وطار، أو مرزاق بقطاش، أو عبدالوهاب عيساوي”.

    من جهة أخرى، يؤكد هجرسي أنه لا يفكر في إهداء مكتبته الشخصية، ويقول “لا يمكن أن أتنازل عن كتبي لمؤسسة عمومية، لأن كل كتاب له حكايا، وله أسرار، ولحظات تعني لي الكثير. أعتقد أن الكتاب المهم لا يمكن لنا أن نتخلى عنه بهذه السهولة”.
    فكرة نبيلة



    أغلب الكتّاب يهدون كتبهم للمكتبات العمومية لأنها لا تمثل في الحقيقة سوى كتب أرادوا التخلص منها


    ترى الروائية إيمان قادري أن فكرة التنازل عن المكتبة الشخصية تعبر عن “فكر نبيل يساهم في رفع نسبة المقروئية؛ لأن تنوع الكتب في المكتبات العمومية يشجع على المطالعة، وهي أيضا مساهمة في رفع عبء اقتناء الكتب بأسعار باهظة، خاصة وأن الكتب أصبحت في غلاء متزايد”.

    ومع أن هذه الروائية تثمن هذه الفكرة إذا جاءت من غيرها، لكنها لا تفكر في القيام بها يوما ما، إذ تقول “كل شخص له نظرته إلى هذا الموضوع، ومن استطاع أن يفعل هذا فقد وصل إلى درجة عالية من الرقي الثقافي، لكن عن نفسي لا أستطيع التخلي عن الكتب خاصتي، لأنني أعتبرها أصدقاء، وعائلة أتمنى أن تكبر معي باستمرار”.

    أما الروائية لطيفة بروال فتقول عن هذه الفكرة “من حيث المبدأ، فإن المكتبات الشخصية تعد أهم مكسب وثروة يمكن للإنسان اكتسابها، والكثيرون يحرصون على المحافظة على هذه الثروة طوال حياتهم، لكن بعد تقدمهم في العمر، وخوفهم على ضياع هذه المكتبات بعد وفاتهم، خصوصا في حال لم يكن لديهم أبناء أو أحفاد، وأنه لا يوجد من يرثون هذه المكتبات، وقد تصبح عرضة للإهمال والضياع، لهذا فهم يفضلون التبرع بها لصالح المكتبات العمومية ليستفيد منها الناس، والأجيال اللاحقة، كصدقة جارية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن ذلك يعبر أيضا عن الخوف من ضياع المعلومات الموثقة في الكتب الورقية في ظل انتشار المعلومات عبر وسائل التواصل، والتي لا تسلم من التزييف، وعدم المصداقية”.
يعمل...
X