كانت مدينه القدس.وسورها مأثرة العثمانيين والحامي القديم للمدينة المقدسة.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كانت مدينه القدس.وسورها مأثرة العثمانيين والحامي القديم للمدينة المقدسة.



    18/4/2024

    سور القدس.. مأثرة العثمانيين والحامي القديم للمدينة المقدسة
    كانت مدينه القدس طوال تاريخها محاطة بجدار مصمم لحمايتها من الأعداء، وفي كل مرة تم فيها احتلال المدينة وتدميرها يتم تدمير سورها أيضا، ولكن في معظم الأحيان أعاد المحتل الجديد أو سكان المدينة بناءها. تم بناء الجدار الأول حول القدس أيام الكنعانيين قبل أكثر من 4 آلاف عام، أما آخر جدار فهو سور القدس العثماني، الذي تم بناؤه قبل حوالي 500 عام.

    في العصر البرونزي الوسيط تم بناء مدينة القدس تحت اسم "يبوس"، وقد كانت صغيرة نسبيا ولا تتعدى مساحتها 50 ألف متر مربع، وتقع بقايا جدارها اليوم فوق نفق سلوان.

    وبعد سيطرة الرومان على المدينة عام 70 ميلاديا تم تدمير أسوارها، ولاحقا أعاد بناءها وبناء أسوارها الإمبراطور هادريان (واسمه إيليوس أدريانوس) وسماها "إيليا كابيتولينا"، وهو اسم مزج فيه بين كلمة "إيليا" المشتقة من اسم عائلته (إيليوس) وكلمة "كابيتولينا" المشتقة من اسم المعبد باللاتينية.

    وفيما بعد جددت الإمبراطورة إيفدوكيا (438-443م) أسوار القدس بشكل أوسع، وفي عام 1033م تدمر قسم كبير من تلك الأسوار التي شيدتها الإمبراطورة بسبب هزة أرضية ضربت المدينة. وبعد سقوط القدس بيد الصليبيين عام 1099م، أعيد بناء أسوارها، إلا إن صلاح الدين الأيوبي دمر جزءا منها عندما استعاد المدينة من سيطرة الصليبيين.
    سور القدس الشرقي وتظهر من خلفه قبة الصخرة (شترستوك)
    ثم بعد بضع سنوات أمر ابن أخ صلاح الدين الأيوبي الملك المعظم عيسى (1218-1227م) بإعادة بناء أسوار المدينة، ولكن بعد أن تم بناء معظم أبراج المراقبة، قرر عام 1219م هدم الأسوار خوفا من أن تقع المدينة بيد الصليبيين مجددا فيتحصنوا داخلها.

    في القرن الـ16، في عهد الدولة العثمانية، قرر السلطان سليمان القانوني (1520-1566م) إعادة بناء ما تبقى من الأسوار القديمة، واستمر البناء من عام 1538م إلى عام 1542م، وهي الأسوار التي تحيط بالبلدة القديمة اليوم.
    السور العثماني


    تساءل كثير من العلماء عن سبب بناء السلطان سليمان سورا في القدس بعد أن كانت بلا أسوار لسنوات طويلة، وقيل إن دوافعه كانت دينية في الأساس، اعتقادا بأن المدينة المقدسة تستحق جدارا خاصا لحمايتها من غارات قطاع الطرق البدو القادمين من صحراء البحر الميت.

    وهناك أيضا من رأى في عمل السلطان سليمان تعبيرا عن الاحترام والتقدير للقدس، ومحاولة لزيادة أهميتها وجذب الناس للسكن داخلها، ومن ثم تحسين وضعها الاقتصادي، وتعزيزها ديمغرافيا وإقرار القانون والنظام فيها.

    ويعتقد آخرون أن الجدار بني للدفاع عن المدينة بسبب الخوف من استئناف الحروب الصليبية في القرن السادس عشر من قبل تشارلز الخامس، ملك إسبانيا وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية.

    ولم تعرف بالضبط هوية المعماريين الذين بنوا الجدار على عهد العثمانيين، فالبعض يقول إن السلطان جند سنان باشا، مهندس البلاط الأسطوري للدولة العثمانية، والذي صمم حوالي 500 مبنى في جميع أنحاء الإمبراطورية، بينما يرى آخرون أن تدخله في سور القدس كان فقط في التخطيط لبوابة العامود.

    بدأ بناء الجدار في الشمال، حيث كانت هناك منطقة منبسطة سهلت عمليه البناء، وبالنظر إلى أن لوحات النقش التي توجد فوق البوابات تتضمن تاريخ بناء كل بوابة وفقا للتقويم الإسلامي، فإن ذلك يشير إلى أنه مع اكتمال الجدار الشمالي انقسم البناة إلى مجموعتين: واحدة استمرت في بناء الجدار الغربي والأخرى تحولت إلى الجدار الشرقي.

    وتظهر النقوش، على سبيل المثال، أن باب العامود في الجدار الشمالي قد اكتمل في وقت مبكر من عام 1538م، بينما تم افتتاح بوابة النبي داود الجنوبية في عام 1542م. لذلك يبدو أن الجدار شُيِّد وانتهى بناؤه في غضون 4 سنوات.

    وبنى الجدارَ آلافُ العمال والبنائين الخبراء الذين جلبهم السلطان من القاهرة وحلب وإسطنبول، ودفع رواتبهم وزادهم عليها مبلغا إضافيا من أموال الضرائب التي دفعها سكان فلسطين وسوريا، وإضافة إلى ذلك أسهم المسيحيون المقيمون في القدس بإمداد العمال ببعض الحجارة أثناء بناء الجدار، وقد أدار مشروع بناء سور القدس العثماني رئيس العمال محمد شلبي النقاش، وهو مسؤول عثماني رفيع المستوى كان مسؤولا أيضا عن جباية الضرائب.
    طرق لتسهيل البناء


    إضافة إلى العدد الهائل من العمال الذين شاركوا فيه، ساعدت عدة طرق على بناء الجدار العثماني بسرعة، ومنها:
    • البناء على الجدران القديمة: إذ أقيم الجدار الجديد قدر الإمكان على بقايا الأسوار السابقة، مما وفر العديد من الدورات وأساسات المحاجر في هذه الأقسام.
    • استثمار أحجار قديمة: فقد هدم البناؤون المباني القديمة واستخدموا أحجارها لبناء الجدار، وخاصة المباني العامة الكبيرة، مثل الكنائس المتهالكة ودور الضيافة، التي أُخذت منها كذلك التحف الحجرية لتزيين بوابات الجدار وأبراجه.
    • تضييق محيط السور: على عكس المنطق الطبوغرافي الذي يقضي بضرورة ضم جبل صهيون إلى داخل الأسوار، تتبع البناة المسار الجنوبي للجدار الفاطمي، فتركوا الجبل ومدينة داود خارج أسوار القدس.
    • تكامل أسوار المسجد الأقصى على طول مسار الجدار: وصّل البناة الجدار بمنتصف الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى، بحيث أصبح النصف الشرقي لهذا القسم وكذلك الجدار الشرقي للأقصى بأكمله جزءا من سور المدينة الخارجي، وكل ما كان عليهم فعله في هذا القسم الكبير هو إضافة أسنان بنائية في أعلى أسوار المسجد ليكتسي هذا القسم مظهرا مشابها لبقية الجدار.
    • بناء جدار أقل سمكا: على الرغم من ارتفاع السور العثماني، فإنه ليس سميكا جدا، إذ لا تزيد سماكة أعرض أجزائه على مترين ونصف المتر، مقارنة بجدران مدن أخرى من تلك الفترة، والتي لم يكن سمكها يقل عن 4 أمتار.
    سور القدس العثماني بني قبل نحو 500 عام (شترستوك)
    وحتى بعد الانتهاء من بناء الجدار حرصت الحكومة على صيانته وسلامته. ففي عام 1556م على سبيل المثال، حوكم رجل بتهمة الحفر خارج سور بالقرب من باب الأسباط بطريقة من الممكن أن تقوض أسس تحصينات المدينة، وفي عام 1557م تم إرسال معدات ومبلغ كبير من المال من السلطان لتقوية التحصينات وبناء خندق حول السور في الأماكن الضرورية.



  • #2
    وصف سور القدس:

    يمتد السور بطول 4325 مترا وبارتفاع يتراوح بين 10 و15 مترا، ويشكل محيطه مربعا تبلغ مساحته حوالي كيلومتر مربع (المدينة القديمة اليوم)، وتم بناؤه في الغالب على أساس الجدران القديمة.

    وفي بعض الأماكن بني فوق تلة صخرية فكان بناء الأساسات قليلا، واقتصر على مناطق مثل تلك التي تعلو مغارة سليمان الكتان، لكن في أماكن كثيرة أخرى بني السور في مناطق منخفضة فاحتاج إلى بناء أساسات كثيرة.

    عرض السور قليل نسبيا إذا ما قورن بالأسوار العريضة لمدن القرون الوسطى، فعرضه في الجزء السفلي حوالى 2.5 متر، وعند منطقة الطلاقات (فتحات إطلاق النار) حوالى 1.5 متر، أما في منطقه الأسنان أعلى السور فعرضه فقط حوالي 70 سنتيمترا.
    وسائل الحماية في السور:

    يشتمل الجدار العثماني للقدس على عدد من الدفاعات، منها:
    • أسنان بنائية: مصممة للسماح للجنود بالاختباء خلفها وإطلاق النار على العدو في الخارج من خلال المسافات بينها.
    • أبراج الحراسة: أبراج تبرز من خط الجدار (عددها 35 برجا)، وتسمح للجنود بالهجوم وإطلاق النار على العدو من 3 جوانب، إذا حاول تسلقها.
    • فتحات إطلاق النار (الطلاقات): نوافذ ضيقة جدا في الجدار وأبراج حراسة، يمكن للجنود من خلالها متابعة ما يحدث خارج الجدار، وحتى إطلاق النار على العدو دون أن يلاحظهم.
    • مساقط الزيت: شرفات حماية مثبتة في أبراج الحراسة وخاصة فوق البوابات، ومن خلالها يمكن للحراس صب الزيت والماء المغلي على العدو.
    • الخندق: حفرة عميقة على طول الجدار الشمالي، مصممة لمنع حملة الكبش (العمود الخشبي المكسو بالحديد لتدمير الأسوار) من الاقتراب من الجدار، ولم يجدد العثمانيون الخندق القديم من العصر الأيوبي، لكنهم بنوا السور على طوله.
    • فتحات المدفع: تفرد الجدار العثماني باستخدام هذا السلاح، وهي الكوات الصغيرة في رأس السور بغرض وضع المدافع، وكان ابتكار العثمانيين في الحرب هو استخدام الأسلحة النارية، ومن ثم تغلبوا على المماليك الذين أصروا على القتال التقليدي بالسيوف ورمي السهام من فوق الخيول.
    • بوابات محمية: نقطة الضعف في أي نظام تحصين هي بواباته. ونتيجة لذلك تم تأمين بوابات السور العثماني بعدة وسائل مثل الأبواب الثقيلة والأقفال ومساقط الزيت وغيرها.
    أبواب السور:

    في السور العثماني للقدس 8 بوابات رئيسية: 6 منها شيدت مع بناء السور العثماني، وواحدة، وهي البوابة الجديدة، تم فتحها في القرن الـ19.

    إحدى البوابات السبع الأصلية هي بوابة الرحمة، التي تؤدي مباشرة إلى المسجد الأقصى عبر الحائط الشرقي، ويعود تاريخها إلى الفترة الإسلامية المبكرة.

    ومن المفارقات أنه مع دمج الحائط الشرقي للمسجد الأقصى في الجدار العثماني للقدس، ثم إغلاق باب الرحمة لأسباب دينية، وتم استبدال أبوابه الخشبية بجدران حجرية، وأصبح برج مراقبة، ولم يُستخدم قط بوابة في العهد العثماني.

    البوابة الأكبر والأكثر تفصيلا وروعة هي بوابة العامود، والتي كانت البوابة الرئيسية للقدس، حيث الطريق الرئيسي للمدينة من الشمال (اليوم – طريق 443).

    أما البوابات الأخرى فهي بوابة الأسباط في الشرق وباب المغاربة وبوابة النبي داود في الجنوب، وبوابة الخليل، وهي البوابة الوحيدة في الغرب، وباب الساهرة بالقرب من باب العامود وكلاهما في الجدار الشمالي.

    تم تزيين بوابات سور القدس العثماني بالعديد من التحف والتركيبات الحجرية، التي أخذت معظمها من المباني القديمة في الجوار، فعلى سبيل المثال، تم تزيين مقدمة بوابة النبي داود بتيجان أعمدة صليبية، وعلى كلا الجانبين فتحات إطلاق نار أنيقة، وكانت في الواقع نوافذ لكنيسة.

    وزُيِّن باب الأسباط بزوج من الفهود، التي أخذت من خان السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، والذي كان رمزه الفهود، كما يبدو أن القوس الداخلي عند باب الخليل مأخوذ من كنيسة صليبية.

    وكانت أبواب القدس تغلق كل ليلة عند غروب الشمس، وتفتح في اليوم التالي عند شروق الشمس، وكانت الأقفال والمفاتيح في حوزة قائد الحامية العثمانية في المدينة، الذي كان مقره في القلعة.

    وفي أواخر القرن الـ19 أصبح الخروج من السور والسكن خارج المدينة في ذروته، ولم تعد هناك أي أهمية دفاعية لإغلاق البوابات فتُركت مفتوحة ليلا ونهارا.
    ****************
    المصدر : الجزيرة

    تعليق

    يعمل...
    X